القائمة إغلاق

عِبَرٌ وَتَأَمُّلَاتٌ … فِيْ الْحَوَادِثِ الْوَاقِعَاتِ ، وَالْفِتَنِ النَّازِلَاتِ الَّتِيْ تُمْتَحَنُ بِهَا أُمَّةُ الْإِسْلَامِ فِيْ كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ .

تَعْلِيْقٌ عَلَى أَحْدَاثٍ مُؤْلِمَةٍ ، وَأُخْرَى مُفْرِحَةٍ ، فِيْهَا وَبِهَا : نُبْشِّرُ ، وَنُحَذِّرُ ، وَنُثَبِّتُ ، وَنُصَبِّرُ …

الحلقة (39)

كاملة بأجزائها الثلاثة -[وكنا قد أنزلنا الجزئين الأولين في المدونة السابقة]- .   

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

المقال كامل

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ ، مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأَمِيْنِ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحَابَتِهِ أَجْمَعِيْنَ … أَمَّا بَعْدُ :

“الْحِزْبُ اللِّيبْرَالِيُّ” -الْآنَ- : هُوَ الْعَدُوُّ الْأَخْطَرُ عَلَى أُمَّةِ الْإِسْلَامِ .

(1)

فَيَجِبُ أَنْ تَتَّجِهَ الْجُهُوْدُ لِصَدِّ عُدْوَانِهِ ، وَكَشْفِ عَوَارِهِ ، وَهَتْكِ أَسْتَارِهِ وَأَسْرَارِهِ ،

وَمِنْ أَسْرَارِهِ الَّتِيْ يَعْمَلُ بِهَا -حَالِيًّا- لِلْفَتِّ فِيْ عَضُدِ أُمَّةِ التَّوْحِيْدِ ، وَتَفْرِيْقِ جَمْعِهِمْ وَجَمَاعَتِهِمْ :

      الْعَمَلُ عَلَى تَغْيِيْرِ الْشِرْعَةِ وَالشَّرِيْعَةِ فِيْ الْحُكْمِ وَالْقَضَاءِ ، وَالتَّعْلِيْمِ وَالْإِفْتَاءِ ، … ؛ وَذَلِكَ بِفَرْضِ مَا يُخَالِفُ الْمَشْرُوْعَ فِيْهَا ؛ بِطُرُقٍ مُلْتَوِيَةٍ ؛ مَعْرُوْفَةٍ عِنْدَ أَصْحَابِهَا ، يَبْدَؤُوْنَ-كَمَا ذَكَرْنَا فِيْ الْحَلْقَةِ السَّابِقَةِ- بِالتَّلَاعُبِ بِالْأَسْمَاءِ أَوَّلًا ، ثُمَّ يَنْتَقِلُوْنَ إِلَى َما بَعْدَهَا ،

      وَالْعَمَلُ عَلَى تَزْوِيْرِ فَتَاوَى الْعُلَمَاءِ الرَّبَّانِيِّيْنَ ؛ وَذَلِكَ بِاجْتِزَائِهَا عَنْ سِيَاقِهَا ، أَوْ بِإِخْرَاجِهَا إِلَى الْمَلَأِ بِلَا تَوْقِيْعَاتٍ مُوَثَّقَةٍ عَلَيْهَا .

      وَالْعَمَلُ عَلَى تَنْحِيَةِ الْعُلَمَاءِ الصَّادِقِيْنَ مِنْ تَصَدُّرِ الْمَشْهَدِ الْاِجْتِمَاعِيِّ ؛ فَبَعْدَمَا كُنَّا نَرَى هَؤُلَاءِ الْعُلَمَاءَ وَأَحْكَامَهُمْ فِيْ الْمُقَدِّمَةِ صِرْنَا نَرَى أَتْبَاعَ هَذَا الْحِزْبِ يَتَسَلَّقُوْنَ وَيَعْتَلُوْنَ مَنَصَّاتِ الْإِعْلَامِ لِيَتَقَيَّؤُوْا أَفْكَارَهُمْ السَّامَةَ ، وَذَلِكَ فِيْمَا يَحِلُّ بِالْأُمَّةِ مِنْ نَوَازِلَ لَامَّةٍ .   

      يَسْتَخْدِمُوْنَ نُفُوْذَهُمْ -بِمَا أُوْتُوْا مِنْ قُوَّةٍ- لِتَغْيِيْرِ الْهُوِيَّةِ الدِّيْنِيَّةِ لِلْأُمَّةِ ؛ فَـ:

الْحُكْمَ : يُرِيْدُوْنَهُ عَلْمَانِيًّا ، لَا دِيْنِيًّا ،

وَالْاِقْتِصَادَ : يُرِيْدُوْنَهُ رَأْسَمَالِيًّا ، لَا إِسْلَامِيًّا ،

وَالتَّدَيُّنَ : يُرِيْدُوْنَهُ -لِمَنْ أَرَادَهُ- فِيْ حُدُوْدِ الْمَسْجِدِ -فَقَطْ- وَبَيْنَ جُدْرَانِهِ ،

وَالتَّعْلِيْمَ : يُرِيْدُوْنَهُ فَلْسَفِيًّا نَظَرِيًّا ، لَا شَرْعِيًّا نَقْلِيًّا ،

وَالْإِعْلَامَ : يُرِيْدُوْنَهُ عَبَثِيًّا ، لِبَثِّ الشُّبُهَاتِ ، أَوْ لِإِثَارَةِ الْغَرَائِزِ وَالشَّهَوَاتِ ،   

وَالْوَلَاءَ : يُرِيْدُوْنَهُ لِلتُّرَابِ وَالْوَطَنِ ، لَا لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْأَثَرِ ،

وَالْمَوَدَّةَ : يُرِيْدُوْنَهَا لِأَخْدَانِهِمْ اللِّيِبْرَالِيِّيْنَ ، وَأَسْيَادِهِمْ مِنَ الْيَهُوْدِ وَالنَّصَارَى الْمُشْرِكِيْنَ ، لَا لِلْمُسْلِمِيْنَ الْمُوَحِّدِيْنَ ،

وَالْمَرْأَةَ : يُرِيْدُوْنَهَا بِلَا وِلَايَةٍ ؛ خَرَّاجَةً وَلَّاجَةً ، سَافِرَةً فَاسِلَةً ، لِذَا اسْتَغَلَّوْا ضَعْفَهَا فَعَمِلُوْا -بِمَكْرِهِمْ- عَلَى إِخْرَاجِهَا مِنْ خِدْرِهَا ، فَأَصْبَحَتْ بَيْنَ الرِّجَالِ -وَمَعَهُمْ- عَامِــــــلَةً ، وَلِوَحْدِهَا مُسَافِرَةً ، وَلِلطُّلَّابِ عَلَى مَقَاعِدِ الدِّرَاسَةِ مُخَالِطَةً ، وَأَمَامَ نَاظِرَيْهِمْ لَاعِبَةً ، وَفِيْ مَطَاعِمِهِمْ نَادِلَةً ، وَعَلَى مَسَارِحِهِمْ وَشَاشَاتِهِمْ مَاثِلَةً ،

وَالرَّجُلَ : يُرِيْدُوْنَهُ ذَكَرًا ، أَصَمَّ أَبْكَمَ أَعْمَى ، لَا يَأْمُرُ وَلَا يَنْهَى ،  

وَالشَّابَّ : يُرِيْدُوْنَهُ حُرًّا ؛ فِكْرِيًّا وَجِنْسِيًّا ، بِلَا قَيْدٍ يُقَيِّدُهُ ، وَلَا شَرِيْعَةٍ تَحْكُمُهُ ،

وَمِنْ خُبْثِهِمُ النَّازِفِ أَنَّهُمْ :

يَفْرِضُوْنَ تَغْرِيْبَهُمْ فَرْضًا فِيْ الْوَظَائِفِ الرَّسْمِيَّةِ وَغَيْرِ الرَّسْمِيَّةِ ؛ لِيُسَاوِمُوْا الْمُوَظَّفِيْنَ الْمُسْتَقِيْمِيْنَ -ذُكُوْرًا وَإِنَاثًا- بِرَوَاتِبِهْمْ ؛ فَإِمَّا أَنْ يَرْضَوْا بِالْأَمْرِ الْوَاقِعِ ، أَوْ يَتْرُكُوْا الْعَمَلَ ،

وَيَسْتَغِلُّوْنَ -بِطُرُقِهِمُ الْمَاكِرَةِ الْمَعْرُوْفَةِ عَنْهُمْ- ضَعْفَ كَثِيْرٍ مِنَ الصَّالِحِيْنَ ؛ خُطَبَاءَ وَأَئِمَّـةٍ ، وَقُضَاةٍ وَمُعَلِّمِيْنَ ؛ لَيَكُوْنُوْا جِسْرًا لَهُمْ وَمُشَارِكِيْنَ ، فِيْ تَنْفِيْقِ مَا يُرِيْدُوْنَ تَنْفِيْقَهُ مِنْ أَبَاطِيْلَ ،

وَيُهَدِّدُوْنَ وَيُرَهِّبُوْنَ وَيُخَوِّفُوْنَ كُلَّ مَنْ يَنْتَقِدُهُمْ ، أَوْ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ خُبْثَهُمْ وَنَتَنَهُمْ ؛ بِالسِّجْنِ وَالتَّنْكِيْلِ تَارَةً ، أَوْ بِالْإِقْصَاءِ وَالتَّشْهِيْرِ وَالتَّخْوِيْنِ تَارَاتٍ أُخَرَ ،

هَذِهِ بَعْضُ صِفَاتِ الْقَوْمِ وَخُطَطِهِمْ ،

“فَلِلَّهِ كَمْ مِنْ مَعْقِلٍ لِلْإِسْلَامِ قَدْ هَدَمُوهُ ؟!

وَكَمْ مِنْ حِصْنٍ لَهُ قَدْ قَلَعُوا أَسَاسَهُ وَخَرَّبُوهُ ؟!

وَكَمْ مِنْ عِلْمٍ لَهُ قَدْ طَمَسُوهُ ؟!

وَكَمْ مِنْ لِوَاءٍ لَهُ مَرْفُوعٍ قَدْ وَضَعُوهُ ؟!

وَكَمْ ضَرَبُوا بِمَعَاوِلِ الشُّبَهِ فِي أُصُولِ غِرَاسِهِ لِيَقْلَعُوهَا ؟!

وَكَمْ عَمَّوْا عُيُونَ مَوَارِدِهِ بِآرَائِهِمْ لِيَدْفِنُوهَا وَيَقْطَعُوهَا ؟! .

فَلَا يَزَالُ الْإِسْلَامُ وَأَهْلُهُ مِنْهُمْ فِي مِحْنَةٍ وَبَلِيَّةٍ ، وَلَا يَزَالُ يَطْرُقُهُ مِنْ شُبَهِهِمْ سَرِيَّةٌ بَعْدَ سَرِيَّـةٍ ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ بِذَلِكَ مُصْلِحُونَ ،

﴿أَلَآ إِنَّهُمۡ هُمُ ٱلۡمُفۡسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشۡعُرُونَ١٢ [البقرة: 12] ،

﴿يُرِيدُونَ لِيُطۡفِ‍ُٔواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفۡوَٰهِهِمۡ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَٰفِرُونَ٨ [الصف: 8]”[1]،

(2)

فِيْ هَذِهِ الْفِقْرَةِ سَنُبَيِّنُ -إِنْ شَاءَ اللهُ- الطَّرِيْقَةَ الَّتِيْ بِهَا نَصُدُّ عُدْوَانَ “الْحِزْبِ اللِّيِبْرَالِيَّ” عَنِ الْمُسْلِمِيْنَ الْمُوَحِّدِيْنَ الْعَفِيْفِيْنَ ، الْقَاطِنِيْنَ بِلَاَد الْمُسْلِمِيْنَ ، أَوْ مَنْ كَانُوْا خَارِجَهَا مُقِيْمِيْنَ ، فَنَقُوْلُ وَبِاللهِ التَّوْفِيْقُ :

إِنَّ أَهَمَّ مَا يُمْكِنُ عَمَلَهُ فِيْ هَذِهِ الْمَرْحَلَةِ الْحَرِجَةِ هُوَ : تَحْصِيْنُ الْمُجْتَمَعِ الْمُسْلِمِ ، وَعَمَلُ سِيَاجٍ مَنِيْعِ عَتِيْدٍ حَوْلَهُ ؛ حِفَاظًا عَلَيْهِ مِنْ عَوَادِي وَشُرُوْرِ أَصْحَابِ هَذَا الْحِزْبِ ؛ وَذَلِكَ بِالْأُمُوْرِ التَّالِيَةِ :

1)  كَشْفُ الْخُطَطِ الْمَاكِرَةِ لِهَذَا الْحِزْبِ -وَالَّتِي ذَكَرْنَا بَعْضَهَا فِيْمَا مَضَى مِنَ الْحَلْقَةِ السَّالِفَةِ- لِلتَّحْذِيْرِ مِنْهُمْ ؛ ﴿وَلِتَسۡتَبِينَ سَبِيلُ ٱلۡمُجۡرِمِينَ٥٥ [الأنعام:55] ؛ إِنْ بِالتَّأْلِيْفَاتِ ، أَوْ بِالدُّرُوْسِ وَالْمُحَاضَرَاتِ ، فِيْ الْمَسَاجِدِ وَالْجَوَامِعِ ، أَوْ فِيْ الدُّوْرِ وَالْمَنَازِلِ ، ثُمَّ نَشْرُهَا بَيْنَ النَّاسِ عَلَى نِطَاقٍ وَاسِعٍ ؛ عَبْرَ كُلِّ الْوَسَائِلِ ،

2)  فَضْحُ رُمُوْزِ هَذَا الْحِزْبِ الْخَبِيْثِ ؛ بِذِكْرِ أَسْمَائِهِمْ مَعَ اِنْحِرَافَاتِهِمْ ، وَالرَّدِّ عَلَيْهَا الرَّدِّ الْعِلْمِيِّ الْمُؤَصَّلِ ، وَ”هَذهِ الْأُمَّةُ -وَلِلَّهِ الْحَمْدُ- لَم يَزَلْ فِيْهَا مَنْ يَتَفطَّنُ لِمَا فِيْ كَلَامِ أَهْلِ الْبَاطِلِ مِنَ الْبَاطِلِ وَيَردُّهُ ، وَهُمْ لِمَا هَدَاهُمْ اللهُ بِهِ يَتَوافَقُوْنَ فِيْ قَبُوْلِ الْحَقِّ ، وَرَدِّ الْبَاطِلِ رَأيًا وَرِوَايَةً مِنْ غَيْر تَشَاعُرٍ ، وَلَا تَوَاطُؤٍ”[2].

3)  تَطْبِيْقُ الْهَجْرِ الشَّرْعِيِّ بِضَوَابِطِهِ ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِيْهِ : ﴿وَإِذَا رَأَيۡتَ ٱلَّذِينَ يَخُوضُونَ فِيٓ ءَايَٰتِنَا فَأَعۡرِضۡ عَنۡهُمۡ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيۡرِهِۦۚ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ ٱلشَّيۡطَٰنُ فَلَا تَقۡعُدۡ بَعۡدَ ٱلذِّكۡرَىٰ مَعَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّٰلِمِينَ٦٨ [الأنعام:68] ، فَنَهْجُرُ الْمُخَالِفِيْنَ -أَيًّا كَانُوْا- اِتِّبَاعًا لِلْأَمْرِ الشَّرْعِيِّ ، وَلِيَقْتَدِيَ بِنَا فِيْهِ غَيْرُنَا ، مِنَ الْعَوَامِ ، أَوِ النَّاشِئَةِ ؛ نَبْدَأُ بِالْمُنْكَرِ وَالْوَاقِعِيْنَ فِيْهِ ، وَنَنْتَهِي بِأَرْبَابِهِ الْمُشَرِّعِيْنَ لَهُ ، وَالدَّاعِيْنَ إِلَيْهِ – فَنَقُوْلُ -مَثَلًا- لِأَبْنَائِنَا ، وَمَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْنَا -دَائِمِيْنَ عَلَى ذَلِكَ مُكَرِّرِيْنَ فِيْ كُلِّ آنٍ وَأَوَانٍ ، وَمَكَانٍ وَزَمَانٍ- :

      الْيَهُوْدُ وَالنَّصَارَى -وَكُلُّ مَنْ كَانِ عَلَى مِلَّةٍ غَيْرِ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ- كُفَّارٌ ، تَحْرُمُ مُوَالَاتُهُمْ ، وَالرُّكُوْنُ إِلَيْهِمْ ، وَمَنْ وَالَاهُمْ أَوْ رَكَنَ إِلَيْهِمْ فَهُوَ مِنْهُمْ ، وَلَا يَجُوْزُ التَّسَامُحُ وَالتَّعَايُشُ مَعَهُمْ ؛ عَلَى صُوْرَةِ الْاِعْتِرَافِ بِدِيْنِهِمْ ، وَإِقْرَارِهِمْ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ ، وَمَنْ فَعَلَ فَعَلَيْهِ أَنْ يُرَاجِعَ دِيْنَهُ مِنْ جَدِيْدٍ ،

      الْمُبْتَدِعَةُ الَّذِيْنَ يَعِيْشُوْن فِيْ الْبِلَادِ الْمُنْتَسِبَةِ لِلْإِسْلَامِ ؛

إِنْ كَانُوْا أَصْحَابَ بِدَعٍ مُكَفِّرَةٍ ؛ كَالصُّوْفِيَّةِ ؛ عُبَّادِ الْقُبُوْرِ ، وَالْمُسْتَغِيْثِيْنَ بِأَصْحَابِهَا ، فَهَؤُلَاءِ كُفَّارٌ ، خَارِجُوْنَ عَنْ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ ، وَيُقَالُ فِيْهِمْ مَا يُقَالُ فِيْ الْكُفَّارِ الْأَصْلِيِيْنَ ،

وَإِنْ كَانُوْا أَصْحَابَ بِدَعٍ غَيْرِ مُكَفِّرَةٍ ؛ كَالْمُحْتَفِلِيْنَ بِالْأَعْيَادِ الْوَطَنِيِّةِ وَأَعْيَادِ الْمِيْلَادِ ، فَهَؤُلَاءِ مُسْلِمُوْنَ وَاقِعُوْنَ فِيْ الْبِدَعِ ، فَإِنْ أَصَرُّوْا بَعْدَ النُّصْحِ وَالْإِرْشَادِ فَيُعْتَبَرُوْنَ مُبْتَدِعَةٌ فُسَّاقٌ ،

      اللِّيِبْرَالِيُّوْنَ الْمُنَافِقُوْنَ ، وَمَنْ سَارَ فِيْ طَرِيْقِهِمْ ، هُمُ السُّمُّ الزُّعَافُ ، وَالدَّاءُ الْفَتَّاكُّ ، بِمَا يَبُثُّوْنَهُ مِنْ أَفْكَارِ وَشُبُهَاتٍ ، فَالْفِرَارُ مِنْهُمْ وَهَجْرُهُمْ فَرَضٌ وَوَاجِبٌ مُتَحَتِّمٌ ، بِلَا شَكٍّ وَلَا اِرْتِيَابٍ .  

      الْمَعَازِفُ ، وَالْحَفَلَاتُ الْغِنَائِيَّةُ ، وَتَبَرُّجُ النِّسَاءِ ؛ بِكَشْفِ وُجُوْهِهِنَّ ، وَإِلْقَاءِ الْجِلْبَابِ ، أَوْ وَضْعِهِ عَلَى الْأَكْتَافِ ، وَالْاِخْتِلَاطُ بِالنِّسَاءِ الْأَجْنَبِيَّاتِ فِيْ الدِّرَاسَةِ ، وَالْأَعْمَالِ ، وَعَلَى طَاوِلَاتِ الْمَطَاعِمِ وَ”الْكَافِيْهَاتِ” ، وَعَلَى مُدَرَّجَاتِ الْمَلَاعِبِ وَالْاِسْتِرَاحَاتِ : مُحَرَّمَاتٌ مُنْتَشِرَةٌ بَيْنَ النَّاسِ ، أَرَادِ اللِّيِبْرَالِيُّوْنَ مِنَ الْإِعْلَانِ بِهَا وَإِذَاعَتِهَا فِيْ إِعْلَامِهِمْ وَالنَّشَرَاتِ ، وَجَعْلِهَا مِنَ الْأُمُوْرِ الْعَادِيَاتِ ، الَّتِيْ لَا تُخَالِفُ -عِنْدَهُمْ- الذَّوْقَ الْعَامَّ ، هُوَ: تَخْدِيْرُ الشَّبَابِ وَإِغْوَاؤُهُمْ ، وَنَشْرُ الْفَاحِشَةِ بَيْنَهُمْ وَإِضْلَالُهُمْ ، لِيَتِمَّ لَهُمْ مَا أَرَادُوْا مِنْ شَرْعَنَةِ الْحُرْيَّةِ الَّتِيْ يُنَادِي بِهَا أَسْيَادُهُمْ ؛ مِنَ الْكُفَّارِ الْغَرْبِيِّيْنَ وَأَمْثَالِهِمْ ،

وَالْمُسْلِمُ ؛ الْمُقْتَرِفُ لِهَذِهِ الْمُنْكَرَاتِ ، وَنَحْوِهِا -وَقَدْ أُقِيْمَتْ الْحُجَّةُ عَلَيْهِ- يُعْتَبَرُ فَاسِقًا بِلَا رَيْبٍ ؛

4)  وَعَلَى الْعَالِمِ وَالدَّاعِيَةِ ، وَإِمَامِ الْمَسْجِدِ وَالْجَامِعِ ، وَأُسْتَاذِ الْجَامِعَةِ وَالْمَدْرَسَةِ ، وَكَلِّ مَنْ أُعْطِيَ وِلَايَةً مَا : عَلَيْهِمْ -جَمِيْعًا- وَاجِبَاتٌ مُتَحَتِّمَاتٌ ، لَا يَجُوْزُ التَّفْرِيْطُ بِهَا ، وَلَا التَّقْصِيْرُ فِيْ الْقِيَامِ بِحُقُوْقِهَا ، يَجِبُ عَلَيْهِمْ -مُسْتَمِرِّيْنَ عَلَى الدَّوَامِ- أَنْ يَقُوْمُوْا بِالْوَاجِبِ الْمَنُوْطِ بِهِمْ ، وَبِالْأَمَانَةِ الَّتِي كُلِّفُوْا بِحَمْلِهَا ، وَهِيَ أَمَانَةُ تَبْلِيْغِ الْعِلْمِ ، وَإِنْكَارِ الْمُنْكَرَاتِ الشَّائِعَاتِ ، وَنُصْحِ الْمَسْؤُوْلِيْنَ ، وَعُمُوْمِ الْمُسْلِمِيْنَ ، وَسَائِرِ الْمُنْحَرِفِيْنَ ، وَالذَّبِّ عَنْ أَعْرَاضِ الْمُسْلِمِيْنَ ، وَحِمَايَةِ الشَّرِيْعَةِ مِنْ الْإِفْتِئَاتِ وَالْكَذِبِ الْمُبِيْنِ ، وَمِنَ التَّشْرِيْعَاتِ الْكُفْرِيَّةِ عَلَى اِخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا ، يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَقُوْمُوْا بِذَلِكَ بِرِفْقٍ وَتُؤَدَةٍ ، وَعِلْمٍ وَحِكْمَةٍ ، وَبِلَا إِثَارَةٍ أَوْ ثَوْرَةٍ ،

5)  وَعَلَى الْمُسْلِمِ الرَّشِيْدِ إِنْ قَامَ بِمَا ذُكِرَ -مِنَ التَّحْصِيْنَاتِ الْأَرْبَعَةِ السَّابِقَةِ- أَنْ يَصْبِرَ عَلَى مَا يُصِيْبُهُ مِنْ أَذًى -دَاعِيًا اللهَ التَّوْفِيْقَ وَالسَّدَادَ- فَإِنَّ هَذَا الطَّرِيْقَ طَرِيْقٌ مَلِيْءٌ بِالْمُنَغِّصَاتِ وَالْمُكَدِّرَاتِ ، لَكِنَّهُ مُوْصِلٌ -بِإِذْنِ رَبِّ الْبَرِيَّاتِ- إِلَى رِضْوَانِ اللهِ تَعَالَى وَالْجَنَّاتِ ،

وَأُحَذِّرُ -فِيْ خِتَامِ هَذِهِ الْحَلْقَةِ-كُلَّ مُسْلِمٍ :

مِنْ أَنْ يَتَعَلَّلَ بِعِلَلٍ نَفْسِيَّةٍ شَيْطَانِيَّةٍ ، تَارِكًا-لِأَجْلِهَا- الدَّعْوَةَ إِلَى الْخَيْرَاتِ ، وَإِنْكَارِ الْمُنْكَرَاتِ الشَّائِعَاتِ ؛ فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ خَانَ وَغَشَّ ، وَبِذَلِكَ يَكُوْنُ قَدْ شَارَكَ اللِّيِبْرَالِيِّين -وَالْعِيَاذُ بِاللهِ- فِيْ الْإِثْمِ ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُمْ  وَمَا أَرَدُوْا إِيْذَانٌ -إِنْ أَرَادَ اللهُ تَعَالَى- لِنُزُوْلِ الْفِتَنِ الْمُدْلَهِمَّاتِ ، وَحُلُوْلِ غَضَبِ رَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتِ ، نَسْأَلُ اللهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ ، وَالْمُعَافَاةَ الدَّائِمَةَ ، فِيْ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، 

(3)

فِيْ الْفِقْرَةِ السَّابِقَةِ ذَكَرْنَا الطَّرِيْقَةَ الَّتِي بِهَا نَصُدُّ عُدْوَانَ الْحِزْبِ اللِّيْبْرَالِيِّ ، وَكَانَ جُلُّهَا مُنْصَبًا عَلَى الْجَانِبِ الْعِلْمِيِّ الْعَقَدِيِّ ، وَفِيْ هَذِهِ الْفِقْرَةِ سَوْفَ نُخَصِّصُهَا لِلْجَانِبِ الْاِجْتِمَاعِيِّ ، وَالَّذِي لَهُ الدَّوْرُ الْكَبِيْرُ -إِنْ شَاءَ اللهُ ؛ إِنْ نُفِّذَ بِالطَّرِيْقَةِ الصَّحِيْحَةِ- فِيْ الْحَدِّ أَوِ التَّقْلِيْلِ مِنْ خُطُوْرَةِ النَّزْفِ التَّغْرِيْبِيِّ لِهَذَا الْحِزْبِ الْمَرْذُوْلِ ، فَأَقُوْلُ وَبِاللهِ التَّوْفِيْقُ :

إِنَّ أَهَمَّ مَا يَجِبُ فِعْلُهُ -مِنْ عُمُوْمِ الْمُجْتَمَعِ الْمُسْلِمِ الْمُحَافِظِ- مَا يَلِي :

أَوَّلًا : الْاِهْتِمَامُ بِالْأَمْرِ ، وَحَمْلُ الْهَمِّ كَمَا حَمَلَهُ الْخُلَّصُ مِنْ عِبَادِ اللهِ ؛ وَذَلِكَ بِالْقِيَامِ بِمَا ذُكِرَ -فِيْ الْفِقْرَةِ السَّابِقَةِ- مِنَ التَّحْصِيْنَاتِ الشَّرْعِيَّةِ ،

ثَانِيًا : الْمُشَارَكَةُ الْمُجْتَمَعِيَّةُ الْفَاعِلَةُ فِيْ تَهْيِئَةِ الْحَيَاةِ الْكَرِيْمَةِ لِأَوْلَادِنَا -ذُكُوْرِهِمْ وَالْإِنَاثِ- لِكَيْ نَضْمَنُ -إِنْ شَاءَ اللهُ- أَنْ يَكُوْنُوْا فِيْ مَنْأًى بَعِيْدٍ عَنْ مُخَالَطَةِ الْمُنْكَرِ وَأَهْلِهِ ،

وَمِمَّا يُقْتَرَحُ فِيْ ذَلِكَ مَا يَلِي :

1)    تَفْعِيْلُ الْمَدَارِسِ الشَّرْعِيَّةِ -الْمُوَافِقَةِ لِمَنْهَجِ السَّلَفِ- إِنْ فِيْ الدُّوْرِ وَالْمَجَالِسِ ، أَوْ فِيْ الْمَسَاجِد وَالْجَوَامِعِ ، أَوْ عَبْرَ مَا جَدَّ مِنْ وَسَائِلَ ،

2)    عَمَلُ الدُّرُوْسِ الْيَوْمِيَّةِ فِيْ الْمَنْزِلِ ؛ وَذَلِكَ بِقَصْدِ تَصْفِيَةِ عُقُوْلِ النَّاشِئَةِ ؛ لِمَعْرِفَةِ مَا عَلَقَ فِيْ أَذْهَانِهِمْ وَقُلُوْبِهِمْ -فِيْ مَدَارِسِهِمْ- مِنَ الدَّخِيْلِ أَوِ الْغَرِيْبِ ؛ لِأَنَّهُ فِيْ أَغْلَبِ الْبِلَادِ الْمُنْتَسِبَةِ لْلْإِسْلَامِ قَدْ حُرِّفَتْ مَنَاهِجُهَا ؛ لِتُوَافِقَ مَا يُرِيْدُهُ الْحِزْبُ اللِّيِبْرَالِيُّ الْمُتَنَفِذُّ فِيْهَا ،

3)    التَّوَقِي وَالْحَذَرُ ، وَسَدُّ أَيِّ بَابٍ يُؤَدِّي إِلَى الْخَطَرِ ؛ فَفِيْ هَذِهِ الْمَرْحَلَةِ الْحَرِجَةِ :

      يَجِبُ التَّقْلِيْلُ مِنَ الْاِجْتِمَاعَاتِ الْعَامَّةِ ؛ لِأَنَّ الطِّبَاعَ سَرَّاقَةٌ ، وَالشُّبَهَ خَطَّافَةٌ ، لَكِنْ إِنْ كَانَ مَقْصَدُ هَذِهِ اللِّقَاءَاتِ الدَّعْوَةَ إِلَى اللهِ ، وَإِنْكَارَ الْمُنْكَرَاتِ أَوِ التَّقْلِيْلَ مِنْهَا ، أَوْ كَانَتْ خَاصَّةً بِالْأَصْدِقَاءِ ، أَوِ الْأَقْرِبَاءِ ؛ الْأَتْقِيَاءِ الْأَنْقِيَاءِ فَلَا بَأْسَ بِهَا ؛ لِلْاِسْتِفَادَةِ وَالْإِفَادَةِ ، وَالْاِسْتِزَادَةِ مِنَ الْعِلْمِ وَالْخُلُقِ الْحَسَنِ .

      وَيَجِبُ التَّقْلِيْلُ مِنَ الْخُرُوْجِ مِنَ الْبَيْوْتِ ؛ إِلَّا لِحَاجَةٍ تَلُوْحُ ؛ لِأَنَّ اِنْتِشَارَ الْمُنْكَرَاتِ أَصْبَحَتْ سِمَةً وَاضِحَةً فِيْ كَثِيْرِ مِنَ الْمُجْتَمَعَاتِ ،

      وَيِجِبُ -وُجُوْبًا مُتَحَتِّمًا- مُرَاقَبَةُ مَا يُشَاهِدُهُ وَمَا يُتَابِعُهُ الْأَوْلَادُ فِيْ الْإِعْلَامِ الْجَدِيْدِ ،

      وَيِجِبُ سُؤَالُ أَهْلِ الْعِلْمِ الْأَثْبَاتِ فِيْ كُلِّ مَا يَجِدُّ مِنْ أُمُوْرِ طَارِئَةٍ ، أَوْ قَضَايَا نَازِلَةٍ ،

      وَيَجِبُ الْمُبَادَرَةُ لِنُصْحِ الْجِيْرَانِ وَالْأَقَارِبِ إِنْ ظَهَرَ مِنْهُمْ مَا يُنَاقِضُ الشَّرْعَ أَوْ يُخَالِفُ ،

      وَيَجِبُ الْأَخْذُ فِيْ أَمْرِ تَرْبِيَةِ الْأَوْلَادِ بِكُلِّ حَزْمٍ وَعَزْمٍ ، وَالتَّأْكِيْدُ عَلَى أَنْ تَكُوْنُ الْوِلَايَةُ وَالْقَوَامَةُ عَلَى النِّسَاءِ بِيَدِ الرِّجَالِ فَقَطْ ، وَلْيُحْذَرْ مِنَ التَّسَاهُلِ والتَّفْرِيْطِ أَشَدَّ الْحَذَرِ ،

      عَلَى التَّاجِرِ الصَّالِحِ أَنْ يُجَاهِدَ بِمَالِهِ عَلَى قَدْرِ اِسْتِطَاعَتِهِ ؛ لِلْحِفَاظِ عَلَى الْهُوِيَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ النَّقِيَّةِ ؛ لِلْمُجْتَمَعِ الْمُسْلِمِ ، بِجَمِيْعِ فِئَاتِهِ ،

وَمِمَّا يُقْتَرَحُ عَلَيْهِ فِيْ ذَلِكَ :

      تَهْيِئَةُ أَمَاكِنِ الْعَمَلِ فِيْ الْمُنْشَئَةِ الْخَاصَّةِ الَّتِي يَعْمَلُ فِيْهَا -عِنْدَهُ- الرَّجُلُ أَوِ الْمَرْأَةُ ، بِحَيْثُ تُكُوْنُ مُوَافِقَةً لِلشَّرِيْعَةِ ؛ بِلَا اِخْتِلَاطٍ ، وَأَنْ يَكُوْنَا فِيْ عَمَلٍ مُبَاحٍ ،

      إِنْشَاءُ مُجَمَّعَاتٍ تِجَارِيَّةٍ خَاصَّةٍ بِالنِّسَاءِ -بَائِعَاتٍ وَمُشْتَرِيَاتٍ- لَا يَخْتَلِطُ بِهِنَّ الرِّجُالُ الْأَجَانِبُ -أَلْبَتَّةَ- ، عَلَى أَنْ يَتَوَفَّرَ فِيْ هَذِهِ الْمُجَمَّعَاتِ جَمِيْعُ الْحَاجِيَاتِ وَالْمُسْتَلْزَمَاتِ الَّتِي تَخُصُّ الْمَرْأَةَ ، وَيُقَالُ مِثْلَ ذَلِكَ فِيْ الْمُسْتَشْفَيَاتِ ، وَالْجَامِعَاتِ ، وَالْمَدَارِسِ ، وَأَمَاكِنِ التَّرْفِيْهِ ؛ الْخَاصَّةِ بِالْأَطْفَالِ ،

      إِنْشَاءُ أَمَاكِنَ لِلتَّدْرِيْبِ -مَجَّانِيَّةٍ ، أَوْ بِأَسْعَارٍ رَمْزِيَّةٍ- لِلْوَظَائِفِ الْمِهْنِيَّةِ أَوِ الْعِلْمِيَّةِ ، يَقْضِي فِيْهَا الشَّبَابُ أَوْقَاتَ فَرَاغِهِمْ ، وَتَكُوْنُ نَافِعَةً لَهُمْ وَمُفِيْدَةً ؛ فِيْ حَيَاتِهِمْ الْعِلْمِيَّةِ وَالْعَمَلِيَّةِ . 

 

كُلُّ هَذَا -وَمِثْلُهُ- مِنْ أَفْضَلِ وَأَمْثَلِ أَبْوَابِ التَّعَاوُنِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ، “فَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَقُوْلُ فِيْ كِتَابِهِ ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ٢ [المائدة: 2] ، وَقَدْ اِشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى جَمِيْعِ مَصَالِحِ الْعِبَادِ فِيْ مَعَاشِهِمْ وَمَعَادِهِمْ ، فِيْمَا بَيْنَهُمْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ ، وَفِيْمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَبِّهِمْ ، فَأَمَّا مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَلْقِ : مِنَ الْمُعَاشَرَةِ وَالْمُعَاوَنَةِ وَالصُّحْبَةِ ؛ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ فِيْهَا أَنْ يَكُوْنَ اِجْتِمَاعُهُ بِهِمْ وَصُحْبَتُهُ لَهُمْ تَعَاوُنًا عَلَى مَرْضَاةِ اللهِ وَطَاعَتِهِ ؛ الَّتِي هِيَ غَايَةُ سَعَادَةِ الْعَبْدِ وَفَلَاحِهِ ، وَلَا سَعَادَةَ لَهُ إِلَّا بِهَا ، وَهِيَ : الْبِرُّ وَالتَّقْوَى ؛ اللَّذَانِ هُمَا جِمَاعُ الدِّيْنِ كُلِّهِ”[3].

أَسْأَلُ اللهَ -لِيْ وَلِعُمُوْم ِإِخْوَانِي الْمُسْلِمِيْنَ- الْإِعَانَةَ وَالتَّوْفِيْقَ وَالتَّسْدِيْدَ لِكُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ حَمِيْدٍ ،

وصلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ الْأَمِيْنِ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِيْنَ .

 

 

 

      


(1) مدارج السالكين ؛ لابن القيم (1/355) .

(2) مجموع الفتاوى ؛ لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (9/233) .

(3) الرسالة التبوكية ؛ لابن القيم ، ص: (7) .

%d مدونون معجبون بهذه: