القائمة إغلاق

تَطْهِيرُ الْبِلَادِ وَالْعِبَادِ مِنْ أَدْرَانِ الْبِدَعِ وَالشِّرْكِ وَالْإِلْحَادِ

ذِكْرٌ مًخْتَصَرٌ لْأَشْهَرِ الْأَحْزَابِ ، وَالْفِرَقِ ، وَالْأَدْيَانِ -الْتِي خَالَفَتْ بِعَقَائِدِهَا وَنِحَلِهَا الْبَاطِلَةِ دِيِنَ الْإِسْلَامِ ، وَعَقِيدَةَ أَسْلَافِنَا الْكِرَامِ- وَالرَّدِّ عَلَى أَهَمِّ شُبُهَاتِهِمْ الْتِي افْتَأَتُوا ، وَفَتَنُوا ، وَشَبَّهُوا بِهَا عَلَى العَوَامِّ .

الحلقة (السابعة والستون) :

الفرقة : الإلحادية … (الرد على شبهاتهم في إنكارهم وجود الله … تابع)

المقال كامل

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، وعلى آله وصحابته والتابعين … أما بعد :

(مقدمة)

تكلمنا فيما مضى في الرد على شبهات الملاحدة في قولهم أن : “الْكَوْنُ مَادَّةٌ أَزَلِيَّةٌ قَدِيْمَةٌ ، أَوْ قولهم : الْكَوْنُ وُجِدَ صُدْفَةً -أَيْ : بِلَا مُوْجِدٍ- وَيَحْكُمُهُ فِيْ نِظَامِ سَيْرِهِ قَانُوْنُ التَّطَوُّرِ وَالْاِرْتِقَاءِ” ، وكان الرد في هذه الشبهة -وهي الأولى- خاصة بالملحدين الإلحاد الكامل ، وفي الشبهة الثانية -وما بعدها- سوف نذكر شبهات الملحدين الإلحاد غير الكامل ؛ كالذين يُسمون بـ : “الربوبيين” ، أو : “المتشككين” ، أو : الـْ “لَا أَدْرِيِّيْنَ” ، وهم الذين يعترفون بوجود الله في الجملة ؛ لكنه اعتراف ضعيف مزعزع ،

فنقول وبالله التوفيق :

(الشُّبْهَةُ الثَّانِيَةُ)

وهي شبهة خاصة بـ”الرُّبُوْبِيِّيْنَ” القائلين :

نَحْنُ نَعْتَرِفُ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الرَّبُّ ، نُثْبِتُ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ -فَقَطْ- وَنَرْفُضُ أَنْ يَكُوْنَ اللهُ فَرَضَ عَلَى الْبَشَرِ الْفَرِائِضَ عَنْ طَرِيْقِ الْوَحِيِّ[1]،

الرد :

نرد على شبهتهم بما يلي :

      هذا المذهب مذهب إلحادي خبيث ، أصحابه مائلون متنكبون عن الصراط المستقيم ، لا يدينون بأي دين ، يتعرفون على الله بعقولهم فقط ، وبه -كما زعموا- يتصلون ، يعترفون بأن هذه الأكوان ووجدت بلا حكمة ، وتركت بلا تدبير ، لا يتعبدون الله بأي عبادة ، ولا يصفونه بأي صفة ، ويرفضون الاعتراف بالأنبياء ، وبالشرائع التي جاءت عن طريقهم بواسطة الوحي المكلف من قبل الله ، قد شابهوا بمذهبهم -هذا- المشركين الأوائل ، وفيهم -وفي أمثالهم- :

·      قال الله تعالى : {وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ اللّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُون}[الأنعام:91]،

·      وقال تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا}[النساء:150] ،

·      وقال تعالى : {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِير} [البقرة:285]،

·      وقال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا}[النساء:136]،

·      وقال تعالى : {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[البقرة:213]،

·      وقال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}[النساء:59] ،

·      وقال تعالى : {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ}[المائدة:92] ،

·      وقال تعالى : {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ}[النساء:64] .

·      وقال تعالى : {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُون}[الأعراف:180]،

·      وقال تعالى : {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُون * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لاَ إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيم}[المؤمنون:115-116]،

·       وقال تعالى : {قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ ۗ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَهِدِّي إِلَّا أَن يُهْدَىٰ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ}[يونس: 35-36] ،

·      قال شيخ الإسلام رحمه الله : “وكذلك هم -أي : أهل السنة والجماعة- في الأنبياء وسط ؛ فإن اليهود كما قال فيهم : {أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ} [سورة البقرة:87] ، وكذلك كانوا يقتلون الأنبياء ، ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس ، والنصارى غلوا فأشركوا بهم ومن هو دونهم ، قال الله فيهم : {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}[سورة التوبة:31] ، والمسلمون آمنوا بهم كلهم ولم يفرقوا بين أحد منهم ؛ فإن الإيمان بجميع النبيين فرض واجب ، ومن كفر بواحد منهم فقد كفر بهم كلهم ، ومن سب نبيًا من الأنبياء فهو كافر يجب قتله باتفاق العلماء ، وفي استتابته نزاع ، قال تعالى : {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}[سورة البقرة:136] ، وقال تعالى : {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ}[سورة البقرة: 177]، وقال تعالى : {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [سورة البقرة:285-286] ، والآية الأخرى وفي الصحيحين عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : «مَنْ قَرَأَ بِالْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ»[2] …”[3].

وهذا النوع من الإلحاد -أي : إلحاد الربوبيين- مشابه لإلحاد الجهمية ، ومن شابههم من نفاة الأسماء الصفات ،

·      يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : “أصل الجهل والضلال والزندقة والنفاق والإلحاد والكفر والتعطيل في هذا الباب هو ما اشتركت فيه الدهرية والجهمية من التكذيب والنفي والجحود لصفات الله تعالى بلا برهان أصلًا ، بل البراهين إذا أعطوها حقها أوجبت ثبوت الصفات ، وهم مع اشتراكهم في هذا الأصل الفاسد ، افترقوا حينئذ في المناظرة والمخاصمة ، كل قوم معهم من الباطل نصيب”[4]،

·      وقال -أيضًا- رحمه الله تعالى : “وأما من زاغ وحاد عن سبيلهم من الكفار والمشركين والذين أوتوا الكتاب ، ومن دخل في هؤلاء من الصابئة والمتفلسفة والجهمية ، والقرامطة الباطنية ، ونحوهم فإنهم على ضد ذلك -أي : ضد طريقة الرسل في الإثبات والنفي- يصفونه بالصفات السلبية على وجه التفصيل ، ولا يثبتون إلا وجودًا مطلقًا لا حقيقة له عند التحصيل ، وإنما يرجع إلى وجود في الأذهان يمتنع تحققه في الأعيان ، فقولهم يستلزم غاية التعطيل وغاية التمثيل ، فإنهم يمثلونه بالممتنعات والمعدومات والجمادات ، ويعطلون الأسماء والصفات تعطيلا يستلزم نفي الذات”[5]،

وحقيقة هذا النوع من الإلحاد هو إلحاد الطبائعيين ، الذين يجعلون الطبيعة قد أوجدت كل شيء ، فهم فروا من أن يصفوا الله بكل صفة ووقعوا بأن أقروا -بلسان حالهم أو مقالهم- بأن الطبيعة لها كل شيء ، ومنها يصدر كل شيء ،

·      قال ابن القيم رحمه الله : “وكأني بك أيها المسكين تقول : هذا كله من فعل الطبيعة ، وفي الطبيعة عجائب وأسرار ؛ فلو أراد الله أن يهديك لسألت نفسك بنفسك ،

وقلت : أخبريني عن هذه الطبيعة ، أهي ذات قائمة بنفسها ؛ لها علم وقدرة على هذه الأفعال العجيبة ، أم ليست كذلك ، بل عرض وصفة قائمة بالمطبوع ، تابعة له ، محمولة فيه ؟!

فإن قالت لك : بل هي ذات قائمة بنفسها لها العلم التام والقدرة والارادة والحكمة ، فقل لها : هذا هو الخالق البارئ المصور ، فلم تسمينه طبيعية ؟!

ويا لله من ذكر الطبائع ومن يرغب فيها ، فهلا سميته بما سمى به نفسه ، على ألسن رسله ، ودخلت في جملة العقلاء والسعداء ؟! فإن هذا الذي وصفت به الطبيعة صفته تعالى ،

وإن قالت : تلك بل الطبيعة عرض محمول مفتقر الى حامل ، وهذا كله فعلها بغير علم منها ، ولا إرادة ولا قدرة ولا شعور أصلًا ، وقد شوهد من آثارها ما شوهد .

فقل لها : هذا مالا يصدقه ذو عقل سليم ، كيف تصدر هذه الأفعال العجيبة والحكم الدقيقة التي تعجز عقول العقلاء عن معرفتها ، وعن القدرة عليها ممن لا عقل له ولا قدرة ولا حكمة ولا شعور  وهل التصديق بمثل هذا إلا دخول في سلك المجانين والمبرسمين ،

ثم قل لها بعد : ولو ثبت لك ما ادعيت فمعلوم أن مثل هذه الصفة ليست بخالقة لنفسها ، ولا مبدعة لذاتها ، فمن ربها ومبدعها وخالقها ، ومن طبعها وجعلها تفعل ذلك ؟! فهي إذًا من أدل الدلائل على بارئها وفاطرها ، وكمال قدرته ، وعلمه ، وحكمته ، فلم يجد عليك تعطيلك رب العالم وجحدك لصفاته وأفعاله إلا مخالفتك العقل والفطرة …”[6].

نكمل في الحلقة التالية إن شاء الله .

 

 



(1) انظر : المذاهب الفكرية المعاصرة ؛ لغالب عواجي (2/1008) ، (2/1182) ، وانظر : الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة ؛ للندوة العالمية للشباب ، ص : (2/910-911) .

 (2) رواه البخاري (5009) ، ومسلم (1831) .

(3) الصفدية (2/311-312) .

(4) بيان تلبيس الجهمية (1/437) .

(5) الرسالة التدمرية ، ص : (12-16) .

(6) مفتاج دار السعادة (261-262) .

%d