القائمة إغلاق

الرُّدُوْدُ السُّنِّيَّةُ عَلَى مَقَالِ: “الرَّمْزِيَّةُ الدِّيْنِيَّةُ فِيْ الزِّيَارَةِ الْبَابَوِيَّةِ لِلْمَرْجِعِيَّةِ”

رَدٌ عِلْمِيٌّ عَقَدِيٌّ عَلَى مَقَالٍ لِكَاتِبٍ فِي “صَحِيفَةِ الْأَحْسَاءِ نُيُوز”، وَهُوَ مِنْ ضِمْنِ مَقَالَاتٍ  لَهُ[1]يَدْعُوْ فِيهِا إِلَى الْحُرْيَّةِ الدِّينِيَّةِ وَالْعَقَدِيَّةِ!!!.

المقال كامل

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين … أما بعد :

(مقدمة)

أطلت علينا “صحيفة الأحساء نيوز” -في الأيام القليلة الماضية- بمقال غريب بعنوان : “الرَّمْزِيَّةُ الدِّيْنِيَّةُ فِيْ الزِّيَارَةِ الْبَابَوِيَّةِ لِلْمَرْجِعِيَّةِ ” ، لكاتب دائم في الصحيفة اسمه : “بكر العبد المحسن” ، والكاتب معروف بدعواته الغريبة ؛ المخالفة لمنهج الإسلام الحق ، في التعامل مع المتغيرات والمحدثات ، والطوائف والديانات ، ومن تتبع مقالاته في هذه الصحيفة-أو في غيرها- رأى ذلك جليًا .

وقد كان لي مع الكاتب وقفات عديدة في مقالين قيدتهما ردًا عليه ، وهما :

      المقال الأول بعنوان : “يَا بَكْرُ ، دِينُنَا نَأْخُذُهُ مِنَ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ لَيْسَ مِنَ قَرَارَاتِ الْأُمَمِ الْمُتَّحِدَةِ!!! “، وهذا رابطه : [https://ala7sa.com/1231439-2/] .

      والمقال الثاني بعنوان : “دَعْوَتُكَ -يَا بَكْرُ- إِلَى الْحُرْيَّةِ الدِّينِيَّةِ وَالْعَقَدِيَّةِ دَعْوَةٌ عَلْمَانِيَّةٌ غَرْبِيَّةٌ خَبِيثَةٌ ، وَهِيَ مَدْفُوعَةٌ مَرْفُوضَةٌ فِي بِلَادِنَا الْمَمْلَكَةِ الْعَرَبِيَّةِ السُّعُودِيَّةِ ، فَلَا تُتْعِبْ نَفْسَكَ!!”،

وهذا رابطه : [ https://ala7sa.com/143945/] .

وفي هذا المقال سنحت له الفرصة أكثر وأكثر -بسبب تساهل من رئاسة التحرير في الصحيفة- فأعاد مكررًا مؤكدًا دعوته تلك ، لكنه في هذا المقال -وبجرأة نكراء- سطر عبارات سيئة تنطوي على فكر سقيم ، تنفر منه وترفضه أفئدة الذين آمنوا ، وهذا هو الذي دعاني لكتابة هذا الرد عليه ، وستكون فقرات هذا الرد على النحو التالي :

1)    الرد على أهم ما جاء في المقال من انحرافات . 

2)    نصائح موجهة إلى كاتب المقال ، وأخرى إلى رئاسة التحرير في “صحيفة الأحساء نيوز” .

فأقول وبالله التوفيق :

(1)

الرَّدُّ عَلَى أَهَمِّ مَا جَاءَ فِيْ الْمَقَالِ مِنِ اِنْحِرَافَاتٍ .

وقع الكاتب -كعادته- في مقاله -آنف الذكر- في انحرافات ومخالفات شرعية عديدة ، ومن أقواله في ذلك -والذي سطر بها مقاله- ما يلي :

1)  قوله : “… فما الرمزية الدينية في هذه الزيارة بين البابوية والمرجعية ؟ إنها رمزية التمثيل الأعلى للحبر الأعظم فرانسيس الأول ؛ أعلى مرجعية دينية على مستوى الكنائس المسيحية، ويقابلها رمزية التمثيل الأعلى للمرجعية الدينية العليا للمسلمين الشيعة ، ويُمثلها السيستاني والتي ينتشر أتباعها في العراق والخليج وحول العالم ، ورمزية الوكلاء الذين يعتمدهم المرجع من أجل التبليغ في الأحكام الفقهية ، واستلام الحقوق المالية نيابة عنه ، وأخذ الأذن في صرفها ، ورمزية التأثير الديني التي يمتلكها خارج نطاق التدخل السياسي في الحكومات والدول التي ينتمي لها أتباعه ، ورمزية الوسطية التي تتحلى بها المرجعية ، وتحاول عكس ثقافتها على الأتباع” .

2)  وقوله : “وأمام مشهد هذه الزيارة تنبثق العديد من الرسائل الرمزية في الاتصال والتواصل بين المرجعيات الدينية المسيحية والإسلامية ؛ من أجل تأصيل التسامح والتعايش والسلام بين الشعوب والطوائف والملل والشرائع السماوية” .

3)  وقوله : “وإن هذه الرمزية التي اتسمت بها هذه الزيارة لا يمكن التعويل عليها في التغيير الحقيقي نحو قيم التسامح والتعايش والسلام على أرض الواقع بين الطوائف والمذاهب والشرائع في المجتمع الواحد ، أو على مستوى الشعوب إلا بالتخلي عن كل المعتقدات التي أصَّلها كل طرف اتجاه الآخر ، وجعلته هو وأتباعه يرون أنهم الفرقة الناجية وأصحاب الحق والفضيلة” .

4)  وقوله : “فالمرجعيات الدينية المسيحية والإسلامية تنبذ وتستنكر العنف والكراهية والإرهاب في خطاباتها الظاهرية ، ولكنها لا تُعالج جذور المشكلة في الفكر والسلوك والأداء ؛ فالنصوص الدينية والتوجيهات الرعوية تُركز على الاختلاف مع الآخر أكثر من الاتفاق معه وعلى التباعد منه أكثر من الاقتراب منه ، وعلى إبطال عقائده أكثر من الإقرار له ، وعلى تصنيفه وكراهيته أكثر من المحبة له” .

5)  وقوله : “إن المسؤولية الحقيقية التي تقع على الرموز والمرجعيات الدينية المسيحية والإسلامية هي الجرأة والشجاعة والقوة في تنقية وتصفية الشرائع السماوية مما عَلِقَ بها من أفهام خاطئة وتطويعٍ للنصوص الدينية والتأريخية لأخذ منها ما يدعم الانغلاق الفئوي والطائفي والمذهبي والتي أدت إلى العنف والكراهية والإرهاب اتجاه الآخر أي كان انتمائه ومرجعيته” .

6)  وقوله : “ومازال الأمل معقودًا على ما بعد الزيارة في بناء قيم التسامح والتعايش والسلام على مستوى الفكر والأداء بين المذاهب والطوائف والشرائع على أساس {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}[البقرة:62] .

فالكاتب -ومن خلال أقواله السابقة- :

      يدعو إلى قبول التعددية الدينية والعقدية ، والاعتراف بالشرائع السماوية المحرفة ، ويستدل على ذلك  بقوله تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}[البقرة:62] ، [انظر قوله في ذلك في النقل رقم : (3)(4)(5)(6)] .

      ويرى أنه يجب فرض التسامح والتعايش ونبذ الكراهية بين الناس ؛ بمعنى إقرار الآخر بما عليه من ديانة أو عقيدة بلا نكير ، [انظر قوله في ذلك في النقل رقم : (3)(4)(5)] .

      ويرى بأن مرجعيات أهل الباطل -من أصحاب الديانات والاعتقادات المخالفة للدين الإسلامي- وسطيون ، ورموز معظمون ، [انظر قوله في ذلك في النقل رقم : (1)] .

      ويرى أن الحق يتعدد ، وأن حجره على فئة معينة مرفوض ، [انظر قوله في ذلك في النقل رقم : (3)].

      ويرى أن النصوص الدينية -بإطلاق- تُركز على الاختلاف مع الآخر أكثر من الاتفاق معه ، وعلى إبطال عقائده أكثر من الإقرار له ، وعلى تصنيفه وكراهيته أكثر من المحبة له ، ويقترح -تجاه ذلك- على الرموز والمرجعيات الدينية المسيحية والإسلامية بأن يكونوا أصحاب جرأة وشجاعة وقوة في تطويع النصوص الدينية والتأريخية ليؤخذ منها ما يدعم الانغلاق الفئوي والطائفي والمذهبي والتي أدت إلى العنف والكراهية والإرهاب اتجاه الآخر أيًّا كان انتمائه ومرجعيته ، [انظر قوله في ذلك في النقل رقم : (4)(5)] .

الرد :

الكاتب بمخالفاته العديدة التي وقع فيها في مقاله هذا قد ناقض وناهض أصولاً عظيمة في ديننا الإسلامي المحكم ، وعقيدتنا الصافية الغراء ، من هذه الأصول :

الْأَصْلُ الْأَوَّلُ : الدين الإسلامي -بعقائده وشرائعه- والذي جاء بها الرسول المصطفى الأمين صلى الله عليه وسلم ناسخ لجميع الأديان السابقة ؛ كاليهودية والنصرانية ؛ فمن اعتقد صحة تلك الأديان المحرفة فهو كافر خارج من ملة الإسلام ، لا تنفعه صلاة ولا صيام ولا صدقة ، فإن مات مات على غير ملة الإسلام ،

·      قَالَ تَعَالَى : {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَاب * فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَاد}[آل عمران:19-20] ،

·      قَالَ تَعَالَى : {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِين}[آل عمران:85] ،

·      وَقَالَ تَعَالَى : {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُون * أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُون}[المائدة:49-50] ،

·      وقال صلى الله عليه وسلم : “وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ ، وَلاَ نَصْرَانِيٌّ ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ ، إِلَّا  كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ”[2].

الْأَصْلُ الثَّانِي : لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة موحدة ، فمن وقع في الشرك الأكبر -أو نحوه من نواقض الإسلام- فقد وقع في غضب الله وسخطه ، ومأواه النار إن مات على شركه وكفره ؛ كالذين يزعمون أن “عزيرًا” ابن الله ، أو أن “الملائكة” بنات الله ، أو الذين يزعمون أن “عيسى عليه السلام هو الله ، أو ابن الله ، أو الذين يدعون ويستغيثون بـ”محمد صلى الله عليه وسلم” ، أو “بعلي” ، أو بـ: “الحسن” ، أو “الحسين” ، أو” فاطمة” رضي الله عنهم وأرضاهم -أو غيرهم من الأنبياء والصالحين- .

·      قال تعالى : {وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكَافِرُون}[المؤمنون:117] ،

·      وقال تعالى : {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَار * لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيم}[المائدة:72-73] ،

·      وعن أبي هريرة رضي الله عنه : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِلاَلًا فَنَادَى بِالنَّاسِ : “إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ”[3].

أما استدلال الكاتب بقول الله تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}[البقرة:62] ، على أنهم مؤمنون ، مُعْتَرَفٌ بأديانهم فهو استدلال باطل ، وجوابه بما يلي :

·      قال ابن جرير الطبري رحمه الله : ” وأما إيمان اليهود والنصارى والصابئين -الوارد في هذه الآية- فالتصديق بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وبما جاء به ، فمن يؤمن منهم بمحمد ، وبما جاء به واليوم الآخر ، ويعمل صالحًا ، فلم يبدل ولم يغير ، حتى توفي على ذلك ، فله ثواب عمله وأجره عند ربه ، كما وصف جل ثناؤه”[4]،

·      وسئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى السؤال التالي : يقول أحد الكتاب في كتابه : “محاولة لتفسير عصري للقرآن” -ص : (111)- يقرر فيه : أن القرآن أن جميع أهل الكتاب من يهود ونصارى ومسلمين على هدى ، وأنه حتى الذين عبدوا الشمس على أنها رمز وآية من آيات الله وهم الصابئون هم -أيضاً على هدى- ولهم أجر ومغفرة ، وساق قول الله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة:62] ، وأن الأديان يصح لكل امرئ أن يأخذ منها ما يستطيعه وما يتفق مع مزاجه وطبعه فكيف نستطيع الرد على هذا ؟

فأجاب رحمه الله :

“هذا كفره ظاهر ، وضلاله ظاهر ، الله يقول {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ [البقرة:163]، ويقول {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5] ويقول {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ} [آل عمران:19] هذا الرد عليه، ويقول : {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران:85] ويقول {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} [المائدة:17] ويقول جل وعلا {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} [البينة:6] في آيات كثيرات تبين حال هؤلاء ، والله قال في الآية التي ذكرها الفاسد قال {مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا} [البقرة:62] من آمن نعم ، أما الذي ما آمن بالله واليوم الآخر فهو على كفره وضلاله ، والإيمان بالله يدخل فيه الإيمان بالنبي محمد عليه الصلاة والسلام خاتم الرسل كلهم ، فالذي آمن بالله وما آمن بمحمد ما آمن بالله لا يكون آمن بالله إلا إذا آمن بالرسول صلى الله عليه وسلم فالآيات المجملة تفسرها آيات مفصلة ، فالذي ما آمن بالرسول صلى الله عليه وسلم يعد كافرًا ، الله يقول {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الأعراف:158] ويقول {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا }[سبأ:28]  ، فالذي يقول : أن اليهودية إسلام ، والنصرانية إسلام، والمجوسية والبوذية والصابئية هذا ما عرف دينه ، وهو ضال مثلهم ، وكافر مثلهم ، نسأل الله العافية ، لأن من لم يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر ؛ سواء يهودي، أو نصراني ، أو صابئي ، أو مجوسي ، أو وثني لا بد أن يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم ، ويتبع ما جاء به ، وإلا فهو كافر ضال … ، فالحاصلأن كل أمة بعث الله لها نبيًا فلم تؤمن به ، ولم تتبعه فإنها كافرة ، ثم أمة محمد صلى الله عليه وسلم هم أهل الأرض ، أمة محمد هم أهل الأرض ؛ جميع أهل الأرض من عرب وعجم وجن وإنس ؛ كل فرد ما آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وهو يعلم أنه جاء محمد ، وأنه مرسل فهذا يكون كافرًا ضالاً ؛ مهما كانت حاله ، لكن إذا كان ما بلغته الرسالة في أطراف الدنيا ، ما درى عن محمد ، ولا درى عن القرآن -لو فرضنا هذا- أمره إلى الله يوم القيامة يعد من أهل الفترات ؛ يمتحن يوم القيامة فإن أجاب دخل الجنة ، وإن عصا دخل النار نسأل الله العافية”[5].

الْأَصْلُ الثَّالِثُ : الحق واحد لا يتعدد ، ومن قال غير ذلك فقد رد الحق ؛ أصلاً وفطرة ،

·      قال تعالى : {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُون}[يونس:32] ، 

·      وقال تعالى : {وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ  ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون}[الأنعام:153]

الْأَصْلُ الرَّابِعُ : الفرقة الناجية فرقة واحدة ، هي الطائفة المنصورة ، الموافقة لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وهم أهل السنة والجماعة ، أعلم الناس بالحق ، وأرحمهم بالخلق ، مسلمون موحدون ، متبعون للقرآن والسنة وآثار السلف الصالحين ، ثابتون على الصراط المستقيم بالاتباع والاهتداء ، دائمين على ذلك إلى أن يلقوا ربهم يوم الدين ، وغير هذه الفرقة من الطوائف والفرق هي طوائف وفرق متوعدة بالنار ؛ لمخالفتهم شريعة الملك الغلاب ، وسنة المصطفى من ولد عدنان صلى الله عليه وسلم ،

·   قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ[6].

·   وقال صلى الله عليه وسلم : “وَسَتَفْتَرِقُ هَذِهِ الأُمَةُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةٍ ، كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلاَ وَاحِدَة” ، قَالُوا : وَمَا هُمْ يَا رَسُول الله ؟ قَالَ : “مَنْ كَانَ عَلَى مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي”[7].

الْأَصْلُ الْخَامِسُ : الوسطية الحقة هي وسطية الإسلام بين الملل ، ووسطية أهل السنة والجماعة بين الفرق ، وكل من زعم أن النصارى ، أو الشيعة الرافضة -أو غيرهم- على وسطية كوسطية أهل السنة فقد زعم باطلاً ، وأتى من القول منكرًا .

·      قال تعالى : “وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا”[البقرة:143] ،

·      وعن علي رضي الله عنه : “خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ النَّمَطُ الْأَوْسَطُ ، يَلْحَقُ بِهِمُ التَّالِي ، وَيَرْجِعُ إِلَيْهِمُ الْغَالِي”[8].

·      وقال ابن جرير رحمه الله في تفسير قوله تعالى : “وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا …” : كما هديناكم -أيها المؤمنون- بمحمد عليه الصلاة والسلام ، وبما جاءكم به من عند الله ، فخصصناكم بالتوفيق لقبلة إبراهيم وملته ، وفضلناكم بذلك على من سواكم من أهل الملل؛ كذلك خصصناكم ففضلناكم على غيركم من أهل الأديان ؛بأن جعلناكم أمة وسطًا … ، وأرى أن الله -تعالى ذكره- إنما وصفهم بأنهم وسط لتوسطهم في الدين ، فلا هم أهل غلو فيه، غلو النصارى الذين غلوا بالترهب وقيلهم في عيسى ما قالوا فيه ، ولا هم أهل تقصير فيه تقصير اليهود الذين بدلوا كتاب الله ، وقتلوا أنبياءهم ، وكذبوا على ربهم وكفروا به ؛ ولكنهم أهل توسط واعتدال فيه ، فوصفهم الله بذلك ، إذ كان أحب الأمور إلى الله أوسطها”[9].

الْأَصْلُ السَّادِسُ : الإسلام يعلو ولا يعلى عليه ، والمسلمون الموحدون هم الأعلون المكرمون ، فعليه لا يجوز تعظيم الكفار ، ولا المنافقين ، ولا المشركين ، ومن يتولهم ممن ينتسب إلى المسلمين صار مثلهم .

·      قال تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُم * فَلاَ تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُم}[محمد:34-35]

·      وقال تَعَالَى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين}[المائدة:51] ،

·      وقال تَعَالَى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيم}[المائدة:54]

·      وقال صلى الله عليه وسلم : “الْإِسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى”[10].

الْأَصْلُ السَّابِعُ : “الولاء والبراء” ركن ركين في ديننا الإسلامي ، المحبة والولاء لأهل الإيمان والسنة ، والكراهية والبراءة من أهل الكفران والبدعة .

·      قوله تعالى : {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُون * إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِين * وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُون}[الزخرف:26-28] .

·      وقوله تعالى : {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيم}[البقرة:265] .

·      وقوله تعالى : {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِير}[الحج:62] .

·      وقوله صلى الله عليه وسلم لجرير رضي الله عنه : “أُبَايِعُكَ عَلَى أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ ،  وَتُنَاصِحَ الْمُسْلِمِينَ ، وَتُفَارِقَ الْمُشْرِكِينَ”[11].

·      قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : “فإن تحقيق الشهادة بالتوحيد يقتضي أن لا يحب إلا لله ، ولا يبغض إلا لله ، ولا يوالي إلا لله ، ولا يعادي إلا لله ، وأن يحب ما يحبه الله ، ويبغض ما أبغضه ، ويأمر بما أمر الله به ، وينهى عما نهى الله عنه ، وأنك لا ترجو إلا الله ، ولا تخاف إلا الله ، ولا تسأل إلا الله ، وهذا ملة إبراهيم ، وهذا الإسلام الذي بعث الله به جميع المرسلين”[12].

الْأَصْلُ الثَّامِنُ : تحريف النصوص الشرعية واتباع المتشابه منها هو صنيعة أهل الأهواء المبتدعة ؛ المخالفين للكتاب والسنة وما عليه سلف الأمة ، والجريمة الكبرى -في هذا المقال- دعوة الكاتب الآثمة إلى تطويع النصوص الشرعية لأجل تمرير شبهاته ، وضلالات أفكــــاره ، نسأل الله العفو والعافية .

·      يقول الله تبارك وتعالى : {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَاب}[آل عمران:7] .

·      ويقول صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها : {فَإِذَا رَأَيْتِ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكِ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ}[13].

·      ويقول إمام أهل السنة أحمد بن حنبل رحمه الله واصفاً أهل الأهواء : “فهم مختلفون في الكتاب ، مخالفون للكتاب ، متفقون على مخالفة الكتاب ، يقولون على الله ، وفي الله ، وفي كتاب الله بغير علم ، يتكلمون بالمتشابه من الكلام ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم ، فنعوذ بالله من فتن المضلين”[14].

الْأَصْلُ التَّاسِعُ : مصطلحات : “التسامح” ، و”التعايش” ، و”السلام” ، و”التقارب” التي تأتي بمعنى الاعتراف بالأديان المحرفة ، أو بالفرق والطوائف والجماعات المخالفة لدين الإسلام وشرائعه هي مصطلحات مرفوضة مدفوعة مبتدعة ، وللأصول مخالفة ، أما إذا جاءت هذه المصطلحات : -وما في معناها- بمعنى الوفاء بالذمة والعهد ، وعدم الاعتداء والظلم فهي مصطلحات مشروعة ، وللأصول موافقة .

·       جاء في فتاوى اللجنة الدائمة برئاسة سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله قولهم : “أصل الديانات التي شرعها لله لعباده واحد ؛ لا يحتاج إلى تقريب ، كما يتبين أن اليهود والنصارى قد حرفوا وبدلوا ما نزل إليهم من ربهم حتى صارت دياناتهم زوراً وبهتاناً وكفراً وضلالاً ، ومن أجل ذلك أرسل إليهم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ولغيرهم من الأمم عامة ؛ ليبين ما كانوا يخفون من الحق ، ويكشف لهم عما كتموه ، ويصحح لهم ما أفسدوا من العقائد والأحكام ، ويهديهم وغيرهم إلى سواء السبيل ، قال الله تعالى : {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُوا عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}[المائدة:15، 16] ، وقال : {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ أَن تَقُولُواْ مَا جَاءَنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[المائدة:195] ، لكنهم صدوا وأعرضوا عنه ؛ بغياً وعدواناً وحسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبين الحق ، قال الله تعالى : {وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} [البقرة:109] ، وقال : {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ} الآيات [البقرة:89] ، وقال : {وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} الآيات [البقرة:101] ، وقال : {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ، رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُّطَهَّرَةً}الآيات [البينة:1، 2] ، فكيف يرجو عاقل يعرف إصرارهم على الباطل وتماديهم في غيهم عن بينة وعلم ؛ حسداً من عند أنفسهم ، واتباعاً للهوى التقارب بينهم وبين المسلمين الصادقين ، قال الله تعالى : {أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}الآيات [البقرة:57] ، وقال : {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ * وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ} [البقرة:119، 120] ، وقال سبحانه : {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُواْ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}الآيات [آل عمران:86]، بل هم إن لم يكونوا أشد من إخوانهم المشركين كفراً وعداوةً لله ورسوله والمؤمنين فهم مثل هم، وقد قال الله تعالى لرسوله في المشركين : {فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ * وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} الآيات [القلم:8، 9] ، وقال الله : {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلا أَنَاْ عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ * وَلا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون:1-6] ، إن من يحدث نفسه بالجمع أو التقريب بين الإسلام واليهودية والنصرانية كمن يجهد نفسه في الجمع بين النقيضين ؛ بين الحق والباطل ، بين الكفر والإيمان …”[15]،

·      وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة -أيضًا- برئاسة سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله قولهم : “الوفاء بالعهد فيما لا يخالف شرع الله تعالى واجب ، قال تعالى : {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا}[الإسراء:34] ؛ سواء كان مع الهندوس ، أو مع غيرهم ، ما لم يحصل منهم إخلال بالعهد ، أو إساءة إلى الإسلام”[16].

الْأَصْلُ الْعَاشِرُ : إصلاح العباد والبلاد لا يكون بالأنظمة الليبرالية المخترعة ، ولا بالدساتير الغربية المحدثة ، وإنما يكون بالشريعة الربانية ، والسنن المصطفوية -على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم- بما فهمه منهما سلف الأمة الصالحون ؛ فمن رام سبيلاً غير هذا السبيل فقد شاق الله ورسوله ، واتبع غير سبيل المؤمنين .

·      قال تعالى : {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا}[النساء:115] ،

·      قال مالك رحمه الله : “لَنْ يَصْلُحَ آخِرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا بِمَا صَلُحَ بِهِ أَوْلُهَا”[17]،

·      وقال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : “ولا سبيل إلى الرجوع إلى الحضارة الإسلامية وإلى ما فيه من الخير العظيم والمميزات العظيمة لمن اعتنقها وأخذ بها -لا سبيل إلى ذلك- إلا بالرجوع إلى ما كان عليه سلفنا ، إلا بالرجوع إلى تحكيم شريعة الله ، والاستقامة على أمر الله ، والتعاون على البر والتقوى ، فبذلك يعود للمسلمين مجدهم ، ويعود لهم عزهم الغابر ، ومجدهم السالف ، وينصرون على أعدائهم ، ويمكنون في الأرض كما مكن أسلافهم ، قال مالك بن أنس -أحد العلماء المشهورين- وقال غيره من أهل العلم : “لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها”، والذي أصلح أولها هو اتباع كتاب الله ، وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام ، والجهاد في ذلك ، والصدق في ذلك ، والتعاون في ذلك هذا هو الذي أصلح الأولين ، جهاد صادق ، وعمل صالح ، وتحكيم لشرع الله ، واستقامة على دين الله ، وتعاون على البر والتقوى ، وتواص بالحق والصبر عليه …”[18].

(2)

نَصَائِحُ مُوَجَّهَةٌ إِلَى كَاتِبِ الْمَقَالِ ، وَأُخْرَى إِلَى رِئَاسَةِ التَّحْرِيْرِ فِيْ “صَحِيْفَةِ الْأَحْسَاءِ نُيُوْز”.

      أما كاتب المقال -هداه الله- فأنصحه وأدعوه إلى :

أن يتوب إلى الله توبة صادقة ؛ مما خطته يمينه في هذا المقال ، وغيره من مقالات .

وأن يؤمن بالله ، وبما جاء عن الله ، على مراد الله ، ويؤمن برسول الله ، وبما جاء عن رسول الله ، على مراد رسول الله ،  

وليحذر من البدع والمحدثات ، والدعوات الغربية الليبرالية ،

      وعليه أن يكون في صف ولاة وعلماء أهل السنة والجماعة ،

      وليحذر من الشقاق والنفاق ، وموالاة غير المسلمين ، أو أهل الابتداع الضالين المضلين .

      وليعلم -أخيراً- أن جميع طرق الإصلاح المرادة -له أو لغيره- مغلقة إلا طريقًا واحداً ، هو طريق الكتاب والسنة ، على فهم سلف الأمة ، من الصحابة المكرمين ، المهاجرين والأنصار ، ومن تبعهم بإحسان ،         

      أما رئاسة التحرير في “صحيفة الأحساء نيوز” فأقول لهم -كما قلت لهم من قبل- :

الأمانة تقتضي وتوجب عليكم أن تنقبوا وتفتشوا فيما يكتبه الكُتَّاب عندكم ، فإن وجدتم فيه ما يخالف لزم وتحتم عليكم رده ومنعه ، وطريق تحقيق ذلك : أن تنصِّبوا لجنة شرعية من أهل العلم المتخصصين ليراجعوا ما يكتبه كُتَّابكم في جميع التخصصات ؛ وإلا تفعلوا فستتوالى أخطاؤكم -ولا بد- وسينفر منكم قراؤكم المعتبرون ، ولن يكون معكم إلا المنحرفون ؛ أهل البدع والضلالات ، وأصحاب الأفكار الغويات[19].

أسأل الله لي ولكم الهدى والصواب ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .


(1) ومن مقالاته في ذلك -والمنشورة في ذات الصحيفة- مقالان ؛ الأول بعنوان : “الحرية حيث نختار” ، والثاني بعنوان : “الصحوة الإسلامية .. أحادية الفكر ، وعدائية السلوك” ؛ فيقال فيهما -رداً ومنعاً- ما سيقال ويكتب في هذا المقال .

(2) رواه مسلم (303) ، وفي فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله الآتية مزبد بيان .

(3) رواه البخاري (3062) ، ومسلم (220) .

(4) انظر : تفسير الطبري (2/38) .

(5) جواب لسماحته رحمه الله موثق من موقعه الرسمي على الشبكة .

(6) رواه البخاري (7310) ، ومسلم (1920) .

(7) أخرجه أبو داود (4596) ، والترمذي (2640) ، وابن ماجه (3993) .

(8) رواه ابن أبي شيبة (34498) .

(9) تفسير الطبري (2/626) .

(10) رواه البيهقي (12155) .

(11) رواه النسائي (4177) .

(12) مجموع الفتاوى (8/337) .

(13) رواه البخاري (4547) ، ومسلم (6869) .

(14) الرد على الجهمية ، ص : (10) .

(15) فتاوى اللجنة الدائمة (2/128-131) .

(16) فتاوى اللجنة الدائمة (12/44-45) .

(17) أخرجه ابن عبد البر في التمهيد عن مالك (22/10) .

(18) جواب لسماحته رحمه الله موثق من موقعه الرسمي على الشبكة .

(19) ومهم الرجوع إلى ردي على الكاتب في المقالين الذي ذكرتهما في المقدمة ، فإن فيهما زيادة بيان ، وتفصيلاً لبعض ما ورد هنا من إجمال . 

%d مدونون معجبون بهذه: