القائمة إغلاق

 عِبَرٌ وَتَأَمُّلَاتٌ … فِيْ الْحَوَادِثِ الْوَاقِعَاتِ ، وَالْفِتَنِ النَّازِلَاتِ الَّتِيْ تُمْتَحَنُ بِهَا أُمَّةُ الْإِسْلَامِ فِيْ كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ .

تَعْلِيْقٌ عَلَى أَحْدَاثٍ مُؤْلِمَةٍ ، وَأُخْرَى مُفْرِحَةٍ ، فِيْهَا وَبِهَا : نُبْشِّرُ ، وَنُحَذِّرُ ، وَنُثَبِّتُ ، وَنُصَبِّرُ …

الحلقة (45)

نسخة رقمية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ ، مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأَمِيْنِ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحَابَتِهِ أَجْمَعِيْنَ … أَمَّا بَعْدُ :

﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [المنافقون: 8]،

فَيَا أَيُّهَا الْبَاحِثُوْنَ عَنِ الْعِزَّةِ !!

هِيَ بَيْنَ أَيْدِيِكُمْ قَرِيْبَةٌ ؛ فَإِيَّاكُمْ أَنْ تُصْرَفُوْا عَنْهَا!!

وَهِيَ -بِاخْتِصَارٍ- تَكْمُنُ :

فِيْ الْإِيْمَانِ بِاللهِ تَعَالَى ، وَرَسُوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،

وَفِيْ وَلَايَتِهِمَا ، وَوَلَايَةِ مَنْ وَالَاهُمَا ، وَعَدَاوَةِ مَنْ عَادَاهُمَا ،

وَفي الْجِهَادِ فِيْ سَبِيْلِ اللهِ ؛ ذَوْدًا عَنْ حِمَى الشَّرِيْعَة -بِأَنْوَاعِ الِجَهَادِ الْمَعْلُوْمَةِ- ،

وَدُوْنَ ذَلِكَ فَلَا عِزَّةَ ،

وَإِلَيْكَ -يَا مَنْ يُرِيْدُ الْعِزَّةَ- هَذِهِ النُّصُوْصَ وَالنُقُوْلَ التَّالِيَةَ فَإِنَّهَا وَاقِعَةٌ مُنْطَبِقَةٌ عَلَى زَمَنِنَا هَذَا ، اِقْرَأْهَا وَتَأَمَلْهَا جَيِّدًا ، وَاعْمَلْ بِمَا فِيْهَا ، وَكُنْ عَزِيْزًا :

·      قَالَ تَعَالَى : {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا}[النساء:138-139] ،

·      وَقَالَ تَعَالَى : {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون * الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُون * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيم * وَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم} [يونس:62-64] ،

·      وَقَالَ تَعَالَى: {الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِير * أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُون … مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُور}[فاطر:7-10] ،

·      وَقَالَ تَعَالَى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيم * إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُون * وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُون}[المائدة:54-56]

·      وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : “إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ”[1].

·      وَسُئِلَتِ اللَّجْنَةُ الدَّائِمَةُ لِلْاِفْتَاءِ ، بِرِئَاسَةِ سَمَاحَةِ الْمُفْتِي ، الشَّيْخِ عَبْدِالْعَزِيْزِ بِنِ عَبْدِ اللهِ آلِ الشَّيْخِ -حَفِظَهُ اللهُ- السُّؤَالَ التَّالِي :

كَيْفَ تَكُوْنُ الْعِزَّةُ لِلْمُؤْمِنِيْنَ وَهُمْ الْآَن ضُعَفَاءُ فِيْ الْعَالَمِ الَّذِيْ فَسَدَ جَوَانِبُهُ وَأَوْسَطُهُ ، وَالنَّصَارَى وَالْيَهُوْدُ هُمُ الَّذِيْنَ يُسَيْطِرُوْنَ فِيْ الْعَالَمِ كَيْفَ يَشَاؤُوْنَ ، كَيْفَ تَكُوْنُ الْعِزَّةُ لِلْمُؤْمِنِيْنَ ؟

فَأَجَابَتْ بِجَوَابٍ ناَفِعٍ جَامِعٍ ، فَقَالَتْ :

لَا تَحْصُلُ الْعِزَةُ لِلْمُؤْمِنِيْنَ وَالنَّصْرُ عَلَى الْأَعْدَاءِ وَالتَّمْكِيْنُ فِيْ الْأَرْضِ إِلَّا بِطَاعَةِ اللهِ تَعَالَى وَرَسُوْلِهِ صَلَّى اللهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالْعَمَلِ بِالْإِسْلَاِم وَالْإِيْمَانِ ؛ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا ، وَقَدْ جَاءَ فِيْ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَعَنِ السَّلَفِ الصَّالِحِ مِنَ الْآثَارِ مَا فِيْهِ عِظَةٌ وَادِّكَارٌ ، قَالَ اللهُ تَعَالَى : {بَشِّرْ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمْ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا}[النساء:138، 139] ، وَقَالَ سُبْحَانَهُ : {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج:40، 41] ، وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا : {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا}[النور:55] ، وَقَالَ جَلَّ جَلَالُهُ : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد:7] ، إِلَى غَيْرِهَا مِنَ الْآيَاتِ الْكَرِيْمَاتِ الَّتِيْ بَيَّنَتْ وَوَضَّحَتْ أَنَّ تَمْكِيْنَ الْمُؤْمِنِيْنَ وَعِزَّهُمْ فِيْ هَذِهِ الْحَيَاةِ مَشْرُوْطٌ بِقِيَامِهِمْ بِمَا أَوْجَبَ اللهُ عَلَيْهِمْ ، مِنْ تَوْحِيْدِهِ وَتَعْظِيْمِهِ وَإِجْلَالِهِ ، وَالْعَمَلِ بِكِتَابِهِ وَاتِّبَاعِ سُنَّةِ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِقَامَةِ الصَّلَاِة ، وَإِيْتَاءِ الزَّكَاةِ ، وَمَحَبَّةِ أَوْلِيَاءِ اللهِ الْمُؤْمِنِيْنَ ، وَبُغْضِ أَعْدَائِهِ مِنَ الْمُنَافِقِيْنَ وَالْكَافِرِيْنَ ، وَمُجَاهَدَتِهِمْ ؛ لِتَكُوْنَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا ، وَكَلِمَةُ الَّذِيْنَ كَفَرُوْا هِيَ السُّفْلَى ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ لَوَازِمِ الْإِيْمَانِ ، وَثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيْثِ اِبْنِ عُمَرَ أَنَّهُ َقَالَ : «بُعِثْتُ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُعْبَدَ اللهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي، وَجُعِلَ الذِّلَّةُ، وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي ، وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ»[2]، أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُوْ دَاوُوْدَ ، فَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ كُلَّ مَنْ خَالَفَ أَمْرَهُ فَلَهُ نَصِيْبٌ مِنَ الذِّلَّةِ وَالصَّغَارِ بِحَسَبِ مُخَالَفَتِهِ وَمَعْصِيَتِهِ ، قَالَ الْحَافِظُ اِبْنُ رَجَبٍ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِيْ شَرْحِهِ لِهَذَا الْحَدِيْثِ : «وَمِنْ أَعْظَمِ مَا حَصَلَ بِهِ الذُّلُّ مِنْ مُخَالَفَةِ أَمْرِ الرَّسُوْلِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْكُ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ جِهَادِ أَعْدَاءِ اللهِ ، فَمَنْ سَلَكَ سَبِيْلَ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيْ الْجِهَادِ عَزَّ ، وَمَنْ تَرَكَ الْجِهَادَ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ ذَلَّ ، وَقَدْ سَبَقَ حَدِيْـــــثُ : “إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَــــــــادَ ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ”[3]، فَمَنْ تَرَكَ مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْجِهَادِ مَعَ قُدْرَتِهِ ، وَاشْتَغَلَ عَنْهُ بِتَحْصِيْلِ الدُّنْيَا مِنْ وُجُوْهِهَا الْمُبَاحَةِ حَصَلَ لَهُ الذُّلُّ ، فَكَيْفَ إِذَا اِشْتَغَلَ عَنِ الْجِهَادِ بِجَمْعِ الدُّنْيَا مِنْ وَجُوْهِهَا الْمُحَرَّمَةِ ؟»[4]، اِنْتَهَى كَلَامُهُ رَحِمَهُ اللهُ ، وَلَقَدْ عَرَفَ السَّلَفُ الصَّالِحُ مِنَ الصَّحَابَةِ ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ هَذِهِ الْحَقِيْقَةِ ، وَهِيَ : أَنَّ الْعِزَّةَ فِيْ التَّمَسُّكِ بِالْإِسْلَاِم ، وَاتِّبَاعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالْاِجْتِهَادِ فِيْ طَاعَةِ اللهِ وَرَسُوْلِهِ ، وَالْحَذَرِ مِنْ مَعْصِيَةِ اللهِ وَرَسُوْلِهِ ، فَصَدَرَتْ مِنْهُمْ كَلِمَاتٌ ، مِنْهَا : مَا ثَبَتَ عَنْ أَمِيْرِ الْمُؤْمِنِيْنَ عُمَرَ بِنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : «نَحْنُ قَوْمٌ أَعَزَّنَا اللهُ بِالْإِسْلَاِم فَمَهَمَا اِبْتَغَيْنَا الْعِزَّةَ مِنْ دُوْنِهِ أَذَلَّنَا اللهُ»[5]، وَثَبَتَ عَنْ أَبِيْ الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، أَنَّهُ لَمَّا فَتَحَ الْمُسْلِمُوْنَ قُبْرُصَ ، وَبَكَى أَهْلُهَا ، وَأَظْهَرُوْا مِنَ الْحُزْنِ وَالذُّلِّ مَا أَظْهَرُوْا ، جَلَسَ أَبُوْ الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَبْكِي ، فَقَالَ لَهُ جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ : يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ ، مَا يُبْكِيْكَ فِيْ يَوْمٍ أَعَزَّ اللهُ فِيْهِ الْإِسْلَاَم وَأَهْلَهُ ؟ فَقَالَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : «وَيْحَكَ يَا جُبَيْرُ ، مَا أَهْوَنَ الْخَلْقَ عَلَى اللَّهِ إِذَا أَضَاعُوْا أَمْرَهُ ، بَيْنَمَا هِيَ أُمَّةٌ قَاهِرَةٌ ظَاهِرَةٌ لَهُمُ الْمُلْكُ تَرَكُوا أَمْرَ اللَّهِ ، فَصَارُوا إِلَى مَا تَرَى»[6].

وَالْحَاصِلُ : أَنَّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ مَسْؤُوْلِيَةِ تَحْقَيْقُ الْعِزَّةِ لِلْمُؤْمِنِيْنَ بِحَسَبِ قُدْرَتِهِ ، وَاِسْتِطَاعَتِهِ فَيَكُوْنَ بِنَفْسِهِ قَائِمًا بِأَمْرِ اللهِ تَعَالَى ، عَامِلًا بِالْإِسْلَامِ وَالْإِيْمَانِ ؛ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا ، نَاصِحًا لِإِخْوَانِهِ الْمُسْلِمِيْنَ ، آمِرًا بِالْمَعْرُوْفِ ، نَاهِيًا عَنِ الْمُنْكَرِ ، حَتَّى تَصْلُحَ أَحْوَالُ الْمُسْلِمِيْنَ ، أَوْ يَلْقَى اللهَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ ، وَقَدِ اِتَّقَاهُ حَسَبَ وُسْعِهِ ، واللهُ الْمُسْتَعَانُ”[7].

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ بِعِزِّكَ الَّذِيْ لَا يُرَامُ أَنْ تُعِزَّنَا ، وَتَنْصُرَنَا عَلَى أَعْدَائِنَا الْيَهُوْدِ وَالنَّصَارَى الْمُشْرِكِيْنَ ، وَعَلَى مَنْ شَايَعَهُمْ مِنَ الْمُنَافِقِيْنَ ، وَسَائِرِ الْكَافِرِيْنَ ،

وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِيْنَ .



[1] رواه أبو داوود (3462) .

[2] أخرجه أحمد (5114) .

[3] رواه أبو داوود (3462) .

[4] مجموع رسائل ابن رجب (1/249) .

[5] أخرجه الحاكم (207) .

[6] انظر : سنن سعيد بن منصور (2660) .

[7] فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (26/46)

%d مدونون معجبون بهذه: