عِبَرٌ وَتَأَمُّلَاتٌ … فِيْ الْحَوَادِثِ الْوَاقِعَاتِ ، وَالْفِتَنِ النَّازِلَاتِ الَّتِيْ تُمْتَحَنُ بِهَا أُمَّةُ الْإِسْلَامِ فِيْ كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ .
تَعْلِيْقٌ عَلَى أَحْدَاثٍ مُؤْلِمَةٍ ، وَأُخْرَى مُفْرِحَةٍ ، فِيْهَا وَبِهَا : نُبْشِّرُ ، وَنُحَذِّرُ ، وَنُثَبِّتُ ، وَنُصَبِّرُ …
الحلقة (47)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ ، مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأَمِيْنِ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحَابَتِهِ أَجْمَعِيْنَ … أَمَّا بَعْدُ :
يَا أَهْلَ الْعِلْمِ … حَتَّى لَا تُخْدَعُوْا ،
وَحَتَّى لَا تُجْعَلُوْا جِسْرًا يُمَرِّرُ أَهْلُ النِّفَاقِ مِنْ خِلَالِهِ خُطَطَهُمْ الْمَاكِرَةَ ،
وَحَتَّى لَا تَكُوْنُوْا سَبَبًا فِيْ إِحْدَاثِ فِتْنَةٍ تَفْتَتِنُ بِهَا الطَّائِفَةُ الْمُؤْمِنَةُ ،
وَحَتَّى لَا تَصِيْرُوْا طَرِيْقًا يُسْتَطْرَقُ لِلْوُصُوْلِ إِلَى تَغْيِيْرِ هُوِيَّةِ الْإِنْسَانِ فِيْ الدُّوَلِ الْمُسْلِمَةِ ،
وَحَتَّى تَبْقَى هَيْبَتُكُمْ عِنْدَ طُلَّابِكُمْ وَمُحِبِّيْكُمْ ثَابِتَةً مُحَقَّقَةً ،
أَقُوْلُ -نَاصِحًا ، مُذَكِّرًا ، مُشْفِقًا-:
(1)
أَحْكِمُوْا أَقْوَالَكُمْ وَفَتَاوَاكُمْ :
وَلَا تُصْدِرُوْهَا إِلَّا بَعْدَ أَنْ تَعْلَمُوْا حَالَ وَوَاقِعَ الطَّائِفَةِ الْمُبْطِلَةِ الْمُتَنَفِّذَةِ ، وَمَا هِيَ خُطُطُهُمْ -مَعَ أَتْبَاعِهِمْ وَأَخْدَانِهِمْ الْمُتَعَلْمِنِيْنَ- فِيْ مَرْحَلَتِهِمْ الْآنِيَةِ ، أَوِ الْآتِيَةِ ،
وَإِنِّي أَرَى ذَلِكَ -عَلَيْكُمْ- مِنَ الْأُمُوْرِ الْمُتَحَتِّـمَـةِ ، وَ”مَـا لَا يَتِـمُّ الْوَاجِـبُ إِلَّا بِـهِ فَهُـوَ لَازِمٌ ، وَمِنَ الْأُمُوْرِ الْوَاجِبَةِ” .
فَإِنْ قُلْتُمْ : هِيَ إِصْدَارَاتٌ لَنَا قَدِيْمَةٌ ، أَوْ آرَاءٌ قَدْ اِجْتَهَدْنَا فِيْهَا ، وَهِيَ لَنَا مَرْضِيَّـــــــــةٌ !!
فَأَقُوْلُ -مُجِيْبًا ، وَمُعَذِّرًا- :
فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ تُصْدِرُوْا مَا يُوَضِّحُ الْمُبْهَمَاتِ ، أَوْ يُزِيْلُ الْإِشْكَالَاتِ ، أَوْ يُقَيِّدُ الْمُطْلَقَاتِ ، لِتَرْفَعُوْا عَنْكُمْ مَا قَدْ يَقَعُ عَلَيْكُمْ مِنْ نَقَدَاتٍ ، أَوْ مَا قَدْ تَتَحَمَّلُوْنَهُ مِنْ تَبِعَاتٍ ، كَمَا هِيَ عَادَةُ مَنْ عَلِمْنَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الْأَثْبَاتِ ؛ كَسَمَاحَةِ شَيْخِنَا الْإِمَامِ عَبْدِ الْعَزِيْزِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ بَازٍ ، عَلَيْهِ رَحْمَةُ رَبِّهِ الْعَزِيْزِ الْوَهَّابِ .
وَلِلتَّذْكِيْرِ -إِبْرَاءً لِلذِّمَّةِ- أَقُوْلُ -وَبِاخْتِصَارٍ- :
خُطَّةُ أَهْلِ النِّفَاقِ وَالْعَلْمَنَةِ -وَمَنْ لَفَّ لَفَّهُمْ- فِيْ كُلِّ عَصْرٍ وَمِصْرٍ تَكْمُنُ فِيْ شَيْءٍ وَاحِدٍ -فَقَطْ- هُوَ : “إِرَادَةُ إِطْفَاءِ نُوْرِ اللهِ تَعَالَى ، وَكَتْمُ صَوْتِ الْحَقِّ مِنْ أَنْ يَتَعَالَى ، وَتَغْرِيْبُ الْمُسْلِمِيْنَ الْمُحَافِظِيْنَ لِيَكُوْنُوْا مُشَابِهِيْنَ لِلْيَهُوْدِ ، أَوِ النَّصَارَى” ،
وَقَدِ اِتَّخَذُوْا لِذَلِكَ سُبُلًا مُتَعَدِّدَةً ؛ مِنْهَا -وَهُوَ الْمُهِمُّ عِنْدَهُمْ فِيْ هَذِهِ الْمَرْحَلَةِ- : التَّلَاعُبُ بِفَتَاوَى عُلَمَائِنَا الْمُخْتَلِفَةِ ، وَالْاِنْتِقَاءُ مِنْهَا مَا يُوَافِقُ مُخَطَّطَاتِهِمْ الْفَاجِرَةَ ، وَأَهَواءَهُمْ الْمُضَلِّلَةَ ، لِيُحْدِثُوْا بِذَلِكَ الْفِتَنَ ، وَيَزْرَعُوْا بَيْنَ الْعِبَادِ الضَّغَائِنَ وَالْإِحَنَ ،
وَحَالُهُمْ هُوَ -نَفْسُهُ وَعَيْنُهُ- حَالُ أَهْلِ الْفَسَادِ مِنَ الْكُفَّارِ وَالْمَلَاحِدَةِ ، الَّذِيْنَ قَالَ اللهُ فِيْهِمْ -وَفِيْ أَفْرَادِهِمْ-: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُون}[الجاثية:23]،
وَقَدْ قِيْلَ : “مَنْ أَخَذَ بِنَوَادِرِ الْعُلَمَاءِ خَرَجَ مِنْ الْإِسْلَامِ”[1]،
وَقِيْلَ : “مَنْ يَتْبَعُ مَا اخْتَلَفَ فِيْهِ الْعُلَمَاءُ وَأَخَذَ بِالرُّخَصِ مِنْ أَقَاوِيْلِهِمْ تَزَنْدَقَ ، أَوْ كَادَ”[2].
فَيَا أَهْلَ الْعِلْمِ :
{وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِين}[الأنعام:55] ، وَقَبْلَ إِصْدَارِ أَيِّ فَتْوَى ، أَوْ بَيَانٍ ، أَوْ تَبْيِيْنٍ : ادْرُسُوْا وَتَأَمَّلُوْا -جَيِّدًا- وَاقِعَ هَذِهِ الْفِئَةِ الظَّالِمَةِ ، وَتَدَابِيْرَهُمْ الْحَاقِدَةَ ، حَتَّى تَكُوْنُوْا ونَكُوْنَ فِيْ مَأْمَنٍ مِنْ شُرُوْرٍ نَرَاهَا فِيْ الْأُفْقِ حَادِقَةً ، نَحْنُ -وَسَائِرُ الْمُؤْمِنِيْنَ- فِيْ أَنْحَاءِ الدُّنْيَا قَاطِبَةً .
يَتْبَعُ …