القائمة إغلاق

عِبَرٌ وَتَأَمُّلَاتٌ … فِيْ الْحَوَادِثِ الْوَاقِعَاتِ ، وَالْفِتَنِ النَّازِلَاتِ الَّتِيْ تُمْتَحَنُ بِهَا أُمَّةُ الْإِسْلَامِ فِيْ كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ .

تَعْلِيْقٌ عَلَى أَحْدَاثٍ مُؤْلِمَةٍ ، وَأُخْرَى مُفْرِحَةٍ ، فِيْهَا وَبِهَا : نُبْشِّرُ ، وَنُحَذِّرُ ، وَنُثَبِّتُ ، وَنُصَبِّرُ …

الحلقة (47)

نسخة رقمية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ ، مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأَمِيْنِ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحَابَتِهِ أَجْمَعِيْنَ … أَمَّا بَعْدُ :

يَا أَهْلَ الْعِلْمِ … حَتَّى لَا تُخْدَعُوْا ،

(2)

قُوْلُوْا الْحَقَّ وَأَعْلِنُوْهُ :

وَانْشُرُوْهُ بَيْنَ الْأَنَامِ وَلَا تَكْتُمُوْا ، وَأَشِيْعُوْهُ فِيْ وَسَائِلِ الْإِعْلَامِ الْمُخْتَلِفَةِ وَلَا تَفْتُرُوْا ، إِقَامَةً لِلْحُجَّةِ ، وَإِبْرَاءً لِلذِّمَّةِ ؛ فَالنَّاسُ -وَيَا لَلْأَسَفِ- فِيْ غَفْلَةٍ مَمَّا يُرَادُ بِهِمْ ؛ تَخَطَّفَتْهُمْ الشُّبُهَاتُ ، وَأَهْلَكَتْهُمْ الشَّهَوَاتُ ، وَالْأَعْدَاءُ فِيْنَا -وَمِنْ حَوْلِنَا- مُتَرَبِّصُوْنَ ، يُرِيْدُوْنَ هَدْمَ الدِّيْنِ ، وَتَبْدِيْلَ الشَّرِيْعَةِ ، وَمَا الدَّعَوَاتُ الْمُتَتَالِيَةُ للتَّقْرِيْبِ بَيْنَ الْأَدْيَان وَتَرْوِيْجِ مَا يُسَمَّى بِـ : “الدِّيْنِ الْإِبْرَاهِيْمِيِّ” عَنَّا بِبَعِيْدٍ ، وَمَا النَّفَثَاتُ الشَّيْطَانِيَّةُ الْمُتَكَرِّرَةُ فِيْ الدَّعْوَةِ إِلَى “تَحْرِيْرِ الْمَرْأَةِ” بِخَافٍ عَنْ كُلِّ ذِيْ لُبٍّ رَشِيْدٍ ، وَفِيْ الْمُقَابِلِ -وَالْأَلَمُ يَفُتُّ فِيْ أَفْئِدَتِنَا- نَرَى السُّكُوْتَ الْمُخِيْفَ مِمَّنْ حُمِّلُوْا الْأَمَانَةَ ، ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوْهَا ،

فَيَا أَهْلَ الْعِلْمِ :

أَعْيُنُ النَّاسِ بِكُمْ مَعْقُوْدَةٌ ، وَقُلُوْبُهُمْ إِلَيْكُمْ مَصْرُوْفَةٌ ، وَلِأَقْوَالِكُمْ وَفَتَاوَاكُمْ -فِيْ كُلِّ مَا يَطْرَأُ مِنْ قَضَايَا وَنَوَازِلَ- مُنْتَظِرَةٌ ، فَقَبِيْحٌ أَنْ نَرَى أَهْلَ الْبَاطِلِ -فِيْ سَبِيْلِ الشَّيْطَانِ- يَنْشُرُوْنَ بَاطِلَهُمْ بِلَا خَوْفٍ وَلَا حَيَاءٍ ، بَيْنَمَا أَهْلُ الْحَقِّ يَنْزَوُوْنَ عَنِ الْمَشْهَدِ وَيَأْبَوْنَ أَنْ يُظْهِرُوْا مَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يُظْهِرُوْهُ ؛ خَوْفًا أَوْ اِسْتِحْيَاءٍ ،

فَإِذَا سَكَتُّمْ عَنْ تَبْيِيْنِ الْحَقِيْقَةِ وَإِظْهَارِهَا ، وَرَفْعِ الصَّوْتِ فِيْ كَشْفِهَا وَتَبْلِيْغِهَا فَمَتَى يَعْرِفُ الْعَامِيُّ وَالْجَاهِلُ الصَّوَابَ مِنَ الْبَاطِلِ ؟!!

وَلَا يَخْفَى عَلَيْكُمْ أَنَّ سُقُوْطَ الْمَمَالِكِ وَالدُّوَلِ ، وَهَلَاكَ الْحَرْثِ وَالنَّسْلِ ، وَقِلَّةَ الْقَطْرِ ، وَجَفَافَ الْأَرْضِ ، وَتَغَلُّبَ الْأَعْدَاءِ ، وَتَحَكُّمَ السِّفْلَةِ وَالسُّفَهَاءِ ، وَغَلَاءَ الْأَسْعَارِ ، وَتَسَخُّطَ الرَّعِيَّةِ فِيْ الْبُلْدَانِ إِنَّمَا يَكُوْنَ -غَالِبًا- بِسَبَبِ فُشُوِّ الْمُنْكَرَاتِ ، وَفُشُوُّ الْمُنْكَرَاتِ مِنْ أَكْبَرِ أَسْبَابِهَا وَأَعْظَمِهَا : سُكُوْتُ أَمْثَالِكُمْ عَنْ إِنْكَارِهَا ، “وَهَذَا وَاللهِ مُنْذِرٌ بِسَيْلِ عَذَابٍ قَدِ اِنْعَقَدَ غَمَامُهُ ، وَمُؤْذِنٌ بِلَيْلِ بَلَاءٍ قَدِ اِدْلَهَمَّ ظَلَامُهُ”[1]،

فَيَا أَهْلَ الْعِلْمِ :

بَادِرُوْا قَبْلَ فَوَاتِ الْأَوَانِ ، اِسْتَغْفِرُوْا اللهَ عَمَّا سَلَفَ وَكَانَ ، مِنْ تَقْصِيْرٍ فِيْ تَبْيِيْنِ الْحَقِّ أَوْ كِتْمَانٍ ،

مُرْوْا بِالْمَعْرُوْفِ ، وَانْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ ،

أَظْهِرْوْا الْحَقَّ وَبَيِّنُوْا ،

اِنْصَحُوْا وَنَاصِحُوْا ،

اِصْبِرُوْا وَصَابِرُوْا ، وَتَحَمَّلُوْا مَا يُصِيْبُكُمْ مِنْ أَذَى وَتَجَمَّلُوْا ،

وَاللهُ يَحْفَظَكُمْ وَيَرْعَاكُمْ .

 

 



[1] الفوائد ، ص : (49) .

%d