عِبَرٌ وَتَأَمُّلَاتٌ … فِيْ الْحَوَادِثِ الْوَاقِعَاتِ ، وَالْفِتَنِ النَّازِلَاتِ الَّتِيْ تُمْتَحَنُ بِهَا أُمَّةُ الْإِسْلَامِ فِيْ كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ .
تَعْلِيْقٌ عَلَى أَحْدَاثٍ مُؤْلِمَةٍ ، وَأُخْرَى مُفْرِحَةٍ ، فِيْهَا وَبِهَا :نُبْشِّرُ ،وَنُحَذِّرُ ،وَنُثَبِّتُ ، وَنُصَبِّرُ …
الحلقة (48)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّالْعَالَمِيْنَ ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ، مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأَمِيْنِ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحَابَتِهِ أَجْمَعِيْنَ … أَمَّا بَعْدُ :
﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُم * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ﴾[محمد:8-9] ،
وَمَا أَكَثَرَهُمْ فِيْ عَصْرِنَا هَذَا مِمَّنْ يَنْتَسِبُ إِلَى الْإِسْلَامِ ، وَالْإِسْلَامُ بَرِيْءٌ مِنْهُمْ ،
يَكْرَهُوْنَ دِيْنَ اللهِ ، وَشَرِيْعَتَهُ الْمُحْكَمَةَ وَهُمْ يَعْلَمُوْنَ، وَيَبْغَضُوْنَ مَا يُخَالِفُ أَهْوَاءَهُمْ مِمَّا جَاءَ بِهِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ جَلَّ وَعَلَا وَهُمْ حَانِقُوْنَ ، تَقْرَأُ ذَلِكَ فِيْ كِتَابَاتِهِمْ ، وَتَغْرِيْدَاتِهِم الْمَسْمُوْمَةِ ، وَتَسْمَعَهُ، أَوْ تَرَاهُ فِيْ مَقَاطِعِهِمْ الْمَشْبُوْهَةِ؛ إِنْ تَعْرِيْضًا أَوْ تَصْرِيْحًا ،
هَذِا مَوْقِفُهُمْ مِنْ دِيْنِ اللهِ وَشَرِيْعَتِهِ لَا يَحِيْدُوْنَ عَنْهُ ،
يَكْرَهُوْنَ أَنْوَاعًا مِنَ التَّشْرِيْعَاتِ الَّتِيْ جَاءَتْ مُحْكَمَةً فِيْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ؛ كَعَقِيْدَةِ : “الْوَلَاءِ وَالْبَرَاءِ” ، وَ”الْجِهَادِ فَيْ سَبِيْلِ اللهِ” ،وَ”شَعِيْرَةِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوْفِ وَالنَّهِيِّ عَنِ الْمُنْكَرِ” ؛ يَكْرَهُوْنَهَا ، وَيَكْرَهُوْنَ أَهْلَهَا ؛ أَهْلَ التَّوْحِيْدِ ، وَالْمُجَاهِدِيْنَ الصَّادِقِيْنَ ، وَالدَّاعِيْنَ إِلَى اللهِ وَالْمُحْتَسِبِيْنَ ، وَمَنْ يُكَفِّرْ إِخْوَانَهُمْ الْيَهُوْدَ وَالنَّصَارَى وَالْمُلْحِدِيْنَ وَيَبْغَضُهُمْ فَهُوَ –عِنْدَهُمْ– مِنْ أَشَدِّ الْمُزْدَرَيْنَ الْمُبْعَدِيْنَ ،
وَيَبْغَضُوْنَ -كَذَلِكَ– حُكْمَ الْحِجَابِ الشَّرْعِيِّ لِلْمَرْأَةِ ، وَقَوَامَةِ الرَّجُلِ –وَتَفْضِيْلِهِ فِيْ الشَّهَادَةِ وَالْإِرْثِ-عَلَيْهَا ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ تَشْرِيْعَاتٍ ،
يَبْغَضُوْنَ ذَلِكَ كُلَّهُ ، بَلْ-وَأَحْيَانًا- يَنْبُزُوْنَ وَيَلْمِزُوْنَ النُّصُوْصَ الْوَارِدَةَ فِيْهَا ،وَالْعِيَاذُ بِاللهِ ، {بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ}[آل عمران:118] ،
وَقَدْ حَكَمَ عُلَمَاءُ الْإِسْلَامِ عَلَى أَمْثَالِ هَؤُلَاءِ ، بِأَنَّ : “مَنْ أَبْغَضَ شَيْئًا مَمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُوْلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ–وَلَوْ عَمِلَ بِهِ– فَقَدْ كَفَرَ إِجْمَاعًا“(1)،
حَمَانَا اللهُ وَدِيَارَنَا مِنَ الْكُفْرِ وَأَهْلِهِ ،
وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلِّمْ .
(1) الناقض الخامس من “نواقض الإسلام” ؛ لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ، وانظر “مجموع الفتاوى” ؛ لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (20/97) .