القائمة إغلاق

عِبَرٌ وَتَأَمُّلَاتٌ … فِيْ الْحَوَادِثِ الْوَاقِعَاتِ ، وَالْفِتَنِ النَّازِلَاتِ الَّتِيْ تُمْتَحَنُ بِهَا أُمَّةُ الْإِسْلَامِ فِيْ كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ . 

تَعْلِيْقٌ عَلَى أَحْدَاثٍ مُؤْلِمَةٍ ، وَأُخْرَى مُفْرِحَةٍ ، فِيْهَا وَبِهَا : نُبْشِّرُ ، وَنُحَذِّرُ ، وَنُثَبِّتُ ، وَنُصَبِّرُ … 

الحلقة (49 

نسخة رقمية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ 

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ ، مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأَمِيْنِ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحَابَتِهِ أَجْمَعِيْنَ … أَمَّا بَعْدُ : 

أَيُّهَا اللِّيْبْرَالِيُّونَ … غَبَاءٌ ، أَمْ مَكْرٌ كُبَّارٌ ؟!! 

طالعنا إعلام الليبراليين سيء الذكر في الأيام الماضية بما لا يستغرب من أمثالهم ، فطوامهم وانحرافاتهم أصبحت سمة بارزة في فضاءات قنواتهم المشبوهة ، فلولا خشية أن يتأثر بهم -وبضلالهم- البسطاء من الناس لما أتعبنا أنفسنا بكتابة هذا المقال ، وإني سأوجه لهم -ولمن تأثر بهم- عدة رسائل حازمة ، فأقول : 

أَيُّهَا اللِّيْبْرَالِيُّونَ :

– لا تحسبوا أنكم -بما تلقونه في برامجكم ، أو تكتبونه في مقالاتكم- على شيء ، فالغالب مما تطلقونه -في ميزان أهل العلم- هراء لا قيمة له ، وهو يدل على سفاهة في فهومكم ، وضحالة في أفكاركم ، حتى أصبحت أطروحاتكم فاكهة يتندر بها في كثير من المجالس ، 

– “السلفية” : منهج سار عليه الصحابة ، والتابعون لهم بإحسان ، من أصحاب القرون المفضلة ، ومن أتى بعدهم ، التزموا فيه الكتاب والسنة ، تمسكوا بهما ، ولم يضلوا عنهما ، 

        ويسمى متبعو هذا المنهج من الناس : “سلفيين” ، “أهل السنة والجماعة” ، “أهل الحديث” ، “الطائفة المنصورة” ، “أهل التوحيد” ، “أهل الأثر” ، “الفرقة الناجية” ؛ استدلالاً بما ورد في الأصلين المشرفين ، من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : وَسَتَفْتَرِقُ هَذِهِ الأُمَةُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةٍ كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلاَ وَاحِدَة” ، قَالُوا وَمَا هُمْ يَا رَسُول اللَّه ؟ قَالَ “مَنْ كَانَ عَلَى مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي”(1)، وفي إحدى روايات هذا الحديث :  ”هُمُ الجَمَاعَةُ” ؛ لأنهم جماعة الإسلام الذي اجتمعوا على الحق ولم يتفرقوا في الدين ، ولم يخرجوا على أولياء أمورهم المسلمين ، ولم يشاققوا الرسول ، ولم يخالفوا سبيل المؤمنين ،  

– إذا انحرف أحد من المسلمين ، أو شذ عن جماعتهم فخطؤه يتحمله هو ، وَ”«مَا مِنْ قَلْبٍ إِلَّا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ ، إِنْ شَاءَ أَقَامَهُ ، وَإِنْ شَاءَ أَزَاغَهُ» ، وَكانَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ يَقُولُ : «يَا مُثبِّتَ الْقُلُوبِ ، ثبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَى دِينِكَ» ، قَالَ «وَالْمِيزَانُ بِيَدِ الرَّحْمَنِ ، يَرْفَعُ أقْوَامًا وَيَخْفِضُ آخَرِينَ ، إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»(2)، فإذا أخطأ أو ضل فرد من أفراد هذه الأمة فخطؤه وضلاله لا تتحمله أمته التي نشأ في بلادها ، ولا ينسب إلى المدرسة العلمية التي تربى فيها ، فـ “جهيمان” ، و”أسامة بن لادن” ، و”الظواهري” ، وغيرهم ممن حاد عن الصراط ، وشاق المسلمين ؛ من الجماعات الجهادية المنحرفة –أو غير الجهادية أخطاؤهم هم يتحملونها ، والله جل وعلا ، ورسوله صلى الله عليه وسلم ، والسلفيون “أهل الحديث” بريئون منها ، ونحن لما علمنا بانحرافاتهم بالدليل ، وبفتاوى العلماء الربانيين حَذِرْنَا منهم ، وحَذَّرْنَا غيرنا من شرورهم ، 

– الشيخ الألباني إمام في الحديث ، برع فيه تصحيحًا وتضعيفًا ، واستفاد منه القاصي والداني ، وهو كغيره من العلماء يصيب ويخطئ ، فنقبل منه ما أصاب الحق فيه ، ونرد ما سواه ، لكن إقحامكم له ضمن الفرق والجماعات الضالة ظلم وجور وبغي ، لكنها عادتكم في أحكامكم على من تكرهون ، وما تخفي صدوركم أكبر ، وإني أظن -وهو ظَنُّ سَوْءٍ ، أنتم حَرِيُّوْنَ به- أنه سيأتي يوم تُظْهِرُوْنَ فيه شيوخ الإسلام الكبار ؛ “ابن تيمية” ، و”محمد بن عبد الوهاب” ، وسماحة الشيخ ابن باز” -رحمهم الله- أنهم من أصحاب تلك الجماعات ، والفرق المنحرفة ، وهو -لمن عرف منهجكم ، وظلمكم- لا يستغرب ذلك منكم . 

– “الصحوة : مصطلح تتلاعبون به كيفما شئتم ، تدخلون فيه من تشاؤون ، وتخرجون من تشاؤون ، فألاعيبكم -والحمد لله- لا تنطلي علينا ، فهي مكشوفة مفضوحة ، فـ: 

1) “الصحوة” : ليست جماعة ، إنما هو لفظ اصطُلِح عليه ، يطلق على زمن انتشر فيه العلم الشرعي ، والدعوة إلى الله ، في القرى والمدن والبوادي ، للرجال ، والنساء ؛ صغارهم وكبارهم والشباب ، وذلك بعد ما كان كثير من الناس غرقى في لهوهم ومعاصيهم ، متأثرين بالفكر المنحرف المؤيد من قبلكم ، والذي كان منتشرًا في ذلك الزمن .  

2) كانت دروس العلماء قد انتشرت في ذلك الوقت وتنامت ، كدروس سماحة الشيخ ابن باز ، والعثيمين ، وغيرهم من أئمة الإسلام ، فهم شيوخ فضلاء ، شهود في زمن الصحوة ،  

3) ظهر في ذلك الزمن قوم تأثروا بجماعات حزبية ؛ كجماعة الإخوان ، والسرورية ،  والتبليغ ، وقد تناولهم العلماء بالنصح والتذكير والتحذير ، وانتشرت الفتاوى في ذلك ، متبرئين منتقدين منهجهم المخالف لمنهج علماء الأمة الربانيين ، وقد تاب من هذا المنهج أناس ، وبقي عليه آخرون ، ونحن نبرأ من كل ما يخالف الكتاب والسنة ، وسبيل المسلمين ، وأخطاؤهم لا يتحملها البرءاء المستقيمون ؛ ممن كان في زمن الصحوة ، قال تعالى : {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[الأنعام:164] ، 

– ديننا ومنهجنا واضح لا لبس فيه ، ومحاولاتكم لاستحداث دين جديد محاولة فاشلة ، وكونوا على علم :

1) أن الاعتراف بالأديان المحرفة كاليهودية ، والنصرانية- والتقريب بينها وبين دين الإسلام ، بما يسمى بـ”الديانة الإبراهيمية” كفر وضلال ، فما ثم إلا دين واحد ، هو دين الإسلام ، وما سواه باطل ،  

قَالَ تَعَالَى : {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِين}[آل عمران:85] ،  

وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ ، وَلَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ ، وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ(3). 

2) الحرية الدينية باطلة ، وكل من دان بدين غير دين الإسلام فهو كافر ؛ فاليهود والنصارى والبوذيون -ومن شاكلهم- كفار ، وهم -إن ماتوا على كفرهم- في النار خالدين مخلدين فيها ،  

قَالَ تَعَالَى : “وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُون * اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُون”[التوبة:30-31] ،  

وَقَالَ تَعَالَى : {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَار}[المائدة:72] ، 

وأخيرًا أَيُّهَا اللِّيْبْرَالِيُّونَ أَقُوْلُ : 

– لا تتعبوا أنفسكم ، فلن يترك الناس -وأهل العدل فيهم- منهجًا نشؤوا وتربوا عليه في مدارسهم وجامعاتهم ، وحلقات دروسهم في مساجدهم وجوامعهم ، ولن يتخلوا عن طريق سار عليه الأئمة الصالحون قبلهم ؛من لدن السلف الصالح ، من الصحابة وتابعيهم ،ومرورًا بشيخ الإسلام ابن تيمية ،والإمام ابن القيم ،والإمام محمد بن عبد الوهاب ، وسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ، وفضيلة الشيخ محمد العثيمين ، وبقية أهل العلم ، من أهل السنة والحديث ؛الأحياء منهم والميتين –عليهم رحمة ربهم الجليل– بل هم باقون عليه -ثبتهم الله- حتى يأتي أمر الله ،

– أما أنتم -أيها الليبراليون-فستموتون بغيظكم ، وتهلكون أنفسكم بأنفسكم ، وسيتخلى عنكم شياطينكم وقرناء السوء من أمثالكم ،ويوم القيامة سيلعن بعضكم بعضًا ،وستعضون فيه أيديكم ندمًا ،ولات حينئذ ساعة مندم .

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى نِعْمَةِ الْإِسْلَامِ وَالسُّنَّةِ ، 

وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ،وَآلِهِ ، وَسَائِرِ الصُّحْبَةِ ،  

 


(1أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة وأحمد والحاكم في المستدرك وقال: صحيح على شرط مسلم . 

(2) رواه مسلم (6844) ، والترمذي (3522) ، وابن ماجه (199) ، واللفظ له . 

(3) رواه مسلم (303) . 

 

%d مدونون معجبون بهذه: