التَّحْذِيْرُ الْمُتَوَالِي مِمَّا وَرَدَ فِيْ كِتَابِ : “إِمَامِ الْأَنْبِيَاءِ فِيْ الشِّعْرِ الْأَحْسَائِيِّ” مِنَ الْمَدِيْحِ الْغَالِي .
رَدٌّ عِلْمِيٌّ عَلَى كِتَابٍ جَمَعَ فِيْهِ صَاحِبُهُ : “عَبْدُ اللهِ بْنُ صَلَاحٍ الْخَلِيْفَةُ” مَجْمُوْعَةً مِنْ قَصَائِدَ لِشُعَرَاءَ أَحْسَائِيِّيْنَ ، فِيْ مَدْحِ الرَّسُوْلِ الْأَمِيْنِ ، عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَلَاةِ وَأَتَمُّ التَسْلِيْمِ ، سَأَرْصُدُ مِنْ خِلَالِ هَذَا الْمَقَالِ -نُصْحًا لِلْعِبَادِ ، مِنْ قَاطِنِي الْأَحْسَاءِ ، أَوْ خَارِجِهَا- مَا وَجَدْتُهُ فِيْ هَذَا الْكِتَابِ مِنْ ضَلَالَاتٍ وَانْحِرَافَاتٍ ، وَسَأُتْبِعُهُ بِبَعْضِ النَّصَائِحِ الْمُهِمَّةِ لِلْعَوَامِّ وَالْخَوَاصِ ، عَلَّهَا تَكُوْنُ مُفِيْدَةً نَافِعَةً مُنْجِيَةً -لَنَا وَلَهُمْ- يَوْمَ الْعَرْضِ وَالْحِسَابِ .
-(الجزء الثاني)-
كَتَبَهُ / عَبْدُ اللهِ بْنُ نَاصِرِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيِزِ النَّاجِم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين … أما بعد :
(مقدمة)
ذكرت في الجزء الأول -من هذا المقال- ردي العلمي على الشركيات والبدع الواقعة في كتاب : “إِمَامِ الْأَنْبِيَاءِ فِيْ الشِّعْرِ الْأَحْسَائِيِّ” ، وفي هذا الجزء سوف نخصصه لذكر بعض الوقفات والتي سنضمنها بعض التنبيهات ، والنصائح المهمة ، والتي أوجهها -أصالة- لأهل السنة من أبناء بلادنا ، ثم هي عامة لجميع المسلمين ،
أَمَّا الْوَقَفَاتُ فَإِلَيْكُمُوْهَا إِجْمَالًا :
– الْوَقْفَةُ الْأُوْلَى : بَانَ الْحَقُّ وَانْكَشَفَ الْمَسْتُوْرُ .
– الْوَقْفَةُ الثَّانِيَةُ : يُرِيْدُوْنَهَا قُبُوْرِيَّةً .
– الْوَقْفَةُ الثَّالِثَةُ : مَعَ فَضِيْلَةِ الشَّيْخِ عَبْدِ الْمُحْسِنِ الْبَنْيَانِ حَفِظَهُ اللهُ .
ثُمَّ إِلَيْكُمُوْهَا بِالتَّفْصِيْلِ :
الْوَقْفَةُ الْأُوْلَى : بَانَ الْحَقُّ وَانْكَشَفَ الْمَسْتُوْرُ .
الآن -وبعد أن أخرج القوم بعضًا مما كانوا يكنونه ، وكشفوا شيئًا مما كانوا يوارونه ؛ كمجموعهم هذا- :
– قد اتضح الأمر جليًا لكل ذي عينين ، وبان الحق لطلَّابه المخلصين بأن البدع الواقع فيها كثير من مبتدعة بلادنا هي بدع مكفرة بلا ريب ، وانحرافاتهم انحرافات مضلة بلا مين ؛
– واتضح -أيضًا- أن لهم -كما ظهر في هذا الكتاب ؛ في الدعاء والاستشفاع من الموتى وغيرها من البدع – سلفًا سيئًا من علمائهم ، وخلفًا أسوأ ممن أتى بعدهم ، فقد تتابعوا على القول بهذه التوسلات الشركية ، والضلالات البدعية ؛ ولكأنها سنة مأثورة من قول خير البرية صلى الله عليه وسلم ، والحمد لله على نعمة التوحيد والسنة ،
وبهذا نقطع حجج المدافعين عنهم من المخدوعين بهم من أبناء جلدتنا ، ونقول لهم : دونكم هذا الكتاب اقرؤوه ، وانظروا خطورة وعظم ما وقعوا فيه ، واحذروا -بعد- أن تدافعوا عن المبتدعين المشركين ، أو تصلوا خلفهم ، أو تدرسوا عندهم ، هداكم الله تعالى -وإياهم- وأصلحكم .
الْوَقْفَةُ الثَّانِيَةُ : يُرِيْدُوْنَهَا قُبُوْرِيَّةً .
إن ما يفعله هؤلاء المبتدعة من إخراج هذه التآليف ؛ المتضمنة لعقائد أهل الضلال القبورية ، وبيعها في بلادنا لهو أكبر دليل على سوء طويتهم لهذه البلاد ، إذ بصنيعهم هذا علمنا علمًا مؤكدًا أنهم يريدون الفساد والإفساد في عقائد أصحاب الفطر البريئة من أهلنا ؛ أهل السنة في ديارنا ، وذلك باجتيالهم من التوحيد إلى الشرك ، ومن السنة إلى البدعة ، إنهم -وباختصار-يريدون عودة هذه الأرض بعد أن طهرها الله من شرك القبور والأضرحة إلى سابق عهدها -لا مكنهم الله ذلك- يتضح هذا جليًا من اهتمامهم الغالي في قبر الرسول صلى الله عليه وسلم ، أو غيره من القبور ، وقد علم نهيه صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فـ:
· عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا ، وَلَا تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا ، وَصَلُّوا عَلَيَّ ، فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ“[1].
· وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّهُ رَأَى رَجُلاً يَجِيءُ إِلَى فُرْجَةٍكَانَتْ عِنْدَ قَبْرِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَيَدْخُلُ فِيهَا ، فَيَدْعُو ، فَنَهَاهُ ، وَقَالَ : أَلَا أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي ، عَنْ جَدِّي ، عَنْ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : “لَا تَتَّخِذُوا قَبْرِي عِيدًا ، وَلَا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا ، وَصَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّ تَسْلِيمَكُمْ لَيَبْلُغُنِي أَيْنَ كُنْتُمْ“[2].
· قال ابن القيم رحمه الله تعالى : “ومن أنواعه طلب الحوائج من الموتى ، والاستغاثة بهم ، والتوجه إليهم ، وهذا أصل شرك العالم ، فإن الميت قد انقطع عمله ، وهو لا يملك لنفسه ضرًا ولا نفعا ، فضلا عمن استغاث به ، وسأله قضاء حاجته ، أو سأله أن يشفع له إلى الله فيها ، وهذا من جهله بالشافع والمشفوع له عنده ، كما تقدم ، فإنه لا يقدر أن يشفع له عند الله إلا بإذنه ، والله لم يجعل استغاثته وسؤاله سببا لإذنه ، وإنما السبب لإذنه كمال التوحيد ، فجاء هذا المشرك بسبب يمنع الإذن ، وهو بمنزلة من استعان في حاجة بما يمنع حصولها ، وهذه حالة كل مشرك ، والميت محتاج إلى من يدعو له ، ويترحم عليه ، ويستغفر له ، كما أوصانا النبي صلى الله عليه وسلم إذا زرنا قبور المسلمين أن نترحم عليهم ، ونسأل لهم العافية والمغفرة ، فعكس المشركون هـــذا ، وزاروهم زيارة العبادة ، واستقضاء الحوائج ، والاستغاثة بهم ، وجعلوا قبورهم أوثانا تعبد ، وسموا قصدها حجًا ، واتخذوا عندها الوقفة وحلق الرأس ، فجمعوا بين الشرك بالمعبود الحق ، وتغيير دينه ، ومعاداة أهل التوحيد ، ونسبة أهله إلى التنقص للأموات ، وهم قد تنقصوا الخالق بالشرك ، وأولياءه الموحدين له ، الذين لم يشركوا به شيئا بذمهم وعيبهم ومعاداتهم ، وتنقصوا من أشركوا به غاية التنقص ، إذ ظنوا أنهم راضون منهم بهذا ، وأنهم أمروهم به، وأنهم يوالونهم عليه ، وهؤلاء هم أعداء الرسل والتوحيد في كل زمان ومكان ، وما أكثر المستجيبين لهم ! ولله خليله إبراهيم عليه السلام حيث يقول : {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ – رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ} [إبراهيم: 35 – 36]”[3].
· وقال مرعي بن يوسف : “أما تقبيل القبور والتمسح بها فهي بدعة باتفاق السلف ، فيشدد النكير على من يفعل ذلك ممن تزيا بزي أهل العِلم ؛ خوف الافتِتان به ، والاقتداء بفعله”[4].
· وفي فتاوى اللجنة الدائمة برئاسة سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله قولهم : “وكان الصحابة رضي الله عنهم أحرص على الخير منا ، وأحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأعرف بحقه على الأمة وبآداب زيارته منا ، ومع ذلك لم ينقل عن أحد منهم أنه كان يتردد على قبره صلى الله عليه وسلم والدعاء عنده ، لكن ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا حضر إلى المدينة من سفر فقط جاء إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : «السلام عليك يا رسول الله ، السلام عليك يا أبا بكر ، السلام عليك يا أبتاه» ، ثم ينصرف[5]“[6].
وأخيرًا أقول :
إنه -والله- ليعظم عجبي من سكوت المسؤولين المخولين بمراقبة النشر والإعلام على هذا العبث الذي يفعله الصوفية عندنا من نشر بدعهم وضلالاتهم وخرافاتهم بلا حسيب ورقيب!!!
الْوَقْفَةُ الثَّالِثَةُ : مَعَ فَضِيْلَةِ الشَّيْخِ عَبْدِ الْمُحْسِنِ الْبَنْيَانِ حَفِظَهُ اللهُ .
(1)
وهذه الوقفة نقفها مع فضيلة الشيخ عبد المحسن البنيان حفظه الله ، فأقول :
الشيخ : عبد المحسن البنيان ؛ شيخ فاضل -نحسبه والله حسيبه ، ولا نزكي على الله أحدًا- ، وهو من بقية الأشياخ الكبار الذين شابت لحاهم في الإسلام ، درس عليه بعضنا التوحيد ، وأصول الاعتقاد ، سمعنا منه شيئًا كثيرًا من الخطب المفيدة ، والنصائح السديدة ، وإنا نقول مستغربين : كيف من هذه صفاته من المشايخ الفضلاء يُقرِّظ ويُقَدِّم -وهي تزكية ضمنية- لمؤلفين مبتدعة ، كمؤلف هذا الكتاب ، وقبله مؤلف كتاب : “أحمد الدوغان” ، ومن مثل الشيخ عبد المحسن لا يخفى عليه حال المبتدعة في بلادنا ؛ الذين يعرفهم كثير من العوام ، فضلاً عن الأشياخ الكبار !!!
وَحُقَّ لِيْ وَلِكُلِّ سُنِّيٍّ -بَعْدَ هَذَا- أَنْ يَقُوْلَ لِلشَّيْخِ :
إن تبعات ما فعلتموه -وفقكم الله لمرضاته- من تقريظكم لكتب المبتدعة كثيرة ووقعها شديد ؛ خاصة على أهل السنة والعقيدة الصحيحة ، من هذه التبعات :
– التباس الأمر على الأغمار والرعاع والعامة ، وسيقولون -بعد أن يبلغهم الخبر- : إذاً لا خلاف بيننا وبينهم ، الحال واحدة ، والعقيدة متحدة ، ولا يخفاكم -يا فضيلة الشيخ- أن العامة ينظرون ما يفعله العالم فيتبعونه ، سيبادر الطلبة -وهو نتيجة حتمية لما فعلتموه من هذه التقاريظ- إلى دروس المبتدعة ومحاضراتهم ، وسيطلبون العلم عندهم بحجة أن الشيخ عبد المحسن قد زكاهم .
– ومن تبعاتها : أن فيها فتنة لطلبة العلم الذين ما برحوا -ليل نهار- يحذرون من البدع والمبتدعين ، يؤصلون ذلك لطلابهم وجماعة مساجدهم ، فسيجيء إليهم الناس والدهماء مخاطبين مؤنبين ، متهمينهم بالغش والتدليس ، قائلين : أأنتم أعلم أم الشيخ عبد المحسن ، وهو الشيخ العالم الكبير الوقور ، هاهو قد زكى من تحذرونا منهم ومن عقائدهم ؟!
– ومن تبعاتها : أنه سيصعب عليكم -بعدُ- إنكار البدع ، ولو فعلتم وأنكرتم سيسارع الظن السيء بالناس قائلين : بالأمس يثني عليهم ، واليوم ينكر على بدعهم ، ما هذا التناقض الواقع من الشيخ ؟!!
– ومن تبعاتها : أن فيها إساءة للظن بكم ، والناس لن يسكتوا ، فسيقولون : ما أثنى عليهم الشيخ عبد المحسن إلَّا لأنه يوافقهم في عقائدهم .
– ومن تبعاتها : أن أصحاب القلوب المريضة ممن تشرَّب بالبدعة واسودَّ قلبه بها سيوقعون الشماتة بأهل الحق والإيمان ، قائلين : هذا شيخكم : أثنى علينا وزكانا ، فموتوا بغيظكم ، وهذا لا نشك -يا فضيلة الشيخ- أنه لا يرضيكم .
(2)
واقرأ -تكرماً- فضيلة الشيخ هذه الآثار :
· وقال الفضيل بن عياض رحمه الله : “من وقر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام”[7]،
· وقال ابن المبارك رحمه الله : “اللهم لا تجعل لصاحب بدعة عندي يداً فيحبه قلبي”[8]،
· قال رافع بن أشرس : “من عقوبة الفاسق المبتدع ألا تذكر محاسنه”[9]،
· وقال الآجري رحمه الله تعالى : “ينبغي لكل من تمسك بما رسمناه في كتابنا هذا -وهو كتاب الشريعة- أن يهجر جميع أهل الأهواء ؛ من الخوارج ، والقدرية ، والمرجئة ، والجهمية ، وكل من ينسب إلى المعتزلة ، وجميع الروافض ، وجميع النواصب ، وكل من نسبه أئمة المسلمين أنه مبتدع بدعة ضلالة ، وصح عنه ذلك ، فلا ينبغي أن يكلم ، ولا يسلم عليه ، ولا يجالس ، ولا يصلى خلفه ، ولا يزوج ، ولا يتزوج إليه من عرفه ، ولا يشاركه ، ولا يعامله ، ولا يناظره ، ولا يجادله ، بل يذله بالهوان له ، وإذا لقيته في طريق أخذت في غيرها إن أمكنك”[10]،
· قال ابن بطة رحمه الله : “ولا تشاور أحداً من أهل البدع في دينك ، ولا ترافقه في سفرك ، وإن أمكنك ألا تقربه في جوارك ، ومن السنة مجانبة كل من اعتقد شيئاً مما ذكرناه ، وهجرانه ، والمقت له ، وهجران من والاه ، ونصره ، وذب عنه ، وصاحبه ، وإن كان الفاعل لذلك يظهر السنّة”[11]،
(3)
والمؤمل منكم بعد هذا -فضيلة الشيخ- أن تقروا أعين أهل السنة ، وتسحبوا تقريظكم وتقديمكم على هذا الكتاب -وغيرها من الكتب التي قرظتموها المبتدعة- فالرجوع إلى الحق فضيلة ، وأنتم أهل لها ، حفظكم الله ورعاكم .
أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَحْفَظَ عَلَيْنَا دِيْنَنَا ، وَأَنْ يُعِزَّ السُّنَّةَ وَيُعْلِي أَهْلَهَا ، إِنَّهُ سَمِيْعٌ مُجِيْبٌ ،
وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّم عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ .