عِبَرٌ وَتَأَمُّلَاتٌ … فِيْ الْحَوَادِثِ الْوَاقِعَاتِ ، وَالْفِتَنِ النَّازِلَاتِ الَّتِيْ تُمْتَحَنُ بِهَا أُمَّةُ الْإِسْلَامِ فِيْ كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ .
تَعْلِيْقٌ عَلَى أَحْدَاثٍ مُؤْلِمَةٍ ، وَأُخْرَى مُفْرِحَةٍ ، فِيْهَا وَبِهَا : نُبْشِّرُ ، وَنُحَذِّرُ ، وَنُثَبِّتُ ، وَنُصَبِّرُ …
الحلقة (52)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ ، مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأَمِيْنِ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحَابَتِهِ أَجْمَعِيْنَ … أَمَّا بَعْدُ :
التَّوْحِيْدُ الْخَالِصُ شَرْطٌ لِمَنْ أَرَادَ بَسْطَ الْحُكْمِ ، والتَّمْكِيْنَ فِيْ الْأَرْضِ .
وَبِدُوْنِهِ سَتَتَهَاوَى الْعُرُوْشُ ، وَتَتَسَاقَطُ الدُّوَلُ ، وَاللهُ يُمْلِي وَيُمْهِلُ ،
وَمَنْ أَرَادَ الْاِعْتِبَارَ فَلْيَنْظُرْ إَلَى الدُّوَلِ الَّتِيْ قَامَتْ عَلَى النِّظَامِ الْعَلْمَانِيِّ ، أَوِ الْاِشْتِرَاكِيِّ ، أَوْ عَلَى الْأَنْظِمَةِ الْمُبْتَدَعَةِ ، الْخُرَافِيَّةِ الضَّالَّةِ ؛ كَـ: الصُّوْفِيَّةِ ، أَوِ الرَّافِضِيَّةِ ، … ، فَإِنَّهَا -كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ ، وَمَعْلُوْمٌ عَنْهَا- دُوَلٌ يَكْثُرُ فِيْهَا الشِّقَاقُ وَالْخِلَافُ ، وَالْفِتَنُ وَالْاِضْطِرَابَاتُ ، وَالْاِنْقِلَابَاتُ ، أَوْ تُكُوْنُ دُوَلًا صُوْرِيَّةً ، ذَلِيْلَةً مُهَانَةً ؛ تَتَحَكَّمُ فِيْ سِيَاسَاتِهَا الدُّوَلُ الْكَافِرَةُ ، تَلْعَبُ بِهَا كَمَا يَلَعَبُ الصَّبِيُّ بِالْكُرَةِ ، وَلَا نَرَى هَذَا إِلَّا عُقُوْبَاتٍ إِلَهِيَّةً لِمَنْ تَرَكَ الْاِلْتِزَامَ بِالْهِدَايَاتِ الشَّرْعِيَّةِ فِيْ إِقَامَةِ وَتَصْرِيْفِ الدُّوَلِ ، وَأَنْظِمَتِهَا السِّيَاسِيَّة ،
فَاعْتَبِرُوْا يَا أُوْلِي الْأَلْبَابِ ،
قَالَ تَعَالَى : {وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ}[النور:55] ،
وَقَالَ تَعَالَى : {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيز * الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُور}[الحج:41] ،
وَقَالَ تَعَالَى : {إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُم * وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُم * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُم}[محمد:7-9] ،
وَقَالَ تَعَالَى : {إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُون}[آل عمران:160] ،
فَإِلَى مَنْ تَوَلَّى شَيْئًا مِنَ الْوِلَايَاتِ الْعَامَّةِ ، مِنْ حُكَّامِ وَرُؤَسَاءِ الدُّوَلِ :
اِتَّقُوْا اللهَ رَبَّكُمْ ، وَاسْتَغْفِرُوْهُ ،
وَتَحَاكَمُوْا إلى شَرْعِهِ ، وحَكِّمُوْهُ ،
وَارْفُضُوْا كُلَّ حُكْمٍ يُخَالِفُ حُكْمَهُ ، وَابْغَضُوْهُ ،
أرْضُوْا خَالِقَكُمْ بِتَحْقِيْقِ التَّوْحِيْدِ ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ ، وَإِيْتَاءِ الزَّكَاةِ ، وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوْفِ ، وَالنَّهِيِّ عَنِ الْمُنْكَرِ ، يُمَكِنْ لَكُمْ فِيْ بِلَادِكُمْ،
وَإِلَّا :
فَاعْلَمُوْا أَنَّكُمْ عَنْ قَرِيْبٍ زَائِلُوْنَ ، {وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم}[محمد:38] .
اللَّهُمَّ لُطْفَكَ وَرَحْمَتَكَ وَمَغْفَرَتَكَ ، يَا وَدُوْدُ يَا غَفُوْرُ يَا رَحِيْمُ ،
وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ الْأَمِيْنِ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحَابَتِهِ وَالتَّابِعِيْنَ ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانِ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ ،
اللَّهُمَّ آمِيْن .