القائمة إغلاق

عِبَرٌ وَتَأَمُّلَاتٌ … فِيْ الْحَوَادِثِ الْوَاقِعَاتِ ، وَالْفِتَنِ النَّازِلَاتِ الَّتِيْ تُمْتَحَنُ بِهَا أُمَّةُ الْإِسْلَامِ فِيْ كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ .

تَعْلِيْقٌ عَلَى أَحْدَاثٍ مُؤْلِمَةٍ ، وَأُخْرَى مُفْرِحَةٍ ، فِيْهَا وَبِهَا : نُبْشِّرُ ، وَنُحَذِّرُ ، وَنُثَبِّتُ ، وَنُصَبِّرُ …

الحلقة (53)

نسخة رقمية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ ، مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأَمِيْنِ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحَابَتِهِ أَجْمَعِيْنَ … أَمَّا بَعْدُ :

تَذْكِيْرٌ وَادِّكَارٌ لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ قَبْلَ فَوَاتِ الْأَوَانِ .

فَإِنَّهُ فِيْ ظِلِّ الْجُهُوْدِ الْمَسْعُوْرَةِ ؛ الْآثِمَةِ الْمَأْزُوْرَةِ ، لِلْيِبْرَالِيَّةِ الْعَالَمَيَّةِ ، وَالَّتِي تَجُوْبُ دُوَلَ الْعَالَمِ -بِلَا اِسْتِثْنَاءٍ- لِنَشْرِ الْفِكْرِ الْإِلْحَادِيِّ التَّحَرُّرِيِّ ، وَالَّذِيْ يَقُوْمُ عَلَى التَّشْكِيْكِ فِيْ الثَّوَابِتِ وَالْمُسَلَّمَاتِ الدِّيْنِيَّةِ وَالْأَخْلَاقِيَّةِ لِلطَّائِفَةِ الْمُسْلِمَةِ السُّنِيَّةِ ، وَالَّذِيْ تَلَقَّفَهُ كَثِيْرٌ مِنْ أَبْنَاءِ جِلْدَتِنَا الْأَغْمَارِ ؛ فَأَصْبَحُوْا يُطَبِقُوْنَهُ فِيْ بُلْدَانِهِمْ لِلْإِفْسَادِ ، لِأَجْلِ ذَلِكَ أَحْبَبْتُ أَنْ أُقَدِّمَ فِيْ هَذَا الْمَقَالِ وَصَايَا عَاجِلَةً مُهِمَّةً ، وَلِأَهْلِ الْإِيْمَانِ -مِنَ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ ، وَالْمُعَلِّمِيْنَ وَالْمُعَلِّمَاتِ ، وَطُلَّابِ الْعِلْمِ وَالْأَشْيَاخِ- مُوَجَّهَةً ،

وَهَذِهِ الْوَصَايَا -فِيْ نَظَرِيْ- لَيْسَ الْأَخْذُ بِهَا عَلَى سَبِيْلِ الْاِسْتِحْبَابِ ، بَلْ هُوَ مُحَتَّمٌ ، وَعَلَى سَبِيْلِ الْإِيْجَابِ ،

الْوَصِيَّةُ الْأُوْلَى : الثَّبَاتُ عَلَى دِيْنِ اللهِ ، عَقِيْدَةً وَشَرِيْعَةً ، بِفَهْمٍ وَاحِدٍ فَقَطْ ، هُوَ فَهْمُ سَلَفِ الْأُمَّةِ الْأَخْيَارِ ، وَمَنْ وَجَدَ مِنْ نَفْسِهِ -أَيَّا كَانَ- مُنَازَعَةً فَلْيَهْرَعْ إِلَى رِبِّهِ وَمَوْلَاهُ بِالدُّعَاءِ ، ثُمَّ إِلَى الْعُلَمَاءِ الْأَثْبَاتِ بِالسُّؤَالِ ؛ “فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ”[1].

الْوَصِيَّةُ الثَّانِيَةُ : تَكْوِيْنُ “الْمَدْرَسَةِ الْمَنْزِلِيَّةِ” ، وَحَرِيٌّ بِهَذِهِ الْمَدْرَسَةِ أَنْ تَكُوْنَ فِيْ الْمَسْجِدِ ؛ لَكِنْ فِيْ بَعْضِ الْأَوْقَاتِ قَدْ يَتَعَذَّرُ الْمَسْجِدُ ، فَإِنْ تَعَذَّرَ وَجَبَ أَنْ تَكُوْنَ بُيُوْتُنَا مَدَارِسَنَا ، وَأَوْلَادُنَا طُلَّابَنَا ، وَمِمَّا يَجِبُ أَنْ يُدَرَّسَ فِيْ هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ :

      الْقُرْآنُ مَعَ التَّفْسِيْرِ ؛ كَـ : “تَيْسِيْرِ الْكَرِيْمِ الرَّحْمَنِ فِيْ تَفْسِيْرِ كَلَامِ الْمَنَّانِ” ؛ لِلشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّعْدِيِّ عَلَيْهِ رَحْمَةُ اللهِ .

      وَعِلْمُ الْعَقِيْدَةِ وَالتَّوْحِيْدِ ، كـَ : “الْعَقِيْدَةُ الْوَاسِطِيَّةُ” ؛ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ اِبْنِ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ، وَ”كِتَابُ التَّوْحِيْدِ” ؛ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى .

وَشُرُوْحُ هَذِهِ الْكُتُبِ -وَالْحَمْدُ لِلَّهِ- قَرِيْبَةٌ مُتَنَاوَلَةٌ ، فِيْ الْكُتُبِ الْمَطْبُوْعَةِ ، أَوْ فِيْ الدُّرُوْسِ الْمُسَجَّلَةِ .

الْوَصِيَّةُ الثَّالِثَةُ : تَرْفِيْهُنَا لَا يَتَوَلَّاهُ غَيْرُنَا ؛ بَلْ يَتَوَلَّاهُ -مِنَّا- الْآبَاءُ وَالْأُمَّهَاتُ ، وَالصَّالِحُوْنَ وَالصَّالِحَاتُ ؛ لِأَنَّ الْأُمُوْرَ -فِيْ هَذَا الزَّمَنِ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ- قَدِ اِخْتَلَطَتْ ، وَالْعُقُوْلَ -فِيْ كَثِيْرٍ مِنْهَا- قَدِ اِخُتُطِفَتْ ، وَأَمَرَاضَ الشُّبُهَاتِ وَالشَّهَوَاتِ قَدِ اِنْتَشَرَتْ ،  

الْوَصِيَّةُ الرَّابِعَةُ : تَطْبِيْقُ سُنَّةِ الْهَجْرِ ، وَهِيَ مِنْ ضِمْنِ شَعِيْرَةِ الْوَلَاءِ وَالْبَرَاءِ ، وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوْفِ وَالنَّهْيِّ عَنِ الْمُنْكَرِ ، نَهْجُرُ الْكُفَّارَ وَكُفْرِيَّاتِهِمْ ، وَالْفُسَّاقَ وَفُسُوْقَهُمْ ، وَالْعُصَاةَ وَمَعَاصِيَهُمْ ، وَلَوْ كَانُوْا مِنَ الْأَقَارِبِ وَالْأَرْحَامِ ، أَوِ الْأَصْدِقَاءِ وَالْأَصْفِيَاءِ ، أَوِ مِنَ الْمُؤَسَّسَاتِ الرَّسْمِيَّةِ وَغَيْرِ الرَّسْمِيَّةِ فِيْ مُخْتَلَفِ الْبُلْدَانِ ، “وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ”[2].

الْوَصِيَّةُ الْخَامِسَةُ : الْمُراجَعَةُ وَالْمُتَابَعَةُ ؛ بِالْبَحْثِ وَالْاِسْتِشَارَةِ وَالتَّدْقِيْقِ ، وَالتَّرْغِيْبِ وَالتَّحْفِيْزِ وَالتَّرْهِيْبِ ، وَهِيَ السِّيَاجُ الْمَنِيْعُ الَّذِيْ يَصْنَعُهُ الْمُعَلِّمُ وَوَلِيُّ الْأَمْرِ فِيْ حَقِّ طُلَّابِهِ وَأَوْلَادِهِ ، لِكِيْ لَا يَتَفَارَطَ عَلَيْهِ شَأْنُهُمْ ، وَيَخْرُجَ عَنْ سَيْطَرَتِهِ .

 الْوَصِيَّةُ السَّادِسَةُ : الدُّعَاءُ ، ثُمَّ الدُّعَاءُ ، ثُمَّ الدُّعَاءُ ، وَالدُّعَاءُ وَالْإِلْحَاحُ فِيْهِ مِنْ أَنْفَعِ الْأَدْوِيَةِ وَأَرْوَاهَا ؛ وَهُوَ سِلَاحُ الْمُؤْمِنِ الْمُوَحِّدِ ؛ عُدَّتُهُ وَعَتَادُهُ ، خَاصَّةً فِيْ زَمَنِ الْغُرْبَةِ الْمُحْتِدِمَةِ ، وَالْفِتَنِ الْمُدْلَهِمَّةِ ،

هَذِهِ وَصَايَا سِتٌّ مُخْتَصَرَةٌ ، إِنْ أَخَذْنَاهَا بِحَزْمٍ وَعَزْمٍ ، وَنِيَّةٍ خَالِصَةٍ وَجِدٍّ لَمْ يَضُرُّنَا -إِنْ شَاءَ اللهُ- إِفْسَادُ اللِّيْبْرَالِيِّيْنَ ، وَلَا خُطَطُهُمْ الْمَاكِرَةُ .

اللَّهُمَّ اِحْفَظْ عَلَيْنَا دِيْنَنَا وَأَوْلَادَنَا مِنْ شُرُوْرِ الْأَشْرَارِ ، فِيْ كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ ، إِنَّكَ سَمِيْعٌ مُجِيْبُ الدُّعَاءِ ،

وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ الْمُخْتَارِ ، وَعَلَى آلِهِ وَالْأَصْحَابِ .



[1] رواه أبو داوود (336) ، وابن ماجه (572) .

[2] رواه البخاري (10) .

اكتشاف المزيد من مدونة عبدالله بن ناصر الناجم العلمية

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading