القائمة إغلاق

“بُيُوْتُ الْمُؤْمِنِيْنَ ؛ وَصْفُهَا الْمُبِيْنُ ، وَحِفْظُهَا الْأَمِيْنُ” .

حَلَقَاتٌ عِلْمِيَّةٌ تَرْبَوِيَّةٌ ، أَصِفُ فِيْهَا الْبُيُوْتَ الْمُؤْمِنَةَ ؛ عَقِيْدَتَهَا وَأَخْلَاقَهَا ، ثم أُذَكِّرُ بَعْدَهَا بِالتَّرَاتِيْبِ السَّلَفِيَّةِ الضَّرُوْرِيَّةِ فِيْ طُرُقِ وَأَسَالِيْبِ ِحِفْظِهَا مِنْ عُدْوَانِ الْفِرَقِ الْمُعْتَدِيَةِ .

حَلَقَاتٌ مُهِمَّةٌ ، وَبِخَاصَّةٍ فِيْ أَزِمِنَةِ الْغُرْبَةِ ، مُوَجَّهَةٌ لِجَمِيْعِ أَفْرَادِ الْأُسَرِ الْمُسْلِمَةِ ، صَانَهَا اللهُ مِنْ خُطَطِ وَتَدَابِيْرِ ذَوِيْ الشُّرُوْرِ الْكَائِدَةِ .

الحلقة (الرابعة) :

-(بُيُوْتُ الْمُؤْمِنِيْنَ فِيْ الْإِسْلَامِ)-

“الْوَصْفُ الْعَامُّ”… تابع .

نسخة رقمية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، وعلى آله وصحابته والتابعين … أما بعد :

(مقدمة)

نكمل في هذه الحلقة ما بدأناه في الحلقة السابقة من الحديث عن بيوت المؤمنين في الإسلام ، بالوصف العام ؛ عقيدة وأخلاقًا وشريعة ، فنقول :

(1)

إن من أكمل وأتم ما يميز بيوت المؤمنين :

اجتماع أهلها وتآلفهم ، بالمودة والرحمة ، والرفق والتؤدة ، لأن أرواحهم قد صفت وسلمت من أمراض الغل والحقد والشحناء ، فغدت السكينة عليهم بادية ، والسعادة واسعة شاملة ، منشرحة صدورهم ، مبتسمة وجوههم ، راضين بما يقسمه ويقدره الله لهم ، شاكرين ، حامدين الله في كل أحيانهم ،

وفي هذا أدلة وآثار ، فـ:

أما مودتهم ورحمتهم فيما بينهم ، وسلامة صدورهم ، فقد :

قَالَ اللهُ تَعَالَى : {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَ‌حْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُ‌ونَ}[الروم:21] ،

وَقَالَ اللهُ تَعَالَى : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير}[الحجرات:13] ،

وَقَالَ اللهُ تَعَالَى : {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}[الحشر: 9-10] ،

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، قَالَ : قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : “كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ ، صَدُوقِ اللِّسَانِ” ، قَالُوا : صَدُوقُ اللِّسَانِ نَعْرِفُهُ ، فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ ؟ قَالَ : “هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ ، لَا إِثْمَ فِيهِ ، وَلَا بَغْيَ ، وَلَا غِلَّ ، وَلَا حَسَدَ”[1]،

 وَقَالَ زَيْدُ بنُ أَسْلَمَ : دُخِلَ عَلَى أَبِي دُجَانَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَهُوَ مَرِيْضٌ ، وَكَانَ وَجْهُهُ يَتَهَلَّلَ ، فَقِيْلَ لَهُ: مَا لِوَجْهِكَ يَتَهَلَّلُ ؟ فَقَالَ : مَا مِنْ عَمَلِ شَيْءٍ أَوْثَقُ عِنْدِي مِنِ اثْنَتَيْنِ : كُنْتُ لاَ أَتَكَلَّمُ فِيْمَا لَا يَعْنِيْنِي ، وَالأُخْرَى فَكَانَ قَلْبِي لِلْمُسْلِمِيْنَ سَلِيْماً”[2]،

قَالَ اِبْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى : “والقلب السليم هو الذي سلم من الشرك ، والغل ، والحقد ، والحسد ، والشح ، والكبر وحب الدنيا ، والرياسة ، فسلم من كل آفة تبعده عن الله ، وسلم من كل شبهة تعارض خبره ، ومن كل شهوة تعارض أمره ، وسلم من كل إرادة تزاحم مراده ، وسلم من كل قاطع يقطع عن الله ، فهذا القلب السليم في جنة معجلة في الدنيا ، وفي جنة في البرزخ ، وفي جنة يوم المعاد”[3].

وأما إيمانهم بما قسمه الله لهم ، فقد :   

قَالَ اللهُ تَعَالَى : {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم}[التغابن:11] :

قَالَ عَلْقَمَةُ رَحِمَهُ اللهُ -في الآية السابقة- : “هُوَ الرَّجُلُ تُصِيبُهُ الْمُصِيبَةُ ، فَيَعْلَمُ أَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، فَيَرْضَى وَيُسَلِّمُ”[4]،

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “يَا أَبَا هُرَيْرَةَ كُنْ وَرِعًا تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ ، وَكُنْ قَنِعًا تَكُنْ أَشْكَرَ النَّاسِ ، وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا ، وَأَحْسِنْ جِوَارَ مَنْ جَاوَرَكَ تَكُنْ مُسْلِمًا ، وَأَقِلَّ الضَّحِكَ فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ”[5].

وَقَالَ اِبْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ : “وكلما كان العبد أشد رضا كان قلبه أسلم ؛ فالخبث والدغل والغش قرين السخط ، وسلامة القلب وبره ونصحه قرين الرضا ، وكذلك الحسد هو من ثمرات السخط ، وسلامة القلب منه من ثمرات الرضا”[6].

(2)

ومما يميز بيوت المؤمنين :

أنها مُؤَمَّنَةٌ محصنة من الداخل ومن الخارج ؛ أُمِّنَتْ وُحُصِّنَتْ بذكر الله تعالى وتقواه[7]، والقرآن ، والصبر ، والصلاة ، ومن اعتداءات ومنكرات شياطين الإنس والجن وتحرشاتهم ، ومن رفقاء وأقارب وجيران السوء ؛ من أهل البدع ، والنفاق ، والعلمنة ،

وفي هذا أدلة وآثار ، فـ:

أما تحصينه بذكر الله وتقواه ، فقد :

قَالَ اللهُ تَعَالَى : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}[النساء:1] ،

وَقَالَ اللهُ تَعَالَى :  {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا}[الأحزاب:41-42] ،

وَقَالَ اللهُ تَعَالَى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِين”[البقرة:153] ،

وَعَنْ أَبِي مُوْسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : “مَثَلُ البَيْتِ الَّذِيْ يُذكَرُ اللهُ فِيْهِ ، وَالْبَيْتِ الَّذِيْ لَا يُذكَرُ اللهُ فِيْهِ مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ”[8].

وأما تحصينه من اعتداءات ومنكرات شياطين الإنس والجن وتحرشاتهم ، فقد :

قَالَ اللهُ تَعَالَى : {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}[آل عمران:175]

وَقَالَ اللهُ تَعَالَى : {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ} [فصِّلت: 36] ،

وَقَالَ اللهُ تَعَالَى : {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُون * وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِين * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُون}[المؤمنون:96-98] ،

وَقَالَ سَمَاحَةُ الشَّيْخِ عَبْدُ الْعَزِيْزِ بْنُ بَازِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -في معرض كلامه عن شيطان الجن- : “وله مداخل كثيرة على الأفراد ، والجماعات ، والذكور ، والإناث ، والملوك ، والأمراء ، والعلماء ، وغيرهم ، له دخول على كل أحد هو وذريته ، وأتباعه من شياطين الإنس أيضًا ، فإن هناك شياطين من الإنس يتبعونه أيضًا ، ويساعدونه على باطله ، وهم دعاة للنار معه ، نسأل الله العافية ، كما قال الله جل وعلا : {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} [الأنعام:112] ، فهم شياطين من الإنس والجن ، وقدم ذكر الإنس لعظم شرهم وعظم خطرهم على بني آدم ؛ لأنهم يتصلون بهم ، ويشافهونهم ، ويشرحون لهم مذاهبهم الباطلة وأهدافهم الخبيثة ، ويدعون إليها ، فخطرهم عظيم ، وبلاء كبير ، وكيدهم شديد ، فيجب على المؤمن أن يحذر شياطين الإنس كما يحذر شياطين الجن أيضًا بل أشد”[9].

(3)

ومما يميز بيوت المؤمنين :

أنها مشعة بنور العلم والعمل والإيمان ، يهتدي بأنوارهم المهتدون ، وينهل من علومهم الطالبون ، فلا تراهم في الصباح والمساء إلا وكأنهم نحل يعملون في خلية ، بين عمل دؤوب للأخرة ، من صلاة وذكر وتلاوة ، أو تعلم وتعليم ومذاكرة ، وبين عمل مباح في أمور الدنيا ؛ من إعداد لطعامهم ، وتهيئة وإصلاح لبيتهم ومكان معيشتهم ، أو طلبًا للرزق الحلال في خارج بيتهم ،

وفي هذا أدلة وآثار ، فـ:

قَالَ اللهُ تَعَالَى : {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا}[الفرقان:62] ،

وَقَالَ اللهُ تَعَالَى : {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِين * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِين}[الأنعام:162-163] ،

وَقَالَ اللهُ تَعَالَى : {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَب * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَب}[الشرح:7-8] ،

وَقَالَ اللهُ تَعَالَى : {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُون * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِين *  كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُون * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُون * وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُوم”[الذاريات:15-19] ،

وَعَنْ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ : عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ ، وَفِيمَ أَنْفَقَهُ ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ”[10]،

وَعَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ رَحِمَهُ اللهُ ، قَالَ : تَضَيَّفْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ سَبْعًا ، فَكَانَ هُوَ ، وَامْرَأَتُهُ ، وَخَادِمُهُ يَعْتَقِبُونَ اللَّيْلَ أَثْلاَثًا : يُصَلِّي هَذَا ، ثُمَّ يُوقِظُ هَذَا…”[11].

وَقَالَ سَمَاحَةُ الشَّيْخِ عَبْدُ الْعَزِيْزِ بْنُ بَازِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى : “ينبغي للمسلم أن يحفظ وقته ليلًا ونهارًا ، وأن يقضيه في طاعة الله من صلاة ، وتسبيح ، وتهليل ، وذكر ، ودعاء صالح ، كما يشرع له أن يقضيه -أيضاً- في حاجاته ؛ حاجات أهله ،  كان النبي صلى الله عليه وسلم في بيته يقضي حاجات أهله عليه الصلاة والسلام ، وهكذا في كسب الحلال ؛ في البيع ، والشراء ، والتجارة المباحة في الأعمال المباحة ؛ يكسب بها الرزق ؛ حتى ينفق على أهله ، وعلى نفسه ، ويكون وقته محفوظاً ؛ إما في طلب الرزق الحلال ، وإما في العبادات ؛ كالذكر ، والقراءة ؛ قراءة القرآن ، والتسبيح ، والتهليل ، والصلاة النافلة في أوقات الصلاة ، وهكذا ما ينفعه في الآخرة من دعوة إلى الله ، وأمر بمعروف ، ونهي عن منكر ، عيادة المريض إلى غير هذا من وجوه الخير ، … هكذا يكون ليله ونهاره ، يكون ليله ونهاره محفوظين فيما ينفعه في الدنيا والآخرة ، يحذر أن يصرف بعض وقته فيما حرم الله من المعاصي ، ويكون في غاية من الحذر ، حتى يحفظ لسانه ، ويحفظ جوارحه من كل ما حرم الله سبحانه وتعالى ، وهكذا يحفظ وقته من الفضول ، والكلام اللاغي الذي لا فائدة فيه ، بل تكون أوقاته محفوظة ؛ إما في طلب الآخرة والأعمال الصالحة ، وإما في طلب الرزق الحلال الذي يستغني به عن الناس ، وإما في سكوت ، أو نوم يحتاج إليه ، أو تحدث مع أهله يباسط أهله ، ويؤانس أهله ؛ زوجته ، وأولاده ، وأمه ، وأبيه ؛ يأنس بهم ، ويتحدث معهم في بعض الأوقات ؛ يؤانسهم ، كله هذا مما يحبه الله عز وجل”[12].

نكمل في الحلقة التالية إن شاء الله .

 



([1]) رواه ابن ماجه (4216) .

([2]) سير أعلام النبلاء (1/243) .

([3]) الجواب الكافي ، ص : (122) .

([4]) علقه البخاري في “صحيحه” (6/155) في كتاب التفسير ؛ تفسير سورة التغابن ، ورواه الطبري في “التفسير” (23/12) .

([5]) رواه الترمذي (2305) ، وابن ماجه (4217) ، واللفظ له .

([6]) مدارج السالكين (2/201) .

([7]) سيأتي الكلام عن آداب بيوت المؤمنين في باب مستقل ، إن شاء الله .

([8]) رواه البخاري (6407) ، ومسلم (1773) .

([9]) التعليقات على محاضرات الجامع الكبير (الموقع الرسمي) .

([10]) رواه الترمذي (2417) .

([11]) رواه البخاري (5441) .

([12]) فتاوى نور على الدرب (الموقع الرسمي) .

%d