تَفْكِيْرَانِ مُخْتَلِفَانِ … لَا يَجْتَمِعَانِ .
نَظَرَاتٌ نَاقِدَةٌ لِمَا تَضَمَّنَتُهُ بَعْضُ الْمُقَرَّرَاتِ الدِّرَاسِيَّةِ والَّتِيْ تُعْنَى بِـ”التَّفْكِيْرِ النَّاقِدِ” ، مِنْ خِلَالِ عَقْدِ مُقَارَنَةٍ بَيْنَ تَفْكِيْرِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ ، وَتَفْكِيْرِ مُخَالِفِيْهِمْ ، “وَبِضِدِّهَا تَتَبَيَّنُ الْأَشْيَاءُ” .
-الحلقة الثانية-
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين … أما بعد :
(مقدمة)
كنا قد ضربنا مثالاً في الحلقة السابقة على هوى العقلانيين أصحاب البدع -وهم : المعتزلة ، وأفراخم الأشاعرة- الذين يُحَكِّمُوْنَ عقولهم ويقدمونها في فهم الشريعة ، وفي هذه الحلقة سنكمل بضرب مثال آخر على : “العقلانين” ، مقدسي العقول ، ومعظميها ، ومقدميها ، ومحكميها على النصوص الشرعية ؛ وهم الحداثيون والليبراليون -ومن لف لفهم- فأقول :
(1)
الحداثيون ، أو الليبراليون ، أو التنويريون ، أو العلمانيون المعاصرون -في بلدان كثيرة من بلدان المسلمين- قد عاثوا في الأرض فساداً في أزمنتنا المعاصرة ، يريدون أن يحرروا الإنسان من أحكام الشريعة بكل ما أوتوا من نفوذ وقوة ، يصولون ويجولون بغية إحداث فهوم جديدة لنصوص الكتاب والسنة ، توافق أفكارهم ، وأفكار أسيادهم الغربيين ، يُجمعون من خلال ذلك -بطريقة ماكرة- ضرب النص الشرعي ، أو تنحيته ؛ محكمين فيها عقولهم الفاسدة ، وآراءهم النتنة ؛ و :
– إِنَّ أَخْطَرَ ما يروجونه هذه الأيام لينفذوه -أو يغروا صاحب القرار ليقوم بتنفيذه- ما يسمى بـ: “تقنين الشريعة” ، يرومون صياغة أحكام الشريعة ؛ على طريقة الدساتير القانونية الوضعية ، يصوغون موادها مجردة من الأدلة الشرعية ، ليدخلوا فيها ما يهوون ؛ وهم كثيرًا ما يدندنون في منصاتهم الإعلامية -في هذا الوقت وقبله- حول ما يسمى بـ “الدولة المدنية” ، التي يبغونها تُحكم بالقانون الوضعي ، لا بالشريعة الإسلامية ،
– وَمِثْلُ ذَلِكَ صنيعتهم الكائدة الماكرة في التشكيك في المسلمات ؛ من خلال إحداث طرق جديدة في التفكير ، مما يسمى عندهم : “التفكير المنطقي ، أو الفلسفي الأرسطي” ، والذي يعتمد على : نقد كل شيء ، والشك في كل شيء .
ومن أقوالهم في ذلك :
يَقُوْلُ خَالِص جَلَبِي -في تعظيم العقل المخالف للشرع-: “المواطن العربي اليوم محاصر في مثلث من المحرمات ، بين الدين ، والسياسة ، والجنس ، كل ضلع فيه يمثل حاجزاً شاهقاً لا يستطيع أفضل حصان عربي رشيق أن يقفز فوقه ؛ إلا بالقفز إلى الإعدام ؛ فأمام حائط الدين يطل مفهوم الردة ، وأمام جدار السياسة يبرز مصطلح الخيانة ، وعند حافة الجنس تشع كل ألوان الحرام والعيب ؛ ولو كان البحث في معهد من طراز (كينسي) للبحث العلمي في أمريكا ؛ فالعقل مصادر ومؤمم ملغي حتى إشعار آخر ، فطائفة أعلنت الوصاية على العقل ، ورفعت شعار التخصص فيما يشبه الكهنوت ، ووضعت شروطاً للاجتهاد لن تجتمع إلا في كائن أسطوري فوق بشري … ، العقل النقدي حي ، والعقل النقلي ميت ؛ لأن الأول يعمل بكل الطاقة ، والثاني يحفز الذاكرة فلا يزيد عن علبة حديد مثل الكمبيوتر، إذا انكمش العضو ضمرت العضلات …”[1]،
وَيَقُوْلُ إِبْرَاهِيْمُ الْبِلِيْهِي -في عقيدة التشكيك ، ونقد المسلمات- : “إن التعليم من دون الفكر النقدي لا يكون مجدياً بالمستوى المتوقع ، بل ربما أحياناً يكون ضرره أكثر من نفعه ؛ لأنه يوسِّع دائرة المسلمات ويزكي الأوضاع ، ويرسِّخ السائد ، ويوهم الدارسين بامتلاك الحقيقة ، إنه يعوِّدهم على التلقي والقبول دون مساءلة ؛ فيبقون طول حياتهم تابعين قانعين منقادين ، وغير قادرين على التفكير المستقل ، فهم لم يعتادوا على التساؤل ، ولم يتدربوا على تحليل الآراء والمواقف والأحكام ومحاكمتها ، وإنما يصدِّقون كل ما يتلقونه من المعلمين ، أو من البيئة دون شك ؛ فالحرمان من الفكر النقدي المحرِّك يعني استمرار الوثوق الأعمى ، وهيمنة المسلَّمات ، وجمود الأفكار ، وديمومة الأوضاع ، وأما نتيجة ذلك فهي الحرمان من التطور الحضاري فالأصل في الثقافات أنها محكومة بقانون القصور الذاتي ولا يحررها من هذا الدوران العقيم سوى الفكر النقدي بكل أبعاده ، وبهذا يتضح أن تأسيس الفكر النقدي ، وإدراك أهمية الشك في المألوف ، واعتماد المراجعة ، وتكرار إعادة بناء المعرفة كان سبقاً عظيماً مدهشاً للثقافة اليونانية في القرن السادس قبل الميلاد ؛ لأنه يمثل طفرة ثقافية هائلة قفزت بها من مستوى ترديد الموروث ، وتقديسه ، والاستسلام له إلى مستوى وضع هذا الموروث موضع المساءلة والتمحيص …”[2].
وَيَقُوْلُ أَيضًا : “إن النقد للأفكار والرؤى ، والأوضاع والأعراف ، والتقاليد والمواضعات والمسلمات هو محرِّك الحضارة ، وهو صانع التقدم في كل مجالات الفكر والفعل ، وهو الشرارة التي فجرت طاقات الإنسان ، وصنعت له أمجاد الفكر والعلم ، ووفرت له أسباب الازدهار“[3]،
وَيَقُوْلُ أَيضًا -في تعظيم الفلسفة- : “فكل ما تعيشه البشرية من إنجازات هو من ثمار الفكر الفلسفي اليوناني بأطره النظرية ، وتفكيره الناقد ، وتطلعه الدائم إلى المزيج من المعارف الممحصة”[4].
وَيَقُوْلُ تُرْكِي الْحَمَدُ -في الحرية المطلقة- : الليبرالي الحق يحترم إنسانية الإنسان ، رجلا كان ، أو امرأة ، وفرديته وحريته … ، أما علاقته مع الأخرين فينظمها القانون فقط”[5]،
وَيَقُوْلُ -أَيضًا -في الحرية المطلقة ، ونقد المسلمات- : “ما هو الحل ؟ الحل عند صاحب القرار السياسي ، بفتح باب النقد ، بفتح باب الانتقاد ، بالليبرالية -أتكلم بصراحة- : أن يفعل كل شخص ما يحلو له دون الإضرار بالآخرين ، … ، المجتمع المفتوح هو الأساس ، وهو الحل”[6].
وَيَقُوْلُ مُشَارِيْ الذَّايْدِي -في تعظيم العقل المخالف الشرع-: “نحن مطلوب منا أن نمارس السياسة وفق مصالحنا ، وحيث ما كانت المصلحة كان دين الله ، هكذا أفهم الأمور هكذا أفهم الأمور”[7]،
وَيَقُوْلُ عَبْدُ اللهِ بْنِ بِجَادِ الْعُتَيْبِيُّ -في عقيدة الشك- : “إذا فلا بد كمنطلق لعملية التنوير والإصلاح أن يدخل الشك في آلية العقل العربي الإسلامي الحالي …”[8]،
وَيَقُوْلُ يُوْسُفُ أَبَا الْخِيْلِ -في نسبية الحقيقة- : “يتماهى الإنسان عادة -خصوصاً في عالمنا الإسلامي- مع رؤاه ، وعقائده ، وتكوينه المعرفي عن الكون ، والحياة ، والإنسان بصفتها قطعيات لا شك فيها ولا ريب ، ويظل هذا الإنسان الذي تبرمج على قطعية ما يؤمن به مغتبطاً بما توافر عليه من تلك الاستشرافات النظرية لما يؤمن به ويعتقده ، إلى درجة يظل معها محامياً صنديداً لها ، بل ومقاتلاً شرساً لأية رؤية تتعارض معها ، أو تؤدي إلى الشك فيها ، أو حتى تدعو إلى مراجعة نظامها المعرفي ، أو درجة ثبوت استدلالاتها ، يمثل غياب الفلسفة عن الثقافة بشكل عام وعن المناهج التعليمية بشكل خاص أحد أهم الأركان التي تتأسس عليها ثقافة القطع والحدية ، ومن ثم الميل الحدي -أيضاً- إلى تضليل ، وتفسيق ، وربما تكفير من يأتي برؤية مخالفة لما يمكن أن يكون الإنسان المتعايش مع تلك الثقافة قد تربى عليه ، وتَمَثَّلَ مخرجاته في سلوكه الحياتي بشكل عام ، …
لذا لا بد للإنسان -ولا يتأتى ذلك له للأسف غالباً إلا في العيش في جو ثقافي فلسفي- أن يشك ولو مرة واحدة ، وهذا الشك لا أعني به الشك المدمر ، أو الشك الدوغمائي بطبيعته ، أو الشك لمجرد الشك ، بل إنه شك يجد له جذوراً من داخل المنظومة الإسلامية نفسها ، إذ نجد أباحامد الغزالي يقول وهو في أوج مرحلة من حياته الفلسفية : «من لم يشك لم ينظر، ومن لم ينظر لم يبصر ، ومن لم يبصر يبقى في العمى والضلال» ، كما كان يقول : «الشك أولى مراتب اليقين» ،
إنه شك يأتي بالذات من مراعاة نسبية الحقيقة على المستوى الاجتماعي ، والثقافي بوجه عام ، شك يعطي دفعاً للشاك أن لا يتحمس ، أو يتمعر وجهه ، أو تنتفخ أوداجه عندما يتعايش مع من يخالفه توجهاته ، إذ أن هذا الشك يتيح لذلك الإنسان الشاك استحضار تساؤلات من قبيـــل :
ولماذا لا تكون وجهة نظر فلان هي الصواب ؟
أو لماذا لا تكون تلك الرؤية أو ذلك التأويل ، أو التفسير ، أو التخريج لذلك الفرد أو الجماعة أو الفرقة تحمل على الأقل شيئاً من الصحة في باطنها ؟
ولماذا مثلاً لا تكون الرؤية التي أحملها أو تلك التي حُمِّلتها ليست قاطعة ، ويشوبها الشك وعدم اليقين ؟
في مثل ذلك الجو الثقافي المشبع والمربى على نسبية الحقيقة -النظرية على الأقل- لا يملك الإنسان إلا أن يكون متسامحاً مع غيره ؛ لأنه لا يحمل اليقين على قطعية ما تناهى إليه نظره ، وما برمجته عليه ثقافته طوال عمره”[9].
وَيَقُوْلُ مُحَمَّدٌ الْمَحْمُوْدُ -في عقيدة الشك ، وتعظيم الفلسفة- : اللاعنف ، والتعايش السلمي ، والقبول بالآخر المختلف -على تباين درجة اختلافه- وعدم الإذعان لنزوات العدوان ، والإنصاف من الأنا في جدليتها مع الآخر ، كلها ممارسات تأخذ -على المدى البعيد- في صياغة بعد إنساني ، يهيمن على عوالم الأنا ، بحيث ينقذها من توحشها ، ويمهد لإدخالها في نسق الحضارة المعاصرة ، طوعاً أو كرهاً ، وهذا البعد الإنساني ليس ممارسة تكتيكية ، نتيجة لظروف المرحلة التي تحاصر الأنا ، بل هو خيار استراتيجي ، تمليه ظروف التحول من اللاحضاري إلى الحضاري ، وهو تحول تنخرط فيه المجتمعات العربية ، على تباين فيما بينها في درجة الانخراط ، ومادام الرجوع إلى زمن التوحش مستحيلاً كما توحي بذلك قوانين الظاهرة الاجتماعية ، فإن هذا الخيار المتلائم مع الزمن المتحول إليه -وهو زمن أبدي ، لا يمكن النكوص عنه- يبقى خياراً استراتيجياً لا خيار لنا سواه .
إن هذا الخيار لا يمكن أن يتحقق ، ولا أن يمارس بواسطة عقل نصوصي مستكين إلى تأويله المحدود ، لأن تأويله -كما يرى- هو النص ذاته ، ومن ثم فهو الحقيقة المطلقة ، والغاية التي يجب الوقوف عندها ، ومن هنا فإن هذا العقل النصوصي -إن جاز أن يسمى عقلاً- طابعه طابع جمودي ، يأبى أن ينظر بين يديه ، أو من أمامه أو من وراء ظهره ، إنه غير قادر على الفعل ، لأنه غير قادر على التفكير ، …
لقد أدركت الإنسانية -في عالمها المتحضر- نتيجة الممارسة الفلسفية ذات العمق التاريخي ، أن القانون الثابت الذي لا يتغير ، هو القانون القائل : كل شيء يتغير … إن مما يجعل الحضور الفلسفي حضور ضرورة كون مجتمعاتنا تعاني من سلبيات تنشأ بصورة أو بأخرى في ظل غياب الممارسة الفلسفية ، …
والتغيير الذي تأخذ الفلسفة بزمامه ليس تغييراً في المظهر الثقافي فحسب ، بل هو -إضافة إلى ذلك- تغيير في العمق الوجداني ، وهو الأساس ، لذا فهو تغيير ذو طابع نوعي ، تغيير مشوب بالقلق ، يأبى الاستقرار على حال ، لأن الفلسفة قلق معرفي مستمر ، وبحث في غابة المجهول عن أسئلة الحيرة ، وهمسات اللايقين ، ومع الفلسفة يصبح هذا القلق المعرفي المتخم بالارتياب ، والحيرة ، والرافض للسكون والاستكانة قلقاً مشروعاً ، وإيجابياً في آن … والمعرفة إذ تقوم بهذا النقد الذاتي فإنما تنتشل نفسها من سيطرة أنساقها ؛ التي طال عليها الأمد ، وتصنع أنساقاً جديدة ، قادرة على أن تخرجها من الظلمات إلى النور ، كي تعيش زمنها ، لا قرونها الوسطى”[10].
وَيَقُوْلُ أَيْضًا -في تعظيم الفلسفة-: “الفلسفة بها هي فن صياغة النظرية ، ونقضها في الوقت نفسه ، وبما هي الفن المهموم بالسؤال والمساءلة ، فإنها هي القادرة على خلخلة البنى التقليدية ؛ التي تتحكم في وعي الأمة ، وواقعها ، غياب البحث الفلسفي هو أحد أسباب تراجع وعي الأمة ، ومن ثم تخلفها”[11]،
وَيَقُوْلُ أَيْضًا -في تعظيم العقل-: “إن المدنية المعاصرة -وهي صانعة الفرد وقيمه ، والضامنة لها- لم تكن إلا المولود الشرعي لعصر العقل (عصر التنوير) ، الذي منح الفرد وجوده عندما منحه حريته ، وبهذا لا مدنية بلا فردية ، ولا فردية بلا حرية ، ولا حرية بلا عقل ، فالعقل وحده هو الذي يمنح الإنسان وعيه المستقل ، ومن ثم إرادته التي يحقق بها تفرده ، ولكن لا سبيل إلى العقل إلا بهضم تراث العقل ، وتمثله ، أياً كانت هويته ، إن كان له من هوية غير الإنسانية”[12].
وَيَقُوْلُ أَيْضًا : “إن السلفية التقليدية المتغلغلة في أعماق وعينا الاجتماعي والثقافي تزعم أن (التوحيد) هو مرتكز خطابها ، وأنها – كخطاب أيديولوجي نشط- تسعى للقضاء على مظاهر التوثن ، أيا كانت تمظهراتها في المجتمع ، هذا الزعم يكاد -إبان محاولة موضعته في الواقع- يقارب درجة الهوس الأيديولوجي ، أو يتم من خلاله ممارسة سلوك النفي (المفاصلة) للآخر الإسلامي في الداخل والخارج ، تحت وعاء التمذهب والافتراق”[13].
(2)
وَبَعْدَ هَذِهِ النُّقُوْلِ الْكَثِيْرَةِ من هذه الفئة الليبرالية التنويرية أردت من خلالها أبين مدى التشابه الكبير فيما قالوه وما قالته الفرق المنحرفة قبلهم ، من المعتزلة وأفراخهم الأشاعرة ، لأصل إلى نتيجة مهمة أن الجميع تأثر بالفكر الأرسطي اليوناني ، وبعدوا عن الشريعة الحنيفية السمحة ، ومع الأسف الشديد تأثر ببعض هذه الأفكار ثلة من مؤلفي المناهج لمقرر : “التفكير الناقد”، فـ:
– وَقَعُوْا في تعظيم العقل حتى أصبح هو المقرر لهم قوانينهم ، ودساتيرهم الجديدة ، وتعليمهم ، فقد جعلوا القانون المسطور بعقلية شخص -أو أشخاص- هو القانون المطرد الذي يجب اتباعه ، وسقط من قاموسهم المصطلحات الشرعية ، أو الفهوم الشرعية لعلماء الشريعة الأثبات ،
مِنْ مِثْلِ : القانون المحدث الجديد المسمى ، بـ”الذوق العام” ، محددين الأشياء التي تدخل في الذوق العام ، والأشياء التي هي مناقضة له ؛ عقلاً ، وعادة ، وعرفًا ، جعلوا القانون هو الحاكم فقط ، واستبعدوا الأدلة الشرعية ،
وَمِنْ مِثْلِ : “تجريم خطاب الكراهية” ، ولم يضبطوه بضابط الشرع المطهر ، فكراهية اليهود والنصارى -ونحوهم- وبغضهم من صميم ديننا وعقيدتنا !!
وَمِنْ مِثْلِ : الإشارة إلى : “منع التمييز بين الجنسين -الرجال ، والنساء-” ، والتمييز بينهما في ديننا الحنيف شريعة ربانية ، والأمثلة في هذا أكثر من أن تحصر ،
ومن أقوالهم في ذلك : إطلاقات مريبة ، اكتنفها مقررهم المسمى بـ : “التفكير الناقد” :
يَقُوْلُ مُؤَلِّفُوْ مُقَرَّرِ التَّفْكِيْرِ النَّاقِدِ -ناقلين مقرين- : “حرية التفكير متاحة للجميع ، تحت عباءة القانون والنظام ، بالتالي هما -أي القانون ، والنظام- مَن يحددان مساحة الحرية المتاحة في الطرح … وليس الآراء الشخصية ، والانطباعات الذاتية”[14]،
وَيَقُوْلُوْنَ أَيْضًا -ناقلين مقرين- : “التفكير بعناية مشروع لا يكتمل أبدًا ، إنه قصة نبحث عن نهاية لا وجود لها ، الأسئلة النقدية تؤمن مثيرًا وموجها للتفكير الناقد ، إنها تمضي بنا قدمًا نحو بحث مستمر ومتواصل عن آراء ، أو قرارات ، أو أحكام … ، إن اليقين المطلق ليس غاية التفكير الناقد ، إنما غايته اتخاذ أفضل قرارات ممكنة في ظل الظروف الراهنة”[15]،
وَيَقُوْلُوْنَ -أَيْضًا- : “نجاح جيل اليوم لا يتمثل فيما يحفظ ، ويستوعب من المعارف الدراسية فقط ، بل في تعلمه المهارات التي تمكنه من أن يتأمل ، ويفحص ، وينقد أية قضية ، أو يفكر في أية مشكلة تفكيرًا موضوعيًا ، وأن يقترح حلولًا مبتكرة للمشكلات التي تواجه عمليًا ، وعلى صعيد الحياة العامة”[16]،
وَيَقُوْلُوْنَ -أَيْضًا– : “من صفات المفكر الناقد : عدم الجزم والقطع بصحة نتيجة توصل إليــــها ، وترك مساحة من التواضع العلمي لقبول أي نتيجة أخرى تثبت أفضليتها لحل المشكلة ، أو فهم المسألة…”[17].
– وَوَقَعُوْا -أيضاً- في تعليم الطلاب طريقة التفكير المنطقي على طريقة العقلانيين الفلاسفة ، والتي حَذِرَهَا وَحَذَّرَ منها علماء الشريعة الربانيون ،
وانظر مثالاً على ذلك :
الْبَابَ السَّادِسَ ، من مقرر : “التفكير الناقد” ، بعنوان : “التفكير المنطقي ، وأهميته”[18]،
الْبَابَ السَّابِعَ ، من المقرر السابق ، بعنوان : “القضايا المنطقية ، وأنواعها”[19]،
وفي الحلقة التالية -إن شاء الله- سوف أنقل مجموعة نقول من علماء الشريعة الأبرار تبين :
ضَرَرَ تقديس العقل على الفرد والمجتمتع ، وَالرَّدَّ على الطريقة التشكيكية في التفكير ،
وَكَذَلِكَ نقولاً أخرى تبين خطورة الطريقة الفلسفية المنطقية الأرسطية في التعليم ، والله المعين .