عِبَرٌ وَتَأَمُّلَاتٌ … فِيْ الْحَوَادِثِ الْوَاقِعَاتِ ، وَالْفِتَنِ النَّازِلَاتِ الَّتِيْ تُمْتَحَنُ بِهَا أُمَّةُ الْإِسْلَامِ فِيْ كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ .
تَعْلِيْقٌ عَلَى أَحْدَاثٍ مُؤْلِمَةٍ ، وَأُخْرَى مُفْرِحَةٍ ، فِيْهَا وَبِهَا : نُبْشِّرُ ، وَنُحَذِّرُ ، وَنُثَبِّتُ ، وَنُصَبِّرُ …
الحلقة (58)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ ، مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأَمِيْنِ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحَابَتِهِ أَجْمَعِيْنَ … أَمَّا بَعْدُ :
فَتْوَى اللَّجْنَةِ الدَّائِمَةِ لِلْإِفْتَاءِ فِيْ حُكْمِ إِقَامَةِ الْمَهْرَجَانَاتِ الْغِنَائِيَّةِ .
[رقم الفتوى : (20856) ، صادرة في : (15/ 3/1420ه)]
سُئِلَتِ اللَّجْنَةُ الدَّائِمَةُ لِلْبُحُوْثِ الْعِلْمِيَّةِ وَالْإِفْتَاءِ عَنْ :
حُكْمِ إِقَامَةِ الْمَهْرَجَانَاتِ وَالْحَفَلَاتِ الَّتِيْ تَتَضَمَّنُ اللَّهْوَ ، وَالْغِنَاءَ ، وَالطَّرَبَ ، وَدَعْوَةَ الْمُغَنِّيْنَ ، وَالْمُغَنِّيَاتِ ، وَالشُّعَرَاءِ ، وَالْمُمَثِّلِيْنَ ، وَإِنْفَاقَ الْأَمْوَالِ الطَّائِلَةِ فِيْ ذَلِكَ ، وَإِلْهَاءَ النَّاسِ عَمَّا يَنْفَعُهُمْ فِيْ دِيْنِهِمْ ، وَدُنْيَاهُمْ ، وَعَنْ حُكْمِ حُضُوْرِ هَذِهِ الْاِحْتِفَالَاتِ ، وَالْمَهْرَجَانَاتِ ، وَمُشَاهَدَتِهَا ؟
وَبَعْدَ دِرَاسَةِ اللَّجْنَةِ لِلْاِسْتِفْتَاءِ أَجَابَتْ بِأَنَّهُ :
يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِ إِقَامَةُ حَفَلَاتٍ ، أَوْ مَهْرَجَانَاتٍ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى أُمُوْرٍ مُنْكَرَةٍ ؛ كَالْغِنَاءِ ، وَالْمُوْسِيْقَى ، وَاخْتِلَاطِ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ ، وَإِحْضَارِ السَّحَرَةِ وَالْمُشَعْوِذِيْنَ ؛ لِلْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ الْكَثِيْرَةِ الدَّالَّةِ عَلَى تَحْرِيْمِ هَذِهِ الْأُمُوْرِ ، وَأَنَّهَا مِنْ أَسْبَابِ الْوُقُوْعِ فِيْمَا حَرَّمَ اللهُ مِنَ الْفَوَاحِشِ وَالْفُجُوْرِ ، وَقَدْ تَوَعَّدَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ أَحَبَّ شُيُوْعَ الْفَاحِشَةِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِيْنَ ، وَدَعَا إِلَى ذَلِكَ وَأَعَانَ عَلَيْهِ بِالْعَذَابِ الْأَلِيْمِ ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ : {إِنَّ الَّذِيْنَ يُحِبُّوْنَ أَنْ تَشِيْعَ الْفَاحِشَةَ فِي الَّذِيْنَ آمَنُوْا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيْمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ}[النور:19]،
وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ إِقَامَةَ هَذِهِ الْحَفَلَاتِ وَالْمَهْرَجَانَاتِ مُحَرَّمٌ فَحُضُوْرُهَا ، وَبَذْلُ الْأَمْوَالِ فِيْهَا ، وَتَشْجِيْعُهَا ، وَالدِّعَايَةُ لَهَا كُلُّ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ أَيْضًا ؛ لِأَنَّهُ مِنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ ، وَالْأَوْقَاتِ فِيْمَا لَا يُرْضِي اللهَ سُبْحَانَهُ ، وَمِنَ التَّعَاوُنِ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ، وَاللهُ تَعَالَى يَقُوْلُ : {وَتَعَاوَنُوْا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوْا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوْا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيْدُ الْعِقَابِ}[المائدة:2] ، وَفِيْ الْحَدِيْثِ الْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ أَنَّ النَّبِيَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْهَى عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ[1].
وَبِاللهِ التَّوْفِيْقُ ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ .