القائمة إغلاق

 فَلَاسِفَةٌ جُدُدٌ فِيْ جَامِعَاتِنَا … وَالدُّكْتُوْرُ هَانِي الْمِلْحِمُ أُنْمُوْذَجًا .

مَنَاقَشَةٌ لِلدُّكْتُوْرِ الْمَذْكُوْرِ فِيْ بَعْضِ فَلْسَفِيَّاتِهِ الْمَبْثُوْثَةِ عَلَى فَضَاءَاتِ تُوِيْتَر ، مَعَ ذِكْرِ بَعْضِ مَا جَاهَرَ بِهِ مِنْ مُخَالَفَاتٍ عَقَدِيَّةٍ ؛ كَاسْتِغَاثَتِهِ بِالرَّسُوْلِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ نَخْتِمُهُ بِنَصَائِحَ وَتَوْجِيْهَاتٍ وَإِرْشَادَاتٍ مُهِمَّةٍ .

نسخة رقمية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين … أما بعد :

(مقدمة)

الدكتور هاني الملحم -أصلحه الله- أستاذ في جامعة الملك فيصل بالأحساء ، متخصص في الفلسفة ، ومقارنة الأديان ، ويرأس حاليًا قسم العقيدة فيها ، ولقد اطلعت على مجموعة من تغريداته ، وبعض مقالاته في الصحف ، واستمعت إلى بعض لقاءاته في الإعلام ، فخرجت منها -موقنًا- بأن الرجل يحمل فكرًا خطيرًا ؛ فهو داعية من دعاة اعتناق المذهب الفلسفي الجدد ، له نظريات وأفكار فلسفية ينادي بها ،

والدكتور -أيضًا- شاعر ، له مشاركات شعرية عديدة ، لكنه -ويا للأسف- استخدم بعض شعره في الاستغاثات الشركية بالنبي صلى الله عليه وسلم .

وفي هذا المقال سوف أعرض -إن شاء الله- مثالاً لبعض أطروحاته ، وفلسفياته ، وذكرًا لبعض أخطائه ؛ نصحًا له ، ولمن سار على دربه من أمثاله ، وخوفًا على أولادنا وطلابنا من  أن يصيبهم شيءٌ من سقيم أفكاره ، أسأل الله الهداية له ، ولكل من تأثر بأقواله ؛

فأقول بدءًا :

سأجعل المقال من قسمين :

الْقِسْمُ الْأَوَّلُ : فِيْ ذِكْرِ أَخْطَائِهِ الْعِلْمِيَّةِ وَالْعَقَدِيَّةِ ،

وَالْقِسْمُ الثَّانِي : فِيْ نَصَائِحَ وَتَوْجِيْهَاتٍ مُقَدَّمَةٍ لَهُ ، ثُمَّ لِمُتَابِعِيِهِ وَقُرَّائِهِ وَطُلَّابِهِ ، ثُمَّ لِلْجَامِعَةِ الْمُنْتَسِبِ إِلَيْهَا .

فلنبدأ الآن ، بـ:

الْقِسْمُ الْأَوَّلُ : أَخْطَاؤُهُ الْعِلْمِيَّةُ ، وَالْعَقَدِيَّةُ .

يمكن إجمال أخطاء الدكتور العلمية والعقدية -في حدود ما اطلعت عليه- في أمرين اثنين :

الدكتور معجب ومنبهر بالفكر الفلسفي ، وعلوم الفلاسفة ، ومن أفكاره ومعتقداته الفلسفية الخطيرة : الزعم بأن التأصيل للتفكير الفلسفي الصحيح يبدأ بالشك في المسلَّمات ، لذا صار مشروعه الذي يتبناه فكريًّا على منصاته الإعلامية ، مشروع التسامح مع الآخر ،

1)    ومن أخطائه العقدية الخطيرة : الغلو في النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن ذلك الاستغاثة به صلى الله عليه وسلم في بعض منسوجاته الشعرية .

ولنأخذها بالتفصيل :

(1)

الدُّكْتُوْرُ مُعْجَبٌ وَمُنْبَهِرٌ بِالْفِكْرِ الْفَلْسَفِيِّ ، وَعُلُوْمِ الْفَلَاسِفَةِ ، وَمِنْ أَفْكَارِهِ وَمُعْتَقَدَاتِهِ الْفَلْسَفِيَّةِ الْخَطِيْرَةِ : “الزَّعْمُ بِأَنَّ التَّأْصِيْلَ لِلتَّفْكِيْرِ الْفَلْسَفِيِّ الصَّحِيْحِ يَبْدَأُ بِالشَّكِّ فِيْ الْمُسَلَّمَاتِ” ، لِذَا صَارَ مَشْرُوْعُهُ الَّذِيْ يَتَبَنَّاهُ فِكْرِيًّا عَلَى مَنَصَّاتِهِ الْإِعْلَامِيَّةِ ، مَشْرُوْعُ : “التَّسَامُحِ مَعِ الْآخَرِ” ،

      أما انبهاره بالفكر الفلسفي فهو بين في ما يدونه في حسابه في تويتر ، والواضح لا يحتاج إلى توضيح ، وسأورد -هنا- عينة واحدة من أقواله الغالية في تمجيد هذا الفكر لنناقشه فيها ، وسنوقفه -فيما بعد- على مكمن الخلل في معتقداته الفلسفية :

يَقُوْلُ -هَدَاهُ اللهُ- : “يعد ميلاد الفلسفة الحديثة كتيار فكري جعلها الله ضامنًا للحقيقة مع «ديكارت» ، وحددت مجالات العقل النظري والعملي ، ووضعت مجالًا للإيمان ، والجمع بين العلم والإيمان والمعرفة مع «كانط» ، هذا الميلاد منح الإنسان القدرة على تفسير العالم ، وبداية إصلاح ، ومنه نعرف نهضة أوربا الحديثة”[1].

      ومن أقبح ما تبناه الدكتور من أفكار فلسفية باطلة للبحث عن الحقيقة المزعومة هو اقتناعه ودعوته إلى مذهب المعتزلة الشكاكة ، الذين يرون أن الطريق والوصول إلى الحقيقة إنما يأتي بالشك -والعياذ بالله- ، فقد دندن على هذه القضية في غير ما تغريدة ، وكلها تجتمع على تقديس العقل ، وتقديمه على النقل ، كما هو حال الفلاسفة المتقدمين والمتأخرين ، وكما هو منهج المتكلمين من أصحاب الفرق المنحرفة عن منهج أهل السنة ، كالمعتزلة والأشاعرة ،

      يَقُوُلُ -هَدَاهُ اللهُ- في إحدى تغريداته : “لا يبدأ التفكير الفلسفي إلا بالأسئلة والشك في المسلَّمات ، والتي تتوالد من أجوبتها باستمرار أسئلة جديدة ، فكل حضارة صنعتها البشرية توالدت من رحم الأسئلة ؛ كونها المفتاح لفتح الآفاق والتحرر من التعصب”[2]،

      وَيَقُوْلُ -أيضًا- في تغريدة أخرى له : “جاء الوقت ليتعرف العقل على فلسفة الشك المنهجي عند الغزالي : «الشكوك هي الموصلة للحق ؛ فمن لم ينظر لم يبصر ، ومن لم يبصر بقي في العمى» ، كونها منهج لفحص المعارف ، وتمييز الصواب من الخطأ ، تعلم تقول : «لا» ؛ لتبدأ تفكيراً ناقدًا ، ولتكشف أبعاداً معرفية أخرى ؛ لذا الفلسفة درس في الحرية”[3].

      وقد أنتج الدكتور -أصلحه الله- بعد اعتناقه المنهج الفلسفي السابق ذكره مشروعًا أسماه : “التسامح مع الآخر” ؛ لأن الذي يشك لا تكون عنده الحقيقة إلا نسبية ، فعليه لا بد -عند من يدعو بمثل هذه الدعوات- الاعتراف بما عليه الآخر من معتقدات ،

      يَقُوُلُ -هَدَاهُ اللهُ- : “قوة ومبدأ التسامح فلسفة سياسية تقتضي اعترافاً بالآخر وحقوقه ؛ إذ الجهل بهذا المبدأ يعود للمنظومة العقائدية المغلقة ، التي حولت الدين لعقيدة بعدما كان إيمانًا ، وعقلاً ، وعلمًا ، وصنعت عقلاً أصولياً منغلقًا ، والنتيجة تقوقع حول فكرة الطوطمية ، التي تلغي العقل مقابل الطاعة”[4]،

      وَيَقُوْلُ -أيضًا- : “… ولعل من مشكلتنا الكبرى التي تفرِّق بين المسلمين اليوم هي المشكلة المقترنة بالتعصب ، والانغلاق ، وما خلفته من صراع متعدد الوجوه بين طوائف المسلمين من جهة ، وبين علاقتنا مع الآخر من جهة أخرى ، منحرفين بذلك عن جادة المصطلحات المستخدمة في منهج الإسلام ، … ، لذا نجد أن القرآن الكريم لم يناد بمصطلح : “عقيدة” ، ولم يستعمل الكلمة ، لكن المسلمين الذين أسسوا العقائد ، وأوقعوا أنفسهم وغيرهم في حروب لم تتوقف إلى الآن ، أضافوا إلى كتاب الله ما لم يشر إليه ، وكأن المسلمين أعلم من الله في تقرير معاني الإسلام وحقيقتها ، … ، وصار بعض هؤلاء العقديين حاملين للعلم الإلهي يصنفون الناس كفرًا ، وإيمانًا حسب أفكارهم التي صاغوها ، وعقدوا العزم على يقينيتها ، … ، وأمام هذا الواقع الداكن المنغلق لا حل لنا إلا بالعودة إلى ما اختاره الله لنا ، والتوقف عند مصطلح : “إسلام ، إيمان ، إحسان” ، فالقرآن الكريم خاطب الذي يعقلون ، وليس الذين يعتقدون وينغلقون  …”[5]،

التعليق :

الدٌّكْتُوْرُ كما هو الواضح من ظاهر من أقواله أنه يرجع الفضل في طرق معرفة الحقيقة وضمانها إلى الفيلسوف الفرنسي : “ديكارت” ، وأن النهضة ، وإصلاح العالم ، والجمع بين العلم ، والإيمان ، والمعرفة كانت بسبب  العالم الألماني”كانط” …

وَأَعْجَبُ -وَاللهِ- كيف تجرأ الدكتور على أن يتفوه بما تفوه به ، أو يسطر ما سطره هنا ، وكأننا -أمة الإسلام- ليس لنا دين خاتم نعتز ونفخر به ، وكأننا أمة جاهلة منزوية في الأدغال لا قرآن لها محكم وسنة مطهرة تحتكم إليهما ، وكأننا منقطعين عن أصولنا الشرعية والعلمية المحكمة التي نرجع إليها ، وكأن بلادنا خلو من العلماء الأثبات ، أهل العلم والذكر والإيمان ؛ الذين أمر الله بالرجوع إليهم في المسائل النازلة ،

الدٌّكْتُوْرُ بقوله هذا -وهو المتخصص في علوم الشريعة- يعزز الانهزامية الموجودة في كثير من النفوس التي خدعت ببريق الغرب ، وانبهرت بحضارته الزائفة ، وهو يوحي إلى طلابه وقرائه أن المجد كل المجد حاصل لمن تتبع علوم الفلاسفة ، وأن المرء يبقى متحيرًا ضائعًا إذا لم يهتد للمناهج والقواعد الفلسفية المنادى بها ، نسأل الله العفو والعافية ،

أَيُّهَا الدُّكْتُوْرُ :

الحقيقة وطرق الوصول إليها مقررة موجود في شرعنا المحكم ، المنزل من عند ربنا بالوحي ، وقد علمه الصحابة والتابعون وتابعوهم من بعدهم ، وسار عليه العلماء الأجلاء موقنين به ، دونوه وسطروه ونشروه للعالم ، وصار لهم دينًا ، ومنهج حياة يسيرون به إلى الله والدار الآخرة ، والحمد والفضل لله وحده ،  فنحن أمة الإسلام أمة لها مجدها وتاريخها التليد ، لا نحتاج إلى علوم غربية ولا شرقية ، لا “ديكارت” ، ولا “كانط” ، ولا الحكيم الصيني”كنفوشيوس” ،

أَيُّهَا الدُّكْتُوْرُ :

الحق -لمن صفى نيته ، واتقى ربه تعالى- موجود في شرعنا المطهر ، فما على مبتغيه إلا التسليم والإذعان ، والاعتزاز بدين الإسلام ، والاعتقاد بأنه حق وما سواه منسوخ واضح البطلان ،  فالحق في الإسلام فقط ، وهو فيه واحد لا يتعدد ؛ لقول الله تعالى : {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُون}[يونس:32] ، وأن هذا الحق مجموع في الطائفة المنصورة ؛ التي قال فيها الرسول صلى الله عليه وسلم : لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ[6]،

أَيُّهَا الدُّكْتُوْرُ :

اليقين أصل في دين الإسلام ، فلا إسلام لمن لا يقين له ، “وهو من الإيمان بمنزلة الروح من الجسد ، وبه تفاضل العارفون ، وفيه تنافس المتنافسون ، وإليه شمر العاملون … ، وخص أهل اليقين بالهدى والفلاح من بين العاملين ، فقال : {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ}[البقرة:4-5] ، وأخبر عن أهل النار بأنهم لم يكونوا من أهل اليقين ، فقال تعالى : {وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ} [الجاثية: 32] ، فاليقين روح أعمال القلوب ؛ التي هي روح أعمال الجوارح ، وهو حقيقة الصدِّيقيَّة”[7]، لذا من أشكل عليه شيء في شيء من دين الإسلام فلا يعمل عقله بما لا فائدة منه مرجوة بل عليه أن يهرع -بعد سؤال الله ودعائه والتضرع بين يديه- إلى العلماء الأثبات فسيجاوبوه -إن شاء الله- فيما أشكل عليه ، فإن فعل فسيجد الحقيقة جلية ناصعة بين ناظريه ، وستحل السكينة والطمأنينة واليقين بين جنبيه .

هَذِهِ هِيَ أَيُّهَا الدُّكْتُوْرُ -باختصار ، وبدون تعقيد- : الوصفة الحقيقية لمن أراد الوصول إلى الحق والحقيقة في كل ما يُشكل ، إن في مجالات العقل النظري والعملي ، أو في طريقة الجمع بين العلم والإيمان والمعرفة ، أو في إشكالات التعايش والتسامح الذي تنادي بها ولها ، أو في سبل الإصلاح المختلفة ، أو في غيرها ،

وَسَأُوْرِدُ -هُنَا- نُقُوْلًا عِدَةً تُبَيِّنُ الْخَلَلَ الْعَظِيْمَ الَّذِيْ وَقَعَ فِيْهِ الدُّكْتُوْرُ -أَصْلَحَهُ اللهُ- :

أَمَّا عَنْ عَلُوْمِ الْفَلَاسِفَةِ ، فـ:

يَقُوْلُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ اِبْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ : “ومن المعلوم أن المعظمين للفلسفة والكلام المعتقدين لمضمونهما هم أبعد عن معرفة الحديث ، وأبعد عن اتباعه من هؤلاء ، هذا أمر محسوس بل إذا كشفت أحوالهم وجدتهم من أجهل الناس بأقواله صلى الله عليه وسلم ، وأحواله ، وبواطن أموره وظواهرها ؛ حتى لتجد كثيرًا من العامة أعلم بذلك منهم ، ولتجدهم لا يميزون بين ما قاله الرسول وما لم يقله ، بل قد لا يفرقون بين حديث متواتر عنه وحديث مكذوب موضوع عليه ، وإنما يعتمدون في موافقته على ما يوافق قولهم ؛ سواء كان موضوعًا ، أو غير موضوع ؛ فيعدلون إلى أحاديث يعلم خاصة الرسول بالضرورة اليقينية أنها مكذوبة عليه عن أحاديث يعلم خاصته بالضرورة اليقينية أنها قوله وهم لا يعلمون مراده ، بل غالب هؤلاء لا يعلمون معاني القرآن فضلًا عن الحديث ، بل كثير منهم لا يحفظون القرآن أصلًا ، فمن لا يحفظ القرآن ، ولا يعرف معانيه، ولا يعرف الحديث ، ولا معانيه من أين يكون عارفًا بالحقائق المأخوذة عن الرسول ، وإذا تدبر العاقل وجد الطوائف كلها كلما كانت الطائفة إلى الله ورسوله أقرب كانت بالقرآن والحديث أعرف وأعظم عناية ، وإذا كانت عن الله وعن رسوله أبعد كانت عنهما أنأى”[8]،

ويقول -أيضًا- رَحِمَهُ اللهُ -بعد إيراه قوله قال سبحانه وتعالى : {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُون * وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُون”[الأنعام:112-113] – :

“فأخبر أن جميع الأنبياء لهم أعداء وهم شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض القول المزخرف ، وهو المزين المحسن يغررون به ، والغرور : هو التلبيس والتمويه ، وهذا شأن كل كلام وكل عمل يخالف ما جاءت به الرسل من أمر المتفلسفة والمتكلمة وغيرهم من الأولين والآخرين ، ثم قال : {وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ} ، فأخبر أن كلام أعداء الرسل تصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة ، فعلم أن مخالفة الرسل ، وترك الإيمان بالآخرة متلازمان ؛ فمن لم يؤمن بالآخرة أصغى إلى زخرف أعدائهم ، فخالف الرسل كما هو موجود في أصناف الكفار والمنافقين في هذه الأمة”[9].

وَيَقُوْلُ -أَيْضًا- رَحِمَهُ اللهُ :  “فكل من استقرأ أحوال العالم وجد المسلمين أحدُّ ، وأسد عقلاً ، وأنهم ينالون في المدة اليسيرة من حقائق العلوم ، والأعمال أضعاف ما يناله غيرهم في قرون وأجيال ، وكذلك أهل السنة والحديث تجدهم كذلك ممتعين ؛ وذلك لأن اعتقاد الحق الثابت يقوي الإدراك ويصححه ، قال تعالى : {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى}[محمد:17] ، وقال :        {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً * وَإِذاً لآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً * وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً}[النساء:39] ، وهذا يعلم تارة بموارد النزاع بينهم وبين غيرهم ؛ فلا تجد مسألة خولفوا فيها إلا وقد تبين أن الحق معهم ، وتارة بإقرار مخالفيهم ورجوعهم إليهم دون رجوعهم إلى غيرهم ، أو بشهادتهم على مخالفيهم بالضلال والجهل ، وتارة بشهادة المؤمنين الذين هم شهداء الله في الأرض ، وتارة بأن كل طائفة تعتصم بهم فيما خالفت فيه الأخرى ، وتشهد بالضلال على كل من خالفها أعظم مما تشهد به عليهم”[10]،

وَيَقُوْلُ -أَيْضًا- رَحِمَهُ اللهُ : “ فإن الله قد أرسل رسله بالحق ، وخلق عباده على الفطرة ، فمن كمل فطرته بما أرسل الله به رسله ، وجد الهدى واليقين الذي لا ريب فيه ، ولم يتناقض ، لكن هؤلاء أفسدوا فطرتهم العقلية وشرعتهم السمعية ، بما حصل لهم من الشبهات والاختلاف الذي لم يهتدوا معه إلى الحق”[11]،

وَيَقُوْلُ -أَيْضًا- رَحِمَهُ اللهُ : ” كل من أمعن في معرفة هذه الكلاميات والفلسفيات التي تعارض بها النصوص من غير معرفة تامة بالنصوص ، ولوازمها ، وكمال المعرفة بما فيها ، وبالأقوال التي تنافيها فإنه لا يصل إلي يقين يطمئن إليه ، وإنما تفيده الشك والحيرة ، بل هؤلاء الفضلاء الحذاق الذي يدعون أن النصوص عارضها من معقولاتهم ما يجب تقديمه تجدهم حيارى في أصول مسائل الإلهيات ، حتى مسألة وجود الرب تعالى وحقيقته حاروا فيها حيرة أوجبت أن يتناقض هذا ؛ كتناقض الرازي ، وأن يتوقف هذا ؛ كتوقف الآمدي ، ويذكرون عدة أقوال يزعمون أن الحق ينحصر فيها ، وهي كلها باطلة”[12].

وَيَقُوْلُ اِبْن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ : “ فالحاجة إلى الرسل ضرورية بل هي فوق كل حاجة ، فليس العالم إلى شيء أحوج منهم إلى المرسلين صلوات الله عليهم أجمعين ، ولهذا يذكر سبحانه عباده نعمه عليهم برسوله ، ويعد ذلك عليهم من أعظم المنن منه لشدة حاجتهم إليه ، ولتوقف مصالحهم الجزئية والكلية عليه ، وأنه لاسعادة لهم ، ولا فلاح ، ولا قيام إلا بالرسل ؛ فإذا كان العقل قد أدرك حسن بعض الأفعال وقبحها ؛ فمن أين له معرفة الله تعالى بأسمائه وصفاته ، والآية التي تعرَّف بها الله إلى عباده على ألسنة رسله ، ومن أين له معرفة تفاصيل شرعه ودينه الذي شرعه لعباده ، ومن أين له تفاصيل مواقع محبته ورضاه وسخطه … وقد ظهر بهذا القصور الفلاسفة في معرفة النبوات ، وأنهم لا علم عندهم بها إلا كعلم عوام الناس بما عندهم من العقليات … ، فلولا النبوات لم يكن في العالم علم نافع البتة ، ولا عمل صالح ، ولا صلاح في معيشته ، ولا قوام لمملكة ، ولكان الناس بمنزلة البهائم والسباع العادية ، والكلاب الضارية التي يعدو بعضها على بعض ، وكل دين في العالم فمن آثار النبوة ، وكل شيء وقع في العالم أو سيقع فبسبب خفاء آثار النبوة ودروسها ؛ فالعالم حينئذ روحه النبوة ، ولا قيام للجسد بدون روحه ، ولهذا إذا تم انكساف شمس النبوة من العالم ، ولم يبق في الأرض شيء من  أثارها البتة انشقت سماؤه ، وانتثرت كواكبه، وكورت شمسه ، وخسفت قمره ، ونسفت جبال ، وزلزلت أرضه ، وأهلك من عليها ؛ فلا قيام للعالم إلا بأثار النبوة ، ولهذا كان كل موضع ظهرت فيه آثار النبوة فأهله أحسن حالًا ، وأصلح بالًا من الموضع الذي يخفى فيه آثارها ، وبالجملة فحاجة العالم إلى النبوة أعظم من حاجتهم إلى نور الشمس ، وأعظم من حاجتهم إلى الماء والهواء الذي لا حياة لهم بدونه”[13].

 

وَأَمَّا عَنْ مَنْهَجِيِّةِ الشَّكِّ بُغْيَةَ الْوُصُوْلِ إِلَى الْحَقِيْقَةِ ، فهو منهج يجتمع عليه أهل الضلال بشتى مشاربهم ، وتوجهاتهم ؛ بدءًا بالفلاسفة الأوائل ، ثم المتأخرين ، ومرورًا بالفرق الضالة المنتسبة إلى الإسلام ؛ كالمعتزلة وأفراخهم الأشاعرة ، وانتهاء بالليبراليين الحداثيين ، وسأعرض نقولاً كثيرة لأبين للقارئ من أين استقى الدكتور هاني منهجه وعقيدته الفلسفية التي ينادي بها الآن ، 

يَقُوْلُ دِيَكَارَتْ : “الشك خطوة ضرورية لا بد من اتخاذها ، فخبرتي بالخطأ وتعرضي له منذ عهد بعيد ، واحتمال تجدده بفعل تلك الأحكام التي خضعت لها ، ولم أتبين صحتها ، سواء كانت أحكاماً فرضها الغير من معلمين أو مرشدين ، أو من وكّل إليهم أمري ، أم أحكاماً فرضها عليّ الحس أو الخيال-وتعرضها للخطأ معروف- إن كل هذا يدعوني إلى الشك”[14].

وَيَقُوْلُ أَيْضًا : “إن هناك ثمة أحكاماً كثيرة تسرعنا في إصدارها على الأشياء ربما تحول دون بلوغنا الحق ، وعلقت بعقولنا قبل التيقن منها ، حتى أنه لم يعد هناك أمل في التخلص منها إلا إذا شرعنا مرة أخرى في حياتنا إلى وضع جميع الأشياء التي قد تنطوي على أقل قسط من الريبة موضع الشك”[15]،

وَيَقُوْلُ كَانْط : “كل معرفتنا تبدأ من الحواس ، ثم تعود إلى الفهم ، وتنتهي بالعقل ، لا يوجد شيء أعلى من العقل”[16].

وَيُقُوْلُ أَبُوْ الْهُذَيْلِ النَّظَّامُ : “خمسون شكًّ خير من يقين واحد”[17]. 

وَيَقُوْلُ الْجَاحِظُ : “والعوامُّ أقلُّ شكوكاً من الخواص ؛ لأنَّهم لا يتوقَّفون في التصديق والتكذيب ، ولا يرتابون بأنفسهم ، فليس عندهم إلا الإقدامُ على التَّصديق المجرد ، أو على التكذيب المجرد ، وألغوا الحال الثالثة من حال الشَّكِّ”[18].

وَيَقُوْلُ جُوْنْ مِلْ : “التسامح يمتنع معه الاعتقاد في حقيقة مطلقة”[19]،

وَيَقُوْلُ مُحَمَّدُ بْنُ جَابِرٍ الْأَنْصَارِيُّ : “يجب أن يكون واضحًا في غاية الوضوح أن المطلق مطلق ، ولكن الفهم البشري والتفسير البشري لأي جانب من جوانب المطلق هو فهم نسبي”[20].

وَيَقُوْلُ طَيِّبُ تَيْزِيْنِي : “ما بعد الحداثة هو عالم صيرورة كاملة ، كل الأمور فيه متغيرة ، ولذا لا يمكن أن يوجد فيه هدف أو غاية ، وقد حلت ما بعد الحداثة مشكلة غياب الهدف والغاية ، والمعنى بقبول التبعثر باعتباره أمرًا نهائيًا طبيعيًا ، وتعبيرًا عن التعددية والنسبية والانفتاح ، وقبلت التغير الكامل والدائم”[21]،

وَيَقُوْلُ تُرْكِي الْحَمَدُ : “لن تكون متقدمًا أو صاحب أمل في التقدم ؛ إذا قبلت الرأي على أنه حقيقة ، والحقيقة على أنها مطلقة وليست نسبية”[22].

وَيَقُوْلُ مُحَمَّدُ بْنُ عَابِدٍ الْأَنْصَارِيُّ : “إن اعتماد الشك في التفكير الفلسفي ، والأخذ بنسبية الحقيقة هو التسامح بعينه”[23]،

وَيَقُوْلُ شَاكِرُ النَّابُلْسِيُّ : “إن القيم في المجتمع المدني نسبية ، وهذه النسبية تجعل القيم متغيرة غير ثابتة ، لا احتكار للحقيقة في المجتمع المدني ، وعدم الاحتكار يقود المجتمع المدني إلى التسامح لا إلى التعصب ، وإلى الانفتاح لا إلى الانغلاق”[24][25].

كُلُّ هَذِهِ النُّقُوْلِ تبين منهجية الدكتور هاني في اعتناقه مذهب الشك المعرفي ، والذي يريد من خلاله الوصول إلى الحقيقة الغائبة لديه ، والتي يزعم أنها هي -فقط- التي تجمع المسلمين على الإخاء بلا شقاق ولا خلاف ، وهو ما رأى أن يفرضه في أطروحاته الفلسفية ، بما أسماه بمشروع التسامح ، والقول بـ”نسبية الحق” ، وهذا ولا شك مناقض للأصل الذي يجب أن يكون عليه المسلم الموحد ، وهو اليقين بأن الله حق ، والنبيين حق ، ومحمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم حق ، وأن الجنة لن يدخلها إلا نفس مؤمنة ، وأن الله بعث نبيه محمدًا إلى قومه -وللناس كافة- بدعوة التوحيد ليكون فرقًا ، يفرق أهل التوحيد من أهل الشرك والتنديد ، ولينقذهم بهذه الدعوة من الظلمات إلى النور ، بل استخدم كل الطرق لتحقيق ذلك ، ومنها -وهي آخرها- القتال ، كل هذا رحمة وشفقة بهم من أن يكون مصير المخالفين إلى النار ،

قَالَ تَعَالَى :  {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِير}[الأنفال:39]

وَقَالَ تَعَالَى :  {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلِيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِين}[التوبة:123]

وَقَالَ تَعَالَى : {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيم}[التوبة:5]

وَقَالَ تَعَالَى : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِير}[التوبة:73]

وَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى الله»[26].

فَيَا أَيُّهَا الدُّكْتُوْرُ :

إن القول بأن التسامح مع المخالفين بإطلاق كما هو مقرر مشروعك هو مناهضة منك لما جاءت النصوص بتقريره ، وهو الشريعة المحكمة التي أرسل الأنبياء من أجل تحقيقها ، وهي الدعوة إلى التوحيد ، وإبلاغ الناس أن من لم يؤمن مصيره النار خالدًا مخلدًا فيها ، وعلى ذلك بنيت عقيدة الولاء والبراء ، حب المؤمن وكراهية الكافر والمنافق ، فإن كانت الراية واضحة ، والإمامة قائمة ، وقُدِّرَ على بعث البعوث للجهاد في سبيل الله ، وإخضاع الناس وإدخالهم في دين الله كان هذا هو المتعين ، وإن لم يكن ثمة قدرة ، وتخلف شيء من شروط جهاد الطلب اكتُفي بالدعوة والتبليغ ، والله ناصر دينه ولو بعد حين .

وَإِنِّي أَسْأَلُ الدُّكْتُوْرَ -أَصْلَحَهُ اللهُ- :

أيهما لديك المتسامح بحق ، أهو الذي يعلم أن مصير الكفار إلى النار فيتركهم بلا دعوة ، أو الذي يدعوهم لينقذهم من النار التي ستصلاهم أبد الآبدين ؟

أجب لنفسك ، لتنجو بها من هلاك محدق ، عافانا الله وإياك .

أَمَّا قَوْلُ الدُّكْتُوْرُ هَدَاهُ اللهُ :

“القرآن الكريم لم يناد بمصطلح : “عقيدة” ، ولم يستعمل الكلمة ، لكن المسلمين الذين أسسوا العقائد ، وأوقعوا أنفسهم وغيرهم في حروب لم تتوقف إلى الآن ، أضافوا إلى كتاب الله ما لم يشر إليه ، وكأن المسلمين أعلم من الله في تقرير معاني الإسلام وحقيقتها ، … ، وصار بعض هؤلاء العقديين حاملين للعلم الإلهي يصنفون الناس كفرًا ، وإيمانًا حسب أفكارهم التي صاغوها ، وعقدوا العزم على يقينيتها ، … “،

فَقَوْلُهُ هَذَا قول من لم يتأمل ويتمعن في كتاب الله وسنة نبيه المطهرة حق التمعن ، ولم يعرف حقيقة دعوة الرسل ، ولم يعرف منهج الصحابة في التعامل مع المخالفين ؛ كالقدرية والخوارج الذين خرجوا في عصرهم ، ولم يعلم ويعرف كتب عقائد أهل السنة حقيقة ، بل أطلق كلامًا إنشائيًا مجازفاً به ، متهمًا به علماء السلف السابقين ، ضاربًا بشعيرة الولاء والبراء عرض الحائط ؛ ليحقق به معتقده الفلسفي ، نسأل الله له الهداية ،

فَيَا أَيُّهَا الدُّكْتُوْرُ :

“عقيدة الولاء والبراء” أصل في تحقيق كلمة التوحيد ، فـ : “لا إِله إلا الله” فيها ركنان اثنان ، هما : النفي والإثبات ؛ “لا إله” : نفي ، وهو البراء ، و”إلَّا الله” : إثبات ، وهو الولاء ، ويدل على ذلك :

قَوْلُهُ تَعَالَى : {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا   تَعْبُدُون * إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِين * وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُون}[الزخرف:26-28] .

قَوْلُهُ تَعَالَى : {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيم}[البقرة:265] .

قَوْلُهُ تَعَالَى : {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِير}[الحج:62] .

وَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِجَرِيْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : “أُبَايِعُكَ عَلَى : أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ ،  وَتُنَاصِحَ الْمُسْلِمِينَ ، وَتُفَارِقَ الْمُشْرِكِينَ”[27]،

قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ اِبْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ : “فإن تحقيق الشهادة بالتوحيد يقتضي أن لا يحب إلا لله ولا يبغض إلا لله ، ولا يوالي إلا لله ، ولا يعادي إلا لله وأن يحب ما يحبه الله ويبغض ما أبغضه ويأمر بما أمر الله به ، وينهى عما نهى الله عنه وأنك لا ترجو إلا الله ، ولا تخاف إلا الله ولا تسأل إلا الله ، وهذا ملة إبراهيم وهذا الإسلام الذي بعث الله به جميع المرسلين”[28].

وَيَا أَيُّهَا الدُّكْتُوْرُ :

أما لفظ : “عقيدة” فلا يخفى عليك أيها الدكتور  أن “الاصطلاحات لا مشاحة فيها إذا لم تتضمن مفسدة”[29]، “والألفاظ التي تستقر في اللغة استقراراً شاملاً مستفيضاً ، يكون من الجهل والتهور محاولة انتزاعها وإسقاطها من أقلام الكتاب ، ومن كتب العلماء قديماً وحديثاً”[30]، فإن لم تأت لفظ العقيدة فقد جاء بما هو بمعناها ؛ كلفظ الإيمان ، فكن على حذر فإنك على خطر .

وَيَا أَيُّهَا الدُّكْتُوْرُ :

أما التكفير فقد جاء أصله في الكتاب والسنة ، فنحن أهل السنة لا نكفر إلا من كفره الله ورسوله ، لا نتجاوز الكتاب والسنة ومنهج السلف ، فمن لم يؤمن بالله فهو كافر ؛ كاليهود والنصارى ، ومن أتى بشيء من نواقض الإسلام فهو كافر ؛ كالمستغيثين بغير الله الواحد الديان ، وطالبي الغوث والغياث والمدد من الأموات ، وعقيدة التكفير بأصولها المعتبرة يعرفها -موقنًا بها- صغار أهل السنة وعوامهم ؛ فضلاً عن علمائهم وطلاب العلم فيهم ، أما الفلاسفة -فالحمد لله الذي عافانا مما ابتلاهم- فقد ضلوا الطريق ، وشاقوا جماعة المسلمين ، فلا يوجد عندهم -بناء على أصولهم في عقيدة الشك التي يتبنونها – أحد على هذه البسيطة كافر ، ولا شك أن هذا جنوح عن الإسلام من أصله ؛ لأن من لم يكفر الكافر ، أو شك في كفره ، أو صحح مذهبه فهو كافر مثله ، نسأل الله العفو والعافية ، وهذا كله ثابت بنصوص الكتاب والسنة ، وإجماع سلف الأمة ،

فمن ذلك :

قَوْلُ اللهِ تَعَالَى {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[آل عمران: 85] ،

وَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُون}[التوبة:30] ،

وَقَوْلِهِ تَعَالَى {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَار * لقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلَّا إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيم}[المائدة:72-73] ،

وَقَوْلِهِ الرَّسُوْلُ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :”وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لاَ يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ ، وَلاَ نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ”[31].

 وقد نقل القاضي عياض في كتابه “الشفا” الإجماع على كفر من فارق دين المسلمين ، أو وقف في تكفيرهم ، أو شك[32].

 (2)

 وَمِنْ أَخْطَائِهِ الْعَقَدِيَّةِ الْخَطِيْرَةِ : الْغُلُوُّ فِيْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمِنْ ذَلِكَ : الْاِسْتِغَاثَةُ بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيْ بَعْضِ مَنْسُوْجَاتِهِ الشِّعْرِيَّةِ .

ومن شعره في ذلك :

أَيَا رسولَ الهدى حرفي أنا ملــكٌ

ما دامَ ذكرُكَ حبرَ السالكين سَقا

من قبل آدمَ كنتَ الوعـدَ خاتمـةً

لكـلَ وحـيٍ سرى في الطين فانعتقا

فامددْ لنـا الكفّ غوثاً وامتشق غدنا

لا لن يصيبَ سوى من كفّك امتشقا

واضربْ بنا العتمَ كم نهفو إلى مددٍ

نحتاجكَ اليومَ كي تروي بنا الرمقا

ومن شعره -أيضًا- :

أيا رسـول الهدى ، خذنا إلى أمــلٍ

وذلّـلِ اليومَ وهمَ الشـكّ ، والطُرُقـا

نحتاجكَ الغــوثَ ، عتمُ البئــر أتعبنا

ودونكَ العصرُ كانَ التيهَ والغرقــــا

أنتَ الملاذ لنا ، يا طهر سارية ،

لو ترفع اليوم ساد الحق وانطلقا .

التعليق :

الاستغاثة بالأموات كفر مخرج من الملة ،

قَالَ الشَّيْخُ صُنْعُ اللهِ الْحَلَبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ : “هذا وإنه قد ظهر الآن فيما بين المسلمين جماعاتٌ يَدَّعُونَ أن للأولياء تصرفاتٍ في حياتهم وبعد الممات ، ويُستغاث بهم في الشدائد والبليات ، وبهممهم تكشف المهمات ، فيأتون قبورهم وينادونهم في قضاء الحاجات ، مستدلين على أن ذلك منهم كرامات ، وقالوا منهم أبدالٌ ، ونقباء ، وأوتادٌ ، ونجباء ، وسبعون وسبعة ، وأربعون وأربعة ، والقطب هو : الغوث للناس ، وعليه المدار بلا التباس ، وجوزوا لهم الذبائح والنذور ، وأثبتوا لهم فيها الأجور ، قال : وهذا الكلام فيه تفريطٌ وإفراطٌ ، بل فيه الهلاك الأَبَدِيُّ والعذاب السرمديُّ ؛ لما فيه من روائحِ الشركِ المحقَّق ومصادمة الكتاب العزيز المصدق ، ومخالفة لعقائد الأئمة ، وما اجتمعت عليه الأمة ، وفي التنزيل : {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}[النساء:115]”[33]،

وَقَالَ تَقِيُّ الدِّيْنِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْمِقْرِيْزِيُّ رَحِمَهُ اللهُ : “الشرك في الإلهية والعبادة هو الغالب على أهل الإشراك ، وهو شرك عباد الأصنام ، وعباد الملائكة ، وعباد الجن ، وعباد المشايخ ، وعباد الصالحين ؛ الأحياء منهم والأموات ؛ الذين قالوا : {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} ، ويشفعوا لنا عنده ، وينالنا بسبب قربهم من الله وكرامته لهم قرب وكرامة ، كما هو المعهود في الدنيا من حصول الكرامة والزلفى لمن يخدم أعوان الملك ، وأقاربه وخاصته ، والكتب الإلهية كلها من أولها إلى آخرها تبطل هذا المذهب ، وترده ، وتقبح أهله ، وتنص على أنهم أعداء الله ، وجميع الرسل صلوات الله وسلامه عليهم متفقون على ذلك من أولهم إلى آخرهم ، وما أهلك الله تعالى أمة من الأمم إلا بسبب هذا الشرك ومن أجله”[34].

وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ اِبْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ : “فكل من غلا في نبي أو رجل صالح ، وجعل فيه نوعاً من الإلـهية ، مثل أن يدعوه من دون الله ، بأن يـقول : يا سيدي فلان أغثني ، أو أجرني ، أو أنت حسبي ، أو أنا في حسبك ؛ فكل هذا شرك وضلال ، يستتاب صاحبه ، فإن تاب وإلا قتل ، فإن الله أرسل الرسل ليُـعبد وحده ، لا يُـجعل معه إلـه آخر ، والذين يجعلون مع الله آلهة أخرى ، مثل الملائكة أو المسيح أو العزير أو الصـالحين أو غيرهم ؛ لم يكونوا يعتقدون أنها تخلق وترزق ، وإنما كانوا يدعونهم يقولون «هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ» ، فبعث الله الرسل تنهى أن يُدعى أحد من دون الله ، لا دعاء عبادة ، ولا دعاء استغاثة”[35].

وَسُئِلَتِ اللَّجْنَةُ الدَّائِمَةُ بِرَئَاسَةِ سَمَاحَةِ الشَّيْخِ عَبْدِ الْعَزِيْزِ بْنِ بَازٍ رَحِمَهُ اللهُ : هل الاستغاثة بالغائب أو بالميت كفر أكبر‏ ؟‏

فأجابت : نعم ،  الاستغاثة بالأموات ، أو الغائبين شرك أكبر يخرج من فعل ذلك من ملة الإسلام‏ ؛ لقوله سبحانه ‏:‏ {وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ}[المؤمنون:117] ‏، وقوله عز وجل ‏:‏ ‏{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيـرٍ}[فاطر:14] ، وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد‏ ، وآله وصحبه وسلم”[36].‏ 

وَالْقِسْمُ الثَّانِي : نَصَائِحُ وَتَوْجِيْهَاتٌ مُقَدَّمَةٌ لَهُ ، ثُمَّ لِمُتَابِعِيِهِ وَقُرَّائِهِ وَطُلَّابِهِ ، ثُمَّ لِلْجَامِعَةِ الْمُنْتَسِبِ إِلَيْهَا .

أَمَّا الْمُوَجَّهَةُ لِلدُّكْتُوْرِ -أَصْلَحَهُ اللهُ- فَأَقُوْلُ لَهُ :

تب إلى الله مما وقعت فيه من استغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وانج بنفسك قبل أن يفجأك الموت وأنت على ما أنت عليه من عقيدة الفلاسفة ، فـ”إن نهاية أمر هؤلاء المعارضين لنصوص الوحي بالرأي انتهاؤهم إلى الشك ، والتشكيك ، والحيرة في أمرهم فتجدهم يشكون في أوضح الواضحات ، وفيما يجزم عوام الناس به ، ويتعجبون ممن يشك فيه ، ولا تعطيك كتبهم وبحوثهم إلا الشك والتشكيك ، والحيرة والإشكالات ، وكلما ازددت فيها إمعانًا ازددت حيرة وشكًا حتى يؤول بك الأمر إلى الشك في الواضحات ، واعتبر هذا بإمام الشك والتشكيك أفضل متأخريهم وكتبه تجده شاكًا في الزمان والمكان لم يعرف حقيقته وماهيته ، وشاكًا في وجود الرب تعالى … وأما عند الموت فقد قال العارف بحقيقة أمرهم : «أكثر الناس شكا عند الموت أرباب الكلام» ، وقد أقروا على أنفسهم بالشك ، وعدم اليقين في كتبهم ، وعند موتهم … حتى قال بعضهم عند موته : «والله ما أدري على ماذا أموت عليه ، ثم قال : اشهدوا على أني على عقيدة أمي» ، وقال الآخر : «اشهدوا علي أني أموت وما عرفت إلا مسألة واحدة وهي أن الممكن مفتقر إلى الواجب ثم قال الافتقار أمر عدمي بل أموت وما عرفت شيئًا» ، … ويقول الآخر : «لقد تأملت الطرق الكلامية ،والمناهج الفلسفية فما رأيتها تشفي عليلا ولا تروي غليلًا ، ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن ، اقرأ في الإثبات : {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5] ، {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر:10] ، واقرأ في النفي : {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى:11] ، {وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً} [طه:110] ، ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي …» ، وقال الآخر: لعمري لقد طفت المعاهد كلها … وسيرت طرفي بين تلك المعالم

فلم أر إلا واضعا كف حائر … على ذَقَن أو قارعا سن نادم

ويقول الآخر :

«نهاية إقدام العقول عقال … وأكثر سعي العالمين ضلال

وأرواحنا في وحشة من جسومنا … وغاية دنيانا أذى ووبال

ولم نستفد من بحثنا طول دهرنا … سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا»

وقال الآخر : «لقد خضت البحر الخضم وتركت أهل الإسلام وعلومهم ، وخضت في الذي نهوني عنه ، والآن إن لم يتداركني ربي برحمته فالويل لي ، وها أنا ذا أموت على عقيدة أمي» ، وقال الآخر : «أكثر الناس شكًا عند الموت أرباب الكلام»”[37].

أَمَّا الْمُوَجَّهَةُ لِطُلَّابِهِ وَقُرَّائِهِ وَمُتَابِعِيِهِ فَأَقُوْلُ لَهُمْ :

الحق أحق أن يتبع ، واعرفوا الحق تعرفوا أهله ، انصحوا كل مخالف بأدب ، ولو كان كبيرًا ، أو وجيهاً ، واحذروا أن تقلدوا أحدًا في الباطل ، فما فسدت الأمم من قبلنا إلا بالتقليد الأعمى ؛ كما قال تعالى فيهم :  {إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ * فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ}[الصافات: 69-70] ، وقال تعالى : {وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا}[الأحزاب: 67] .

أَمَّا الْمُوَجَّهَةُ لِلْجَامِعَةِ الْمُنْتَسِبِ إِلَيْهَا فَأَقُوْلُ لَهُمْ : مسؤولية الطلاب في رقابكم ، فـ”كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤُوْلٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ”[38]، وَ”مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً ، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ”[39]، تابعوا ، وراقبوا ، وانظروا في المناهج المقررة ومدى موافقتها للشريعة  ؛ حفظًا وحفاظاً على فطر وعقول طلابكم ، ونجاة لكم يوم لقاء ربكم ،

هَذَا مَا تَسَنَّى لَيْ جَمْعُهُ مِنْ مُلَاحَظَاتٍ عَلَى الدُّكْتُوْرِ هَانِي ، وَلَمْ أَسْتَوْعِبْ ، وَبَعْضُ مَرْئِيَّاتِهِ أَعْرَضْتَ عَنْهَا لِوُجُوْدِ النِسَاءِ فِيْهَا .

أَسْأَلُ اللهَ أن يُرْجِعَهُ إِلَى جَادَّةِ الصَّوَابِ ، هُوَ وَكُلَّ حَائِدٍ عَنِ الصِّرَاطِ ،

وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ ،

وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى الْمُخَتَارِ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحَابَتِهِ الْأَخَيَارِ ، وَالتَّابِعِيْنَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ .

 

 

 



([1]) تغريدة له في حسابه على تويتر .

([2]) تغريدة له في حسابه على تويتر .

([3]) تغريدة له في حسابه على تويتر .

([4]) تغريدة له في حسابه على تويتر .

([5]) من مقال : “محور فرقتنا ، رؤية من الداخل” ، منشور في جريدة اليوم ، في العدد الصادر في : 19/11/2016م .

([6]) رواه البخاري (7310) ، ومسلم (1920) .

([7]) مدارج السالكين (2/374) .

([8]) مجموع الفتاوى (4/95-96) .

([9]) مجموع الفتاوى (9/34-35) .

([10]) مجموع الفتاوى (4/9-10) .

([11]) منهاج السنة النبوية (5/271) .

([12]) درء تعارض النقل والعقل (1/164) .

([13]) مفتاح دار السعادة (2/117-118) .

([14]) ديكارت ، د.نجيب بلدي ، ص : (88) .

([15]) ديكارت في الفلسفة العقلية ، للدكتورة راوية عبد المنعم عباس ، ص : (129).

([16]) من مقولاته المشهورة عنه .

([17]) الحيوان (3/60) .

([18]) الحيوان (6/37) .

([19]) ملاك الحقيقة المطلقة ، لمراد وهبة ، ص : (193).

([20]) تجديد النهضة باكتشاف الذات ونقدها ، ص : (83).

([21]) آفاق فلسفية عربية معاصرة ، ص : (322) .

([22]) من هنا يبدأ التغيير ، ص : (347) .

([23]) قضايا الفكر المعاصر ، ص : (20) .

([24]) صعود المجتمع العسكري ، ص : (205-206) .

([25]) هذه النقول انتقيت بعضها من مقال للشيخ : سليمان الخراشي ، من ثقافة التلبيس .

([26]) رواه البخاري (52) ، ومسلم  (32) .

([27]) رواه النسائي (4177) .

([28]) مجموع الفتاوى (8/337) .

([29]) مدارج السالكين (3/306) .

([30]) مداخل إعجاز القرآن ، ص : (18) .

 ([31]) رواه مسلم (303) .

([32]) انظر الشفا ، ص : (2/281) .

([33]) سيف الله على من كذب على أولياء الله ، ص : (15 – 16) .

([34]) رسائل المقريزي ، ص : (90) .

([35]) مجموع الفتاوى (3/363-430) باختصار .

([36]) فتاوى اللجنة الدائمة (1/57) .

([37]) الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة (1/167) ، (4/1259-1263) .

([38]) رواه البخاري (893) ، ومسلم (4751) .

([39]) رواه مسلم (280) .

اكتشاف المزيد من مدونة عبدالله بن ناصر الناجم العلمية

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading