القائمة إغلاق

 “بُيُوْتُ الْمُؤْمِنِيْنَ ؛ وَصْفُهَا الْمُبِيْنُ ، وَحِفْظُهَا الْأَمِيْنُ” .

حَلَقَاتٌ عِلْمِيَّةٌ تَرْبَوِيَّةٌ ، أَصِفُ فِيْهَا الْبُيُوْتَ الْمُؤْمِنَةَ ؛ عَقِيْدَتَهَا وَأَخْلَاقَهَا ، ثم أُذَكِّرُ بَعْدَهَا بِالتَّرَاتِيْبِ السَّلَفِيَّةِ الضَّرُوْرِيَّةِ فِيْ طُرُقِ وَأَسَالِيْبِ ِحِفْظِهَا مِنْ عُدْوَانِ الْفِرَقِ الْمُعْتَدِيَةِ .

حَلَقَاتٌ مُهِمَّةٌ ، وَبِخَاصَّةٍ فِيْ أَزِمِنَةِ الْغُرْبَةِ ، مُوَجَّهَةٌ لِجَمِيْعِ أَفْرَادِ الْأُسَرِ الْمُسْلِمَةِ ، صَانَهَا اللهُ مِنْ خُطَطِ وَتَدَابِيْرِ ذَوِيْ الشُّرُوْرِ الْكَائِدَةِ .

الحلقة (الثامنة (تتمة)) (2) :

-(بُيُوْتُ الْمُؤْمِنِيْنَ فِيْ الْإِسْلَامِ)-

“وَصْفُ عَقِيْدَةِ أَهْلِهَا الْمُوَحِّدِيْنَ ، وَأَخْلَاقِهِمْ” .

نسخة رقمية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، وعلى آله وصحابته والتابعين … أما بعد :

(مقدمة)

سنتابع في هذه الحلقة -إن شاء الله- ما قد بدأناه في الحلقة الماضية من ذكر عقيدة أصحاب البيوت المؤمنة ، وفي هذه الحلقة سوف نورد -لما ذكرناه في الحلقة قبل السابقة من نواقض مخرجة من ملة الإسلام- بعض النصوص الشرعية ، ونقولًا وأقوالاً عن علماء العقيدة السلفية ، فنقول وبالله التوفيق :

(3)

وَمِنْهَا : النفاق المخرج من الملة ؛ كنفاق المنافقين الأول ، ممن يبطنون الكفر ، ويظهرون الإسلام ؛ ويدخل فيهم من المعاصرين : كثير من الليبراليين ، والعلمانيين ، والحداثيين ؛ فعلامات أهل النفاق واضحة عليهم .

قَالَ تَعَالَى : {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا}[النساء:145] ،

وَقَالَ تَعَالَى : {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ}[البقرة: 8]،

وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ اِبْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ : “فمن النفاق ما هو أكبر ، ويكون صاحبه في الدرك الأسفل من النار ؛ كنفاق عبد الله بن أبي ، وغيره ؛ بأن يظهر تكذيب الرسول ، أو جحود بعض ما جاء به ، أو بغضه ، أو عدم اعتقاد وجوب اتباعه ، أو المسرة بانخفاض دينه ، أو المساءة بظهور دينه ، ونحو ذلك مما لا يكون صاحبه إلا عدوا لله ورسوله ، وهذا القدر كان موجودًا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما زال بعده ؛ بل هو بعده أكثر منه على عهده”[1].

وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى : “فأما النفاق الاعتقادي فهو ستة أنواع : تكذيب الرسول ، أو تكذيب بعض ما جاء به الرسول ، أو بغض الرسول ، أو بغض ما جاء به الرسول ، أو المسرَّة بانخفاض دين الرسول ، أو الكراهية بانتصار دين الرسول ، فهذه الأنواع الستة صاحبها من أهل الدرك الأسفل من النار”[2].

وَمِنْهَا : من اعتقد جواز أن يتعبد المرء لله بدين غير دين الإسلام وشريعته ؛ التي جاء بها المصطفى صلى الله عليه وسلم من عند ربه ؛ ناسخة لجميع الأديان ، كمن يجوِّز أن يتعبد الله بدين النصرانية ، أو اليهودية ، أو البوذية ، أو يعتقد جواز التقريب بين الأديان السماوية ، بما يسمى بـ: “الملة الإبراهيمية” ؛ لأنها -كما يزعم- جاءت جميعها من عند الله ، ويدخل في ذلك : من اعتقد جواز التحرر الديني ، وذلك بأن يكون الإنسان حرًا ؛ يدين بأي دين غير دين الإسلام ، أو يكون ملحدًا .

قَالَ تَعَالَى : {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِين}[آل عمران:85] ،

وَقَالَ تَعَالَى : {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُون * أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُون}[المائدة:49-50] ،

وَقَالَ تَعَالَى : {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُون * اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُون}[التوبة:30-31] ،

وَقَالَ تَعَالَى : {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَار}[المائدة:72] ،

وَقَالَ تَعَالَى : {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلَّا إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيم}[المائدة:73]

وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ ، وَلاَ نَصْرَانِيٌّ ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ ، إِلَّا  كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ”[3].

وَسُئِلَ سَمَاحَةُ الشَّيْخِ عَبْدُ الْعَزِيْزِ بْنُ بَازٍ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى : مَا حُكْمُ مَنْ لَمْ يُكَفِّرِ الْيَهُوْدَ وَالنَّصَارَى ؟

فَأَجَابَ : “هو مثلهم ، من لم يكفر الكفار فهو مثلهم ، الإيمان بالله هو تكفير من كفر به ، ولهذا جاء في الحديث الصحيح ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : «مَنْ وَحَّدَ اللهَ ، وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُوْنِ اللهِ حَرُمَ مَالُهُ وَدَمُهُ وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ»[4]، ويقول جل وعلا {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لَا انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيم}[البقرة:265] ، فلا بد من الإيمان بالله ، وتوحيده ، والإخلاص له ، والإيمان بإيمان المؤمنين ، ولا بد من تكفير الكافرين ؛ الذين بلغتهم الشريعة ، ولم يؤمنوا ؛ كاليهود ، والنصارى ، والمجوس ، والشيوعين ، وغيرهم ، ممن يوجد اليوم ، وقبل اليوم ؛ ممن بلغتهم رسالة الله ولم يؤمنوا ، فهم من أهل النار كفار ، نسأل الله العافية”[5]،

وَفِيْ فَتَاوَى اللَّجْنَةِ الدَّائِمَةِ بِرِئَاسَةِ سَمَاحَةِ الشَّيْخِ عَبْدِ الْعَزِيْزِ بْنِ بَازٍ رَحِمَهُ اللهُ : “إن الدعوة إلى وحدة الأديان إن صدرت من مسلم فهي تعتبر ردة صريحة عن دين الإسلام ؛ لأنها تصطدم مع أصول الاعتقاد ، فترضى بالكفر بالله عز وجل ، وتُبطل صدق القرآن ، ونَسْخه لجميع ما قبله من الشرائع والأديان ، وبناء على ذلك فهي فكرة مرفوضة شرعاً ، محرمة قطعاً بجميع أدلة التشريع في الإسلام من قرآن وسنة وإجماع”[6]،

وَقَالَ فَضِيْلَةُ الشَّيْخِ مُحَمَّدُ بْنُ عُثَيْمِيْنَ رَحِمَهُ الله ُ: “من اعتقد أنه يجوز لأحد أن يتدين بما شاء ، وأنه حر فيما يتدين به ، فإنه كافر بالله عز وجل ؛ لأن الله تعالى يقول : {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ}[آل عمران:85] ، ويقول : {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ}[آل عمران:19] ، فلا يجوز لأحد أن يعتقد أن ديناً سوى الإسلام جائز ، يجوز للإنسان أن يتعبد به ، بل إذا اعتقد هذا فقد صرح أهل العلم بأنه كافر كفراً مخرجاً عن الملة”[7].

وَمِنْهَا : استحلال المحرمات الشرعية المجمع عليها ؛ كمن يستحل شرب الخمر ، أو فعل الزنا ، ويدخل في ذلك : التزاوج اللوطي المعاصر ، المسمى بزواج المثليين .

قَالَ تَعَالَى : {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}[التوبة: 37] ؛

 وَقَالَ تَعَالَى : {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ}[النحل: 116] ،

وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ اِبْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ : “إن من فعل المحارم مستحلاً لها فهو كافر بالاتفاق ؛ فإنه ما آمن بالقرآن من استحل محارمه ، وكذلك لو استحلها بغير فعل ، والاستحلال اعتقاد أن الله لم يحرمها ، وتارة بعدم اعتقاد أن الله حرمها ، وهذا يكون لخلل في الإيمان بالربوبية ، أو لخلل في الإيمان بالرسالة ، ويكون جحدًا محضًا غير مبني على مقدمة ، وتارة يعلم أن الله حرمها ، ويعلم أن الرسول إنما حرم ما حرمه الله ثم يمتنع عن التزام هذا التحريم ، ويعاند المحرم فهذا أشد كفرًا ممن قبله ، وقد يكون هذا مع علمه أن من لم يلتزم هذا التحريم عاقبه الله وعذبه ، ثم إن هذا الامتناع والإباء إما لخلل في اعتقاد حكمة الآمر وقدرته فيعود هذا إلى عدم التصديق بصفة من صفاته ، وقد يكون مع العلم بجميع ما يصدق به تمردًا ، أو إتباعًا لغرض النفس ، وحقيقته كفر هذا ؛ لأنه يعترف لله ورسوله بكل ما أخبر به ويصدق بكل ما يصدق به المؤمنون ، لكنه يكره ذلك ، ويبغضه ، ويسخطه لعدم موافقته لمراده ، ومشتهاه ، ويقول : أنا لا أقرُّ بذلك ، ولا ألتزمه ، وأبغض هذا الحق ، وأنفر عنه ، فهذا نوع غير النوع الأول ، وتكفير هذا معلوم بالاضطرار من دين الإسلام ، والقرآن مملوء من تكفير مثل هذا النوع”[8].

وَمِنْهَا : محبة أعداء الإسلام ، ومظاهرتهم ، ومعاونتهم على المسلمين ؛ ويدخل في ذلك : من يدعم ، ويساند الكفار الوثنيين ، أو النصارى الصليبيين في استئصال ، وتقتيل المسلمين الأبرياء الآمنين ، وتهجيرهم من بلدانهم .

قَالَ تَعَالَى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين}[المائدة:51] ،

 

وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ اِبْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ -بعد ذكر قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ} ، إلى قوله : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ …}- : “فالمخاطبون بالنهى عن موالاة اليهود ، والنصارى هم المخاطبون بآية الردة ، ومعلوم أن هذا يتناول جميع قرون الأمة ، وهو لما نهى عن موالاة الكفار ، وبين أن من تولاهم من المخاطبين فإنه منهم بين أن من تولاهم ، وارتد عن دين الإسلام لا يضر الإسلام شيئًا ، بل سيأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه ؛ فيتولون المؤمنين دون الكفار ، ويجاهدون فى سبيل الله ، لا يخافون لومة لائم ، كما قال في أول الأمر : {فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَـؤُلاء فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِين}[الأنعام:89] ، فهؤلاء الذين لم يدخلوا في الإسلام ، وأولئك الذين خرجوا منه بعد الدخول فيه لا يضرون الإسلام شيئًا ، بل يقيم الله من يؤمن بما جاء به رسوله ، وينصر دينه إلى قيام الساعة”[9]،

وَقَالَ الشَّيْخُ حَمَدُ بْنُ عَتِيْقٍ رَحِمَهُ اللهُ : “مظاهرة المشركين ، ودلالتهم على عورات المسلمين ، أو الذب عنهم بلسان ، أو رضى بما هم عليه ، كل هذه مكفرات ممن صدرت منه ، من غير الإكراه المذكور فهو مرتد ، وإن كان مع ذلك يبغض الكفار ويحب المسلمين”[10].

وَقَالَ سَمَاحَةُ الشَّيْخِ عَبْدُ الْعَزِيْزِ بْنُ بَازٍ رَحِمَهُ اللهُ : “وقد أجمع علماء الإسلام على أنَّ من ظاهر الكفار على المسلمين ، وساعدهم بأي نوع من المساعدة فهو كافر مثلهم[11]،

وَقَالَ فَضِيْلَةُ الشَّيْخِ صَالِحٌ الْفُوْزَانُ حَفِظَهُ اللهُ تَعَالَى : “ومن مظاهر موالاة الكفار إعانتهم ، ومناصرتهم على المسلمين ، ومدحهم ، والذب عنهم ، وهذا من نواقض الإسلام ، وأسباب الردة ، نعوذ بالله من ذلك”[12]،

وَمِنْهَا : جحد أسماء الله تعالى ، وصفاته الثابتة في الكتاب والسنة ؛ كمن يجحد اسم الرحمن ، أو الرحيم -مثلاً- ، أو يقول : إن القرآن مخلوق ، أو يقول : إن الله ليس في السماء ،  ونحوه  .

قَالَ تَعَالَى : {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُون}[الأعراف:180] ،

وَقَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ رَحِمَهُمَا اللهُ ‏:‏ ‏”‏من شبه الله بخلقه فقد كفر ، ومن نفى ما وصف به نفسه ، أو وصفه به رسوله فقد كفر ، وليس فيما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله تشبيه‏”[13]‏.‏

وَقَالَ اِبْنُ أَبِي حَاتِمٍ رَحِمَهُ اللهُ : “ومن زعم أن القرآن مخلوق فهو كافر بالله العظيم ؛ كفرًا ينقل من الملة ، ومن شك في كفره ممن يفهم فهو كافر [14]،

وَقَالَ اِبْنُ خُزَيْمَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى : “من لم يقر بأن الله على عرشه ، استوى فوق سبع سمواته ، بائن من خلقه فهو كافر ، يستتاب ؛ فإن تاب وإلا ضربت عنقه”[15].

وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ اِبْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ : “والتحقيق أن التجهم المحض وهو نفي الأسماء والصفات ؛ كما يحكى عن جهم ، والغالية من الملاحدة ، ونحوهم من نفي أسماء الله الحسنى ، كفر بين مخالف لما علم بالاضطرار من دين الرسول”[16]،

وَقَالَ -أَيْضًا- رَحِمَهُ اللهُ : “وكان أهل العلم والإيمان قد عرفوا باطن زندقتهم ونفاقهم ، وأن المقصود بقولهم : إن القرآن مخلوق أن الله لا يكلم ولا يتكلَّم ، ولا قال ولا يقول ، وبهذا تتعطل سائر الصفات : من العلم ، والسمع ، والبصر ، وسائر ما جاءتْ به الكتب الإلهية ، وفيه أيضاً قدح في نفس الرسالة ؛ فإن الرسل إنما جاءت بتبليغ كلام الله ، فإذا قُدِح في أن الله يتكلم كان ذلك قدحاً في رسالة المرسلين ، فعلموا أن في باطن ما جاؤوا به قدحاً عظيماً في كثير من أصلَي الإسلام : شهادة أن لا إله إلا الله ، وشهادة أن محمداً رسول الله”[17].

نُكْمِلُ فِيْ الْحَلْقَةِ التَّالِيَةِ إِنْ شَاءَ اللهُ

     



([1]) مجموع الفتاوى (28/434) .

([2]) مجموعة التوحيد ، ص : (7) .

([3]) رواه مسلم (303) .

([4]) رواه مسلم (39) .

([5]) مجموع الفتاوى (28/46) .

([6]) فتاوى اللجنة الدائمة (12/281) .

([7]) مجموع الفتاوى (3/100) .

([8]) الصارم المسلول على شاتم الرسول ، ص : (521-522) .

([9]) مجموع الفتاوى (18/300) .

([10]) الدفاع عن أهل السنة والاتباع ، ص : (32) .

([11]) مجموع الفتاوى (1/274) .

([12]) الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد ، ص : (351)  .

([13]) رواه الذهبي في العلو ، ص : (464) .

([14]) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ؛ للالكائي (321) .

([15]) رواه الذهبي في العلو (528).

([16]) النبوات ، ص : (198).

([17]) بيان تلبيس الجهمية : (3/518-519).

%d مدونون معجبون بهذه: