عِبَرٌ وَتَأَمُّلَاتٌ … فِيْ الْحَوَادِثِ الْوَاقِعَاتِ ، وَالْفِتَنِ النَّازِلَاتِ الَّتِيْ تُمْتَحَنُ بِهَا أُمَّةُ الْإِسْلَامِ فِيْ كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ .
تَعْلِيْقٌ عَلَى أَحْدَاثٍ مُؤْلِمَةٍ ، وَأُخْرَى مُفْرِحَةٍ ، فِيْهَا وَبِهَا : نُبْشِّرُ ، وَنُحَذِّرُ ، وَنُثَبِّتُ ، وَنُصَبِّرُ …
الحلقة (62)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ ، مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأَمِيْنِ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحَابَتِهِ أَجْمَعِيْنَ … أَمَّا بَعْدُ :
“فَاحِشَةُ اللِّوَاطُ ؛ شُذُوْذٌ شَنِيْعٌ ، وِفِعْلَةٌ نَكْرَاءُ ، تَجْتَاحُ بِلَادَ الْإِسْلَامِ” .
يُرَوِّجُ لَهَا أَعْدَاؤُنَا الْكُفُّارُ -وَمَنْ سَارَ فِيْ رِكَابِهِمْ- فِيْ وَسَائِلِ الْإِعْلَامِ الْمُخْتَلِفَةِ بِاسْمِ “الْمِثْلِيِّةِ الْجِنْسِيَّةِ” ، بَلْ وَيُلْزِمُوْنَ بِهَا الدُّوَلَ الْمُنْتَسِبَةَ لْلإِسْلَامِ عَبْرَ مَجَالِسِهِمْ الْأُمَمِيَّةِ الطَّاغُوْتِيِّةِ ،
وَهَذَا مُنْدَرِجٌ -عِنْدَهُمْ- ضِمْنَ حِمَايَةِ الْحُرِّيَّاتِ الْمَزْعُوْمَةِ ؛ تَنْفِيْذًا ، وَاِسْتِجَابَةً مِنْهُمْ لِمَشْرُوْعِ الشَّيْطَانِ الْكَبِيْرِ فِيْ إِضْلِالِ الْعِبَادِ ، وَتَخْرِيْبِ الْبُلْدَانِ ؛ بِنَشْرِ الْفَسَادِ ، وَالْأَمْرَاضِ ؛ فِيْ الْعَقَائِدِ ، وَالْأَخْلَاقِ ، وَالْأَبْدَانِ ، وَإِرَادَةً مِنْهُمْ فِيْ اِتِّبَاعِ الشَّهَوَاتِ ، وَتَشْوِيْهِ الْفِطَرِ السَّوِيَّاتِ ، وَإِشَاعَةِ الْفَحْشَاءِ فِيْ أُمَّةِ الْإِسْلَامِ ؛ فَـ :
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ * إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}[فاطر:5-6] ،
وَلَنَا مَعَ هَذَا الْمَشْرُوْعِ الْمَشِيْنِ ، وَالْعَمَلِ الْقَبِيْحِ وَقَفَاتٌ ضَرُوْرِيَّاتٌ ، وَتَوْصِيَاتٌ مُهِمَّاتٌ ،
1) الْوُقُوْعُ فِيْ فَاحِشَةِ اللِّوَاطِ كَبِيْرَةٌ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوْبِ ، مُسْتَوْجِبَةٌ لِلَعْنِ اللهِ ، وَغَضَبِهِ ، وَعِقَابِهِ ،
كَمَا قَالَ تَعَالَى : {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ * إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ * فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ * وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ}[الأعراف:80-84] ،
وَكَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “لَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ ، لَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ ، ثَلاثًا”([1]).
2) عُقُوْبَة مَنْ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوْطٍ قَتْلُ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُوْلِ بِهِ ؛ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ”([2])، لَكِنْ مَنِ اِسْتَحَلَّهَا -وَجَعَلَهَا كَالزَّوَاجِ الشَّرْعِيِّ- كَفَرَ الْكُفْرَ الْأَكْبَرِ ؛ بِإِجْمَاع الْمُسْلِمِيْنَ ؛ وَلَوْ لَمْ يَفْعَلْهَا ، وَيَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ قَتْلُهُ رِدَّةً .
3) يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِيْنَ التَّرْوِيْجُ لِلُّوْطِيِّيْنَ “الْمِثْلِيِّيْنَ” ؛ فِيْ وَسَائِلِ الْإِعْلَامِ ، أَوْ فِيْ دُوْرِ الرِّيَاضَةِ ، وَغَيْرِهَا ؛ مِمَّا يَرْتَادُهَا رَعَاعُ النَّاسِ ؛ فَيَحْرُمُ نَشْرُ أَعْلَامِهِمْ ، وَشِعَارَاتِهِمْ ، أَوِ الْاِحْتِفَاءُ بِرُمُوْزِهِمْ ، وَمَشَاهِيِرِهِمْ ، وَالْمُرَوِّجُ لَهُمْ -لِأَيِّ غَرَضٍ كَانَ- يُخْشَى عَلَى إِسْلَامِهِ مِنَ الْحُبُوْطِ وَالزَوَالِ ، فَلْيَكُنْ النَّاصِحُ لِنَفْسِهِ مِنْ هَذَا عَلَى ذِكْرٍ وَانْتِبَاهٍ .
4) يَجِبُ عَلَى مَنْ وَلَّاهُ اللهُ أَمْرَ الْمُسْلِمِيْنَ رَدُّ هَذِهِ الْجِرِيْمَةِ ، وَتَحْذِيْرُ الرَّعِيَّةِ مِنْهَا بِكُلِّ مَا أُوْتِيَ مِنْ نُفُوْذٍ ، وَسُلْطَةٍ ، وَإِلَّا يَفْعَلْ فَقَدْ خَانَ الْأَمَانَةَ ، وَغَشَّ الْأُمَّةِ ،
5) عَلَى الْأَبَوَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ تَحْذِيْرُ أَوْلَادِهِمْ عَلَى الدَّوَامِ -تِكْرَارًا ، وَمِرَارًا- ، وَالنَّظَرُ فِيْ أَحْوَالِهِمْ ، وَمُتَابَعَة سُلُوْكِيَّاتِهِمْ ؛ خَشْيَةَ أَنْ يُصِيْبَهُمْ الدَّاءُ الَّذِيْ أَصَابَ غَيْرَهُمْ ، فَإِنَّ الْأَخْطَارَ حَوْلَهُمْ مُحْدِقَةٌ ، وَالنَّارَ مُوَقَدَةٌ ،
6) عَلَى الْعَالِمِ ، وَالدَّاعِيَةِ ، وَطَالِبِ الْعِلْمِ ، والْمُعَلِّمِ ، وَإِمَامِ الْمَسْجِدِ ، وَخَطِيْبِ الْجُمُعَةِ ، وَالْأَدِيْبِ -وَغَيْرِهِمْ مِنْ وُجَهَاءِ الْمُجْتَمَعِ- أَنْ يَسْتِغَلَّ كُلٌّ مِنْبَرَهُ ، وَمَكَانَتَهُ الْاِجْتِمَاعِيَّةَ فِيْ التَّحْذِيْرِ مِنْ هَذِهِ الْجَرِيْمَةِ الْخَبِيْثَةِ ،
نَسْأَلُ اللهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ ، وَالْحِفْظَ وَالسَّلَامَةَ مِنْ نَزَغَاتِ إِبْلِيْسَ وَأَعْوَانِهِ ؛ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، وَنَعُوْذُ بِاللهِ مِنْ حَالِ أَهْلِ النَّارِ ،
وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ الْمُخْتَارِ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ ، وَالتَّابِعِيْنَ ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ .