عِبَرٌ وَتَأَمُّلَاتٌ … فِيْ الْحَوَادِثِ الْوَاقِعَاتِ ، وَالْفِتَنِ النَّازِلَاتِ الَّتِيْ تُمْتَحَنُ بِهَا أُمَّةُ الْإِسْلَامِ فِيْ كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ .
تَعْلِيْقٌ عَلَى أَحْدَاثٍ مُؤْلِمَةٍ ، وَأُخْرَى مُفْرِحَةٍ ، فِيْهَا وَبِهَا : نُبْشِّرُ ، وَنُحَذِّرُ ، وَنُثَبِّتُ ، وَنُصَبِّرُ …
الحلقة (68)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ ، مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأَمِيْنِ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحَابَتِهِ أَجْمَعِيْنَ … أَمَّا بَعْدُ :
“زَادُ الْمَسِيْرِ ، وَآفَاتُ الطَّرِيْقِ” .
الْوُصُوْلُ إِلَى رِضَى الرَّحْمَنِ الْجَلِيْلِ الْعَظِيْمِ ، وَنَيلِ كَرَامَتِهِ ، وَدُخُوْلِ جَنَّتِهِ غَايَةُ كُلِّ مُوَحِّدٍ ، نَابِهٍ ، نَبِيْلٍ ، “وَلَا يَتِمُّ الْمَقْصُوْدُ إِلَّا بِالْهِدَايَةِ إِلَى الطَّرِيْقِ ، وَالْهِدَايَةِ فِيْهَا ؛ فَإِنَّ الْعَبْدَ قَدْ يَهْتَدِي إِلَى طَرِيْقِ قَصْدِهِ ، وَتَنْزِيْلِهِ عَنْ غَيْرِهَا ، وَلَا يَهْتَدِي إِلَى تَفَاصِيْلِ سَيْرِهِ فِيْهَا ، وَأَوْقَاتِ السَّيْرِ مِنْ غَيْرِهِ ، وَزَادِ الْمَسِيْرِ ، وَآفَاتِ الطَّرِيْقِ ، وَلِهَذَا قَالَ اِبْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- فِيْ قَوْلِهِ تَعَالَى : {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: 48] ، قَالَ : “سَبِيْلًا ، وَسُنَّةً” ، وَهَذَا التَّفْسِيْرُ يَحْتَاجُ إِلَى تَفْسِيْرٍ ؛ فَالسَّبِيْلُ : الطَّرِيْقُ ، وَهِيَ : الْمِنْهَاجُ ، وَالسُّنَّةُ : الشِّرْعَةُ ، وَهِيَ : تَفَاصِيْلُ الطَّرِيْقِ ، وَحُزُوْنَاتُهُ ، وَكَيْفِيَّةُ الْمَسِيْرِ فِيْهِ ، وَأَوْقَاتُ الْمَسِيْرِ”[1].
وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيْ حَلَقَتَيْنِ مَاضِيَتَيْنِ زَادًا لِلرَّاكِبِ ؛ مُنَاسِبًا ، مُوَافِقًا فِيْ سَيْرِهِ إِلَى اللهِ ، وَالدَّارِ الْآخِرَةِ ، وَسَنُكْثِرُ لَهُ -إِنْ شَاءَ اللهُ ، فِيْ حَلَقَاتٍ تَالِيَةٍ- مِنْ ذِكْرِ أَزْوِدَةٍ أُخْرَى نَافِعَةٍ ، هَادِيَةٍ إِلَى الطَّرِيْقِ السَّوِيِّ الْقَوِيْمِ ، مُوْصِلَةٍ إِلَى جَنَّةِ رَبٍّ رَحِيْمٍ ، كَرِيْمٍ قَدِيْرٍ .
وَسَأَجْعَلُ مَعَ هَذِهِ الْحَلَقَاتِ حَلَقَاتٍ أُخْرَى ، تُنَقِّي الطَّرِيْقَ ، وَتُصَفِّيهِ مِنْ آفَاتٍ قَدْ تَعْرِضُ لَهُ فِيْهِ ، وَفِيْهَا ذِكْرُ كَيْفِيَّةِ الْمَسِيْرِ فِيْهِ ، وَأَوْقَاتِ الْمَسِيْرِ ، وَأَشْيَاءَ أُخْرَى مُهِمَّةٍ .
وَفَّقَ اللهُ الْجَمِيْعَ إِلَى سُلُوْكِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيْمِ ، وَالْوُصُوْلِ بِآمَانٍ إِلَى جَنَّةٍ نُرَافِقُ فِيْهَا الْمُصْطَفَى الْحَبِيْبَ ، صَلَّى عَلَيْهِ رَبِّي أَفْضَلَ صَلَاةٍ ، وَأَتَمَّ تَسْلِيْمٍ .