القائمة إغلاق

“بُيُوْتُ الْمُؤْمِنِيْنَ ؛ وَصْفُهَا الْمُبِيْنُ ، وَحِفْظُهَا الْأَمِيْنُ” .

حَلَقَاتٌ عِلْمِيَّةٌ تَرْبَوِيَّةٌ ، أَصِفُ فِيْهَا الْبُيُوْتَ الْمُؤْمِنَةَ ؛ عَقِيْدَتَهَا وَأَخْلَاقَهَا ، ثم أُذَكِّرُ بَعْدَهَا بِالتَّرَاتِيْبِ السَّلَفِيَّةِ الضَّرُوْرِيَّةِ فِيْ طُرُقِ وَأَسَالِيْبِ ِحِفْظِهَا مِنْ عُدْوَانِ الْفِرَقِ الْمُعْتَدِيَةِ .

حَلَقَاتٌ مُهِمَّةٌ ، وَبِخَاصَّةٍ فِيْ أَزِمِنَةِ الْغُرْبَةِ ، مُوَجَّهَةٌ لِجَمِيْعِ أَفْرَادِ الْأُسَرِ الْمُسْلِمَةِ ، صَانَهَا اللهُ مِنْ خُطَطِ وَتَدَابِيْرِ ذَوِيْ الشُّرُوْرِ الْكَائِدَةِ .

الحلقة (التاسعة– تابع6) :

-(بُيُوْتُ الْمُؤْمِنِيْنَ فِيْ الْإِسْلَامِ)-

“وَصْفُ عَقِيْدَةِ أَهْلِهَا الْمُوَحِّدِيْنَ ، وَأَخْلَاقِهِمْ” .

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، وعلى آله وصحابته والتابعين … أما بعد :

(مقدمة)

ومن أدلة أعداء التوحيد على ما ذكرناه -في الحلقة السابقة- من الشُّبْهَةِ الثَّانِيَةِ ، ما أوردوه من استدلالات منحرفة على جواز مخاطبة الموتى ، وسؤالهم ،

(3)

من ذلك حديث :

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “الْأَنْبِيَاءُ أَحْيَاءٌ فِي قُبُورِهِمْ يُصَلُّونَ”[1]،

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بِنِ مَسْعُوْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : “إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً سَيَّاحِينَ يُبَلِّغُونِي عَنْ أُمَّتِي السَّلَامَ” ، قَالَ : وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “حَيَاتِي خَيْرٌ لَكُمْ ؛ تُحَدِّثُونَ ، وَنُحَدِّثُ لَكُمْ ، وَوَفَاتِي خَيْرٌ لَكُمْ ؛ تُعْرَضُ عَلَيَّ أَعْمَالُكُمْ ، فَمَا رَأَيْتُ مِنَ خَيْرٍ حَمِدْتُ اللَّهَ عَلَيْهِ ، وَمَا رَأَيْتُ مِنَ شَرٍّ اسْتَغْفَرْتُ اللَّهَ لَكُمْ”[2]،

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “إِنَّ أَعْمَالَكُمْ تُعْرَضُ عَلَى أَقَارِبِكُمْ ، وَعَشَائِرِكُمْ مِنَ الْأَمْوَاتِ ، فَإِنْ كَانَ خَيْرًا اسْتَبْشَرُوا بِهِ ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ قَالُوا : اللهُمَّ لَا تُمِتْهُمْ ، حَتَّى تَهْدِيَهُمْ كَمَا هَدَيْتَنَا”[3]،

فقالوا مادام أن الأنبياء أحياء في قبورهم ، وأن أعمال الأمة تعرض عليهم ، فيرون حسنها ، وسيئها ، وأنهم يستغفرون للمسيئين منهم ، فما المانع أن نسألهم الشفاعة ، وقد نص الدليل على سماعهم أصوات من حولهم ؛ كقوله صلى الله  عليه وسلم : “إِنَّ العَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ ، وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ ، وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ”[4]، وكذلك يقال في الأقارب ، والعشائر ، فالجواب على هذه الشبهة من جهتين ، من جهة صحة الدليل ، ومن جهة صحة الاستدلال به ، فـ :

أما الحديث الأول : فهو صحيح ؛ لكن حياتهم في قبورهم حياة برزخية خاصة ، ليست كحياتهم الدنيوية ، فهم أحياء ، لكنهم لا يسمعون كلام من حولهم ، ولا من يسألهم ، ويدعوهم ، ويناديهم ، ولا يعلمون عن أحوال الدنيا شيئًا ، إلا ما نص الدليل الصحيح عليه ، كأدلة -سنورد بعضًا منها قريبًا إن شاء الله- تدل على أن الملائكة تبلغهم سلام المسلمين ، وصلاتهم ، وكذلك ماورد أن الله قد أمكنهم سماع تسليم المسلم عليهم ، ليردوا عليه السلام ، ونحو ذلك ، فيتوقف مع النص ، ولا يتعدى به إلى شيء آخر ،

أما الحديث الثاني ، والثالث ؛ فهما ضعيفان لا يحتج بهما :

فَحَدِيْثُ اِبْنِ مَسْعُوْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حديث أخرجه البزار ، قال : “حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : نا عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادَ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ زَاذَانَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : “إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً سَيَّاحِينَ يُبَلِّغُونِي عَنْ أُمَّتِي السَّلَامَ” ، قَالَ : وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “حَيَاتِي خَيْرٌ لَكُمْ تُحَدِّثُونَ ، وَنُحَدِّثُ لَكُمْ ، وَوَفَاتِي خَيْرٌ لَكُمْ ؛ تُعْرَضُ عَلَيَّ أَعْمَالُكُمْ ، فَمَا رَأَيْتُ مِنَ خَيْرٍ حَمِدْتُ اللَّهَ عَلَيْهِ ، وَمَا رَأَيْتُ مِنَ شَرٍّ اسْتَغْفَرْتُ اللَّهَ لَكُمْ”، وَهَذَا الْحَدِيثُ آخِرُهُ لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ”، فـ:

      ابن أبي روَّاد -أحد رجال الحديث السابق- قد خالف الثقات الذين رووا الحديث عن سفيان رحمه الله ، ولم يذكروا الزيادة التي أتى بها ابن أبي رواد هنا ؛ وهي : “حَيَاتِي خَيْرٌ لَكُمْ …” ، والقواعد الحديثية تقتضي أن الزيادة من الراوي -ولو كان ثقة- والتي خالف فيها الثقات تكون شاذة ، فإن كان ضعيفاً كانت هذه الزيادة منكرة ، وهو الواقع من أبي رواد هذا ، فقد وثقه قوم وجرحه آخرون ، ولم يرو له مسلم إلا حديثاً واحداً مقروناً ، ولا يقبل ما تفرد به مخالفاً به الثقات ، وهذا أمر معروف ،

      وقد خالف هذا الحديث أحاديث غاية في الصحة ؛ كقوله صلى الله عليه وسلم : “أَلَا وَإِنَّهُ يُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ ، فَأَقُولُ : يَا رَبِّ أُصَيْحَابِي ، فَيُقَالُ: إِنَّكَ لاَ تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ ، فَأَقُولُ كَمَا قَالَ العَبْدُ الصَّالِحُ : “وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ ، فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ”[المائدة: 117] ، فَيُقَالُ : إِنَّ هَؤُلاَءِ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ”[5]، “فكل من ارتد عن دين الله ، أو أحدث فيه مالا يرضاه الله ، ولم يأذن به الله فهو من المطرودين عن الحوض ، المبعدين عنه ، وأشدهم طرداً من خالف جماعة المسلمين ، وفارق سبيلهم ؛ كالخوارج على اختلاف فرقها ، والروافض على تباين ضلالها ، والمعتزلة على أصناف أهوائها ، فهؤلاء كلهم مبدلون ، وكذلك الظلمة المسرفون في الجور ، وتطميس الحق ، وقتل أهله وإذلالهم ، والمعلنون بالكبائر المستخفون بالمعاصي ، وجماعة أهل الزيغ ، والأهواء ، والبدع”[6]  

      وشذوذ المتن ، أو نكارته لا تقويها الشواهد ، والمتابعات أياً كانت ، فلا يرتقي بها إلى درجة الحسن ؛ لأن “الحديث الحسن : هو الحديث الذي لا يكون في إسناده من يتهم بالكذب ، ولا يكون حديثًا شاذًا ، ويروى من غير وجه نحو ذاك”[7].

وأما حَدِيْثُ أَنْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، فقد رواه أحمد رحمه الله ، قال : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَمَّنْ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ فذكره ؛ فهذا حديث ضعيف ، لأن الواسطة الذي بين سفيان ، وأنس رضي الله عنه مبهم ، وليس له شواهد يعتد بها ، وهو مخالف لأصول جاءت في الصحيحين ، وما قيل في الحديث السابق يقال هنا .

قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ اِبْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ : ” كما أن موسى يصلي في قبره ؛ وكما صلى الأنبياء خلف النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج ببيت المقدس وتسبيح أهل الجنة والملائكة – فهم يمتعون بذلك وهم يفعلون ذلك بحسب ما يسره الله لهم ويقدره لهم ، ليس هو من باب التكليف الذي يمتحن به العباد”[8]،

وَقَالَ سَمَاحَةُ الشَّيْخِ عَبْدُ الْعَزِيْزِ بْنُ بَازٍ رَحِمَهُ اللهُ : “قد صرح الكثيرون من أهل السنة بأن النبي صلى الله عليه وسلم حي في قبره حياة برزخية ؛ لا يعلم كنهها ، وكيفيتها إلا الله سبحانه ، وليست من جنس حياة أهل الدنيا ، بل هي نوع آخر يحصل بها له صلى الله عليه وسلم الإحساس بالنعيم ، ويسمع بها سلام المسلم عليه عندما يرد الله عليه روحه ذلك الوقت ، كما في الحديث الذي رواه أبو داود بإسناد حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «مَا مِنْ أَحَدٍ سَلَّمَ عَلَيَّ إِلَّا رَدَّ اللَّهُ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ»[9]، وخرج البزار بإسناد حسن عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إِنَّ لِلَّهِ فِي مَلَائِكَةً سَيَّاحِينَ ، يُبَلِّغُونِي مِنْ أُمَّتِي السَّلَامَ»[10]، وأخرج أبو داود بإسناد جيد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا ، وَلَا تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا ، وَصَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ»[11]، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة ، وهذه الحياة البرزخية أكمل من حياة الشهداء التي أخبر الله عنها سبحانه بقوله : {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}[آل عمران:169] ، وفي قوله عز وجل : {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ}[البقرة:154] ، وروحه عليه الصلاة والسلام في أعلى عليين عند ربه عز وجل ، وهو أفضل من الشهداء فيكون له من الحياة البرزخية أكمل من الذي لهم ، ولكن لا يلزم من هذه الحياة أنه يعلم الغيب أو يعلم أمور أهل الدنيا ، بل ذلك قد انقطع بالموت لقوله صلى الله عليه وسلم : «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ : صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ»، أخرجه مسلم في صحيحه[12]، وقوله عليه الصلاة والسلام : «يَذَادُ رِجَالٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَن حَوْضِي ، فَأَقُولُ : يَا رَبِّ ، أَصْحَابِي ، فَيُقَالُ : إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ ، فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ … » متفق على صحته[13]، والأحاديث في هذا الباب كثيرة ، وهو صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب في حياته ، فكيف يعلمه بعد مماته ، وقد قال الله سبحانه : {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ}[النمل:65] …”[14]،

وَسُئِلَ سَمَاحَتُهُ -أَيْضًا- رَحِمَهُ اللهُ : هل الميت بعد دخوله القبر ، وصعود روحه إلى خالقها يحس بأهله في الدنيا وما فعلوه من بعده ؟ 

الجواب :

“ليس لهذا أصل ، إذا مات انقطع علمه بأهل الدنيا ، يقول جل وعلا : {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى}[النمل:80] ، قال تعالى : {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ}[فاطر:22] ، فالمقصود أن الميت إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له ، ولا يعلم أحوال الناس ، ولا أحوال أهله ولا غيرهم”([15])،

وَسُئِلَ سَمَاحَتُهُ -أَيْضًا- رَحِمَهُ اللهُ : هل يعرف الميت أخبارنا ؟ وكيف ذلك إذا كان يعرفها ؟ وهل يسمعنا إذا ذهبنا إلى مكان القبر وكلمناه ؟ 

الجواب :

هذا فيه تفصيل ، أما كونه يسمع أخبارهم على الإطلاق فلا ، يقول الله جل وعلا : {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى}[النمل:80] ، ويقول سبحانه : {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ}[فاطر:22] ، ويقول صلى الله عليه وسلم : «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ : صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ»[16]، ومن ذلك السمع منقطع إلا ما جاء به النص ، يعني هو استثني ، مثل قوله صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ ، وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ ، إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ»[17]، هذا جاء به النص كونه يسمع في قبره الملك إذا سأله : من ربك ؟ ما دينك ؟ هذا جاء به النص ، أما كونه يسمع أخبارهم في بيوتهم لا ، لا دليل على ذلك ، لا يسمع، ولا يعلم أخبارهم ، ولا يسمعها ، أما من جاء يسلم عليه فهذا فيه خلاف بين أهل العلم ، وفيه أخبار جاءت فيها ضعف ، أنه إذا سلم عليه من يعرفه رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام ، هذا قول له قوة ، منه هذا الحديث الصحيح ، قوله صلى الله عليه وسلم : «مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلَّا رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ»[18]، هذا قول قوي ، إذا سلم عليه من يعرفه في الدنيا ، كونه ترد عليه روحه حتى يرد السلام قول قوي ، ولكن الأحاديث في صحتها نظر ، فيها ضعف، فيقال : يمكن هذا ، والله أعلم ، يمكن إن صحت الأخبار ، لأن الأخبار فيها ضعف”[19].

نكتفي بهذا ، وسنكمل -إن شاء الله- في الحلقات التالية .



([1]) رواه أبو يعلى (3425) .

([2]) رواه البزار (1925) .

([3]) رواه أحمد (12683) .

([4]) رواه البخاري (1374) ، ومسلم (7318) .

([5]) رواه البخاري (4650) ، ومسلم (7303) .

([6]) التذكرة ، ص : (306) .

([7]) انظر شرح علل الترمذي (2/606).

([8]) مجموع الفتاوى (1/354) .

([9]) رواه أحمد (10815) .

([10]) رواه أحمد (3666) ، والبزار (845) .

([11]) رواه أبو داوود (2042) .

([12]) رواه مسلم (4232) .

([13]) رواه البخاري (4650) ، ومسلم (7303) .

([14]) مجموع الفتاوى (2/286) .

([15]) فتاوى نور على الدرب (14/149) .

([16]) رواه مسلم (4232) .

([17]) رواه مسلم (7318) .

([18]) رواه ابو داوود (2041) .

([19]) فتاوى نور على الدرب (14/149) .

%d