عِبَرٌ وَتَأَمُّلَاتٌ … فِيْ الْحَوَادِثِ الْوَاقِعَاتِ ، وَالْفِتَنِ النَّازِلَاتِ الَّتِيْ تُمْتَحَنُ بِهَا أُمَّةُ الْإِسْلَامِ فِيْ كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ .
تَعْلِيْقٌ عَلَى أَحْدَاثٍ مُؤْلِمَةٍ ، وَأُخْرَى مُفْرِحَةٍ ، فِيْهَا وَبِهَا : نُبْشِّرُ ، وَنُحَذِّرُ ، وَنُثَبِّتُ ، وَنُصَبِّرُ …
الحلقة (72)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ ، مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأَمِيْنِ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحَابَتِهِ أَجْمَعِيْنَ … أَمَّا بَعْدُ :
“لَمْحَةٌ مُقْتَضَبَةٌ عن أَثَرِ دَعْوَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ -رَحِمَهُ اللهُ- الْإِصْلَاحِيَّةِ فِيْ نَجْدٍ ، وَفِيْ بِلَادٍ -غَيْرِهَا- مُعَدَّدَةٍ”.
قَالَ سَمَاحَةُ الشِّيْخِ عَبْدُ الْعَزِيْزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بَازٍ -رَحِمَهُ اللهُ- عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَةِ ، وَعَنْ مُجَدِّدِهَا :
“فَالشَّيْخُ -رَحِمَهُ اللهُ- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَامَ بِهَذِهِ الدَّعْوَةِ فِيْ النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ الْقَرْنِ الثَّانِي عَشَرَ ، وَكَانَ ذَلِكَ فِيْ الْعُيَيْنَةِ ، وَهِيَ بَلْدَةٌ قَرِيْبَةٌ مِنَ الرِّيَاضِ ، دَعَا إِلَى اللهِ فِيْهَا ، وَنَشَرَ التَّوْحِيْدَ ، وَصَارَتْ عِنْدَهُ حَلْقَةٌ عَظِيْمَةٌ فِيْ التَّعْلِيْمِ ،
ثُمَّ اِنْتَقَلَ لِأَسْبَابٍ مَعْرُوْفَةٍ إِلَى الدِّرْعِيَّةِ ، وَتَلَقَّاهُ أَمِيْرُهَا مُحَمَّدُ بْنُ سُعُوْدٍ -رَحِمَهُ اللهُ- وَبَايَعَهُ عَلَى الدَّعْوَةِ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَعَلَى نَشْرِ الْإِسْلَامِ فِيْ الدِّرْعِيَّةِ وَمَا حَوْلَهَا ، فَنَفَعَ اللهُ بِذَلِكَ ، وَتَعَاوَنَ الشَّخْصَانِ ؛ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ ، وَالشَّيْخُ مُحَمَّدُ ابْنُ سُعُوْدٍ ؛ جَدُّ الْعَائِلَةِ الْمَالِكَةِ الْآنَ ، فَتَعَاوَنَا فِيْ سَبِيْلِ الدَّعْوَةِ ، وَكَانَ ذَلِكَ فِيْ عَامِ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَمِائَةٍ وَأَلْفٍ ، هَذَا بَدْءُ الدَّعْوَةِ فِيْ الدِّرْعِيَّةِ بَعْدَ أَنِ اِنْتَقَلَ مِنَ الْعُيَيْنَةِ ؛ فَانْتَشَرَ الْإِسْلَامُ هُنَاكَ ، وَأُزِيْلَتْ الْقِبَابُ الَّتِيْ عَلَى الْقُبُوْرِ ، وَانْتَشَرَ التَّوْحِيْدُ بَيْنَ النَّاسِ ، وَعَرَفُوْا حَقِيْقَةَ مَعْنَى : «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ» ،
ثُمَّ قَامَتْ دَوْلَةُ آلِ سُعُوْدٍ فِيْ بَقِيَّةِ الْجَزِيْرَةِ ، وَانْتَشَرَ أَمْرُ التَّوْحِيْدِ فِيْ أَطْرَافِ الْجَزِيْرَةِ ، فَنَفَعَ اللهُ بِهَذِهِ الدَّعْوَةِ نَفْعًا عَظِيْمًا ، وَظَهَرَ بِهَا الْحَقُّ ، وَانْتَصَرَ بِهَا أَهْلُ التَّوْحِيْدِ ، وَصَارَتْ عَلَمًا لِأَهْلِ التَّوْحِيْدِ فِيْ كُلِّ مَكَانٍ ،
ثُمَّ اِنْتَشَرَتْ هَذِهِ الدَّعْوَةِ -أَيْضًا- فِيْ الْيَمَنِ ، وَفِيْ جِهَاتٍ كَثِيْرَةٍ : مِنَ الْهِنْدِ ، وَغَيْرِ الْهِنْدِ ، وَالشَّامِ ، وَالْعِرَاقِ ، وَمِصْرَ ، وَتَلَقَّاهَا أَئِمَةُ الْهُدَى ، وَعُلَمَاءُ الْحَقِّ بِالْقَبُوْلِ ، وَسَاعَدُوْا الشَّيْخَ مُحَمَّدًا رَحِمَهُ اللهُ ، وَدَعْوْا بِدَعْوَتِهِ ، وَخَالَفَهُ آخَرُوْنَ مِمَّنْ غَلَبَ عَلَيْهِمُ الْجَهْلُ ، أَوْ غَلَبَ عَلَيْهِمُ التَّقْلِيْدُ لِآبَائِهِمْ ، وَأَسْلَافِهِمْ ، أَوْ غَلَبَ عَلَيْهِمُ الْهَوَى ، وَالتَّعَصُّبُ لِمَا هُمْ عَلَيْهِ ، … ، فَعَادَوْا هَذِهِ الدَّعْوَةَ ، وَكَتَبُوْا كِتَابَاتٍ بَاطِلَةً ضِدَّهَا ، وَلَكِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ نَصَرَ الدَّعْوَةَ ، وَأَهْلَهَا ، وَاسْتَقَامَ أَمْرُ التَّوْحِيْدِ فِيْ الْجَزِيْرَةِ ، وَانْتَشَرَ أَمْرُ اللهِ بِحَمْدِ اللهِ”[1].
رَحِمَ اللهُ الشَّيْخَيْنِ ؛ الشَّيْخَ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الْوَهَّابِ ، وَالشَّيْخَ مُحَمَّدَ بْنَ سُعُوْدٍ ؛ الَّذَيْنِ كَانَا سَبَبًا فِيْ نَشْرِ الْإِسْلَامِ ، وَدَعْوَةِ التَّوْحِيْدِ الصَّافِيَةِ فِيْ أَرْجَاءٍ كَثِيْرَةٍ مِنَ الْأَرْضِ ، وَأَعَانَ مَنْ سَارَ عَلَى دَرْبِهِمْ ، وَتَحَمَّلَ مَا حَمَلُوْهُ ، لِيَتَوَلَّى نَشْرَهُ كَمَا نَشَرُوْهُ ، وَرَدَّ كَيْدَ الْمُتَرَبِّصِيْنَ ، الْمُعَادِيْنَ لِهَذِهِ الدَّعْوَةِ ، وَأَهْلِهَا الْمُخْلِصِيْنَ ، اللَّهُمَّ آمِيْنَ .
وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا الْأَمِيْنِ ، وَعَلَى آلِهِ ، وَصَحَابَتِهِ ، وَالتَّابِعِيْنَ .
([1]) فتاوى نور على الدرب -جمع الشيخ الطيار ، والشيخ الموسى- ، ص : (20-21) .