القائمة إغلاق

عِبَرٌ وَتَأَمُّلَاتٌ … فِيْ الْحَوَادِثِ الْوَاقِعَاتِ ، وَالْفِتَنِ النَّازِلَاتِ الَّتِيْ تُمْتَحَنُ بِهَا أُمَّةُ الْإِسْلَامِ فِيْ كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ .

تَعْلِيْقٌ عَلَى أَحْدَاثٍ مُؤْلِمَةٍ ، وَأُخْرَى مُفْرِحَةٍ ، فِيْهَا وَبِهَا : نُبْشِّرُ ، وَنُحَذِّرُ ، وَنُثَبِّتُ ، وَنُصَبِّرُ …

الحلقة (73)

نسخة رقمية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ ، مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأَمِيْنِ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحَابَتِهِ أَجْمَعِيْنَ … أَمَّا بَعْدُ :

“لَيْسَ الْعَجَبُ لِمَنْ هَلَكَ كَيْفَ هَلَكَ؟! وَإِنَّمَا الْعَجَبُ لِمَنْ نَجَا كَيْفَ نَجَا؟!”[1].

لِأَنَّ الثَّبَاتَ عَلَى الْعَهْدِ عِنْدَ تَفَارُطِ الْأَمْرِ قَبْضٌ عَلَى الْجَمْرِ ، 

فَاحْمَدُوْا اللهَ رَبَّكُمْ -يَا أَهْلَ التَّوْحِيْدِ- أَنْ حَفِظَكُمْ ، وَسَلَّمَكُمْ مِنْ مُهْلِكَاتٍ شَنِيْعَاتٍ وَقَعَ فِيَهَا كَثِيْرٌ مِنَ الْأَنَامِ -هَذِهِ الْأَيَّامِ- اِتِّبَاعًا لِلْأَهْوَاءِ ، وَإِعْجَابًا بِالْآرَاءِ ، وَتَقْلِيْدًا لِلْكُفَّارِ ،

وَإِنِّي مُذَكِّرٌ نَفْسِي وَإِيَّاكُمْ -فِيْ هَذَا الْمَقَامِ ، وَأَنْتُمْ لِلذِّكْرَى أَهْلٌ- أَنِ :

اِثْبُتُوْا عَلَى السُّنَّةِ ، وَاِلْتِزَامِهَا ، “وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ!!”[2]،

حَكِّمُوْا مَا جَاءَتْ بِهِ الشَّرِيْعَةُ مِنَ الْأَحْكَامِ فِيْ جَمِيْعِ مَنَاحِي الْحَيَاةِ ؛ وَحَذَارِ ، حَذَارِ ، حَذَارِ أَنْ تَسْتَبْدِلُوْهَا بِغَيْرِهَا ، مِنَ الْبِدَعِ ، وَالضَّلَالَاتِ ؛ إِنْ بِقَوَانِيْنِ الْكُفَّارِ ، أَوْ بِمَوْرُوْثَاتِ ، وَتُرَاثِ ، وَأَعْرَافِ الْآبَاءِ ، وَالْأَجْدَادِ ، أَوْ بِذَوْقِ الرُّؤَسَاءِ ، وَالْحُكَّامِ ، وَالْوُزَرَاءِ !!!

قُوْمُوْا عَلَى نِسَائِكُمْ ، وَارْعَوْا شُؤُوْنَهُنَّ ، وَكُفُّوْهُنَّ عَنِ التَّعَرِّي ، وَالتَّبَرُّجِ ، وَالسُّفُوْرِ ، وَكَشْفِ الْوُجُوْهِ ، وَمُرُوْهُنَّ بِالْقَرَارِ فِيْ الْبُيُوْتِ -إِلَّا عِنْدَ حَاجَةٍ لَحُوْحٍ- وَجَنِّبُوْهُنَّ مَا يُهِيْنُهُنَّ ، وَيُعَرِضُهُنَّ لِلْفِتَنِ الْمُضِلَّاتِ ، مِنْ مِثْلِ : قِيَادَةِ السَّيَّارَاتِ ، أَوْ مُخَالَطَةِ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ ؛ فِيْ الدِّرَاسَاتِ ، أَوْ فِيْ الْوَظَائِفِ ، وَالْأَشْغَالِ ، أَوْ فِيْ الْمَوَاسِمِ ، وَالْفَعَالِيَّـــــــاتِ ،  

اُحْمُوْا أَمْوَالَكُمْ مِنَ الرِّبَا ، وَالْبُيُوْعِ الْمُحَرَّمَاتِ ، أَوْ مِنَ الْمُشْتَبِهَاتِ ، وَالْحِيَلِ الْمُرْيْبَاتَ ؛ الَّتِي يَعْرِضُهَا -فِيْ هَذِهِ الْأَعْصَارِ- كَثِيْرٌ مِنَ الْمَصَارِفِ ؛ مُشَابِهِيْنَ بِهِ الرَّأْسْمَالِيِّيْنَ مِنَ الْكُفَّارِ ، 

لَا تَفْتِنَنَّكُمُ الدُّنْيَا ، وَزَخَارِفُهَا ؛ فَلَيْسَ التَّقَدُّمُ ، وَالْاِزْدِهَارُ بِارْتِفَاعِ الْمَبَانِي ، وَنَاطِحَاتِ السَّحَابِ ، أَوِ الْفَوْزِ فِيْ الْأَلْعَابِ ، وَالْمُبَارَيَاتِ ، أَوِ الصَّخَبِ بِالْأَغَانِي ، وَالْمُلْهِيَاتِ ، أَوْ الْبَطَرِ بِكَثْرَةِ الْأَمْوَالِ ، وَالْأَتْبَاعِ ، أَوْ بِبَسْطِ النُّفُوْذِ عَلَى الْمَمَالِكِ ، وَالدِّيَارِ ، إِنَّما التَّقَدُّمُ -حَقَّ التَّقَدُّمِ- بِالْتِزَامِ الدِّيْنِ ، وَجَمِيْلِ الْحَيَاءِ ، وَالتَّمَسُّكِ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ الْمُصْطَفَى الْمُخَتَارُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالسَّلَفُ الْأَخْيَارُ ،

اُثْبُتُوْا عَلَى هَذَا -وَنَحْوِهِ- حَتَّى يَأْتِيَكُمُ الْيَقِيْنُ ، وَأَنْتُمْ عَلَى الرُّشْدِ ثَابِتِيْنَ ؛ غَيْرَ مُبَدِّلِيْنَ ، وَلَا مُغَيِّرِيْنَ ، فَـ:

الْمُؤْمِنُ يَلْقَاهُ الزَّمَانُ بَعْدَ الزَّمَانِ بِأَمْرِ وَاحِدٍ ، وَوَجْهٍ وَاحِدٍ ، وَنَصِيْحَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَإِنَّما يَتَبَدَّلُ الْمُنَافِقُ ، لِيَسْتَأْكِلَ كُلَّ قَوْمٍ ، وَيَسْعَى بِكُلِّ رِبْحٍ[3].

نَسْأَلُ اللهَ الْعَفْوَ ، وَالْعَافِيَةَ فِيْ الدُّنْيَا ، وَالْآخِرَةِ ،

وَصَلِّ اللَّهُمَ ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ ،

وَآلِهِ ، وَصَحْبِهِ وَسَلِّمْ .

 

 



([1]) آداب الحسن البصري ؛ لابن الجوزي ، ص : (24) .

([2]) رواه أبو داوود (4607) .

([3]) آداب الحسن البصري ؛ لابن الجوزي ، ص : (24) .

 

%d