القائمة إغلاق

عِبَرٌ وَتَأَمُّلَاتٌ … فِيْ الْحَوَادِثِ الْوَاقِعَاتِ ، وَالْفِتَنِ النَّازِلَاتِ الَّتِيْ تُمْتَحَنُ بِهَا أُمَّةُ الْإِسْلَامِ فِيْ كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ .

تَعْلِيْقٌ عَلَى أَحْدَاثٍ مُؤْلِمَةٍ ، وَأُخْرَى مُفْرِحَةٍ ، فِيْهَا وَبِهَا : نُبْشِّرُ ، وَنُحَذِّرُ ، وَنُثَبِّتُ ، وَنُصَبِّرُ …

الحلقة (76)

نسخة رقمية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ ، مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأَمِيْنِ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحَابَتِهِ أَجْمَعِيْنَ … أَمَّا بَعْدُ :

{بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى}[الحشر:14].

هَذِهِ هِيَ حَقِيْقَةُ الْكُفَّارِ الْمُشْرِكِيْنَ ؛ كَمَا وَصَفَهُمْ رَبِّي فِيْ كِتَابِهِ الْعَزِيْزِ ، مُتَنَاحِرُوْنَ ، مُتَحَارِبُوْنَ ، مُتَعَادُوْنَ ، مُخَالِفُوْنَ ، مُخْتَلِفُوْنَ ، اللَّهُمَّ زِدْهُمْ فُرْقَةً ، وَنِزَاعًا ، وَشِقَاقًا ،  وَاضْرِبْ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ ، وَأَخْرِجِ الْمُسْلِمِيْنَ مِنْ شَرِّهِمْ ، وَشَرَرِهِمْ سَالِمِيْنَ ، مُسَلَّمِيْنَ ، اللَّهُمَّ آمِيْن .

لَكِنَّهُمْ إِنْ أَرَادُوْا -أَيْ : أُوْلَئِكَ الْكُفَّارَ الْمُشْرِكِيْنَ- أَنْ يَجْتَمِعُوْا عَلَى حَرْبٍ فَإِنَّهُمْ يَجْتَمِعُوْنَ -فَقَطْ- عَلَى حَرْبِ الْمُسْلِمِيْنَ ، وَبِالْأَخَصِّ أَهْلِ السُّنَّةِ الْمُوَحِّدِيْنَ ، فَهَلْ يَعِي هَذِهِ الْحَقِيْقَةَ بَعْضُ أَبْنَاءِ جِلْدَتِنَا الَّذِيْن صَوَّبُوْا وُجُوْهَهُمْ نَحْوَ الْغَرْبِ -وَالشَّرْقِ- الْكَافِرِ ؛ مَحَبَّةً بِهِمْ وَإِعْجَابًا ، تَقْلِيْدًا لَهُمْ وَاتِّبَاعًا ؟!!!

وَلِيْ -هُنَا- فِيْ هَذَا الْحَدَثِ وَقَفَاتٌ مُهِمَّاتٍ :

الْأُوْلَى : إِذَا كَانَتْ حَقِيْقَةُ الْكُفَّارِ الْفُرْقَةَ وَالشَّتَاتَ ، فَإِنَّ الْأَصْلَ فِيْ الْمُسْلِمِيْنَ الْأُلْفَةُ وَالْاِتِّفَاقُ ؛ كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى فِيْ مُحْكَمِ الْكِتَابِ : {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُون}[الأنبياء:92] ، فَعَلَيْنَا -مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِيْنَ- أَنْ نُعَزِّزَ هَذَا الْأَصَلَ الْمُهِمَّ فِيْنَا ، وَنَسْتَغِلَّ الْحَدَثَ الطَّارِئَ فِيْ الْعَالَمِ -هَذِهِ الْأَيَّامِ- لِنُصْرَةِ قَضَايَا الْمُسْلِمِيْنَ ، فِيْ مُخْتَلَفِ الْأَنْحَاءِ ، بِعِزَّةٍ وَإِخْلَاصٍ ، وَبِشَجَاعَةٍ وَإِقْدَامٍ .

الثَّانِيَةُ : لَا يَجُوْزُ لِلْمُسْلِمِيْنَ مُعَاوَنَةُ الْمُشْرِكِيْنَ فِيْ قِتَالٍ جَائِرٍ ، ظَالِمٍ ، مُبِيْنٍ ، وَيَشْتَدُّ الْأَمْرُ إِذَا عَلِمْنَا أَنَّ مِنْ ضِمْنِ الْمَظْلُوْمِيْنَ مُسْلِمِيْنَ ، مُوَحِّدِيْنَ ، قَالَ اللهُ تَعَالَى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة:51] .

الثَّالِثَةُ : عَلَى الْمُسْلِمِيْنَ أَنْ يَعْلَمُوْا أَنَّهُ لَا عِزَّ لَهُمْ إِلَّا بِالْجِهَادِ ، وَالدِّفَاعِ عَنْ عَقِيْدَتِهِمْ ، وَالْمُقَدَّسَاتِ ، وَإِلَّا يَفْعَلُوْا ؛ رَاضِيْنَ بِمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ لَعِبٍ ، وَلَهْوٍ ، وَمُلْهَيَاتٍ ، وَتَكَاثُرٍ فِيْ الْأَمْوَالِ ، وَالْأَوْلَادِ فَقَدْ رَضُوْا بِالدُّوْنِ ، وَتَسَلُّطِ الْكُفَّارِ عَلَيْنَا بَالْقَتْلِ ، والْإِذْلَالِ ؛ كَمَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ”[1]،

فَعَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ كَافَّةً -عَلَى قَدْرِ الْاِسْتِطَاعَةِ ، وَالْمَقْدِرَةِ- أَنْ يَعُدُّوْا الْعُّدَّةَ ، لِلْجِهَادِ فِيْ سَبِيْلِ اللهِ ؛ لِتَكُوْنَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا ، يَعُدُّوْا عُدَّتَهُمْ -أَوَّلًا- بِالرُّجُوْعِ إِلَى رَبِّهِمْ ، وَالتَّمَسُكِ بِعَقِيْدَتِهِمْ ؛ النَّقِيَّةِ الصَّافِيَةِ ، وَمِنْ أَوْلَوِيَّاتِ هَذِهِ الْعُدَّةِ الْاِجْتِمَاعُ ، وَنَبْذُ الْفُرْقَةِ ، وَالْاخْتِلَافِ ، ثَمَّ يُجَهِّزُوْا -بَعْدُ- مَا اسْتَطَاعُوْا مِنَ الْعَتَادِ ، وَالسِّلَاحِ ، ثُمَّ لِيَصْبِرُوْا ، وَيُصَابِرُوْا ، وَلْيَبْشِرُوْا ؛ {فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُون”[المائدة:56] .

اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِيْنَ ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِيْنَ ، وَانْصُرْ عِبَادَكَ الْمُوَحِّدِيْنَ ، وَثَبِّتْهُمْ عَلَى دِيْنِهِمْ إِلَى أَنْ يَلْقَوْا رَبَّهُمْ يَوْمَ الدِّيْنِ .

وَصَلَّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ الْأَمِيْنِ ، وَعَلَى آلِهِ ، وَصَحَابَتِهِ أَجْمَعِيْنَ .

 

 

 

 



([1]) رواه أبو داوود (3462) .

%d مدونون معجبون بهذه: