القائمة إغلاق

Month: ربيع الأول 1445هـ

“بُيُوْتُ الْمُؤْمِنِيْنَ ؛ وَصْفُهَا الْمُبِيْنُ ، وَحِفْظُهَا الْأَمِيْنُ” .

حَلَقَاتٌ عِلْمِيَّةٌ تَرْبَوِيَّةٌ ، أَصِفُ فِيْهَا الْبُيُوْتَ الْمُؤْمِنَةَ ؛ عَقِيْدَتَهَا ، وَأَخْلَاقَهَا ، ثم أُذَكِّرُ بَعْدَهَا بِالتَّرَاتِيْبِ السَّلَفِيَّةِ الضَّرُوْرِيَّةِ فِيْ طُرُقِ ، وَأَسَالِيْبِ ِحِفْظِهَا مِنْ عُدْوَانِ الْفِرَقِ الْمُعْتَدِيَةِ .

حَلَقَاتٌ مُهِمَّةٌ ، وَبِخَاصَّةٍ فِيْ أَزِمِنَةِ الْغُرْبَةِ ، مُوَجَّهَةٌ لِجَمِيْعِ أَفْرَادِ الْأُسَرِ الْمُسْلِمَةِ ، صَانَهَا اللهُ مِنْ خُطَطِ ، وَتَدَابِيْرِ ذَوِيْ الشُّرُوْرِ الْكَائِدَةِ .

الْحَلْقَةُ (التَّاسِعَةُ) :

-(بُيُوْتُ الْمُؤْمِنِيْنَ فِيْ الْإِسْلَامِ)-

“قِسْمُ الْأَخْلَاقِ” .

نسخة رقمية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ ، وَالصَّلَاةُ ، وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَالْمُرْسَلِيْنَ ، وَعَلَى آلِهِ ، وَصَحَابَتِهِ ، وَالتَّابِعِيْنَ … أَمَّا بَعْدُ :

“حِفْظُ الْبُيُوْتِ الْمُؤْمِنَةِ مِنَ التَّهْدِيْدَاتِ الْمُعَاصِرَةِ” .

(7)

وَمِنْهَا : التَّهْدِيْدَاتُ السِّيَاسِيَّةُ ، وَمِنْ أَهَمِّ أَمْثِلَتِهَا -فِيْ أَزْمِنَتِنَا الْمُعَاصِرَةِ- :

اِسْتِيْلَاءُ الْكُفَّارِ عَلَى كَثِيْرٍ مِنَ الْبِلَادِ الْمُنْتَسِبَةِ إِلَى الْإِسْلَامِ ؛ وَقَدْ تَوَلَّتْ الْمَجَالِسُ الْأُمَمِيَّةُ الْعَالَمِيَّةُ الْكَافِرَةُ هَذِهِ الْمَسْؤُوْلِيَّةَ ، فَسَنَّتِ الْقَوَانِيْنَ الْجَائِرَةَ ؛ الْمُخَالِفَةَ لِلْفِطْرَةِ ، وَالشَّرِيْعَةِ -فِيْ الْسِلْمِ ، وَالْعِلْمِ ، وَالْحَرْبِ- فَأَلْزَمَتْ بِهَا هَذِهِ الدُّوْلَ الْمُسْتَضْعَفَةَ ، الَّتِي مَا كَانَ مِنْهَا إِلَّا الرُّضُوْخُ ، وَالْقَبُوْلُ ؛ مُرْغَمَةً ، صَاغِرَةً ، ذَلِيْلَةً ، وَأَقْرَبُ شَاهِدٍ لِهَذَا مَا :

يَتَعَرَّضُ لَهُ إِخْوَانُنَا الْمُسْتَضْعَفُوْنَ -مِنْ قَهْرٍ ، وَظُلْمٍ ، وَقَتْلٍ ، وَتَشْرِيْدٍ- مِنْ قِبَلِ دُوَلِ الظُّلْمِ ، وَالْاِسْتِبْدَادِ ؛ فِيْ كَثِيْرٍ مِنَ الْبُلْدَانِ ؛ كَمَا يَحْدُثُ -الْآنَ- لِلْمُسْتَضْعَفِيْنَ مِنَ الْمُسْلِمِيْنَ ؛ فِيْ فِلَسْطِيْنَ ، وَسُوْرِيَّا ، وَالصِّيْنِ ، وَبُوُرْمَا ، وَإِيْرَانَ ، … ، لَا يَسْتَطِيْعُ أَحَدٌ مِنْ الْمَسْؤُوْلِيْنَ -فِيْ تِلْكَ الدُّوَلِ الْمُهَانَةِ- أَنْ يُحَرِّكَ حَرَاكًا ؛ حَتَّى الْاِسْتِنْكَارَ الصَّرِيْحَ ؛ يَخَافُوْنَ أَنْ يُعْلِنُوْهُ ، أَوْ يَتَفَوَّهُوْا بِهِ ، وَإِنْ فَعَلُوْا ؛ فَعَلَى اِسْتِحْيَاءٍ شَدِيْدٍ ، فَقَدْ آلَتْ بِهِمْ حَالَةُ الْجُبْنِ ، وَالْخَوَرِ إِلَى أَشَدِّ دَرَجَاتِهَا ، فَإِلَى اللهِ الْمَفْزَعُ ، وَالْمُشْتَكَى ، …

وَهَذَا الضَّعْفُ لَهُ أَسْبَابُهُ ، مِنْ أَهَمِّهَا : ضَعْفُ الْعَقِيْدَةِ -أَوِ اِنْعِدَامُهَا- وَالرُّكُوْنُ إِلَى الدُّنْيَا ، وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ :

قَوْلُهُ تَعَالَى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِين   يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيم}[المائدة:51-54] ،

وَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا” ، فَقَالَ قَائِلٌ : وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ ؟ قَالَ : “بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ ، وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ ، فَقَالَ قَائِلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْوَهْنُ ؟ قَالَ : “حُبُّ الدُّنْيَا ، وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ”[1].

لَكِنْ هُنَاكَ ثُلَّةٌ مُؤْمِنَةٌ ، وَطَائِفَةٌ مَنْصُوْرَةٌ ، وَفِرْقَةٌ نَاجِيَةٌ ، اِعْتَصَمُوْا بِحَبْلِ اللهِ ، وَلَمْ يَتَفَرَّقُوْا ، وَطَبَّقُوْا شَرْعَ اللهِ ، وَلَمْ يُهْمِلُوْا ، دَائِمِيْنَ عَلَى هَذَا عُمْرَهُمْ ؛ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ فَارَقَهُمْ ، وَلَا مَنْ خَالَفَهُمْ ، حَتَّى تَقُوْمَ قِيَامَتُهُمْ ،

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظاهِرِينَ ، لِعَدُوَّهِمْ قَاهِرِينَ ، لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ -إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لَأْوَاءَ- حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ الله وَهُمْ كَذلِكَ” ، قالوا يا رسُولَ اللهِ ، وَأَيْنَ هُمْ ؟ قالَ : “بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ ، وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ”[2].

اللَّهُمَّ اُنْصُرْ إِخْوَانَنَا فِيْ فِلَسْطِيْنَ عَلَى أَعْدَائِهِمُ الْمُحْتَلِّيْنَ ؛ مِنَ الصَّهَايِنَةِ ؛ الْيَهُوْدِ ، وَعُمَلَائِهِمُ الْمُتَصَهْيِنِيْنَ ، اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا، وَاقْتُلْهُمْ بَدَدًا، وَلاَ تُبْقِ مِنْهُمْ أَحَدًا،

وَصَلِّ اللُّهُمَّ عَلَى نَبِيِّكَ ، وَمُصْطَفَاكَ ، وَآلِهِ ، وَصَحْبِهِ ، وَالْأَتْبَاعِ .



([1]) رواه أبو داوود (4297) .

([2]) رواه أحمد (22320) .

نَصَائِحُ مُرْسَلَةٌ … إِلَى مَنْ حَادَ عَنْ الصِرَاطِ ، أوْ جَانَبَ الصَّوَابَ .

نَصَائِحُ ، وَإِرْشَادَاتٌ مَنْهَجِيَّةٌ عِلْمِيَّةٌ ، مُوَجَّهَةٌ إِلَى أَصْحَابِ الْمُخَالَفَاتِ الْجَلِيَّةِ ؛ عَقَدِيَّةً كَانَتْ ، أَوْ فِقْهِيَّةً ، أَوْ اِجْتِمَاعِيَّةً ، أَوْ أَخْلاقِيَّةً ، أَوْ … ، نُنَاصِحُ ، وَنَرُدُّ ، نُنْكِرُ ، وَنُذَكِّرُ ، نُحَاوِرُ ، وَنُنَاقِشُ ، نَتَدَارَسُ ، وَنُدَارِسُ ؛ اللَّهُمَّ اِهْدِنَا ، وَسَدِّدْنَا . 

الحلقة (10)

نسخة رقمية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ ، وَالصَّلَاةُ ، وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَالْمُرْسَلِيْنَ ، مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأَمِيْنِ ، وَعَلَى آلِهِ ، وَصَحَابَتِهِ أَجْمَعِيْنَ … أَمَّا بَعْدُ :

“إِلَى إِخْوَانِنَا الْمُجَاهِدِيْنَ فِيْ فِلَسْطِيْن”.

فَقَدْ شَرَّفَكُمْ اللهُ ، وَأَعَزَّ مَكَانَكُمْ ، وَاخْتَارَكُمْ لِلدِّفَاعِ عَنْ مَسْجِدِهِ الْأَقْصَى ، وَدَحْرِ عَدِّوِهِ الْغَاصِبِ ، وَنَزْعِ الذُّلِّ ، وَالْمَهَانَةِ ، وَالْقُنُوْطِ الَّذِي أَصَابَ كَثِيْرًا مِنَ الْمُسْلِمِيْنَ ، وَإِنِّي أُوْصِيْكُمْ بِثَلَاثٍ :

الْأُوْلَى : حَقِّقُوْا النِّيَّةَ الصَّادِقَةَ ، وَالتَّوْحِيْدَ الْخَالِصَ ، فَجِهَادُكُمْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُوْنَ إِلَّا لِلَّهِ ، وَفِـي اللهِ ، وَلِإِعْلَاءِ كَلِــمَتِــهِ ، وِإِعْــزَازِ دِيْنِهِ ؛ فَهُبُّوْا ، وَبَادِرُوْا ، وَ{انْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُون}[التوبة:41] ، {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاَكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِير}[الحج:78] ،

وَالثَّانِيَةِ : الثَّبَاتَ ، الثَّبَاتَ ، وَإِيَّاكُمْ وَالْمُثَبِّطِيْنَ !! {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِين * إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِين}[آل عمران:139-140] ،

وَالثَّالِثَةِ : اِحْذَرُوْا ، ثُمَّ اِحْذَرُوْا ، ثُمَّ اِحْذَرُوْا مِنَ الرَّافِضَة الْمَجُوْسِ ، عَلَيْهُمْ لَعَائِنُ اللهِ الْمُتَتَالِيَةُ ، فَإِنَّهُمْ خِنْجَرٌ غَادِرٌ ، وَعَيْنٌ لِعَدُوِّكُمْ الْفَاجِرِ ، لَا تَتِّخِذُوْهُمْ أَوْلِيَاءَ ، فـ:{إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُون * وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُون}[المائدة:55-56] ،

وَأَبْشِرُوْا أَيُّهَا الْمُجَاهِدُوْنَ بِالْجَنَّةِ ؛ إِنْ حَقَّقْتُمْ مَا أَرَادَهُ اللهُ مِنْكُم ؛ وَعْدًا مِنْهُ مُنَجَّزًا ، فَـ: {إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيم}[التوبة:111] .

فَهَنِيْئًا لَكُمْ أَيُّهَا الْمُجَاهِدُوْنَ ، الصَّابِرُوْنَ ، الْمُوَحِّدُوْنَ هَذَا الْفَضْلُ الْعَظِيْمُ ؛ الَّذِيْ مَنَحَكُمْ اللهُ إِيَّاهُ ، وَيَالَيْتَنَا كُنَّا مَعَكُمْ ؛ لِنَنَالَ شَرْفَ الدِّفَاعِ عَنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، وَنُصْرَةِ الْمُسْتَضْعَفِيْنَ فِيْهِ ، أَوْ يُكْرِمَنَا اللهُ بِالشَّهَادَةَ فِيْ سَبِيْلِهِ .  

اللَّهُمَّ نَصْرَكَ الْمُؤَزَّرَ الْمُبِيْنَ لِجُنْدِكَ ، وَأَوْلِيَائِكَ الْمُخْلِصِيْنَ ، الْمُرَابِطِيْنَ ، وَالْمُجَاهِدِيْنَ فِيْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، اللَّهُمَّ اُنْصُرْهُمْ ، وَأَذِلَّ أَعْدَاءَهُمْ الصَّهَايِنَةَ ، وَالْمُتَرَبِّصِيْنَ بِهِمْ ؛ مِنَ النَّصَارَى ، وَالْمَجُوْسِ ، وَالْمَلَاحِدَةِ ، وَأَهْلِ النِّفَاقِ ، وَالْعَلْمَنَةِ .

اللَّهُمَّ آمِيْن .

وَصَلِّ اللَّهُمَّ عَلَى نَبِيِّنَا الْأَمِيْنَ ، وَآلِهِ ، وَصَحَابَتِهِ ، وَالتَّابِعِيْنَ .

  

 

 

 

“بُيُوْتُ الْمُؤْمِنِيْنَ ؛ وَصْفُهَا الْمُبِيْنُ ، وَحِفْظُهَا الْأَمِيْنُ” .

حَلَقَاتٌ عِلْمِيَّةٌ تَرْبَوِيَّةٌ ، أَصِفُ فِيْهَا الْبُيُوْتَ الْمُؤْمِنَةَ ؛ عَقِيْدَتَهَا ، وَأَخْلَاقَهَا ، ثم أُذَكِّرُ بَعْدَهَا بِالتَّرَاتِيْبِ السَّلَفِيَّةِ الضَّرُوْرِيَّةِ فِيْ طُرُقِ ، وَأَسَالِيْبِ ِحِفْظِهَا مِنْ عُدْوَانِ الْفِرَقِ الْمُعْتَدِيَةِ .

حَلَقَاتٌ مُهِمَّةٌ ، وَبِخَاصَّةٍ فِيْ أَزِمِنَةِ الْغُرْبَةِ ، مُوَجَّهَةٌ لِجَمِيْعِ أَفْرَادِ الْأُسَرِ الْمُسْلِمَةِ ، صَانَهَا اللهُ مِنْ خُطَطِ ، وَتَدَابِيْرِ ذَوِيْ الشُّرُوْرِ الْكَائِدَةِ .

الْحَلْقَةُ (الثَّامِنَةُ) :

-(بُيُوْتُ الْمُؤْمِنِيْنَ فِيْ الْإِسْلَامِ)-

“قِسْمُ الْأَخْلَاقِ” .

نسخة رقمية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ ، وَالصَّلَاةُ ، وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَالْمُرْسَلِيْنَ ، وَعَلَى آلِهِ ، وَصَحَابَتِهِ ، وَالتَّابِعِيْنَ … أَمَّا بَعْدُ :

“حِفْظُ الْبُيُوْتِ الْمُؤْمِنَةِ مِنَ التَّهْدِيْدَاتِ الْمُعَاصِرَةِ” .

(6)

وَمِنْ أَمْثِلَةِ التَّهْدِيْدَاتِ الْاِجْتِمَاعِيَّةِ -أَيْضًا- :

كَثْرَةُ الْخِلَافِ ، وَالشِّقَاقِ الْوَاقِعِ فِيْ الْأُمَّةِ ؛ إِنْ فِيْ الْأُسْرَةِ -أَوِ الْقَبِيْلَةِ- الْوَاحِدَةِ ، أَوْ فِيْ الْمُحِيْطِ الْاِجْتِمَاعِيِّ الْقَرِيْبِ ؛ بَيْنَ الْجِيْرَانِ ، أَوْ بَيْنَ الْأَقَارِبِ ، أَوْ بَيْنَ الرِّفَاقِ ، وَالْأَصْحَابِ ، أَوْ -حَتَّى- بَيْنَ أَهْلِ التَّدَيُّنِ ، وَالصَّلَاحِ ؛ حَتَّى اِمْتَلَأَتْ الذِّاكِرَةُ ، وَسِجِلَّاتُ الْمَحَاكِمِ ، وَمَكَاتِبُ الْمُحَامِيْنَ بِمُحْتَوًى لَيْسَ بِالْقَلِيْلِ مِنْ قَصَصَ النِّزَاعِ ، وَالْخُصُوْمَاتِ ؛ الَّتِي تَدْمَى لَهَا الْقُلُوْبُ ، وَالْأَفْئِدَةُ ؛ حَتَّى وَصَلَتْ ضَرَاوَةُ الْخِلَافِ -عِنْدَ بَعْضِهِمْ- إِلَى إِرَاقَةِ الدِّمَاءِ ، وَإِزْهَاقِ الْأَنْفُسِ ، نَسْأَلُ اللهَ الْعَفْوَ ، وَالْعَافِيَةَ ،

وَكَانَ مِنْ نَتِيْجَةِ ذَلِكَ أَنْ ذَهَبَتْ رِيْحُ الْأُمَّةِ الْمُسْلِمَةِ ، وَضَعُفَتْ هَيْبَتُهَا ، وَوَهَنَتْ قُوَّتُـهَا ؛ فَفَرِحَ الشَّيْطَانُ بِذَلِكَ ، وَشَمَتَ بِنَّا أَعْدَاؤُنَا الْكُفَّارُ ؛ مِنَ الْيَهُوْدِ ، وَالنَّصَارَى ، وَالوَثَنِيِّيْنَ ، وَاللِّيِبْرَالِّيِيْنَ الْمُلْحِدِيْنَ ؛ بَلْ صَارَتْ لَهُمْ ثَغْرَةٌ وَاسِعَةٌ ؛ اِسْتَطَاعُوْا مِنْ خِلَالِهَا أَنْ يَدْخُلُوْا بِلَادَ الْمُسْلِمِيْنَ ، وَيَتَحَكَّمُوْا فِيْ مُقَدِّرَاتِهَا ، وَيَعْبَثُوْا فِيْ سِيَاسَاتِهَا ؛ لِيُمَهِّدُوْا لَهُمُ السَّبِيْلَ لِلسَّيْطَرَةِ عَلَيْهَا ، ثُمَّ اِحْتِلَالِهَا ؛ كَمَا فَعَلُوْا فِيْ فِلَسْطِيْنِنَا السَّلِيْبَةِ ، أَعَزَّهَا اللهُ ، وَأذَلَّ مَنْ أَرَادَ بِهَا السُّوْءَ . 

وَسَنَبْسُطُ الْقَوْلَ فِيْ ذَلِكَ حِيْنَ يَحِيْنُ وَقْتُهُ -إِنْ شَاءَ اللهُ-.

وَصَلِّ اللَّهُمَّ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ، وَآلِهِ ، وَصَحْبِهِ ، وَسَلِّمْ .

 “الرَّدُّ الْعِلْمِيُّ الْمُخْتَصَرُ”

رُدُوْدٌ عِلْمِيَّةٌ مُخْتَصَرَةٌ ، أَتَنَاوَلُ فِيْهَا -أُسْبُوْعِيًّا- كِتَابًا ، أَوْ مَقَالًا ، أَوْ مُحْتَوًى مِنْ مُحْتَوَيَاتِ شَبَكَاتِ التَّوَاصُلِ ؛ مِمَّا يُنْتِجُهُ الْمُخَالِفُوْنَ ؛ سَوَاءً كَانُوْا مُبْتَدِعَةً مُحْدِثِيْنَ ، أَوْ لِيِبْرَالِيِّيْنَ ضَالِّيْنَ ، أَوْ مَنْ جَانَبَهُ الصَّوَابُ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ الْمُوَحِّدِيْنَ .

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

نسخة رقمية

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ ، وَالصَّلَاةُ ، وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَالْمُرْسَلِيْنَ ، وَعَلَى آلِهِ ، وَصَحَابَتِهِ ، وَالتَّابِعِيْنَ … أَمَّا بَعْدُ :

الرَّدُّ الْخَامِسُ :

عَلَى نَقْلٍ مُجْمَلٍ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ اِبْنِ تَيْمِيَّةَ -رَحِمَهُ اللهُ- يَحْتَاجُ إِلَى بَسْطٍ ، وَتَفْصِيْلٍ .

النَّاقِلُ : الشَّيْخُ أَحْمَدُ بْنُ نَاصِرٍ الْقُعَيْمِيُّ وَفَّقَهُ اللهُ[1].

(1)

وَسَأَعْرِضُ النَّقْلَ -هُنَا- ثُمَّ مُقَدِّمَةَ الشَّيْخِ النَّاقِلِ ، ثُمَّ سأَتَكَلَّمُ عَلَيْهِمَا بِمَا يُيَسِّرُ اللهُ تَعَالَى :

– قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللهُ -كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ مَرْعِيُّ الْكَرْمِيُّ رَحِمَهُ اللهُ ؛ بِمَعْنَاهُ- : “كَمَا أَنَّ الْفَاعِلِيْنَ لِهَذِهِ الْبِدَعِ مَعِيْبُوْنَ قَدْ أَتَوْا مَكْرُوْهًا ؛ فَالتَّارِكُوْنَ لِلسُّنَنِ أَيْضًا مَذْمُوْمُوْنَ ؛ فَإِنَّ كَثِيْرًا مِنَ الْمُنْكِرِيْنَ لِبِدَعِ الْعِبَادَاتِ ، وَالْعَادَاتِ تَجِدُهُمْ مُقَصِّرِيْنَ فِيْ فِعْلِ السُّنَنِ ، أَوِ الْأَمْرِ بِهِ ، وَلَعَلَّ حَالَ كَثِيْرٍ مِنْهُمْ يَكُوْنُ أَسْوَأَ مِنْ حَالِ مَنْ يَأْتِي بِتِلْكَ الْعِبَادَاتِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى نَوْعٍ مِنَ الْكَرَاهَةِ” ،

وَقَالَ -أَيْضًا- : “فَمَنْ تَعَبَّدَ بِبَعْضِ هَذِهِ الْعِبَادَاتِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى أَنْوَاعٍ مِنَ الْكَرَاهَةِ ؛ كَالْوِصَالِ فِيْ الصِّيَامِ ، … ، أَوْ قَصْدِ إِحْيَاءِ لَيَالٍ لَا خُصُوْصَ لَهَا ؛ كَأَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَجَبٍ ، وَلَيْلَةِ نِصْفِ شَعْبَانَ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ قَدْ يَكُوْنُ حَالُهُ خَيْرًا مِنَ الْبَطَّالِ الَّذِي لَيْسَ فِيْهِ حِرْصٌ عَلَى طَاعَةِ اللهِ ، وَعِبَادَتِهِ ، بَلْ كَثِيْرٌ مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِيْنَ يُنْكِرُوْنَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ زَاهِدُوْنَ فِيْ جِنْسِ عِبَادَةِ اللهِ ؛ مِنَ الْعِلْمِ النَّافِعِ ، وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ”[2].

– وَفِيْ مُقَدِّمَةِ هَذَا النَّقْلِ قَالَ الشَّيْخُ الْقُعَيْمِيُّ وَفَّقَهُ اللهُ : ” كَوْنُ الْعَبْدِ عَلَى السُّنَّةِ لَا يَعْنِي دَائِمًا أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِ السُّنِّيِّ ؛ إِلَّا إِذَا اِقْتَرَنَ عِلْمُهُ بِالْعَمَلِ ، وَإِلَّا فَقَدْ يَكُوْنُ الْعَامِلُ غَيْرُ السُّنِّيِّ أَفْضَلُ مِنَ السُّنِّيِّ ؛ الَّذِي لَا يَعْمَلُ بِالسُّنَنِ” .

الْجَوَابُ ، وَالرَّدُّ :

وَيَظْهَرُ مِنَ النَّقْلِ السَّابِقِ -لِمَنْ يَقْرَأَهُ لِأَوَّلِ وَهْلَةٍ- أَمْرَانِ :

الْأَوَّلُ : أَنَّ الْبِدَعَ لَيْسَتْ كُلُّهَا مُحَرَّمَةً ، بَلْ فِيْهَا شَيْءٌ مَكْرُوْهٌ .

الثَّانِي : أَنَّ الْمُبْتَدِعَةَ قَدْ يَكُوْنُوْنَ فِيْ بَعْضِ الْأَحْيَانِ أَفْضَلَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ .

وَلِلْجَوَابِ عَلَى هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ ، أَقُوْلُ ، وَبِاللهِ التَّوْفِيْقُ :

أَمَّا الْأَمْرُ الْأَوَّلُ : فَهَذَا النَّقْلُ -وَأَمْثَالُهُ[3]– قَدْ يَكُوْنُ مَسْتَمْسَكًا لِبَعْضِ الْمُخَالِفِيْنَ ؛ الْقَائِلِيْنَ بِتَقْسِيْمِ الْبِدَعِ ؛ إِلَى حَسَنَةٍ ، وَقَبِيْحَةٍ ، أوَ مَكْرُوْهَةٍ ، وَمُحَرَّمَةٍ ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ مِنَ التَّقْسِيْمَاتِ ؛ فَهَذَا بَاطِلٌ ، وَلَا رَيْبَ ؛ لِأَنَّهُ تَـمَسُّكٌ بِمُتَشَابِهٍ مِنْ كَلَامِ شَيْخِ الِإْسْلَامِ ، غَيْرِ مَقْصُوْدٍ لَهُ رَحِمَهُ اللهُ ، أَمَّا الْمُحْكَمُ الصَّرِيْحُ ، الْمَقْصُوْدُ لَهُ ؛ فَهُوَ :

قَوْلُهُ رَحِمَهُ اللهُ : “وَقَدْ كَتَبْتُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ ؛ أَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى عُمُومِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ[4]» مُتَعَيِّنٌ ، وَأَنَّهُ يَجِبُ الْعَمَلُ بِعُمُومِهِ ، وَأَنَّ مَنْ أَخَذَ يُصَنِّفُ الْبِدَعَ إلَى حَسَنٍ ، وَقَبِيحٍ ، وَيَجْعَلُ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى أَلَا يُحْتَجَّ بِالْبِدْعَةِ عَلَى النَّهْيِ فَقَدْ أَخْطَأَ ؛ كَمَا يَفْعَلُ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُتَفَقِّهَةِ ، وَالْمُتَكَلِّمَةِ ، وَالْمُتَصَوِّفَةِ ، وَالْمُتَعَبِّدَةِ … ،

وَمَا سُمِّيَ بِدْعَةً ، وَثَبَتَ حُسْنُهُ بِأَدِلَّةِ الشَّرْعِ ؛ فَأَحَدُ الْأَمْرَيْنِ فِيهِ لَازِمٌ :

إمَّا أَنْ يُقَالَ : لَيْسَ بِبِدْعَةِ فِي الدِّينِ ، وَإِنْ كَانَ يُسَمَّى بِدْعَةً مِنْ حَيْثُ اللُّغَةُ ؛ كَمَا قَالَ عُمَرُ : «نِعْمَت الْبِدْعَةُ هَذِهِ»[5] ،  

وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ : هَذَا عَامٌّ ، خُصَّتْ مِنْهُ هَذِهِ الصُّورَةُ ؛ لِمُعَارِضِ رَاجِحٍ ؛ كَمَا يَبْقَى فِيمَا عَدَاهَا عَلَى مُقْتَضَى الْعُمُومِ ؛ كَسَائِرِ عمومات الْكِتَابِ ، وَالسُّنَّةِ”[6]،

وَقَالَ -أيضًا- رَحِمَهُ اللهُ : “وَهَؤُلَاءِ الْمُعَارِضُوْنَ يَقُوْلُوْنَ : لَيْسَتْ كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ !!

وَالْجَوَابُ :

أَمَّا الْقَوْلُ : «أَنَّ شَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا ، وأَنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وكُلُّ ضَلالَةٍ فِي النَّارِ»[7]، وَالتَّحْذِيْرُ مِنَ الْأُمُوْرِ الْمُحْدَثَاتِ ؛ فَهَذَا نَصُّ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَا يَـحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَدْفَعَ دَلَالَتَهُ عَلَى ذَمِّ الْبِدَعِ ، وَمَنْ نَازَعَ فِيْ دَلَالَتِهِ فَهُوَ مُرَاغِمٌ ، وَأَمَّا الْمُعَارَضَاتُ ؛ فَالْجَوَابُ عَنْهَا بِأَحَدِ جَوَابَيْنِ :

إِمَّا بِأَنْ يُقَالَ : مَا ثَبَتَ حُسْنُهُ فَلَيْسَ مِنَ الْبِدَعِ ، فَيَبْقَى الْعُمُوْمُ مَحْفُوْظًا ؛ لَا خُصُوْصَ فِيْهِ ،

وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ : مَا ثَبَتَ حُسْنُهُ فَهُوَ مَخْصُوْصٌ مِنَ الْعُمُوْمِ ، وَالْعَامُّ الْمَخْصُوْصُ دَلِيْلٌ فِيْمَا عَدَا صُوْرَةِ التَّخْصِيْصِ ؛ فَمَنِ اِعْتَقَدَ أَنَّ بَعْضَ الْبِدَعِ مَخْصُوْصٌ مِنْ هَذَا الْعُمُوْمِ اِحْتَاجَ إِلَى دَلِيْلٍ يَصْلُحُ لِلتَّخْصِيْصِ ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْعُمُوْمُ اللَّفْظِيُّ الْمَعْنَوِيُّ مُوْجِبًا لِلنَّهْيِ ، ثُمَّ الْمُخَصِّصُ هُوَ الْأَدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ ؛ مِنَ الْكِتَابِ ، وَالسُّنَّةِ ، وَالْإِجْمَاعِ ؛ نَصًّا ، وَاسْتِنْبَاطًا ، … ، وَإِذَا عَرَفْتَ أَنَّ الْجَوَابَ عَنِ هَذِهِ الْمُعَارَضَةِ بِأَحَدِ الْجَوَابَيْنِ ؛ فَعَلَى التَّقْدِيْرَيْنِ : الدَّلَالَةُ مِنَ الْحَدِيْثِ بَاقِيَةٌ ، لَا تُرَدُّ بِمَـا ذَكَرُوْا ، وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُقَابِلَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ الْجَامِعَةَ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكُلِّيَةَ ، وَهِيَ قَوْلُهُ : «كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» بِسَلْبِ عُمُوْمِهَا ، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ : لَيْسَتْ كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ، فَإِنَّ هَذَا إِلَى مُشَاقَّةِ الرَّسُوْلِ أَقْرَبُ مِنْهُ إِلَى التَّأْوِيْلِ”[8].

وَعَلَيْهِ أَقُوْلُ :

مَا وَرَدَ فِيْ النَّقْلِ السَّابِقِ مِنْ كَلَامِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ مِنْ لَفْظِ الْكَرَاهَةِ فِيْ مَوْضُوْعِ الْبِدْعَةِ ؛ فَإِنَّهُ يَقْصَدُ بِهَا الْكَرَاهَةَ التَّحْرِيْمِيَّةَ ؛ لِأَنَّهُ كَمَا هُوَ مُتَقَرَّرٌ مَعْلُوْمٌ -وَهُوَ مَنْصُوْصُ كَلَامِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِيْ نُقُوْلَاتِهِ السَّابِقَةِ- أَنَّ الْبِدْعَةَ كُلَّهَا ضَلَالَةٌ ، “وَلَكِنَّهَا مُتَفَاوِتَةٌ ، وَلَا شَكَّ ، فَبَعْضُهَا أَشَدُّ ، وَأَسْوَأُ ، وَلَكِنْ كُلُّهَا مَوْصُوْفَةٌ بِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ ، وَأَنَّهَا ضَلَالَةٌ ، فَلَيْسَ هُنَاكَ بِدْعَةٌ يُقَالُ فِيْهَا : إِنَّهَا مَكْرُوْهَةٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيْهٍ! بَلْ كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ مُحَرَّمَةٌ”[9]،

وَأَمَّا الْأَمْرُ الثَّانِي : وَهُوَ : أَنَّ الْمُبْتَدِعَةَ قَدْ يَكُوْنُوْنَ فِيْ بَعْضِ الْأَحْيَانِ أَفْضَلَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ ؛ فَهَذَا -أَيْضًا- يَحْتَاجُ إِلَى تَحْرِيْرٍ ، فَشَيْخُ الْإِسْلَامِ لَهُ كَلَامٌ صَرِيْحٌ فِيْ أَنَّ أَهْلَ الْاِبْتِدَاعِ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ فُسَّاقِ أَهْلِ السُّنَّةِ ، وَمِنْ ذَلِكَ :

قَوْلُهُ رَحِمَهُ اللهُ : “إنَّ أَهْلَ الْبِدَعِ شَرٌّ مِنْ أَهْلِ الْمَعَاصِي الشَّهْوَانِيَّةِ ؛ بِالسُّنَّةِ ، وَالْإِجْمَاعِ ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقِتَالِ الْخَوَارِجِ ، وَنَهَى عَنْ قِتَالِ أَئِمَّةِ الظُّلْمِ ، وَقَالَ فِي الَّذِي يَشْرَبُ الْخَمْرَ : «لَا تَلْعَنْهُ فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ ، وَرَسُولَهُ»[10]، وَقَالَ فِيْ ذِي الْخُوَيْصِرَةِ : «يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئْ هَذَا أَقْوَامٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ -وَفِي رِوَايَةٍ : مِنْ الْإِسْلَامِ-كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمْيَةِ»[11] … ، وَقَدْ قُرِّرَتْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ بِالدَّلَائِلِ الْكَثِيرَةِ ؛ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ الْقَوَاعِدِ ، ثُمَّ إنَّ أَهْلَ الْمَعَاصِي ذُنُوبُهُمْ فِعْلُ بَعْضِ مَا نُهُوا عَنْهُ ؛ مِنْ سَرِقَةٍ ، أَوْ زِنًا ، أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ ، أَوْ أَكْلِ مَالٍ بِالْبَاطِلِ ، وَأَهْلُ الْبِدَعِ ذُنُوبُهُمْ تَرْكُ مَا أُمِرُوا بِهِ ؛ مِنْ اتِّبَاعِ السُّنَّةِ ، وَجَمَاعَةِ الْمُؤْمِنِينَ”[12]،

لَكِنْ يُوَجَّهُ كَلَامُهُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِيْ هَذَا النَّقْلِ -الَّذِي نَقَلَهُ الشَّيْخُ الْقُعَيْمِيُّ- إِلَى مَسْأَلَةِ التَّفْضِيْلِ ؛ فَشَيْخُ الْإِسْلَامِ -هُنَا- لَا يُؤَصِّلُ ؛ كَتَأْصِيْلِهِ لَمَّا قَالَ : “إنَّ أَهْلَ الْبِدَعِ شَرٌّ مِنْ أَهْلِ الْمَعَاصِي الشَّهْوَانِيَّةِ” ، بَلْ هُوَ -رَحِمَهُ اللُه- يُقَارِنُ بَيْنَ أَنْوَاعٍ مِنَ النَّاسِ ؛ فَتَوَصَّلَتْ مُقَارَنَتُهُ إِلَى مَا يَلِيْ :

أَنَّ الْمُجْتَهِدَ فِيْ الْعَمَلِ -إِذَا كَانَ عَمَلُهُ مِنْ نَوْعِ الْبِدَعِ الْإِضَافِيَةِ ؛ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى نَوْعٍ مِنَ الْمَشْرُوْعِ ؛ كَوِصَالِ شَهْرِ رَمَضَانَ ، وَصَلَاةِ الرَّغَائِبِ- مَعَ مَا يَتْبَعُها مِنْ لَوَازِمٍ أَعْمَالِ الْقُلُوْبِ ؛ كَالْـمَحَبَّةِ ، وَالتَّعْظِيْمِ قَدْ يَكُوْنُ خَيْرًا مِنْ رَجُلٍ بَطَّالٍ ، لَا عَمَلَ لَهُ ؛ لَا مِنْ أَعْمَالِ الْجَوَارِحِ ، وَلَا مِنْ أَعْمَالِ الْقُلُوْبِ ؛ يَعْنِي : أَنَّ حُسْنَ نِيَّةِ هَذَا الْعَامِلِ -صَاحِبِ الْبِدْعَةِ الْإِضَافِيَّةِ ، لَا الْبِدْعَةِ الْحَقِيْقِيَّةِ- قَدْ يَكُوْنُ -بِنِيِّتِهِ هَذِهِ- خَيْرًا مِنَ الْمُعْرِضِ عَنِ الْعَمَلِ ، وَمِمَّا يُبِيِّنُ ذَلِكَ : 

قَوْلُهُ رَحِمَهُ اللهُ -فِيْ كَلَامِهِ عَنْ مُبْتَدِعَةِ الْمَوَالِدِ النَّبَوِيَّةِ- : “وَاللهُ قَدْ يُثِيْبُهُمْ عَلَى هَذِهِ الْمَحَبَّةِ ، وَالْاِجْتِهَادِ ، لَا عَلَى الْبِدَعِ ، مِنِ اِتِّخَاذِ مَوْلِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِيْدًا ، مَعَ اِخْتِلَافِ النَّاسِ فِيْ مَوْلِدِهِ ، فَإِنَّ هَذَا لَمْ يَفْعَلُهُ السَّلَفُ ، مَعَ قِيَامِ الْمُقْتَضِي لَهُ ، وَعَدَمِ الْمَانِعِ مِنْهُ لَوْ كَانَ خِيْرًا ، وَلَوْ كَانَ هَذَا خَيْرًا مَحْضًا ، أَوْ رَاجِحًا لَكَانَ السَّلَفُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَحَقُّ بِهِ مِنَّا ، …

وَاعْلَمْ أَنَّ مِنَ الْأَعْمَالِ مَا يَكُوْنُ فِيْهِ خَيْرٌ ؛ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى أَنْوَاعٍ مِنَ الْمَشْرُوْعِ ، وَفِيْهِ أَيْضًا شَرٌّ ، مِنْ بِدْعَةٍ ، وَغَيْرِهَا ، فَيَكُوْنُ ذَلِكَ الْعَمَلُ خَيْرًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا اشْتَمَل عَلَيْهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَشْرُوْعِ ، وَشَرًّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا اشْتَمَل عَلَيْهِ مِنَ الْإِعْرَاضِ عَنِ الدِّيْنِ بِالْكُلِيَّةِ ؛ كَحَالِ الْمُنَافِقِيْنَ ، وَالْفَاسِقِيْنَ”[13]،

وَقَوْلُهُ رَحِمَهُ اللهُ -أَيْضًا- : “فَتَفَطَّنْ لِحَقِيْقَةِ الدِّيْنِ ، وَانْظُرْ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ الْأَفْعَالُ مِنَ الْمَصَالِحِ الشَّرْعِيَّةِ ، وَالْمَفَاسِدِ ، بِحَيْثُ تَعْرِفُ مَا مَرَاتِبُ الْمَعْرُوْفِ ، وَمَرَاتِبَ الْمُنْكَرِ ، حَتَّى تُقَدِّمَ أَهَمَّهَا عِنْدَ الْاِزْدِحَامِ ؛ فَإِنَّ هَذَا حِقِيْقَةُ الْعِلْمِ بِمَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ ، … ، فَأَمَّا مَرَاتِبُ الْمَعْرُوْفِ ، وَالْمُنْكَرِ ، وَمَرَاتِبَ الدَّلِيْلِ ؛ بِحَيْثُ يُقَدَّمُ عِنْدَ التَّزَاحُمِ أَعْرَفُ الْمَعْرُوْفَيْنِ ، وَيُنْكَرُ أَنْكَرُ الْمُنْكَرَيْنِ ، وَيُرَجَّحُ أَقْوَى الدَّلِيْلَيْنِ ؛ فَإِنَّهُ هُوَ خَاصَّةُ الْعُلَمَاءِ بِهَذَا الدِّيْنِ ؛ فَالْمَرَاتِبُ ثَلَاثٌ : أَحَدُهَا : الْعَمَلُ الصَّالِحُ الْمَشْرُوْعُ الَّذِي لَا كَرَاهَةَ فِيْهِ ، وَالثَّانِيَةُ : الْعَمَلُ الصَّالِحُ مِنْ بَعْضِ وُجُوْهِهِ ، أَوْ أَكْثَرِهَا ؛ إِمَّا لِحُسْنِ الْقَصْدِ ، أَوْ لِاشْتِمَالِهِ مَعَ ذَلِكَ عَلَى أَنْوَاعٍ مِنَ الْمَشْرُوْعِ ، وَالثَّالِثَةُ : مَا لَيْسَ فِيْهِ صَلَاحٌ أَصْلًا : إِمَّا لِكَوْنِهِ تَرْكًا لِلْعَمَلِ الصَّالِحِ مُطْلَقًا ، أَوْ لِكَوْنِهِ عَمَلًا فَاسِدًا مَحْضًا  ؛ … ، وَأَمَّا الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَة : فَهِيَ كَثِيْرَةٌ جِدًّا فِيْ طُرُقِ الْمُتَأَخِّرِيْنَ ؛ مِنَ الْمُنْتَسِبِيْنَ إِلَى عِلْمٍ ، أَوْ عِبَادَةٍ ، وَمِنَ الْعَامَّةِ أَيْضًا ، وَهَؤُلَاءِ خَيْرٌ مِمَّنْ لَا يَعْمَلُ عَمَلًا صَالِحًا مَشْرُوْعًا ، وَلَا غَيْرَ مَشْرُوْعٍ ، أَوْ مَنْ يَكُوْنُ عَمَلُهُ مِنْ جِنْسِ الْمُحَرَّمِ ؛ كَالْكُفْرِ ، وَالْكَذِبِ ، وَالْخِيَانَةِ ، وَالْجَهْلِ”[14].

إِذَا -وَبَعْدَ هَذَا التَّفْصِيْلِ- نَخْلُصُ إِلَى أَنَّ قَوْلَ الشَّيْخِ الْقُعَيْمِيِّ وَفَقَهُ اللهُ : ” كَوْنُ الْعَبْدِ عَلَى السُّنَّةِ لَا يَعْنِي دَائِمًا أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِ السُّنِّيِّ إِلَّا إِذَا اِقْتَرَنَ عِلْمُهُ بِالْعَمَلِ …” ؛ فِيْهِ إِجْمَالٌ غَيْرُ مَحْمُوْدٍ ، خَاصَّةً فِيْ أَزِمِنَةٍ يَكْثُرُ فِيْهَا أَهْلُ الْأَهْوَاءِ الْمُبْتَدِعُوْنَ ، وَيَقِلُّ فِيْهَا أَهْلُ الْعِلْمِ الْمُنْكِرُوْنَ ، فَالْبَسْطُ ، وَالتَّفْصِيْلُ -هُنَا- ضَرُوْرِيٌّ ؛ لِأَنُّهُ يُزِيْلُ الْإِشْكَالَاتِ الَّتِي يُوْرِدُهَا الزَّائِغُوْنَ الْمُبْتَدِعَةُ ؛ الَّذِيْنَ يَتَّبِعُوْنَ الْمُتَشَابِهَاتِ ؛ اِبْتِغَاءَ الشَّغَبِ ، وَالْفِتْنَةِ ، وَقَانَا اللهُ ، وَالْمُسْلِمِيْنَ شَرَّهُمْ ، وَكَيْدَهُمْ .  

(2)

وَفِيْ الْخِتَامِ :

أُوْصِي نَفْسِي -وَإِخْوَانِي مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ- بِوَاحِدَةٍ ؛ وَهِيَ : تَمْيِيْزِ صَفِّ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنَ الدُّخَلَاءِ ، فَإِفْسَادُهُمْ فِيْ صَفِّنَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ أَعْطَاهُ اللهُ الْعَقْلَ ، وَالذَّكَاءَ ؛ وَأَرَى أَنَّ مِنْ أَفْضَلِ الطُّرُقِ لِتَمْيِيْزِ الصَّفِّ مِنْ أُوْلَئِكَ الدُّخَلَاءِ الْبُغَضَاءِ -خَاصَّةً فِيْ أَزْمِنَتِنَا هَذِهِ- هِيَ الصَّدْعُ بِالْحَقِّ عَلَى الْمَلَأِ ، وَتَبْيِيْنُ ضَلَالِ الْمُضِلِّيْنَ بِأَوْضَحِ عِبَارَةٍ ، ثُمَّ لْنَحْذَرْ كُلَّ الْحَذَرِ مِنَ الْمُجَامَلَةِ فِيْ دِيْنِ اللهِ ، فَإِنَّهُ نَوْعٌ مِنَ النِّفَاقِ ، أَعَاذَنَا اللهُ ، وَإِيَّاكُمْ مِنْهُ ، وَلْنَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ تَعَالَى : {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا * وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا * إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا}[الإسراء:73-75] .

أَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يُبَصِّرَنَا بِالْحَقِّ ، وَأَنْ نَعْمَلَ بِهِ ، وَأَنْ يُجَنِّبَنَا الْبَاطِلَ ، وَالدَّاعِيْنَ إِلَيْهِ ،

وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ،

وَصَلِّ اللَّهُمَّ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ، وَمَنِ اِتَّبَعَ سُنَّتَهُ ، وَاقْتَفَى هُدَاهُ .



([1]) قناة الشيخ على التليجرام .

([2]) شفاء الصدور في زيارة المشاهد والقبور ؛ لمرعي الكرمي ؛ ص : (268) .

([3]) وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ رَحِمَهُ اللهُ : “ وَكُلُّ بِدْعَةٍ لَيْسَتْ وَاجِبَةً ، وَلَا مُسْتَحَبَّةً فَهِيَ بِدْعَةٌ سَيِّئَةٌ ، وَهِيَ ضَلَالَةٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ ، وَمَنْ قَالَ فِي بَعْضِ الْبِدَعِ إنَّهَا بِدْعَةٌ حَسَنَةٌ ؛ فَإِنَّمَا ذَلِكَ إذَا قَامَ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ أَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ ، فَأَمَّا مَا لَيْسَ بِمُسْتَحَبِّ ، وَلَا وَاجِبٍ فَلَا يَقُولُ أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إنَّهَا مِنْ الْحَسَنَاتِ ؛ الَّتِي يُتَقَرَّبُ بِهَا إلَى اللَّهِ ، وَمَنْ تَقَرَّبَ إلَى اللَّهِ بِمَا لَيْسَ مِنْ الْحَسَنَاتِ الْمَأْمُورِ بِهَا أَمْرَ إيجَابٍ ، وَلَا اسْتِحْبَابٍ فَهُوَ ضَالٌّ مُتَّبِعٌ لِلشَّيْطَانِ وَسَبِيلُهُ”[قاعدة جليلة في التوسل ، والوسيلة ، ص : (28)] ، وقوله رحمه الله : “ الْبِدْعَةُ الْحَسَنَةُ -عِنْدَ مَنْ يُقَسِّمُ الْبِدَعَ إلَى حَسَنَةٍ ، وَسَيِّئَةٍ- لَا بُدَّ أَنْ يَسْتَحِبَّهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الَّذِينَ يُقْتَدَى بِهِمْ وَيَقُومُ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ عَلَى اسْتِحْبَابِهَا …”[مجموع الفتاوى (27/152)] .

([4]) رواه مسلم (1960) .

([5]) أخرجه البيهقي في «مناقب الشافعي» (1/469) ، وأصله في البخاري (2010) ، في كتاب صلاة التراويح ، باب فضل من قام رمضان .

([6]) مجموع الفتاوى (10/370-371) .

([7]) تقدم تخريجه .

([8]) اقتضاء الصراط المستقيم (2/93) .

([9]) شرح الأربعين النووية ؛ للشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله ، ص : (28) .

([10]) رواه البخاري (6780) ، بلفظ : “لَا تَلْعَنُوْهُ …” .

([11]) رواه البخاري (4351) ، ومسلم (2416) .

([12]) مجموع الفتاوى (20/104) .

([13]) اقتضاء الصراط المستقيم (2/123-124) .

([14]) اقتضاء الصراط المستقيم (2/128) .

نَصَائِحُ مُرْسَلَةٌ … إِلَى مَنْ حَادَ عَنْ الصِرَاطِ ، أوْ جَانَبَ الصَّوَابَ .

نَصَائِحُ ، وَإِرْشَادَاتٌ مَنْهَجِيَّةٌ عِلْمِيَّةٌ ، مُوَجَّهَةٌ إِلَى أَصْحَابِ الْمُخَالَفَاتِ الْجَلِيَّةِ ؛ عَقَدِيَّةً كَانَتْ ، أَوْ فِقْهِيَّةً ، أَوْ اِجْتِمَاعِيَّةً ، أَوْ أَخْلاقِيَّةً ، أَوْ … ، نُنَاصِحُ ، وَنَرُدُّ ، نُنْكِرُ ، وَنُذَكِّرُ ، نُحَاوِرُ ، وَنُنَاقِشُ ، نَتَدَارَسُ ، وَنُدَارِسُ ؛ اللَّهُمَّ اِهْدِنَا ، وَسَدِّدْنَا . 

الحلقة (9)

نسخة رقمية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ ، وَالصَّلَاةُ ، وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَالْمُرْسَلِيْنَ ، مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأَمِيْنِ ، وَعَلَى آلِهِ ، وَصَحَابَتِهِ أَجْمَعِيْنَ … أَمَّا بَعْدُ :

“جَوَابُ السَّائِلِيْنَ : مَتَى تَتَحَقَّقُ الْعِزَّةُ لِلْمُسْلِمِيْنَ ؟”.

الْعِزَّةُ تَكْمُنُ فِيْ شَيْئَيْنِ اِثْنَيْنِ ، فَمَتَى تَحَقَّقَا فَقَدْ تَحَقَّقَتْ لَهُمُ الْعِزَّةُ ، وَإِلَّا فَلَا ، فِيْ :

1] الْإِسْلَامِ ؛ إِقَامَةً ، وَثَبَاتًا إِلَى الْمَمَاتِ ،

2] والْجِهَادِ فِيْ سَبِيْلِ اللهِ ؛ صَبْرًا ، وَمُصَابَرَةً ؛ إِلَى تَحَقُّقِ النَّصْرِ ، أَوِ الْاِسْتِشْهَادِ ،  

أَمَّا مَا يُرَى فِيْ حَالِ الْمُسْلِمِيْنَ -الْيَوْمَ- مِنْ تَفْرِيْطِهِمْ فِيْ أَوَامِرِ اللهِ ، وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ ، وَمُصْطَفَاهُ ، وَاتِّخَاذِهِمُ الْكُفَّارَ مِنْ دُوْنِ اللهِ ، وَالْمُؤْمِنِيْنَ أَوْلِيَاءَ ، وَالرُّكُوْنِ إِلَى الدُّنْيَا ، وَاللَّهَثِ وَرَاءَ شَهَوَاتِهَا ، وَتَرْكِ الْجِهَادِ ؛ فَإِنَّهُ طَرِيْقٌ يُمَهِّدُوْنَهُ لِعَدُوِّهِمُ الْغَاشِمِ لِإِذْلَالِهِمْ ، وَاحْتِلَالِ بِلَادِهِمْ ، فَاقْرَؤُوْا التَّارِيْخَ فِفِيْهِ الْعِبَرُ !!

قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ ، وَتَبَعْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللهِ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ مِنْ رِقَابِكُمْ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ”[1]،

وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “بُعِثْتُ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُعْبَدَ اللهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي ، وَجُعِلَ الذِّلَّةُ ، وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي ، وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ”[2]،

ومن الجهاد جِهَادُ الْكَلِمَةِ ؛ بِالْقَلَمِ ، وَاللِّسَانِ ، كَمَا قَالَ الْمُصْطَفَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ ، وَالسَّلَامُ : “جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ ، وَأَنْفُسِكُمْ ، وَأَلْسِنَتِكُمْ”[3].

وَإِذَا تَعَذَّرَ الْجِهَادُ بِالنَّفْسِ -فِيْ بَعْضِ الْأَزْمِنَةِ- لِضَعْفِ الْمُسْلِمِيْنَ ، فَلَا أَقَلَّ مِنْ إِعْدَادِ أَبْنَائِهِ لَهُ ؛ إِعْدَادًا مُتَكَامِلًا ، وَيَأْتِي فِيْ مُقَدِّمَةِ ذَلِكَ الْإِعْدَادِ : اِلْتِزَامُ شَرْعِ اللهِ ، وَإِخْلَاصُ الْعَمَلِ ، وَالْكَفُّ عَنْ الْمَعَاصِي ، وَالْمُجَاهَرَةِ بِالْمُنْكَرِ ،

تَمَّ الْجَوَابُ بِإِيْجَازٍ ، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْعَمَلُ ، وَالْإِقْدَامُ .  

أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَعِزَّ الْمُسْلِمِيْنَ بِدِيْنِهِ ، وَأَنْ يُهَيِّءَ لَهُمْ مِنْ أَمْرِهِمْ رَشَدًا ، وَأَنْ يُوَلِّيَ عَلَيْهِمْ خِيَارَهُمْ ، وَصُلَحَاءَهُمْ ، وَيُجَنِّبَهُمْ شِرَارَهُمْ ، وَفُسَّاقَهُمْ ،

وَصَلِّ اللَّهُمَّ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ، وَعَلَى آلِهِ ، وَصَحْبِهِ ، وَسَلِّمْ .

 

 

 



([1]) رواه أبو داوود (3462) .

([2]) رواه أحمد (5114) .

([3]) رواه أبو داوود (2504) .

“بُيُوْتُ الْمُؤْمِنِيْنَ ؛ وَصْفُهَا الْمُبِيْنُ ، وَحِفْظُهَا الْأَمِيْنُ” .

حَلَقَاتٌ عِلْمِيَّةٌ تَرْبَوِيَّةٌ ، أَصِفُ فِيْهَا الْبُيُوْتَ الْمُؤْمِنَةَ ؛ عَقِيْدَتَهَا ، وَأَخْلَاقَهَا ، ثم أُذَكِّرُ بَعْدَهَا بِالتَّرَاتِيْبِ السَّلَفِيَّةِ الضَّرُوْرِيَّةِ فِيْ طُرُقِ ، وَأَسَالِيْبِ ِحِفْظِهَا مِنْ عُدْوَانِ الْفِرَقِ الْمُعْتَدِيَةِ .

حَلَقَاتٌ مُهِمَّةٌ ، وَبِخَاصَّةٍ فِيْ أَزِمِنَةِ الْغُرْبَةِ ، مُوَجَّهَةٌ لِجَمِيْعِ أَفْرَادِ الْأُسَرِ الْمُسْلِمَةِ ، صَانَهَا اللهُ مِنْ خُطَطِ ، وَتَدَابِيْرِ ذَوِيْ الشُّرُوْرِ الْكَائِدَةِ .

الْحَلْقَةُ (السَّابِعَةُ) :

-(بُيُوْتُ الْمُؤْمِنِيْنَ فِيْ الْإِسْلَامِ)-

“قِسْمُ الْأَخْلَاقِ” .

نسخة رقمية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ ، وَالصَّلَاةُ ، وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَالْمُرْسَلِيْنَ ، وَعَلَى آلِهِ ، وَصَحَابَتِهِ ، وَالتَّابِعِيْنَ … أَمَّا بَعْدُ :

“حِفْظُ الْبُيُوْتِ الْمُؤْمِنَةِ مِنَ التَّهْدِيْدَاتِ الْمُعَاصِرَةِ” .

(5)

وَمِنْهَا : التَّهْدِيْدَاتُ الْاِجْتِمَاعِيَّةُ ، وَمِنْ أَهَمِّ أَمْثِلَتِهَا فِيْ أَزْمِنَتِنَا الْمُعَاصِرَةِ :

هَيْمَنَةُ الْمَرْأَةُ عَلَى شُؤُوْنِ بَيْتِهَا ؛ مُنْفَرِدَةً بِهِ عَنْ زَوْجِهَا ، فَقَدْ جَعَلَتْ لَهَا فِيْ بَيْتِهَا مَمْلَكَةً ، وَسُلْطَانًا رَفِيْعًا ؛ فَهِيَ فِيْهِ : الْآمِرَةُ ، النَّاهِيَةُ ، الْمُنَظِّمَةُ ، الْمُدَبِّرَةُ ، الْقَاضِيَةُ ، الْحَاكِمَةُ ، … ، وَيَا وَيْلَ مَنْ يَتَدَخَّلُ فِيْ مَـمْلَكَتِهَـا -هَـذِهِ- سَتَجْعَلُ حَيَاتَهُ -إِنْ فَعَلَ- جَحِيْمًا لَا يُطَاقُ ، فَأَمَّا زَوْجُهَا ؛ فَـ:

إِنْ كَانَ مِنَ الْمُسْتَضْعَفِيْنَ ؛ غَيْرَ قَائِمٍ بِشَرْعِ اللهِ الْمُبِيْنِ ؛ فَسَيَرْضَى بِالْإِهَانَةِ ، وَسَيَكُوْنُ خَادِمًا نَبِيْلًا لَدَيْهَا ، أَوْ سَائِقًا مُحْتَرِفًا لِأَوْلَادِهَا ، أَوْ صَرَّافًا آلِيًّا لِشَرَاءِ حَاجِيَاتِهَا ، وَسَتَمْضِي حَيَاتُهُمَا عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ حَتَّى يَمُوْتَ الْأَعْجَلُ مِنْهُمَا ، وَيُوَارَى جِثْمَانُهُ التَّرَابَ ، لِتُوَاجِهَ هَذِهِ الْمَرْأَةُ جَزَاءَهَا يَوْمَ يَقُوْمُ الْحِسَابُ ،

وَأَمَّا إِنْ كَانَ رَجُلًا قَوِيًّا ، وَبِشَرْعِ اللهِ قَائِمًا ، فَحَتْمًا ، سَيَنْتَهِي مَطَافُ عَلَاقَتِهِمَا الزَّوْجِيَّةِ إِلَى الطَّلَاقِ ، أَوِ الْهِجْرَانِ ، وَالْاِنْفِصَالِ ، لَيَجْرِيَ عَلَيْهَا -إِنْ أَذِنَ رَبُّهَا- غَضَبُ الرَّحْمَنِ ، وَسَخَطُهُ ، وَلَعْنُ الْمَلَائِكَةِ الْكِرَامِ ،

هَذِهِ حَقِيْقَةُ ، وَحَالُ كَثِيْرٍ مِنَ الْبُيُوْتِ ؛ فَمُسْتَقِلٌّ أَهْلُهَا مَمَّا ذُكِرَ ، أَوْ مُسْتَكْثِرُوْنَ ، نَسْأَلُ اللهَ الْعَفْوَ ، وَالْعَافِيَةَ ،

وَصَدَقَ رَسُوْلُنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -بِأَبِي هُوَ ، وَأُمِّي- حِيْنَ قَالَ : “وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لَا تُؤَدِّي الْمَرْأَةُ حَقَّ رَبِّهَا حَتَّى تُؤَدِّيَ حَقَّ زَوْجِهَا …”[1]، وَمِنْ أَعْظَمِ الْحُقُوْقِ الشَّرْعِيَّةِ لِلرَّجُلِ عَلَى زَوْجَتِهِ الْوِلَايَةُ عَلَيْهَا ، “وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ ، وَهُوَ مَسْؤُوْلٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ”[2]. 

 وَفِيْ حَلَقَاتٍ قَادِمَةٍ -إِنْ شَاءَ اللهُ- سَنَذْكُرُ الْأَسْبَابَ الَّتِي دَعَتْ إِلَى وُجُوْدِ هَذَا الْمَرَضِ الْعُضَالِ ؛ الَّذِي أَقَضَّ مَضَاجِعَ كَثِيْرٍ مِنَ الصَّالِحِيْنَ ، وَتَهَدَّمَتْ فِيْهَا بُيُوْتُ عَدِيْدٍ مِنْ الْمُسْلِمِيْنَ ، ثُمَّ -عَلَى قَدْرِ الْمُسْتَطَاعِ- سَنَصِفُ الدَّوَاءَ الْمُنَاسِبَ ؛ نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى الْإِعَانَةَ ، وَالسَّدَادَ ،  

وَصَلِّ اللَّهُمَّ ، وَسَلِّمْ عَلَى إِمَامِ الْهُدَى ، وَالرَّشَادِ ، مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، وَآلِهِ ، وَصَحْبِهِ أُوْلِي النُّهَى ، وَالْإِحْسَانِ .

 

 

 



([1]) رواه -بهذا اللفظ- ابن ماجه (1853) .

([2]) رواه البخاري (893) ، ومسلم (4751) .

نَصَائِحُ مُرْسَلَةٌ … إِلَى مَنْ حَادَ عَنْ الصِرَاطِ ، أوْ جَانَبَ الصَّوَابَ .

نَصَائِحُ ، وَإِرْشَادَاتٌ مَنْهَجِيَّةٌ عِلْمِيَّةٌ ، مُوَجَّهَةٌ إِلَى أَصْحَابِ الْمُخَالَفَاتِ الْجَلِيَّةِ ؛ عَقَدِيَّةً كَانَتْ ، أَوْ فِقْهِيَّةً ، أَوْ اِجْتِمَاعِيَّةً ، أَوْ أَخْلاقِيَّةً ، أَوْ … ، نُنَاصِحُ ، وَنَرُدُّ ، نُنْكِرُ ، وَنُذَكِّرُ ، نُحَاوِرُ ، وَنُنَاقِشُ ، نَتَدَارَسُ ، وَنُدَارِسُ ؛ اللَّهُمَّ اِهْدِنَا ، وَسَدِّدْنَا .  

الحلقة (8)

نسخة رقمية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ ، وَالصَّلَاةُ ، وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَالْمُرْسَلِيْنَ ، مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأَمِيْنِ ، وَعَلَى آلِهِ ، وَصَحَابَتِهِ أَجْمَعِيْنَ … أَمَّا بَعْدُ :

“إِلَى خُطَبَاءِ الْأُمَّةِ” (2) .

نَحْنُ نَنْتَظِرُكُمْ – فِيْ هَذَهِ الْأَيَّامِ- لُتَبَيِّنُوْا الْحَقَّ فِيْ حُكْمِ الْمَوَالِدِ النَّبَوِيَّةِ ، وَمَا يُشَابِهُهَا مِنَ الْأَعْيَادِ الْوَطَنِيَّةِ ، وَالْمُنَاسَبَاتِ الْعِرْقِيَّةِ الْجَاهِلِيَّةِ ، فَالْكَلِمَةُ أَمَانَةٌ ، وَمَقَامُكُمْ عَلَى الْمَنَابِرِ إِنَّـمَا هُوَ مَقَامُ تَكْلِيْفٍ ، لَا مَقَامَ تَشْرِيْفٍ ، فَاللهَ اللهَ أَنْ يُؤْتَى الْإِسْلَامُ ، وَالْمُسْلِمُوْنَ مِنْ قِبَلِكُمْ ،