عِبَرٌ وَتَأَمُّلَاتٌ … فِيْ الْحَوَادِثِ الْوَاقِعَاتِ ، وَالْفِتَنِ النَّازِلَاتِ الَّتِيْ تُمْتَحَنُ بِهَا أُمَّةُ الْإِسْلَامِ فِيْ كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ .
تَعْلِيْقٌ عَلَى أَحْدَاثٍ مُؤْلِمَةٍ ، وَأُخْرَى مُفْرِحَةٍ ، فِيْهَا وَبِهَا : نُبْشِّرُ ، وَنُحَذِّرُ ، وَنُثَبِّتُ ، وَنُصَبِّرُ …
الحلقة (81)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ ، مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأَمِيْنِ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحَابَتِهِ أَجْمَعِيْنَ … أَمَّا بَعْدُ :
فَتَاوَى وَوَصَايَا الْأَئِمَّةِ فِيْ النَّوَازِلِ وَالْفِتَنِ الْمُدْلَهِمَّةِ .
سُئِلَ سَمَاحَةُ الشَّيْخِ الْإِمَامِ عَبْدُ الْعَزِيْزِ بْنِ عَبْدِ اللهِ اِبْنِ بَازٍ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى :
إِنَّهُ كَمَا نَعْرِفُ قَدْ كَثُرَتْ الْمُنْكَرَاتُ ، وَالْمَفَاسِدُ ، وَانْتَشَرَ الْخَبَثُ فِيْ الْبَرِ ، وَالبَحْرِ ، فَهَل عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يُنْكِرَ كُلَّ مَا يَرَى مِنَ الْمَفَاسِدِ ، أَمْ مَاذَا عَلَيْهْ ؟
فَأَجَابَ عَلَيْهِ رَحْمَةُ اللهُ :
“الْوَاجِبُ عَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يُنْكِرَ ، وَإِنَّمَا جَاءَتِ الْمُصِيْبَةُ الْعَظِيْمَةُ مِنَ التَّسَاهُلِ ، هَذَا يَقُوْلُ : هَذَا عَلَى غَيْرِي ، وَهَذَا يَحْقِرُ نَفْسَهُ ، وَلَا يَرَى أَنَّهُ أَهْلًا لَأَنْ يُنْكِرُ ، وَهَذَا يَخَافُ أَنْ يُقابَلَ بِمَا لَا يَنْبَغِي ، وَهَذِهِ مُصِيْبَةٌ عَظِيْمَةٌ ، الرُّسُلُ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ ، وَالسَّلَامُ مَا خَافُوْا ، بَذَلُوْا الْمُسْتَطَاعَ ، مَعَ أَنَّهُمْ اِسْتَهَزَأَ بِهِمُ النَّاسُ ، وَسَخِرُوْا بِهِمْ ، وَآذَوْهُمْ ، بَلْ قُتِل بَعْضُهُمْ ، كَمَا سِمِعْتَ فِيْ الْقُرْآنِ : {وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ}[آل عمران:21] -فِيْ آيَاتٍ- فَلَمْ تَمْنَعُهُمْ مَخَافَةُ النَّاسِ مِنْ أَدَاءِ الْوَاجِبِ .
فَالْوَاجِبُ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ ، وَعَلَى الْمُؤْمِنِيْنَ التَّأَسِّي بِهِمْ ، وَأَلَّا يَمْنَعَهُمْ مِنْ ذَلِكَ خَوْفُ النَّاسِ ، أَوْ قَوْلُ بَعْضِ النَّاسِ : عَلَيْكَ بِنَفْسِكَ ، اِشْتَغِلْ بِنَفْسِكَ ، أَوْ السُّخْرِيَةُ مِنْهُ ، أَوْ غَيْرُ هَذَاَ مِمَّا يَفْعَلُهُ الْجَهَلَةُ ، والسُّفَهَاءُ ، لَا ، لَا يُهِمُّكَ هَذَا ، اِتَّقِ اللهَ ، وَاعْمَلْ ، فَإِنْ قُبِلَ مِنْكَ فَهَذَا الْمَطْلُوْبُ ، وَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ مِنْكَ بَرِئَتِ الذِّمَّةُ”[1].
اِنْتَهَى .