عِبَرٌ وَتَأَمُّلَاتٌ … فِيْ الْحَوَادِثِ الْوَاقِعَاتِ ، وَالْفِتَنِ النَّازِلَاتِ الَّتِيْ تُمْتَحَنُ بِهَا أُمَّةُ الْإِسْلَامِ فِيْ كُلِّ زَمَانٍ ، وَمَكَانٍ .
تَعْلِيْقٌ عَلَى أَحْدَاثٍ مُؤْلِمَةٍ ، وَأُخْرَى مُفْرِحَةٍ ، فِيْهَا وَبِهَا : نُبْشِّرُ ، وَنُحَذِّرُ ، وَنُثَبِّتُ ، وَنُصَبِّرُ …
الحلقة (95)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ ، وَالصَّلَاةُ ، وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَالْمُرْسَلِيْنَ ، مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأَمِيْنِ ، وَعَلَى آلِهِ ، وَصَحَابَتِهِ أَجْمَعِيْنَ … أَمَّا بَعْدُ :
(2)
“مِنْ خَصَائِصِ جَزِيْرَةِ الْعَرَبِ[1] أَنَّهَا حَرَمُ الْإِسْلَامِ ؛ فَهِيَ مَعْلَمُهُ الْأَوَّلُ ، وَدَارُهُ الْأُوْلَى ، قَصَبَةُ الدِّيَارِ الْإِسْلَامِيَّةِ ، وَعَاصِمَتُهَا ، وَقَاعِدَةٌ لَهَا عَلَى مَرِّ الْعُصُوْرِ ، وَكَرِّ الدُّهُوْرِ ، مِنْهَا تَفِيْضُ أَنْوَارُ النُّبُوَّةِ الْمَاحِيَةِ لِظُلُمَاتِ الْجَاهِلِيَّةِ ، …
وَسَتَبْقَى هَذِهِ الْمَنْطِقَةُ قَاعِدَةُ الْإِسْلَامِ دِائِمًا ؛ كَمَا كَانَتْ قَاعِدَتُهُ أَوَّلًا ، وَمَعْقِلُ الْإِيْمَانِ آخِرًا ؛ كَمَا كَانَتْ سَابِقًا ، وَهَذِهِ -وَأَيْمُ اللهِ- ضَمَانَاتٌ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُوْنَ لِـ : «هَيْئَةِ الْأُمَمِ الْمُتَّحِدَةِ ، وَلَا لِـ : «مَجْلِسِ الْأَمْنِ» ، وَلَا لِـ : «مُنَظَّمَةِ الْإِعْلَانِ الْعَالَمِيِّ لِحُقُوْقِ الْإِنْسَانِ» ؛ الَّتِي مَا نَشَأَتْ إِلَّا فِيْ مُحِيْطِ حُكُوْمَاتِ الْغَابِ ، وَتَهَارُشِ الْعِبَادِ ،
أَمَّا جَزِيْرَةُ الْعَرَبِ ؛ فَلَهَا مِنْ سَامِي الْمَكَانَةِ الَّتِي تَتَمَيَّزُ بِهَا فِيْ خَرِيْطَةِ الْعَالَمِ ، وَدَقِيْقِ الضَّمَانَةِ الْوَاجِبِ تَوْفِيْرُهَا مَا يَجْعَلُ فَعَالِيَّتَهَا فِيْ أُمَمِ الْأَرْضِ تَفُوْقُ هَذِهِ الْمُؤْتَمَرَاتِ الَّتِي هِيَ فِيْ حَقِيْقَتِهَا تَآمُرٌ عَلَى مَا يَنْبُزُوْنَهُ -تَوْهِيْنًا- بِاسْمِ : «الْعَالَمِ الثَّالِثِ» ، الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ فِيْ حُسْبَانِهِمْ مِنْ رَابِعٍ ، وَبِاسْمِ : «الشَّرْقِ الْأَوْسَطِ» ، وَهَذَا الْاِصْطِلَاحُ الْحَادِثُ ، وَسَابِقُهُ مِنْ تَخْطِيْطِ يَهُوْدَ قَبَّحَهُمُ اللهُ ؛ لِتَبْقَى مَنْطِقَةُ الْعَرَبِ ، وَالْمُسْلِمِيْنَ مَنْطِقَةً جُغْرَافِيَّةً فَحْسَبُ ، لَا اِخْتِصَاصَ لَهَا بِعَرَبٍ ، وَلَا بِمُسْلِمِيْنَ ، وَهُوَ تَخْطِيْطٌ خَبْيِثٌ يَرْمِي بَعْدُ إِلَى تَسْويْغِ إِقَامَةِ دَوْلَةِ يَهُوْدَ ؛ خَسِئُوْا ، وَرَبِّ الْكَعْبَةِ ، وَالْحَطِيْمِ ،
وَلْيُعْلَمْ : أَنَّ الشَّرْقَ مَشْرِقُ الْعَظَائِمِ ، وَأَنَّهُ بَلَغَ مَوْضِعَ أَقْدَامِهِمْ بِسُلْطَانٍ قَائِمٍ ، وَمَا عَلَى اللهِ بَعَزِيْزٍ أَنْ يَبْلُغَ الْإِسْلَامُ مَبْلَغَهُ مِنْهُمْ ، وَبِالِغُ الْأَمَلِ فِيْ الْأُفُقِ يَلُوْحُ ، وَنُزُوْلُ النَّصْرِ لَنَا مَرْهُوْنٌ مِنَّا بِتَوْبَةٍ نَصُوْحٍ ، ….”[2].
سَنُكْمِلُ فِيْ الْحَلْقَةِ التَّالِيَةِ بِإِذْنِ اللهِ …