القائمة إغلاق

عِبَرٌ وَتَأَمُّلَاتٌ … فِيْ الْحَوَادِثِ الْوَاقِعَاتِ ، وَالْفِتَنِ النَّازِلَاتِ الَّتِيْ تُمْتَحَنُ بِهَا أُمَّةُ الْإِسْلَامِ فِيْ كُلِّ زَمَانٍ ، وَمَكَانٍ .

تَعْلِيْقٌ عَلَى أَحْدَاثٍ مُؤْلِمَةٍ ، وَأُخْرَى مُفْرِحَةٍ ، فِيْهَا ، وَبِهَا : نُبْشِّرُ ، وَنُحَذِّرُ ، وَنُثَبِّتُ ، وَنُصَبِّرُ …

الحلقة (96) / [الجزء الثاني] .

نسخة رقمية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ ، وَالصَّلَاةُ ، وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَالْمُرْسَلِيْنَ ، مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأَمِيْنِ ، وَعَلَى آلِهِ ، وَصَحَابَتِهِ أَجْمَعِيْنَ … أَمَّا بَعْدُ :

اِعْرِفْ عَدُوَّكَ ، وَعَدَاوَتَهُ ؛ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِيْنَ !!!

(2)

وَمِنْ صِفَاتِ هَؤُلَاءِ الْأَعْدَاءِ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ مَكْرٍ كُبَّارٍ ، فِيْ اللَّيْلِ ، وَالنَّهَارِ ، لِيُوْقِعُوْا الْحَمْقَى الْمُغَفَّلِيْنَ فِيْ حِبَالِهِمْ ، وَالشِّبَاكِ ، عَنْ طَرِيْقِ إِغْرَاقِهِمْ فِيْ اللَّهْوِ ، وَالتَّرْفِيْهِ ، وَالشَّهَوَاتِ ، وَالْإِسْرَافِ عَلَيْهَا مِنَ الْمَالِ الْحَرَامِ ، مُسْتَخْدِمِيْنَ الْمَرْأَةَ لِلْوُصُوْلِ إِلَى مَقَاصِدِهِمْ الدَّنِيْئَةِ ، وَأَغْرَاضِهِمْ الْمَشِيْنَةِ ؛ فَأَصْبَحَتْ -كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ الْآنَ- أُلْعُوْبَةً فِيْ أَيْدِيْهِمْ ؛ يَتَقَاذَفُوْنَهَا ، وَيَجُرُّوْنَهَا كَمَا تُجَرُّ الشَّاةُ ، لَا تَدْرِي إِلَى أَيْنَ يَكُوْنُ مَسِيْرُهَا ، وَمَتَى يَكُوْنُ حَتْفُهَا ، وَهَلَاكُهَا ، فَاسْتَطَاعُوْا -بِطُرُقٍ إِبْلِيْسِيَّةٍ مَاكِرَةٍ- أَنْ يُخْرِجُوْهَا مِنْ بَيْتِهَا ، ثُمَّ يُلْقُوْا عَنْهَا حِجَابَهَا ، ثُمَّ يُقْحِمُوْهَا فِيْ الْأَعْمَالِ الْمُخْتَلَطَةِ ، وَالْأَمَاكِنِ الْمُزْدَحِمَةِ ، مَعَ الرِّجَالِ ، وَالذِّئَابِ الْبَشَرِيَّةِ الْمُفْتَرِسَةِ ،  

اِخْتَرَعُوْا نِظَامًا يَقْضِي بَيْنَ النَّاسِ ، يُوَافِقُ نَزَوَاتِهِمْ ، وَأَهْوَاءَهُمْ ، بِمُبَارَكَةٍ ، وَإِشْرَافٍ مُبَاشِرٍ مِنْ قِبَلِ أَسْيَادِهِمُ الْغَرْبِيِّيْنَ ؛ فَأَلْغَوْا أَنْ تَكُوْنَ الشَّرِيْعَةُ هِيَ الْحَاكِمَةُ ، وَالْقَاضِيَةُ عَلَى تَصَرُّفَاتِ الْعِبَادِ ، فِيْ بِلَادِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ ، وَاكْتَفَوْا بِمَا يُسَمَّى بـ: “الْقَانُوْنِ ، وَالنِّظَامِ” ، وَ”الذَّوْقِ الْعَامِّ” ،

أَمَّا شَعِيْرَةُ “الْوَلَاءِ ، وَالْبَرَاءِ” ؛ فَلَا مَكَانَ لَهَا عِنْدَهُمْ ؛ بَلْ جَرَّمُوْا مَنْ يَعْمَلُ بِهَا عَلَى أَسَاسِ الدِّيْنِ ، وَالْعَقِيْدَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ ، بِمَا يُسَمَّى : “تَجْرِيْمُ خِطَابِ الْكَرَاهِيَةِ” ؛  فَالْوَلَاءُ ، وَالْبَرَاءُ -عِنْدَهُمْ- فِيْ الْوَطَنِ ، وَلِلْوَطَنِ فَقَطْ ، وَمَنْ رَأَى كَيْفَ تَعَامُلُهُمْ مَعَ قَضَايَا الْمُسْلِمِيْنَ ، وَالْمُسْتَضْعَفِيْنَ مِنْهُمْ فِيْ أَنْحَاءِ الْأَرْضِ لَوَجَدَ الْحَقِيْقَةَ بَيِّنَةً جَلِيَّةً .

يُرْهِبُوْنَ أَوْلِيَاءَ اللهِ الْمُتَّقِيْنَ ، وَمَنْ يَرْفَعُ عَقِيْرَتَهُ فِيْ النُّصْحِ لِدِيْنِ اللهِ الْقَوِيْمِ ، وَيُلْصِقُوْنَ بِهِمُ -لِلتَّنْفِيْرِ ، وَالتَّشْوِيْهِ- التُّهَمَ ، وَشَتَّى الْاِفْتِرَاءَتِ ، حَتَّى لَا يَكُوْنُوْا فِيْ الْـمُجْتَمَعِ هُمُ الْقُدُوَاتُ ، وَفِيْ الْمُقَابِلِ يَهَشُّوْنَ ، وَيَبُشُّوْنَ بِأَوْلِيَاءِ إِبْلِيْسَ اللَّعِيْنِ ، وَأَعْدَاءِ الشَّرِيْعَةِ الْمُلْحِدِيْنَ ، وَالْمُنَافِقِيْنَ ، وَأَصْحَابِ الْفَوَاحِشِ ؛ “الزُّنَاةِ” ، وَ”اللُّوْطِيِّيْنَ” ؛ مُمَثِّلِيْنَ كَانُوْا ، أَوْ مُغَنِّيِيْنَ ، أَوْ لَاعِبِيْنَ ، وَيَنْصِبُوْنَهُمْ أُسُوَاتٍ لِلنَّاشِئَةِ الْأَغْمَارِ ، وَالشَّبِيْبَةِ الصِّغَارِ ؛ فَإِلَى اللهِ الْمُشْتَكَى ، وَإِلَيْهِ الْمُلْتَجَأُ ، فَقَدِ اِشْتَدَّتِ الْغُرْبَةُ عَلَى أَهْلِ السُّنَّةِ !!!

وَأَيُّ اِغْتِرَابٍ فَوْقَ غُرْبَتِنَا الَّتِي … لَهَا أَضْحَتِ الْأَعْدَاءُ فِيْنَا تَحَكَّمُ[1].

وَلِلْحَدِيْثِ بَقِيَّةٌ ، سَنُكْمِلُهُ -إِنْ شَاءَ اللهُ- فِيْ الْأَجْزَاءِ التَّالِيَةِ …

 



[1] من القصيدة الميمية ؛ لابن القيم رحمه الله .

اكتشاف المزيد من مدونة عبدالله بن ناصر الناجم العلمية

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading