عِبَرٌ وَتَأَمُّلَاتٌ … فِيْ الْحَوَادِثِ الْوَاقِعَاتِ ، وَالْفِتَنِ النَّازِلَاتِ الَّتِيْ تُمْتَحَنُ بِهَا أُمَّةُ الْإِسْلَامِ فِيْ كُلِّ زَمَانٍ ، وَمَكَانٍ .
تَعْلِيْقٌ عَلَى أَحْدَاثٍ مُؤْلِمَةٍ ، وَأُخْرَى مُفْرِحَةٍ ، فِيْهَا وَبِهَا : نُبْشِّرُ ، وَنُحَذِّرُ ، وَنُثَبِّتُ ، وَنُصَبِّرُ …
الحلقة (97)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ ، وَالصَّلَاةُ ، وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَالْمُرْسَلِيْنَ ، مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأَمِيْنِ ، وَعَلَى آلِهِ ، وَصَحَابَتِهِ أَجْمَعِيْنَ … أَمَّا بَعْدُ :
الدُّنْيَا ظِلٌّ زَائِلٌ ، … فَمَا أَشْقَى مَنْ رَكَنَ إِلَيْهَا !!
كَبَنِي قَوْمِنَا الَّذِيْنَ لَا يَزَالُوْن يَجْرُوْنَ خَلْفَهَا ، بَاحِثِيْنَ عَنْ حُطَامِهَا ، مُتَتَبِّعِيْن آثَارَهَا ، وَكَأَنَّهُمْ مُخَلَّدُوْنَ فِيْهَا ، نَرَى ذَلِكَ وَاضِحًا فِيْ صُحُفِهِمْ ، وَقَنَوَاتِهِمْ ، وَمَنَصَّاتِهِمُ الْإِعْلَامِيَّةِ الْمُخْتَلِفَةِ ، لَا يُرَى فِيْهَا مِنْهُمْ إِلَّا الدُّنْيَا ، وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا ، أَوْ حَامَ حَوْلَهَا ، … ، أَمَّا التَّذْكِيْرُ بِأَمْرِ الْآخِرَةِ ، وَالْمَصِيْرِ ، وَالْحِسَابِ فَهَذَا أَبْعَدُ مَا يَكُوْنُ مِنْهُمْ ، فَيَا لَلَّهِ ، مَا أَشَدَّ قَسْوَةَ قُلُوْبِهِمْ !!
حَتَّى أَخْبَارُ الزَّلَازِلِ الَّتِي اُبْتُلِيَ بِهَا -مُؤَخَّرًا- بَعْضُ الْمُسْلِمِيْنَ فِيْ سُوْرِيَّا ، وَتُرْكِيَا رَبَطُوْهَا بِالظَّوَاهِرِ الطَّبِيْعِيَّةِ ، مُتَغَافِلِيْنَ خَالَقَ الطَّبِيْعَةِ ، وَمُوْجِدَهَا ، جَلَّ رَبِّي ، وَعَزَّ ، مُعْرِضِيْنَ عَنْ تَذْكِيْرِ النَّاسِ ، وَتَخْوِيْفِهِمْ بِهَذِهِ الْآيَاتِ الْـمُرْسَلَةِ ، وَالنُّذُرِ الْمُتَتَابِعَةِ ، مَعَ الْأَمْرِ بِالتَّوْبَةِ النَّصُوْحِ ، وَالْأَوْبَةِ ، وَالرُّجُوْعِ ، وَ:
صَدَقَ اللهُ تَعَالَى حِيْنَ قَالَ فِيْ أَمْثَالِهِمْ :
{يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ}[الروم:7] .
وَمَنْ نَظَرَ فِيْ أَحْوَالِ عُبَّادِ الدُّنْيَا ، وَتَأَمَّلَ فِيْهِمْ بِعَيْنِ الْاِعْتِبَارِ رَأَى أَنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ خَذَلَهُمْ ، وَأَخْزَاهُمْ ، وَعَامَلَهُمْ بِنَقِيْضِ قَصْدِهِمْ ؛ فَعَلَى الرُّغْمِ مِنِ اِسْتِطَالَتِهِمْ فِيْ أَمْرِ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ ، وَانْغِمَاسِهِمْ فِيَهَا ، وَاِنْفَاقِهِمْ الْأَمْوَالَ الطَّائِلَةَ عَلَى شَهَوَاتِهِمْ ، وَلَذَائِذِهِمْ ، وَمَشَارِيْعِهِمْ الشَّيْطَانِيَّةِ فَمَا زَالَ حَدُّهُمْ كَلِيلًا ، وَأَمْرُهُمْ مُدْبِرًا ، وَأَمْوَالُهُمْ هَالِكَةً ، مُبْعْثَرَةً ، وَ:
صَدَقَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِيْنَ قَالَ :
«مَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ فَرَّقَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَمْرَهُ ، وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا كُتِبَ لَهُ ، وَمَنْ كَانَتِ الْآخِرَةُ نِيَّتَهُ جَمَعَ اللَّهُ لَهُ أَمْرَهُ ، وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ»[1] .
اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا ، وَلَا مَبْلَغَ عِلْمِنَا ، وَلَا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لَا يَرْحَمُنَا ، وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا ، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا .
وَصَلِّ اللَّهُمَّ ، وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ الْأَمِيْنِ ، وَعَلَى الْآلِ ، وَالصَّحْبِ ، وَالتَّابِعِيْنَ .