عِبَرٌ وَتَأَمُّلَاتٌ … فِيْ الْحَوَادِثِ الْوَاقِعَاتِ ، وَالْفِتَنِ النَّازِلَاتِ الَّتِيْ تُمْتَحَنُ بِهَا أُمَّةُ الْإِسْلَامِ فِيْ كُلِّ زَمَانٍ ، وَمَكَانٍ .
تَعْلِيْقٌ عَلَى أَحْدَاثٍ مُؤْلِمَةٍ ، وَأُخْرَى مُفْرِحَةٍ ، فِيْهَا ، وَبِهَا : نُبْشِّرُ ، وَنُحَذِّرُ ، وَنُثَبِّتُ ، وَنُصَبِّرُ …
الحلقة (99)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ ، وَالصَّلَاةُ ، وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَالْمُرْسَلِيْنَ ، مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأَمِيْنِ ، وَعَلَى آلِهِ ، وَصَحَابَتِهِ أَجْمَعِيْنَ … أَمَّا بَعْدُ :
الْبَيَانُ ، وَالْحُكْمُ فِيْ : “رِيَاضَةِ الْيُوْغَا” ، وَ”تَحِيَّةِ الْعَلَمِ” .
أَمَّا رِيَاضَةُ الْيُوْغَا ؛ فَأَصْلُهَا عِبَادَةٌ وَثَنِيَّةٌ بُوْذِيَّةٌ ، وَمَعْنَاهَا -بِلُغَةِ أَصْحَابِهَا- السُّجُوْدُ لِلشَّمْسِ بِثَمَانِيَةِ مَوَاضِعَ مِنَ الْجِسْمِ[1]، فَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ أَقُوْلُ :
لَا تَجُوْزُ مُمَارَسَةُ “رِيَاضَةِ الْيُوْغَا” -وَمَا شَابَهَهَا مِنْ الرِّيَاضَاتِ- تَعَلُّمًا ، أَوْ تَعْلِيْمًا ؛ لِأَنَّ أَصْلَهَــا -كَمَا ذَكَرْنَا- طُقُوْسٌ كُفْرِيَّةٌ ، وَفِيْهَا مُشَابَهَةٌ لِلْكُفَّارِ الْوَثَنِيِّيْنَ ، وَقَدْ قَالَ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ”[2]، وَأَرَى أَنَّ السَّمَاحَ بِمُزَاوَلَةِ هَذَا النَّوْعِ مِنَ الرِّيَاضَاتِ هِيَ أُوْلَى خُطَوَاتِ تَسَلُّلِ الدِّيَانَاتِ الْكُفْرِيَّةِ إِلَى الْبِلَادِ الْمُسْلِمَةِ ، ثُمَّ إِقْرَارُهَا ، ثُمَّ فَتْحُ مَعَابِدٍ لَهَا ؛ كَمَا صَارَ ذَلِكَ وَاقِعًا مَعْرُوْفًا فِيْ بَعْضِ الْبُلْدَانِ ؛ حَيْثُ تَطَوَّرَ الْحَالُ بهم إِلَى الدَّعْوَةِ إِلَى : “التَّقَارُبِ بَيْنَ الْأَدْيَانِ” ؛ كَمَا صَنَعُوْا -الْآنَ- فِيْمَا يُسَمَّى بِـ : “الْبَيْتِ الْإِبْرَاهِيْمِيِّ” ، أَوِ “الدِّيَانَةِ الْإِبْرَاهِيْمِيَّةِ” ، نَعُوْذُ بِاللهِ مِنَ الْخِذْلَانِ ؛ وَلَا يَخْفَى عَلَيْنَا أَنَّ الدَّعْوَةَ إِلَى هَذِهِ الدِّيَانَةِ ، أَوْ مَا يُسَمَّى بِـ : “وَحْدَةِ الْأَدْيَانِ” ، أَوِ التَّقَارُبِ بَيْنَهَا ، وَصَهْرِهَا فِيْ قَالَبٍ وَاحِدٍ دَعْوَةٌ خَبِيْثَةٌ مَاكِرَةٌ ، وَالْغَرَضُ مِنْهَا خَلْطُ الْحَقِّ بِالْبَاطِلِ ، وَهَدْمُ الْإِسْلَامِ ، وَتَقْوِيْضُ دَعَائِمِهِ ، وَجَرُّ أَهْلِهِ إِلَى رِدَّةٍ شَامِلَةٍ[3]، نَسْأَلُ اللهَ الْعَفْوَ ، وَالْعَافِيَةَ .
وَأَمَّا تَحِيَّةُ الْعَلَمِ ؛ فَـ:
كَذَلِكَ لَا تَجُوْزُ ، وَلَا يَجُوْزُ الْقِيَامُ لَهُ ، وَلَا أَنْ يُجْعَلَ لَهُ مَوْسِمًا يُحْتَفَى بِهِ ، وَيُحْتَفَلَ لَهُ ، وَهَذَا كُلُّهُ مِنَ الْبِدَعِ الْمُحْدَثَةِ ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “مَنْ أَحْدَثَ فِيْ أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ”[4].
وَقَدْ جَاءَ فِيْ فَتَاوَى اللَّجْنَةِ الدَّائِمَةِ لِلْبُحُوْثِ الْعِلْمِيَّةِ وَالْإِفْتَاءِ ، بِرَئَاسَةِ سَمَاحَةِ الشَّيْخِ عَبْدِ الْعَزِيْزِ اِبْنِ بَازٍ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -فِيْ هَذَا الشَّأْنِ- قَوْلُهُمْ :
“لَا يَجُوْزُ لِلْمُسْلِمِ الْقِيَامُ إِعْظَامًا لِأَيِّ عَلَمٍ وَطَنِيٍّ ، أَوْ سَلَامٍ وَطَنِيٍّ ، بَلْ هُوَ مِنَ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ الَّتِيْ لَمْ تَكُنْ فِيْ عَهْدِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَا فِيْ عَهْدِ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِيْنَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ ، وَهِيَ مُنَافِيَةٌ لِكَمَالِ التَّوْحِيْدِ الْوَاجِبِ ، وَإِخْلَاصِ التَّعْظِيْمِ لِلَّهِ وَحْدَهُ ، وَذَرِيْعَةٌ إِلَى الشِّرْكِ ، وَفِيْهَا مُشَابَهَةٌ لِلْكُفَّارِ ، وَتَقْلِيْدٌ لَهُمْ فِيْ عَادَاتِهِمْ الْقَبِيْحَةِ ، وَمُجَارَاةٌ لَهُمْ فِيْ غُلُوِّهِمْ فِيْ رُؤَسَائِهِمْ ، وَمَرَاسِيْمِهِمْ ، وَقَدْ نَهَى النَّبِيٌّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مُشَابَهَتِهِمْ ، أَوِ التَّشَبُّهِ بِهِمْ”[5].
وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ، وَآلِهِ ، وَصَحْبِهِ ، وَسَلَّمَ .