سِلْسِلَةُ : “نَصَائِحُ مُرْسَلَةٌ … ” الْجُزْءُ الْأَوَّلُ
نَصَائِحُ مُرْسَلَةٌ … إِلَى مَنْ حَادَ عَنْ الصِرَاطِ ، أوْ جَانَبَ الصَّوَابَ .
نَصَائِحُ ، وَإِرْشَادَاتٌ مَنْهَجِيَّةٌ عِلْمِيَّةٌ ، مُوَجَّهَةٌ إِلَى أَصْحَابِ الْمُخَالَفَاتِ الْجَلِيَّةِ ؛ عَقَدِيَّةً كَانَتْ ، أَوْ فِقْهِيَّةً ، أَوْ اِجْتِمَاعِيَّةً ، أَوْ أَخْلاقِيَّةً ، أَوْ … ، نُنَاصِحُ ، وَنَرُدُّ ، نُنْكِرُ ، وَنُذَكِّرُ ، نُحَاوِرُ ، وَنُنَاقِشُ ، نَتَدَارَسُ ، وَنُدَارِسُ ؛ اللَّهُمَّ اِهْدِنَا ، وَسَدِّدْنَا .
الحلقة (4)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ ، وَالصَّلَاةُ ، وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَالْمُرْسَلِيْنَ ، مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأَمِيْنِ ، وَعَلَى آلِهِ ، وَصَحَابَتِهِ أَجْمَعِيْنَ … أَمَّا بَعْدُ :
“إِلَى خُطَبَاءِ الْأُمَّةِ” .
الَّذِيْنَ حُمِّلُوْا أَمَانَةَ التَّبْلِيْغِ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوْهَا ،
الَّذِيْنَ خَانُوْا الْعُهُوْدِ ، وَنَكَثُوْهَا ،
الَّذِيْنَ قَدَّمُوْا رِضَا النَّاسِ عَلَى رِضَا رَبِّ النَّاسِ ،
الَّذِيْنَ جَبُنُوْا عَنِ مَيَادِيْنِ النِّزَالِ ، وَمُنَاضَلَةِ أَهْلِ الْفُسُوْقِ ، وَالْعِصْيَانِ ،
الَّذِيْنَ رَكَنُوْا إِلَى الدُّنْيَا ، وَاكْتَفَوْا بِلُعَاعِهَا الزَّائِلِ ، وَزُخْرُفِهَا الزَّائِفِ ،
الَّذِيْنَ أَلِفُوْا الدَّعَةَ ، وَالرَّاحَةَ ، وَالتَّلَفُّعَ بِمِشْلَحِ الْوَجَاهَةِ ،
الَّذِيْنَ كَانُوْا سَبَبًا رَئِيْسًا فِيْ اِنْتِشَارِ الْبِدَعِ ، وَالْمُنْكَرَاتِ ، فِيْ كُثِيْرٍ مِنَ الْبُلْدَانِ ،
الَّذِيْنَ إِذَا قِيْلَ لَهُمْ : هَذِهِ الْمُحْدَثَاتُ ، وَالْمَعَاصِي مُنْتَشِرَةٌ فِيْ بِلَادِكُمْ ، قَدْ تَلَقَّفَهَا كَثِيْرٌ مِنْ الْأَنَام فِيْ دِيَارِكُمْ ؛ كَـ: بِدْعَةِ الْأَشْعَرِيَّةِ ، وَالْمَاتُرِيْدِيَّةِ ، وَالطُّرُقِ الصُّوْفِيَّةِ ، وَالتَّوَجُهَاتِ الْإِرْجَائِيَّةِ ، وَاللَّيِبْرَالِيَّةِ ، وَالْـمَذَاهِبِ الرَّافِضِيَّةِ ، أَوْ بِدْعَةِ الْاحِتْفَالِ بِالْمَوَالِدِ النَّبَوِيَّةِ ، أَوْ الْأَيَّامِ الْوَطَنِيَّةِ ، … ، أَوْ : مُنْكَرَاتِ الْفُسُوْقِ ، وَالْعِصْيَانِ ؛ كَـ: تَبَرُّجِ النِّسَاءِ ، وَاخْتِلَاطِهِنَّ بِالرِّجَالِ ، أَوْ حُضُوْرِ فَعَالِيَّاتِ الرَّقْصِ ، وَالْغِنَاءِ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ بِدَعٍ مُضِلَّاتٍ ، أَوْ مُنْكَرَاتٍ فَاشِيَاتٍ ، فَاحِشَاتٍ … ، فَأَيْنَ – أَيُّهَا الْخُطَبَاءُ- تَبْلِيْغُكُمْ ، وَالْبَيَانُ ، وَالصَّدْعُ بِالْحُجَجِ الْوَاضِحَاتِ ، وَإِنْكَارُ هَذِهِ الْمُنْكَرَاتِ الْفَاضِحَاتِ ، وَالْبِدَعِ الْمُضِلَّاتِ ؛ بِالطُّرُقِ الشَّرْعِيَّةِ ، وَالْآدَابِ الْمَرْعِيَّةِ؟!!!
فَأَيْنَ هَذَا مِنْكُمْ -هَدَاكُمُ اللهُ- ؟!!
فَمَا إِنْ تُوَاجِهُهُمْ بِهَذِهِ الْحَقَائِقِ إِلَّا وَتَرَى أَعْيُنَ كَثِيْرٍ مِنْهُمْ تَنْظُرُ إِلَيْكَ شَزَرًا ، وَأَلْسِنَتَهُمْ تَسْتَطِيْلُ عَلَيْكَ ذَمًّا ، وَشَتْمًا ، أَوْ تَجِدُهُمْ يُجَادِلُوْنَكَ بِالْبَاطِلِ عَبَثًا ، وَهَدْرًا ، وَالْعَاقِلُ مِنْهُمْ يَكْتَفِي بِالْإِنْزِوَاءِ ، عَلَى خَجَلٍ مِنْهُ ، وَاسْتِحْيَاءِ ،
فَيَا خُطَبَاءُ أَمَّةِ الْإِسْلَامِ -مِمَّنْ تَقَدَّمَتْ صِفَاتُهُمْ ، أَوْ مَنْ سَارَ عَلَى خُطَاهُمْ ، وَاقْتَفَى آثَارَهُمْ ، مِنْ طُلَّابِ الْعِلْمِ ، أَوِ الْمُعَلِّمِيْنَ- أُذَكِّرُكُمْ بِالْوَعِيْدِ الشَّدِيْدِ الَّذِي جَاءَ فِيْ حَقِّ الْخُطَبَاءِ الْـمُفَرِّطِيْنَ ، فَـ :
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَّلَّمَ : “مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بـِي بِرِجَالٍ تُقْرَضُ شِفَاهُهُمْ بِمَقَارِيضَ مِنَ النَّارِ ، فَقُلْتُ : مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ : “هَؤُلَاءِ خُطَبَاءُ مِنْ أُمَّتِكَ ، يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ ، وَيَقْرَؤُونَ كِتَابَ اللهِ ، وَلَا يَعْمَلُونَ بِهِ”[1]،
وَخِتَامًا أَيُّهَا الْخَطِيْبُ -عَفَا اللهُ عَنْكَ ، وَغَفَرَ لَكَ- إِنْ كُنْتَ لَا تَسْتَطِيْعُ أَنْ تَقُوْمَ بِالْأَمْرِ حَقَّ الْقِيَامِ فَدَعْ عَنْكَ الْخَطَابَةَ لَسْتَ مِنْهَا ، وَاتْرُكْهَا لِمَنْ هُوَ أَوْلَى بِهَا مِنْكَ ، فَإِنَّ الْأَمْرَ خَطِيْرٌ ، وَالْحِسَابَ عَسِيْرٌ ، وَالنَّاقِدَ بَصِيْرٌ ،
وَاللهُ الْهَادِي إِلَى سَوَاءِ السَّبِيْلِ …
وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى الْبَشِيْرِ النَّذِيْرِ ، وَآلِهِ ، وَصَحَابَتِهِ أَجْمَعِيْنَ[2] .