نَصَائِحُ مُرْسَلَةٌ … إِلَى مَنْ حَادَ عَنْ الصِرَاطِ ، أوْ جَانَبَ الصَّوَابَ .
نَصَائِحُ ، وَإِرْشَادَاتٌ مَنْهَجِيَّةٌ عِلْمِيَّةٌ ، مُوَجَّهَةٌ إِلَى أَصْحَابِ الْمُخَالَفَاتِ الْجَلِيَّةِ ؛ عَقَدِيَّةً كَانَتْ ، أَوْ فِقْهِيَّةً ، أَوْ اِجْتِمَاعِيَّةً ، أَوْ أَخْلاقِيَّةً ، أَوْ … ، نُنَاصِحُ ، وَنَرُدُّ ، نُنْكِرُ ، وَنُذَكِّرُ ، نُحَاوِرُ ، وَنُنَاقِشُ ، نَتَدَارَسُ ، وَنُدَارِسُ ؛ اللَّهُمَّ اِهْدِنَا ، وَسَدِّدْنَا .
الحلقة (6)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ ، وَالصَّلَاةُ ، وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَالْمُرْسَلِيْنَ ، مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأَمِيْنِ ، وَعَلَى آلِهِ ، وَصَحَابَتِهِ أَجْمَعِيْنَ … أَمَّا بَعْدُ :
(1)
“إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ”[1]، وَمِنْ أَعْظَمِ دَرَكَاتِ الْغُلُّوِّ الْمُعَاصِرِ -عِنْدَ بَعْضِ طُلَّابِ الْعِلْمِ- هُوَ غُلُوُّهُمْ فِيْ التَّبْدِيْعِ ، أَوِ التَّفْسِيْقِ ، أَوِ التَّكْفِيْرِ ؛
وَهَا نَحْنُ -فِيْ هَذِهِ الْأَيَّامِ- نَعِيْشُ فِتْنَةً حَدِيْثَةً قَدِيْمَةً -وَقَانَا اللهُ شَرَّهَا- وَهِيَ فِتْنَةُ تَبْدِيْعِ الْأَئِمَّةِ -الْمَشْهُوْدِ لِهُمْ بِالْعِلْمِ ، وَالنَّفْعِ الْعَمِيْمِ- وَالطَّعْنِ فِيْهِمْ ، وَهَجْرِهِمْ ، وَالتَّحْذِيْرِ مِنْهُمْ ، وَالْأَمْرِ بِحَرْقِ كُتُبِهِمْ ؛ وَذَلِكَ بِسَبَبِ أَخْطَاءٍ ، أَوْ زَلَّاتٍ وَقَعُوْا فِيْهَا ، عَفَا اللهُ عَنْهُمْ ، وَغَفَرَ لَهُمْ ،
وَسَيَؤُوْلُ بِهَؤُلَاءِ الْغُلَاةِ الْحَالُ -إِنْ قَدَّرَ اللهُ ، وَإِنْ لَمْ يَرْعَوُوْا ، وَيَؤُوْبُوْا- إِلى الْوُقُوْعِ فِيْ التَّكْفِيْرِ ، ثُمَّ الْتَّقْتِيْلِ ، نَسْأَلُ اللهَ السَّلَامَةَ ، والْعَفْوَ ، وَالْعَافِيَةَ .
وَهَذِهِ الْفِتْنَةُ هِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَمَّى -قَدِيْمًا- بِـ: “فِتْنَةِ الْحَدَّادِيَّةِ” ، وَهِيَ فِتْنَةٌ تَخْبُوْ حِيْنًا ، وَتَشْتَعِلُ حِيْنًا آخَرَ ، الْقَائِمُ عَلَى هَذِهِ الْفِتْنَةِ ، وَالنَّافِخُ فِيْ أُوَارِهَا -فِيْ الْغَالِبِ- حُدَثَاءُ أَسْنَانٍ ، سُفَهَاءُ أَحْلَامٍ ، أَوْ مُتَعَجِّلُوْنَ ، مُتَعَالِمُوْنَ ، حَاقِدُوْنَ ، وَلِلتَّصَدُّرِ ، وَالشُّهْرَةِ يَهْرَعُوْنَ ، وَهَذِهِ صِفَاتُ -وَيَا لَلْأَسَفِ الشَّدِيْدِ – كَثِيْرٍ مِنَ الْمُصَدَّرِيْنَ -أَوِ الْمُتَصَدِّرِيْنَ- فِيْ سَاحَاتَ التَّوَاصُلِ الْاِجْتِمَاعِيِّ هَذِهِ الْأَيَّامِ .
فَيَا طُلَّابَ الْعِلْمِ :
الْوِقَاءَ الْوِقَاءَ ، وَالْحَذَرَ الْحَذَرَ !!
وَالسَّبِيْلُ الْأَمْثَلُ لَكُمْ لِلْخُرُوْجِ مِنْ هَذِهِ الْفِتْنَةِ -أَوِ السَّلَامَةِ مِنْ شَرَرِهَا- هُوَ :
1] أَنْ لَا تُسَارِعُوْا -أَبَدًا- إِلَى التَّبْدِيْعِ -أَوِ التَّفْسِيْقِ ، أَوِ التَّكْفِيْرِ- حَتَّى تَسْتَثْبِتُوْا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الرَّبَّانِيِّيْنَ[2] ،
2] وَأَنْ لَا تَحْتَفُوْا بِأَصْحَابِ هَذِهِ الْفِتْنَةِ الغَالِيَةِ ، وَلَا تَهْتَمُّوْا بِهِمْ ، بَلْ فَاصِلُوْهُمْ ؛ لَا تُجَالِسُوْهُمْ ، وَلَا تَجْلِسُوْا إِلَيْهِمْ ،
3] إِنْ لَمْ يَسْتَمِعُوْا إِلَى نُصْحِكُمْ -إِنْ نَاصَحْتُمُوْهُمْ- فَإِيَّاكُمْ مِنْ أَنْ تُنَاظِرُوْهُمْ ، أو تُجَادِلُوْهُمْ ،
4] إِنْ حَاكَتْ فِيْ صُدُوْرِكُمْ بَعْضُ مَا يُلْقُوْنَ مِنْ شُبُهَاتٍ فَاهْرَعُوْا إِلَى الْعُلَمَاءِ الْأَثْبَاتِ ؛ “فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ”[3]،
5] اِنْشَغِلُوْا بِالْعِلْمِ ؛ تَعَلُّمًا ، وَتَعْلِيْمًا ، وَباِلْعَمَلِ الصَّالِحِ ؛ تَزْكِيَةً ، وَتَهْذِيْبًا ،
6] اِسْأَلُوْا اللهَ تَعَالَى لَكُمْ -مِنْ قَبْلُ ، وَمِنْ بَعْدُ- الْهُدَى ، وَالسَّدَادَ ، وَلِمَنْ ضَلَّ الْـهِدَايَةَ ، وَالرَّشَادَ .
نَسْأَلُ اللهَ لَنَا ، وَلَكُمْ الثَّبَاتَ ، وَلِمَنْ زَاغَ الرُّجُوْعَ ، وَالْإِيَابَ ،
وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى الْمُخْتَارِ ، وَعَلَى آلِهِ ، وَصَحَابَتِهِ الْأَخْيَارِ ، وَالتَّابِعِيْنَ ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ .