“بُيُوْتُ الْمُؤْمِنِيْنَ ؛ وَصْفُهَا الْمُبِيْنُ ، وَحِفْظُهَا الْأَمِيْنُ” .
حَلَقَاتٌ عِلْمِيَّةٌ تَرْبَوِيَّةٌ ، أَصِفُ فِيْهَا الْبُيُوْتَ الْمُؤْمِنَةَ ؛ عَقِيْدَتَهَا ، وَأَخْلَاقَهَا ، ثم أُذَكِّرُ بَعْدَهَا بِالتَّرَاتِيْبِ السَّلَفِيَّةِ الضَّرُوْرِيَّةِ فِيْ طُرُقِ ، وَأَسَالِيْبِ ِحِفْظِهَا مِنْ عُدْوَانِ الْفِرَقِ الْمُعْتَدِيَةِ .
حَلَقَاتٌ مُهِمَّةٌ ، وَبِخَاصَّةٍ فِيْ أَزِمِنَةِ الْغُرْبَةِ ، مُوَجَّهَةٌ لِجَمِيْعِ أَفْرَادِ الْأُسَرِ الْمُسْلِمَةِ ، صَانَهَا اللهُ مِنْ خُطَطِ ، وَتَدَابِيْرِ ذَوِيْ الشُّرُوْرِ الْكَائِدَةِ .
الْحَلْقَةُ (الْخَامِسَةُ) :
-(بُيُوْتُ الْمُؤْمِنِيْنَ فِيْ الْإِسْلَامِ)-
“قِسْمُ الْأَخْلَاقِ” .
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ ، وَالصَّلَاةُ ، وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَالْمُرْسَلِيْنَ ، وَعَلَى آلِهِ ، وَصَحَابَتِهِ ، وَالتَّابِعِيْنَ … أَمَّا بَعْدُ :
“حِفْظُ الْبُيُوْتِ الْمُؤْمِنَةِ مِنَ التَّهْدِيْدَاتِ الْمُعَاصِرَةِ” .
(3)
وَمِنْ أَشَدِّ التَّهْدِيْدَاتِ الْعَقَدِيَّةِ ؛ الَّتِي تُهَدِّدُ بُيُوْتَاتِ الْمُسْلِمِيْنَ :
3] التَّعَلُّقُ بِالدُّنْيَا ، وَنِسْيَانُ الْآخِرَةِ ، فَلَقَدِ اِسْتَوْلَتِ الْحَيَاةُ الْـمَادِيَّةُ عَلَى قُلُوْبِ ، وَعُقُوْلِ ، وَجَوَارِحِ فِئَامٍ كَثِيْرَةٍ مِنَ النَّاسِ ؛ كَمَا هُوَ مُشَاهَدِ -الْآنَ- فِيْ أُمَمٍ تَنْتَسِبُ إِلَى الْإِسْلَامِ ؛ فَكَانَتْ ثَمَرَةُ ذَلِكَ بُرُوْزَ أَجْيَالٍ مُلْحِدَةٍ ، لَا تَعْتَرِفُ بِوُجُوْدِ اللهِ ، وَلَا تَدِيْنُ بِشَرْعِهِ ، وَإِنَّمَا هُوَ -فَقَطْ- : الْمَالُ ، وَالْجِنْسُ ، وَالْمُخَدِّرَاتُ ، وَالْأَفْلَامُ ، وَالتَّرْفِيْهُ ، وَالرِّيَاضَةُ ، وَسَائِرُ مُتَعِ الْحَيَاةِ ، اِرْتَكَسُوْا فِيْهَا اِرْتِكَاسًا مُرِيْعًا ، وَانْغَمَسُوْا فِيْهَا اِنْغِمَاسًا فَظِيْعًا ، فَهَلَكُوْا ، وَأَهْلَكُوْا ، وَلِذَلِكَ :
يَقُوْلُ الصَّادِقُ الْمَصْدُوْقُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -مُخَاطِبًا مَنْ خَافَ عَلَيْهِمْ هَلَكَةُ الدُّنْيَا- : “فَوَاللَّهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ ، وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ ؛ كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا ، وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ”[1]،
وَحُبُّ الدُّنْيَا ، وَالرُّكُـوْنُ إِلَيْــهَا هُـوَ أَحَـدُ خُـطَـطِ ، وَ”بُرُوْتُوْكُوْلَاتِ” إِبْلِيْسَ الرَّجِيْمِ ، وَأَعْوَانِهِ -مِنَ الْوَثَنِيِّيْنَ ، وَالصَّهَايِنَةِ ، وَعُبَّادِ الصَّلِيْبِ ، وَاللِّيِبْرَالِيِّيْنَ- لِوَأْدِ الْإِسْلَامِ ، وَتَقْوِيْضِ بُنْيَانِهِ ، وَنَقْضِ قَوَاعِدِهِ ، وَهُمْ سَاعُوْنَ فِيْ ذَلِكَ سَعْيًا حَثِيْثًا ؛ سُوْقُهُمْ قَائِمَةٌ ، وَبِضَاعَتُهُمْ رَائِجَةٌ ، وَفِتْنَتُهُمْ مُلْتَهِبَةٌ ، وَلَكِنَّا مُوْقِنِيْنَ بِاللهِ الْجَلِيْلِ بِأَنَّ لِهَذِهِ الْفِتْنَةِ أَمَدًا ، وِلِلْأَمَدِ اِنْقِضَاءُ ، فَـ:
اللَّهُمَّ يَاكَرِيْمُ اُرْزُقْنَا صَبْراً جَمِيْلًا ، وَثَبَاتًا ، وَيِقَيْنًا ، نَحْنُ ، وَأَوْلَادَنَا ، وَأَهْلِيْنَا ، وَسَائِرَ الْمُسْلِمِيْنَ ، وَالْمُسْلِمَاتِ ،
اللَّهُمَّ آمِيْن ،
وَصَلِّ اللَّهُمَّ عَلَى النَّبِيِّ الْأَمِيْنِ ، وَآلِهِ ، وَصَحَابَتِهِ ، وَالتَّابِعِيْنَ .