القائمة إغلاق

تَحْذِيْرُ أَهْلِ السُّنَّةِ ، وَالْإِيْمَانِ مِنْ مَكْرِ ، وَخِدَاعِ أَهْلِ الْبِدْعَةِ ، وَالنِّفَاقِ .

رَدٌّ عِلْمِيٌّ عَلَى كِتَابٍ يَحْتَفِي بِهِ الْمُبْتَدِعَةُ عِنْدَنَا -فِيْ هَذِهِ الْأَيَّامِ- يُرَوِّجُوْنَ لَهُ ؛ لِيُخَادِعُوْا بِهِ الْأَغْمَارَ ، وَأَتْبَاعَهُمْ مِنَ الْجَهَلَةِ الرَّعَاعِ . 

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

نسخة رقمية

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ ، وَالصَّلَاةُ ، وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَالْمُرْسَلِيْنَ … أَمَّا بَعْدُ :

(طَلِيْعَةُ الرَّدِّ)

(1)

وصلني كتاب اسمه : “مَسَائِلُ فِيْ الْمَنْهَجِيَّةِ الْعَامَّةِ ؛ فِيْ الْعَقِيْدَةِ ، وَالْفِقْهِ ، وَالسُّلُوْكِ ، وَالْإِعْلَامُ بِأَنَّ الْأَشْعَرِيَّةَ ، وَالْمَاتُرِيْدِيَّةَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ … رَسَائِلُ فِيْ التَّوَاصُلِ مَعَ إِخْوَتِنَا ؛ فِيْ التَّيَّارَاتِ السَّلَفِيَّةِ”[1]، تأملته ، فوجدت فيه كثيرًا مما ينتقد ، بل وجدت فيه التضليل ، والمخادعة ، والتدسيس ، والمراوغة ؛ ومما دفعني إلى كتابة هذا الرد دفعًا الاهتمام المبالغ به من قبل أهل الابتداع عندنا ، فعزمت -مستعينًا بالله- على كتابة ردٍ مناسبٍ عليه ، فأسأل الله تعالى الإخلاص ، والإعانة .

وَإِلَيْكُمْ بَيَانٌ مُقْتَضَبٌ عَنِ الْمُؤَلِّفِ ، وَالْمُؤَلَّفِ :

أَمَّا مُؤَلِّفُ الْكِتَابِ ؛ فهو : “عبد الفتاح بن صالح قديش اليافعي” ، من دعاة البدع اليمنيين ؛ الْمُحْدِثِيْنَ في دين الله ما ليس منه ؛ إن في العقيدة ، أو الفقه ، أو السلوك ، له في وسائل التواصل مشاركات إعلامية كثيرة ، يؤصل فيها منهج أهل الابتداع الـمخترع ، وأما منهجه -على وجه العموم- فيتلخص فيما يلي :

أَمَّا الْعَقِيْدَةُ ؛ فهو من مفوضة الأشاعرة ، ويجيز التأويل في أحوال ؛ ودعواه -في الكتاب- بأنه سائر على سنن أهل الحديث دعوى كاذبة ؛ بلا شك ، ولا مين[2]، وهو -أيضًا- من المرجئة الغالين ؛ الذين يقولون : “لا كفر إلا بقصد ، واعتقاد”[3]، وهو يبيح التوسل المبتدع ، والاستغاثات الشركية ، ومخاطبة ، وسؤال الموتى[4].

وَأَمَّا فِيْ الْفِقْهِ ؛ فهو من المذهبيين المتعصبين ؛ الذين يمنعون الخروج عن المذاهب الأربعة[5]، ويُنَظِّرُ في ذلك ، ويُقَعِّدُ بما لا طائل تحته ،

وَأَمَّا فِيْ السُّلُوْكِ ؛ فهو من الصوفية المبتدعة ؛ الذين يجيزون الاحتفال بالمولد النبوي[6]، وقد أثنى على المتصوفة ، وبالغ ، وحشد من النقول عن من يثني عليهم ، وأكثر -مع أن حقيقة المتأخرين منهم الانحراف- وأطلق في باب الكرامات ؛ ليظهر صحة فعل أصحاب الشطحات .

أَمَّا الْكِتَابِ ؛ فالكتاب سيء للغاية ، ويتلخص منهج المؤلف -فيه- فيما يلي :

1] يقرر في الكتاب -آنف الذكر- أن أهل السنة ثلاث فرق ؛ أهل الحديث ، والأشاعرة ، والماتريدية ، ومراده بـاصطلاح : “أهل الحديث” ؛ أي : مفوضة الصفات ، وأما اصطلاح : “أهل الحديث” الذي يعرفه الموحد عنهم فهم -عنده- مجسمة ، مبتدعة[7]، وكذلك يفعل مع مصطلح : “الحنابلة” ؛ وهو -منه- تلاعب بالمصطلحات الذي يجيده أهل الابتداع ؛ لتنفيق الباطل ، وتجميله .

2] يحشد -لتأييد مذهبه- أقوالًا كثيرة لعلماء خلفيين ، أما أئمة السلف السابقين ؛ فإنه إذا أورد أقوالهم فإنه يلويها ليًّا ، أو يقتطعها من سياقاتها قطعًا ، فيظنها الجاهل أنها تؤيد مذهبه[8]،

3] يعتمد كتبًا ، ومراجعًا ليست أصيلة عند أهل السنة ، أو مشكوكًا في نسبتها إليهم[9]،

4] هذا الكتاب مؤسس على بدعة عصرية محدثة ، وهي بدعة : “التعايش” بين أصحاب الفرق المختلفة ، لذا صار الرسم الواضح في الكتاب هو التهوين من الخلاف الحادث في العقائد ، ثم يجعله من خلاف الفروع .

5] اعتمد المؤلف في الكتاب -كثيرًا- على المتشابهات من النصوص ، وترك المحكمات منها ، وهذه -كما لا يخفى- مهنة أهل الابتداع التي يتقنونها[10].

(2)

وَفِيْ هَذِهِ الْفِقْرَةِ سَنَذْكُرُ بَعْضَ سِمَاتِ أَهْلِ الْاِبْتِدَاعِ ؛ فِيْ الْمَنْهَجِ ، وَالتَّأْصِيْلِ ، أَوْ فِيْ الْكِتَابَةِ ، وَالتَّأْلِيْفِ ؛ لِتَتَجَلَّى حَقِيْقَتُهُمْ عِنْدَ التَّابِعِيْنَ لَهُمْ ، وَالْمَخْدُوْعِيْنَ بِهِمْ ، فَـ:

مِنْ سِمَاتِهِمْ  : أنهم أصحاب آراء مضلة ، فهم -بحق ، وحقيقة- “أَعْدَاءُ السُّنَنِ ؛ أَعْيَتْهُمُ الْأَحَادِيْثُ أَنْ يَحْفَظُوْهَا فَقَالُوْا بِالرَّأْيِ ، فَضَلُّوْا ، وَأَضَلُّوْا”[11]،

وَمِنْ سِمَاتِهِمْ : أنهم أهل ابتداع ، وهوى ؛ يعتقدون عقائدهم المضلة ، ثم يستدلون لها بما لا يصح الاستدلال به البتة ؛ ولذا ؛ “سُمِّيَ أَهْلُ الْبِدَعِ أَهْلَ الْأَهْوَاءِ ؛ لِأَنَّهـُمْ اِتَّبَعُوْا أَهْوَاءَهُـمْ ، فَلـمْ يَأْخُذُوْا بِالْأَدِلَّةِ الشَّــرْعِيَّةِ مَــأْخَذَ الِاْفْتِقَـارِ إِلَيْهَــا ، وَالتَّعْوِيْلِ عَلَيْهَــا ، حَتَّى يَصْـدُرُوْا عَنْهَا ، بَلْ قَدَّمُـوْا أَهْوَاءَهُمْ ، وَاعْتَمَدُوْا عَلَى آرَائِهِمْ ، ثُمَّ جَعَلُوْا الْأَدِلَّةَ الشَّرْعِيَّةَ مَنْظُوْرًا فِيْهَا مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ”[12]، وصدق الله الجليل القائل : {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[القصص:50] ،

وَمِنْ سِمَاتِهِمْ : أنهم يقدمون الـعقـل عـلى النقـل ، وهو -عنـدهم- مصـدر أصيـل مـن مصـادر الـتلقي ، “وَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ فَقَالُوْا : الْأَصْلُ الِاتِّبَاعُ ، وَالْعُقُوْلُ تَبَعٌ ، وَلَوْ كَانَ أَسَاسُ الدِّيْنِ عَلَى الْمَعْقُوْلِ لَاسْتَغْنَى الْخَلْقُ عَنِ الْوَحْيِّ ، وَعَنِ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ ، وَلَبَطَلَ مَعْنَى الْأَمْرِ ، وَالنَّهْيِّ ، وَلَقَالَ مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ”[13]

وَمِنْ سِمَاتِهِمْ : أنهم يردون أخبار الآحاد في العقائد ، لأنها -كما يزعمون- ظنية الثبوت ، والدلالة ؛ وهذا منهم مخالف لدين المسلمين ، ومنهجهم في التلقي الأصيل ؛ فقد عُلِمَ : “اِنْعِقَادُ الْإِجْمَاعِ الْمَعْلُومِ الْمُتَيَقَّنِ عَلَى قَبُولِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ -أَيْ : الثَّابِتَةِ بِخَبَرِ الْآحَادِ- وَإِثْبَاتِ صِفَاتِ الرَّبِّ تَعَالَى بِهَا ، فَهَذَا لَا يَشُكُّ فِيهِ مَنْ لَهُ أَقَلُّ خِبْرَةٍ بِالْمَنْقُولِ ، فَإِنَّ الصَّحَابَةَ هُمُ الَّذِينَ رَوَوْا هَذَهِ الْأَحَادِيثَ ، وَتَلَقَّاهَا بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ بِالْقَبُولِ ، وَلَمْ يُنْكِرْهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى مَنْ رَوَاهَا ، ثُمَّ تَلَقَّاهَا عَنْهُمْ جَمِيعُ التَّابِعِينَ مِنْ أَوَّلِهِمْ إِلَى آخِرِهِمْ ، وَمَنْ سَمِعَهَا مِنْهُمْ تَلَقَّاهَا بِالْقَبُولِ ، وَالتَّصْدِيقِ لَهُمْ ، وَمَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا مِنْهُمْ تَلَقَّاهَا عَنِ التَّابِعِينَ كَذَلِكَ ، وَكَذَلِكَ تَابِعُ التَّابِعِينَ مَعَ التَّابِعِينَ ، هَذَا أَمْرٌ يَعْلَمُهُ ضَرُورَةً أَهْلُ الْحَدِيثِ ، كَمَا يَعْلَمُونَ عَدَالَةَ الصَّحَابَةِ ، وَصِدْقَهُمْ ، وَأَمَانَتَهُمْ ، وَنَقْلَهُمْ ذَلِكَ عَنْ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ كَنَقْلِهِمُ : الْوُضُوءَ ، وَالْغُسْــلَ مِنَ الْجَنَابَةِ ، وَأَعْدَادَ الصَّـلَوَاتِ ، … ، فَإِنَّ الَّذِينَ نَقَلُوا هَذَا هُمُ الَّذِينَ نَقَلُوا أَحَادِيثَ الصِّفَـاتِ ، فَإِنْ جَازَ عَلَيْهِمُ الْخَطَأُ ، وَالْكَذِبُ فِي نَقْلِهَا جَازَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ فِي نَقْلِ غَيْرِهَا مِمَّا ذَكَرْنَا ؛ وَحِينَئِذٍ فَلَا وُثُوقَ لَنَا بِشَيْءٍ نُقِلَ لَنَا عَنْ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَتَّةَ ، وَهَذَا انْسِلَاخٌ مِنَ الدِّينِ ، وَالْعِلْمِ ، وَالْعَقْلِ …”[14].  

وَمِنْ سِمَاتِهِمْ : أنهم مقلدة جامدون ؛ يتمسكون بما وجدوا عليه الآباء ، والأجداد من عقائد منحرفة ؛ تقديساً لهم ، وتعظيمًا ، ثم يستدلون لهم بنصوص لا يستقيم الاستدلال بها ؛ فيضربون كتاب الله بعضه ببعض ، ويحرفون الكلم عن مواضعه ؛ ليسلم لهم موروثهم الذي ورثوه ، وهم بذلك يشابهون أولئك الأقوام الذين قال الله فيهم : {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ}[سورة الزخرف:23] ، وقال : {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلَا يَهْتَدُونَ}[سورة البقرة:170] ،  

وَمِنْ سِمَاتِهِمْ : أنهم أهل زيغ ؛ يتبعون المتشابهات ؛ ابتغاء الفتنة ، وابتغاء تأويله ؛ قال الله تعالى فيهم -وأمثالهم- : {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ}[النساء:7] ، ثم قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -لعائشة الصديقة رضي الله عنها- لما تلا هذه الآية الكريمة : “فَإِذَا رَأَيْتِ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكِ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ”[15].

وَمِنْ سِمَاتِهِمْ : أنهم أهل تشنيع ، ولمز ، وسخرية ، وغمز ، يجعلون النصيب الأوفى من تشنيعهم لأصحاب العقيدة النقية ، فيا أهل السنة ، لا عليكم ، فـ”قَدْ لَقِيَ النَّبْيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَصْحَابُهُ مِنْ هَذَا شَيْئًا كَثِيْرًا ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً}[آل عمران:186] ، فَقَدْ وَضَعَ أُوْلَئِكَ الظَّالِـمُوْنَ الْـمُشْرِكُوْنَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَصْحَابِهِ أَلْقَابَ التَّشْنِيْعِ ، وَالسُّخْرِيَّةِ ، مِثْلَ : سَاحِرٌ ، مَجْنُوْنٌ ، كَاهِنٌ ، كَذَّابٌ ، وَنَحْوُ ذَلِكَ ، وَلَمَّا كَانَ أَهْلُ الْعِلْمِ ، وَالْإِيْمَانِ هُمْ وَرَثَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقُوْا مِنَ أَهْلِ الْكَلَامِ ، وَالْبِدَعِ مِثْلَ مَا لَقِيَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَصْحَابُهُ مِنْ أُوْلَئِكَ الْمُشْرِكِيْنَ ، فَكَانَتْ كُلُّ طَائِفَةٍ مِنْ هَذِهِ الْطَوَائِفِ تُلَقِّبُ أَهْلَ السُّنَّةِ بِمَا بَرَّأَهُمُ اللهُ مِنْهُ مِنْ أَلْقَابِ التَّشْنِيْعِ ، وَالسُّخْرِيَةِ ؛ إِمَّا لِجَهْلِهِمْ بِالْحَقِّ ؛ حَيْثُ ظَنُّوْا صِحَّةَ مَا هُمْ عَلَيْهِ ، وَبُطْلَانَ مَا عَلَيْهِ أَهْلُ السُّنَّةِ ، وَإِمَّا لِسُوْءِ الْقَصْدِ ؛ حَيْثُ أَرَادُوْا بِذَلِكَ التَّنْفِيْرَ عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ ، وَالتَّعَصُّبَ لِآرَائِهِمْ مَعَ عِلْمِهِمْ بِفَسَادِهَا ؛ فَالْجَهْمِيَّةُ ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنَ الْمُعَطِّلَةِ سَمُّوْا أَهْلَ السُّنَّةِ : «مُشَبِّهَةٌ» ، زَعْمًا مِنْهُمْ أَنَّ إِثْبَاتَ الصِّفَاتِ يَسْتَلْزِمُ التَّشْبِيْهَ ، … ، وَأَهْـلُ الْكَلَامِ ، وَالْمَنْـطِقِ يُسَمُّـوْنَ أَهْـلَ السُّنَّـةِ : «حَشْوِيَّةٌ» ، مِنَ الْحَشْوِ ، وَهُوَ : مَا لَا خَيْرَ فِيْهِ ، وَيُسَمُّوْنَهُمْ : «نَوَابِتُ» … “[16]،

وَمِنْ سِمَاتِهِمْ : أنهم أهل بغي ، وعدوان ، وهما منصبان أصالة على أهل السنة ، والاتباع ، ومن بغيهم أنهم يكفرون أهل السنة الأقحاح[17]، بل قد يستبيحون دماءهم ، والأرواح ، وَ”مَا اِبْتَدَعَ قَوْمٌ بِدْعَةً إِلَّا اِسْتَحَلُّوْا فِيْهَا السَّيْفَ”[18]،   

وَمِنْ سِمَاتِهِمْ : أهل تقية ، ونفاق ، ومكر ، واحتيال ، وصدق أبو قلابة رحمه الله حين قال فيهم -وما أصدق ما قال- : “مَثَلُ أَصْحَابِ الْأَهْوَاءِ مَثَلُ الْمُنَافِقِيْنَ كَلَامُهُمْ شَتَّى ، وَجِمَاعُ أَمْرِهِمْ النِّفَاقُ” ، ثمَّ تَلَا : {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللهَ}[التَّوْبَة:75] ، {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ}[التَّوْبَة:58] ، {وَمِنْهُمُ الَّذِيْنَ يُؤْذُوْنَ النَّبِيَّ}[التَّوْبَة:61][19] ،  

وَمِنْ سِمَاتِهِمْ : أنهم أصحاب اختلاف ، ومخالفة ، وأصولهم فيما بينهم مضطربة ، بَلْ هُمْ “أَكْثَرُ النَّاسِ اِخْتِلَافًا ، وَأَشَدُّهُمْ تَنَافِيًا ، وَتَبَايُنًا ، لَا يَتَّفِقُ اِثْنَانِ مِنْ رُؤَسَائِهِمْ عَلَى قَوْلٍ ، وَلَا يَجْتَمِعُ رَجُلَانِ مِنْ أَئِمَّتِهِمْ عَلَى مَذَهَبٍ”[20]، “فَكُلُّ رَئِيسٍ مِنْ رُؤَسَاءِ الْفَلَاسِفَةِ ، وَالْمُتَكَلِّمِين لَهُ طَرِيقَةٌ فِي الِاسْتِدْلَالِ تُخَالِفُ طَرِيقَةَ الرَّئِيسِ الْآخَرِ ؛ بِحَيْثُ يَقْدَحُ كُلٌّ مِنْ أَتْبَاعِ أَحَدِهِمَا فِي طَرِيقَةِ الْآخَرِ ، وَيَعْتَقِدُ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّ اللَّهَ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِطَرِيقَتِهِ ؛ وَإِنْ كَانَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْمِلَّةِ ؛ بَلْ عَامَّةُ السَّلَفِ يُخَالِفُونَهُ فِيهَا”[21]،

وَمِنْ سِمَاتِهِمْ : أنهم متناقضون في أقوالهم ، كثيرو التلون ، والتنقل ؛ لأنهم أصحاب أقيسة عقلية ، وخصومات ، ومجادلات ؛ فوقعوا بسبب ذلك في شَرَك الشيطان ، وشِرْكِهِ ، وَ”مَنْ جَعَلَ دِينَهُ غَرَضًا لِلْخُصُومَاتِ أَكْثَرَ التَّنَقُّلَ»[22]، وكان السلف رحمهم الله “يَرَوْنَ التَّلَوُّنَ فِيْ الدِّيْنِ مِنْ شَكِّ الْقُلُوْبِ”[23]، نسأل الله العفو ، والعافية .

(3)

وَسَتَكُوْنُ -إِنْ شَاءَ اللهُ- فِقَرَاتُ رَدِّنَا هَذَا عَلَى النَّحْوِ التَّالِيْ :

1] البيان بأن الحق لا يلتقي مع الباطل البتة ، وأن أهل التوحيد في علو مكين ، وأهل البدع في سفل مهين ،

2] البيان بأن عقيدة الأشاعرة ، والماتريدية ليستا من الإسلام في شيء ، بل هما امتداد لمنهج الفلاسفة ، والمناطقة ، ومن تبعهم من الجهمية ، والمعتزلة ، 

3] البيان بأن منهج السلف في معاني صفات الله بريٌ من التفويض ، والتأويل كل البراءة ؛ وأنه لا يمت لهما بأي صلة ، أو علاقة ، وبريء -أيضًا- من منهج الـمجسمة المشبهة ؛ الذي يدعيه عليهم -زورًا ، وبهتانًا- أهل أهل الأهواء المبتدعة ، 

4] البيان بأن أئمة الإسلام من السلف الصالحين -ومن تبعهم بإحسان- أطهار أنقياء مما يتقول عليهم أهل الابتداع ؛ من أنهم موافقون لهم في التوسلات البدعية ، أو الاستغاثات الشركية ، أو في الثناء على الصوفية ، أو في تفويض معاني الصفات الإلهية ، أو أي شيء من بدعهم الردية ،

5] البيان بأن الفقه السلفي كائن في الاتباع ، وأن الفقه الخلفي كائن في تقليد أقوال الرجال ،

6] البيان المبين في تجلية ، وكشف حقيقة التصوف ، والمتصوفين ،  

7] ملحقات مهمة ، ثم الخاتمة .

يَتْبَعُ …



([1]) كتاب مؤلف عام : 1427 ه ، لكن له طبعات مجددة .

([2]) انظر : ص : (23) ، ص : (49 -55) .

([3]) انظر كتابه : “التوسل بالصالحين بين المجيزين ، والمانعين” ، ص : (134) .

([4]) انظر المصدر السابق ، ص : (66) ، (113) ، (161) ، (202) .

([5]) انظر : ص (67) من هذا الكتاب ، وما بعدها ، وسيأتي مزيد بيان في ثنايا الرد ، إن شاء الله .

([7]) انظر في الكتاب ، ص : (50) .

([8]) وسيأتي في الرد أمثلة على ذلك .

([9]) وسيأتي في الرد أمثلة على ذلك .

([10]) وسيأتي في الرد أمثلة على ذلك .

([11]) رواه الدارقطني (4280) .

([12]) الاعتصام ؛ للشاطبي (2/683-684) .

([13]) “الانتصار لأصحاب الحديث” ؛ لأبي المظفر السمعاني ، رحمه الله ؛ ص : (82) .

([14]) مختصر البعلي للصواعق المرسلة ؛ لابن القيم رحمه الله ، ص : (605) .

([15]) رواه البخاري (4547) ، ومسلم (6869) .

([16]) فتح رب البرية ؛ بتلخيص الحموية ؛ لفضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله ، ص : (113-114) .

([17]) انظر : “السيف الصقيل في الرد على ابن زفيل” ؛ للكوثري ؛ ص : (74) .

([18]) رواه الآجري في : “الشريعة” (203) .

([19]) الدر المنثور (4/248) .

([20]) الإبانة الكبرى ؛ لابن بطة رحمه الله (2/554)

([21]) مجموع الفتاوى ؛ لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (2/22) .

([22]) رواه الدارمي بسنده ، عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله (312) .

([23]) رواه ابن بطة رحمه الله في الإبانة الكبرى (575) ، بسنده عن إبراهيم النخعي رحمه الله .

%d مدونون معجبون بهذه: