“بُيُوْتُ الْمُؤْمِنِيْنَ ؛ وَصْفُهَا الْمُبِيْنُ ، وَحِفْظُهَا الْأَمِيْنُ” .
حَلَقَاتٌ عِلْمِيَّةٌ تَرْبَوِيَّةٌ ، أَصِفُ فِيْهَا الْبُيُوْتَ الْمُؤْمِنَةَ ؛ عَقِيْدَتَهَا ، وَأَخْلَاقَهَا ، ثم أُذَكِّرُ بَعْدَهَا بِالتَّرَاتِيْبِ السَّلَفِيَّةِ الضَّرُوْرِيَّةِ فِيْ طُرُقِ ، وَأَسَالِيْبِ ِحِفْظِهَا مِنْ عُدْوَانِ الْفِرَقِ الْمُعْتَدِيَةِ .
حَلَقَاتٌ مُهِمَّةٌ ، وَبِخَاصَّةٍ فِيْ أَزِمِنَةِ الْغُرْبَةِ ، مُوَجَّهَةٌ لِجَمِيْعِ أَفْرَادِ الْأُسَرِ الْمُسْلِمَةِ ، صَانَهَا اللهُ مِنْ خُطَطِ ، وَتَدَابِيْرِ ذَوِيْ الشُّرُوْرِ الْكَائِدَةِ .
الْحَلْقَةُ (السَّابِعَةُ) :
-(بُيُوْتُ الْمُؤْمِنِيْنَ فِيْ الْإِسْلَامِ)-
“قِسْمُ الْأَخْلَاقِ” .
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ ، وَالصَّلَاةُ ، وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَالْمُرْسَلِيْنَ ، وَعَلَى آلِهِ ، وَصَحَابَتِهِ ، وَالتَّابِعِيْنَ … أَمَّا بَعْدُ :
“حِفْظُ الْبُيُوْتِ الْمُؤْمِنَةِ مِنَ التَّهْدِيْدَاتِ الْمُعَاصِرَةِ” .
(5)
وَمِنْهَا : التَّهْدِيْدَاتُ الْاِجْتِمَاعِيَّةُ ، وَمِنْ أَهَمِّ أَمْثِلَتِهَا فِيْ أَزْمِنَتِنَا الْمُعَاصِرَةِ :
هَيْمَنَةُ الْمَرْأَةُ عَلَى شُؤُوْنِ بَيْتِهَا ؛ مُنْفَرِدَةً بِهِ عَنْ زَوْجِهَا ، فَقَدْ جَعَلَتْ لَهَا فِيْ بَيْتِهَا مَمْلَكَةً ، وَسُلْطَانًا رَفِيْعًا ؛ فَهِيَ فِيْهِ : الْآمِرَةُ ، النَّاهِيَةُ ، الْمُنَظِّمَةُ ، الْمُدَبِّرَةُ ، الْقَاضِيَةُ ، الْحَاكِمَةُ ، … ، وَيَا وَيْلَ مَنْ يَتَدَخَّلُ فِيْ مَـمْلَكَتِهَـا -هَـذِهِ- سَتَجْعَلُ حَيَاتَهُ -إِنْ فَعَلَ- جَحِيْمًا لَا يُطَاقُ ، فَأَمَّا زَوْجُهَا ؛ فَـ:
إِنْ كَانَ مِنَ الْمُسْتَضْعَفِيْنَ ؛ غَيْرَ قَائِمٍ بِشَرْعِ اللهِ الْمُبِيْنِ ؛ فَسَيَرْضَى بِالْإِهَانَةِ ، وَسَيَكُوْنُ خَادِمًا نَبِيْلًا لَدَيْهَا ، أَوْ سَائِقًا مُحْتَرِفًا لِأَوْلَادِهَا ، أَوْ صَرَّافًا آلِيًّا لِشَرَاءِ حَاجِيَاتِهَا ، وَسَتَمْضِي حَيَاتُهُمَا عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ حَتَّى يَمُوْتَ الْأَعْجَلُ مِنْهُمَا ، وَيُوَارَى جِثْمَانُهُ التَّرَابَ ، لِتُوَاجِهَ هَذِهِ الْمَرْأَةُ جَزَاءَهَا يَوْمَ يَقُوْمُ الْحِسَابُ ،
وَأَمَّا إِنْ كَانَ رَجُلًا قَوِيًّا ، وَبِشَرْعِ اللهِ قَائِمًا ، فَحَتْمًا ، سَيَنْتَهِي مَطَافُ عَلَاقَتِهِمَا الزَّوْجِيَّةِ إِلَى الطَّلَاقِ ، أَوِ الْهِجْرَانِ ، وَالْاِنْفِصَالِ ، لَيَجْرِيَ عَلَيْهَا -إِنْ أَذِنَ رَبُّهَا- غَضَبُ الرَّحْمَنِ ، وَسَخَطُهُ ، وَلَعْنُ الْمَلَائِكَةِ الْكِرَامِ ،
هَذِهِ حَقِيْقَةُ ، وَحَالُ كَثِيْرٍ مِنَ الْبُيُوْتِ ؛ فَمُسْتَقِلٌّ أَهْلُهَا مَمَّا ذُكِرَ ، أَوْ مُسْتَكْثِرُوْنَ ، نَسْأَلُ اللهَ الْعَفْوَ ، وَالْعَافِيَةَ ،
وَصَدَقَ رَسُوْلُنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -بِأَبِي هُوَ ، وَأُمِّي- حِيْنَ قَالَ : “وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لَا تُؤَدِّي الْمَرْأَةُ حَقَّ رَبِّهَا حَتَّى تُؤَدِّيَ حَقَّ زَوْجِهَا …”[1]، وَمِنْ أَعْظَمِ الْحُقُوْقِ الشَّرْعِيَّةِ لِلرَّجُلِ عَلَى زَوْجَتِهِ الْوِلَايَةُ عَلَيْهَا ، “وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ ، وَهُوَ مَسْؤُوْلٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ”[2].
وَفِيْ حَلَقَاتٍ قَادِمَةٍ -إِنْ شَاءَ اللهُ- سَنَذْكُرُ الْأَسْبَابَ الَّتِي دَعَتْ إِلَى وُجُوْدِ هَذَا الْمَرَضِ الْعُضَالِ ؛ الَّذِي أَقَضَّ مَضَاجِعَ كَثِيْرٍ مِنَ الصَّالِحِيْنَ ، وَتَهَدَّمَتْ فِيْهَا بُيُوْتُ عَدِيْدٍ مِنْ الْمُسْلِمِيْنَ ، ثُمَّ -عَلَى قَدْرِ الْمُسْتَطَاعِ- سَنَصِفُ الدَّوَاءَ الْمُنَاسِبَ ؛ نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى الْإِعَانَةَ ، وَالسَّدَادَ ،
وَصَلِّ اللَّهُمَّ ، وَسَلِّمْ عَلَى إِمَامِ الْهُدَى ، وَالرَّشَادِ ، مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، وَآلِهِ ، وَصَحْبِهِ أُوْلِي النُّهَى ، وَالْإِحْسَانِ .