القائمة إغلاق

 “الرَّدُّ الْعِلْمِيُّ الْمُخْتَصَرُ”

رُدُوْدٌ عِلْمِيَّةٌ مُخْتَصَرَةٌ ، أَتَنَاوَلُ فِيْهَا -أُسْبُوْعِيًّا- كِتَابًا ، أَوْ مَقَالًا ، أَوْ مُحْتَوًى مِنْ مُحْتَوَيَاتِ شَبَكَاتِ التَّوَاصُلِ ؛ مِمَّا يُنْتِجُهُ الْمُخَالِفُوْنَ ؛ سَوَاءً كَانُوْا مُبْتَدِعَةً مُحْدِثِيْنَ ، أَوْ لِيِبْرَالِيِّيْنَ ضَالِّيْنَ ، أَوْ مَنْ جَانَبَهُ الصَّوَابُ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ الْمُوَحِّدِيْنَ .

نسخة رقمية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ ، وَالصَّلَاةُ ، وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَالْمُرْسَلِيْنَ ، وَعَلَى آلِهِ ، وَصَحَابَتِهِ ، وَالتَّابِعِيْنَ … أَمَّا بَعْدُ :

الرَّدُّ السَّادِسُ (تابع …) :

عَلَى شُبُهَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ حَوْلَ : فِلَسْطِيْنَ ، وَالْقِتَالِ لِدَفْعِ الْغَاصِبِ الْمُحْتَلِّ مِنْهَا .

النَّاقِلُ : مَجْمُوْعَةٌ مِنَ اللِّيِبْرَالِيِّيْنَ ، وَبَعْضِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ ؛ مِنَ الْمُنْتَسِبِيْنَ إِلَى الْمُسْلِمِيْنَ [1].

(1)

رَدُّ الشُّبْهَةِ الثَّانِيَةِ :

وَهِيَ :

قَوْلُهُمْ : إِنَّ “الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى” الْمَذْكُوْرَ فِيْ النُّصُوْصِ لَيْسَ هُوَ الْمَوْجُوْدَ فِيْ فِلَسْطِيْنَ ، بَلْ هُوَ فِيْ مَكَانٍ آخَرَ ، أَمَّا الْمَوْجُوْدُ -الْآنَ- فَأَصْلُهُ كَانَ مَعْبَدًا لِلْيَهُوْدِ ، حَوَّلَهُ الْمُسْلِمُوْنَ -لَمَّا اِسْتَوْلَوْا عَلَيْهِ- إِلَى مَسْجِدٍ .

وَلَمَّا قِيْلَ لَهُمْ أَيْنَ أَدِلَّتُكُمْ فِيْ ذَلِكَ أَتَوْا بِمَا يَضْحَكُ عَلَيْهِمُ بِهِ الْعَامِيُّ قَبْلَ الْعَالِمِ ، وَالصَّغِيْرُ قَبْلَ الْكَبِيْرِ ، فَمِنْ أَدِلَّتِهِمْ فِيْ ذَلِكَ :

مَا ذَكَرَهُ الْوَاقِدِيُّ -فِيْ مَغَازِيِهِ- وَهُوَ قَوْلُهُ : “وَانْتَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الْجِعِرّانَةِ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ ؛ لِخَمْسِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ ، فَأَقَامَ بِالْجِعِرّانَةِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ ، فَلَمّا أَرَادَ الِانْصِرَافَ إلَـى الْمَدِينَــةِ خَرَجَ مِنْ الْجِعِـرّانَةِ لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ ؛ لِاثْنَتَـيْ عَشْـرَةَ بَقِيَـتْ مِـنْ ذِي الْقَـعْـدَةِ لَيْلًا ، فَأَحْرَمَ مِنْ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الّذِي تَحْتَ الْوَادِي بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى ، وَكَانَ مُصَلّى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا كَانَ بِالْجِعِرّانَةِ ؛ فَأَمّا هَذَا الْمَسْجِدُ الْأَدْنَى ، فَبَنَاهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ”[2].  

وَلِلْجَوَابِ عَلَى هَذِهِ الشُّبْهَةِ أَقُوْلُ :

1] لَوِ اِفْتَرَضْنَا صِحَّةَ مَا أَتَى بِهِ الْوَاقِدِيُّ ؛ فَإِنَّ النُّصُوْصَ صَرَيِحَةٌ فِيْ أَنَّ الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى -بَيْتَ الْمَقِدِسَ- الَّذِي أُسْرِيَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ بِفِلَسْطِيْنَ ، وَيُسَمَّى : إِيْلْيَاءَ ، وَأَصْرَحُ شَيْءٍ فِيْ ذَلِكَ -الَّذِي يَقْطَعُ حُجَّةَ الْمُخَالِفَ- مَا جَاءَ :

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ : الْمَسْجِدِ الحَرَامِ ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى”[3]، وَيُحَدِّدُ مَكَانَ “الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى” فِيْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ مَا جَاءَ :

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : “إِنَّمَا يُسَافَرُ إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ : مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ ، وَمَسْجِدِي ، وَمَسْجِدِ إِيلِيَاءَ”[4].

قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ : “ وَأَمَّا إِيلِيَاءُ ؛ فَهُوَ : “بَيْتُ الْمَقْدِسِ” ، … ، وَسُمِّيَ الْأَقْصَى لِبُعْدِهِ مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ”[5].

2] أَمَّا قَوْلُ الْوَاقِدِيُّ : “الْمَسِجَد الْأَقْصَى” ؛ فَإِنَّهُ يَقْصِدُ بِهِ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيَّ ، فَهُوَ أَقْصَى بِالنِّسْبَةِ لِلْمَسْجِدِ الْأَدْنَى ، وَهَذَا وَاضِحٌ -لِمَنْ تَخَلَّى عَنِ الْهَوَى- فِيْ الرِّوَايَةِ نَفْسِهَا ؛ فَإِنَّ فِيْ الْجِعْرَانَةِ مَسْجِدَيْنِ : أَقْصَى ، وَأَدْنَى ، وَالرَّسُوْلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَحْرَمَ مِنَ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى .

وَمِنْ أَدِلَّتِهِمْ -أيضًا- فِيْ ذَلِكَ :

 مَا رَوَاهُ الرَّافِضَةُ فِيْ كُتُبِهِمْ مِنْ أَنَّ الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى يَقَعُ فِيْ السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ[6]، وَيَكْفِي فِيْ رَدِّ ذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ الرَّافِضَةِ عَلَيْهِمْ لَعَائِنُ اللهِ -وَلَمْ يُرَ أَكْذَبَ مِنَ الرَّافِضَةِ ، وَأَقْبِحْ بِهِمْ مِنْ قَوْمٍ- يُرِيْدُوْنَ بِمَرْوِيَّاتِهِمْ ، وَخُرَافَاتِهِمْ -هَذِهِ- أَنْ يَصْرِفُوْا وُجُوْهَ النَّاسِ عَنِ الْمَسَاجِدِ الْمُقَدَّسَةِ إِلَى مَسَاجِدِهِمُ الْوَثَنِيَّةِ .  

يَتْبَعُ 



([1])  كـ: يوسف زيدان ، وأمثاله ، وهذا ، وأمثاله قد جعلوا أنفسهم أبواقاً للصهاينة لينفذوا مخططهم الخبيث لتهويد مدينة القدس ، وهدم المسجد الاقصى ، واقامة هيكلهم المزعوم .

([2]) المغازي (1/385) .

([3]) رواه البخاري (1189) ، مسلم (3364) .

([4]) رواه مسلم (3366) .

([5]) شرح مسلم (9/168) .

([6]) انظر تفسير العياشي الرافضي (2/302) .

%d