القائمة إغلاق

 

“الرَّدُّ الْعِلْمِيُّ الْمُخْتَصَرُ”

رُدُوْدٌ عِلْمِيَّةٌ مُخْتَصَرَةٌ ، أَتَنَاوَلُ فِيْهَا -أُسْبُوْعِيًّا- كِتَابًا ، أَوْ مَقَالًا ، أَوْ مُحْتَوًى مِنْ مُحْتَوَيَاتِ شَبَكَاتِ التَّوَاصُلِ ؛ مِمَّا يُنْتِجُهُ الْمُخَالِفُوْنَ ؛ سَوَاءً كَانُوْا مُبْتَدِعَةً مُحْدِثِيْنَ ، أَوْ لِيِبْرَالِيِّيْنَ ضَالِّيْنَ ، أَوْ مَنْ جَانَبَهُ الصَّوَابُ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ الْمُوَحِّدِيْنَ .

نسخة رقمية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ ، وَالصَّلَاةُ ، وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَالْمُرْسَلِيْنَ ، وَعَلَى آلِهِ ، وَصَحَابَتِهِ ، وَالتَّابِعِيْنَ … أَمَّا بَعْدُ :

الرَّدُّ السَّادِسُ (تَابِعٌ …) :

عَلَى شُبُهَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ حَوْلَ : فِلَسْطِيْنَ ، وَالْقِتَالِ لِدَفْعِ الْغَاصِبِ الْمُحْتَلِّ مِنْهَا .

النَّاقِلُ : مَجْمُوْعَةٌ مِنَ اللِّيِبْرَالِيِّيْنَ ، وَبَعْضِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ ؛ مِنَ الْمُنْتَسِبِيْنَ إِلَى الْمُسْلِمِيْنَ .

(1)

رَدُّ الشُّبْهَةِ الرَّابِعَةِ :

وَهِيَ :

قَوْلُهُمْ : إِنَّ الْقِتَالَ الْحَقِيْقِيَ الَّذِيْ سَيُفْتَحُ بِهِ “بَيْتُ الْمَقْدِسِ” هُوَ الَّذِي سَيَقُوْدُهُ عِيْسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيْ آخِرِ الزَّمَانِ ، أَمَّا هَذَا الْقِتَالُ -الْآنَ- فَهُوَ قِتَالُ فِتْنَةٍ .

وَلِلْجَوَابِ عَلَى هَذِهِ الشُّبْهَةِ أَقُوْلُ :

هَذِهِ شُبْهَةٌ مُهَلْهَلَةٌ ، لَا قِيْمَةَ لَهَا ، مُطَّرَحَةٌ مِنْ أَصْلِهَا ، وَقَارِئُ التَّارِيْخِ الْبَسِيْطُ يَسْتَطِيْعُ الرَّدَّ عَلَيْهَا بِأَسْهَلَ مَا يَكُوْنُ ، وَذَلِكَ :

1] بَأَنْ يَقُوْلَ :

وَهَـلْ مَا فَعَلَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، وَالصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللهُ عَلَيْهِمْ -وَمَنْ مَعَهُمْ- لَمَّـا قَـاتَـلُوْا لِـفَتْحِ بَـيْـتِ الْـمَـقْـدِسِ هَلْ يُعْتَبَرُ قِتَالَ فِتْنَةٍ ؟!

وَهَلْ مَا قَامَ بِهِ صَلَاحُ الدِّيْنِ الْأَيُّوْبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ لَمَّا فَتَحَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ يُعْتَبَرُ قِتَالَ فِتْنَةٍ ؟! أَمْ هُوَ قِتَالٌ لِاسْتِرْدَادِ مُقَدَّسَاتِ الْمُسْلِمِيْنَ مِنْ أَيْدِي الْكُفَّارِ الْمُغْتَصِبِيْنَ ؟![1] .

وَسَتَسْتَمِرُّ هَذِهِ الْفُتُوْحَاتُ ، فَكُلَّمَا سَقَطَ بَيْتُ الْمَقْدِسِ بِأَيْدِي الْكُفَّارِ سَعَى الْمُسْلِمُوْنَ الْمُوَحِّدُوْنَ لِاسْتِرْدَادِهِ ، كَمَا يَفْعَلُوْنَ الْآنَ .

2] ثُمَّ إِنَّ ظَوَاهِرَ النُّصُوْصِ الَّتِي وَرَدَتْ فِيْ قِتَالِ الْيَهُوْدِ آخِرَ الزَّمَانِ -فِيْمَا أَعَلَمُ- جَاءَتْ عَامَّةً ، لَمْ تَخُصَّ بَيْتَ الْمَقْدِسِ بِفَتْحٍ ، وَلَا غَيْرِهِ ، وَاللهُ أَعْلَمُ .

رَدُّ الشُّبْهَةِ الْخَامِسَةِ :

وَهِيَ :

قَوْلُهُمْ : إِنَّ الْقِتَالَ الدَّائِرَ -الْآنَ- هُوَ إِلْقَاءٌ بِالنَّفْـسِ إِلَى التَّهْـلُكَـةِ ؛ لِأَنَّــهُ غَيْـرُ مُـتَكَافِئِ الْكِفَّتَيْنِ ، مِمَّا أَدَّى -كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ- إلى قَتْلِ الْأَبْرِيَاءِ ؛ مِنَ الْأَطْفَالِ ، وَالنِّسَاءِ ، وَالشُّيُوْخِ .

وَلِلْجَوَابِ عَلَى هَذِهِ الشُّبْهَةِ أَقُوْلُ :

لَيْسَ هُوَ -فِيْمَا أَرَى- إِلْقَاءً بِالنَّفْـسِ إِلَى التَّهْـلُكَـةِ ؛ لِلْأَسَبْابِ التَّالِيَةِ :

1] لِأَنَّهُ قِتَالُ دَفْعٍ لِعَدُوٍّ صَائِلٍ ، وَجِهَادُ الدَّفْعِ لَا يُشْتَرَطُ فِيْهِ تَكَافُؤُ الْعَدَدِ ، وَلَا عِبْرَةَ بِهِ -هُنَا-  الْعِبْرَةُ بِقُوَّةِ الْإِيْمَانِ ، مَعَ الْاِسْتِعْدَادِ بِقَدْرِ الْمُسْتَطَاعِ ، وَالْإِمْكَانِ ،

قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ اِبْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ : “وَأَمَّا قِتَالُ الدَّفْعِ ؛ فَهُوَ أَشَدُّ أَنْوَاعِ دَفْعِ الصَّائِلِ عَنْ الْحُرْمَةِ ، وَالدِّينِ ؛ فَوَاجِبٌ إجْمَاعًا ، فَالْعَدُوُّ الصَّائِلُ الَّذِي يُفْسِدُ الدِّينَ ، وَالدُّنْيَا لَا شَيْءَ أَوْجَبَ بَعْدَ الْإِيمَانِ مِنْ دَفْعِهِ ، فَلَا يُشْتَرَطُ لَهُ شَرْطٌ ، بَلْ يُدْفَعُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ ، وَقَدْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْعُلَمَاءُ أَصْحَابُنَا ، وَغَيْرُهُمْ فَيَجِبُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ دَفْعِ الصَّائِلِ الظَّالِمِ الْكَافِرِ ، وَبَيْنَ طَلَبِهِ فِي بِلَادِهِ”[2]،

وَيَقُوْلُ -أَيْضًا- رَحِمَهُ اللهُ : “وَإِذَا دَخَلَ الْعَدُوُّ بِلَادَ الْإِسْلَامِ ؛ فَلَا رَيْبَ أَنَّهُ يَجِبُ دَفْعُهُ عَلَى الْأَقْرَبِ ، فَالْأَقْرَبِ ؛ إذْ بِلَادُ الْإِسْلَامِ كُلُّهَا بِمَنْزِلَةِ الْبَلْدَةِ الْوَاحِدَةِ ، وَأَنَّهُ يَجِبُ النَّفِيرُ إلَيْهِ بِلَا إذْنِ وَالِدٍ ، وَلَا غَرِيمٍ … … ، وَقِتَالُ الدَّفْعِ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ الْعَدُوُّ كَثِيرًا لَا طَاقَةَ لِلْمُسْلِمِينَ بِهِ ، لَكِنْ يُخَافُ إنْ انْصَرَفُوا عَنْ عَدُوِّهِمْ عَطَفَ الْعَدُوُّ عَلَى مَنْ يُخَلَّفُونَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ؛ فَهُنَا قَدْ صَرَّحَ أَصْحَابُنَا بِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَبْذُلُوا مُهَجَهُمْ ، وَمُهَجَ مَنْ يُخَافُ عَلَيْهِمْ فِي الدَّفْعِ حَتَّى يَسْلَمُوا ، وَنَظِيرُهَا أَنْ يَهْجُمَ الْعَدُوُّ عَلَى بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ ، وَتَكُونَ الْمُقَاتِلَةُ أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ ؛ فَإِنْ انْصَرَفُوا اسْتَوْلَوْا عَلَى الْحَرِيمِ ؛ فَهَذَا ، وَأَمْثَالُهُ قِتَالُ دَفْعٍ لَا قِتَالُ طَلَبٍ ، لَا يَجُوزُ الِانْصِرَافُ فِيهِ بِحَالٍ ، وَوَقْعَةُ أُحُدٍ مِنْ هَذَا الْبَابِ”[3]،

2] ثُمَّ إِنَّ اَلْمُجَاهِدِينَ -اَلَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي اَلْمَيْدَانِ- اَلْمُقَاوِمِينَ لِلْعَدُوِّ اَلْمُحْتَلِّ = هُمْ أَهْلُ اَلشَّأْنِ ، وَهُمُ اَلَّذِينَ يُقَدِّرُونَ اَلْمَفَاسِدَ ، وَالْمَصَالِــحَ ، وَيُقَرِّرُوْنَ مَـتَّـىْ يَصْلُحُ اَلْأِقْــدَامَ ، أَوْ اَلْإِحْـجَـامَ ، وَاَلَّذِي نَعْرِفُهُ عَنْهُمْ أَنَّ عِنْدَهُمْ عُلَمَاءَ ، وَفُقَهَاءَ -مِنْ أَهْلِ فِلَسْطِينَ ، وَمِنْ خَارِجِهَا- يَسْتَشِيرُوْنَهُمْ فِيمَا يُرِيدُوْنَ فِعْلَهُ ؛ فَلَمَّا اِطْمَأَنَّتْ نُفُوْسُهُمْ ، وَانْشَرَحَتْ صُدُوْرُهُمْ إِلَى مَا أَرَادُوْهُ أَقْدَمُوْا عَلَيْهِ ، واسْتَعْجَلُوْا بِالْبَدْءِ فِي مَعْرَكَةٍ عَاجِلَةٍ ، ضَرُوْرِيَّةٍ ؛ إِذْ أَنَّ اَلْأَمْرَ اَلَّذِي حَلَّ بِهِمْ ، وَبِبَيْتِ اَلْمَقْدِسِ عَصِيْبٌ جِدًّا ، وَأَنَّ اَلصَّهَايِنَةَ -لَعَنَهُمُ اللهُ- يَعْمَلُوْنَ عَلَى قَدَمٍ ، وَسَاقٍ لِتَهْوِيْدِ مَدِيْنَةِ اَلْقُدْسِ ، وَبِنَاءِ هَيْكَلِهِمُ اَلْمَزْعُوْمِ ، فَقَامُوْا بِمَا قَامُوا بِهِ مُتَحَمِّلِيْنَ مَا يُصِيبُهُمْ -وَالْمُسْلِمِينَ مَعَهُمْ- مِنْ شِدَّةٍ ، وَضَرَّاءَ ، وَلَأَوَّاءَ ، صَبَّرَهُمُ اَللَّهُ ، وَأَعَانَهُمْ ، وَنَصَرَهُمْ عَلَى عَدُوِّهِمْ ، وَسَدَّدَ رَأْيَهُمْ ، وَرَمْيَهُمْ .  

3] وَأَرَى أَنَّ اَلْقَوْلَ بِوُجُوبِ اَلْكَفِّ عَنْ اَلْمُقَاوَمَةِ -حَالِيًّا- بِحُجَّةِ عَدَمِ تَكَافُؤِ اَلْعَدَدِ قَوْلٌ ضَعِيْفٌ جِدًّا ، وَهُوَ عَيْنُهُ مَا يُرِيدُهُ اَلْيَهُودُ اَلصَّهَايِنَةُ ؛ لِيَتَوَسَّعُوْا ، وَيَتَمَكَّنُوْا ، خَاصَّةً إِذَا عَلِمْنَا أَنَّ نُصَرَاءَهُمْ -مِنْ اَلْغَرْبِيِّيْنَ ، أَوْ مِنْ أَذْنَابِهِمُ اَلْمُنَافِقِيْنَ- يُؤَيِّدُوْنَهُمْ عَلَى ذَلِكَ ، وَيُعِيْنُوْنَهُمْ عَلَيْهِ ، وَيَدْعَمُوْنَهُمْ بِالْمَالِ ، وَالرَّأْيِ ، وَالسِّلَاحِ .

4] فَإِذَا تَقَرَّرَ عِنْدَنَا أَنَّ هَؤُلَاءِ اَلْمُجَاهِدِينَ -بِمَا أَقْدَمُوْا عَلَيْهِ- مُجْتَهِدُوْنَ ، دَائِرُوْنَ بَيْنُ أَجْرِ اَلْمُجْتَهِدِ اَلْمُخْطِئِ ، أَوْ أَجْرَي اَلْمُجْتَهِدِ اَلْمُصِيْبِ ؛ فَلَا يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ النَّاصِحِ لِنَفْسِهِ ، وَلِلْمُؤْمِنِيْنَ أن يُثَرِّبَ عَلَيْهِمْ ، أَوْ يَقْدَحَ فِي نِيَّاتِهِمْ ، أَوْ يُخَذِّلَهُمْ ، بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقِفَ مَعَهُمْ ، وَيُثَبِّتَهُمْ ، وَيُعِيْنَهُمْ بِكُلِّ مَا يَسْتَطِيعُهُ ، حَتَّى يَنَالُوا مَا اِبْتَغَوْهُ ، وَأَرَادُوهُ ؛ إِمَّا : اَلنَّصْرَ ، أَوْ اَلشَّهَادَةَ  .

وأخيرًا ، أَخْتُمُ بِكَلَامٍ لِسَمَاحَةِ الشَّيْخِ عَبْدِ الْعَزِيْزِ اِبْنُ بَازٍ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى مُثْنِيًا عَلَى الْمُقَاوَمَةِ الْفِلَسْطِيْنِيَّةِ ،

يَقُوْلُ سَمَاحَتُهُ : “لَقَدْ ثَبَتَ لَدَيْنَا بِشَهَادَةِ اَلْعُدُوْلِ اَلثِّقَاتِ أَنَّ اَلِانْتِفَاضَةَ اَلْفِلَسْطِيْنِيَّةَ ، وَالْقَائِمِيْنَ بِهَا مِنْ خَوَاصِّ اَلْمُسْلِمِيْنَ هُنَاكَ ، وَأَنَّ جِهَادَهُمْ إِسْلَامِيٌّ ؛ لِأَنَّهُمْ مَظْلُوْمُوْنَ مِنْ اَلْيَهُودِ ، وَلِأَنَّ اَلْوَاجِبَ عَلَيْهِمْ اَلدِّفَاعُ عَنْ دِينِهِمْ ، وَأَنْفُسِهِمْ ، وَأَهْلِيْهِمْ ، وَأَوْلَادِهِمْ ، وَإِخْرَاجُ عَدُوِّهِمْ مِنْ أَرْضِهِمْ بِكُلِّ مَا اِسْتَطَاعُوا مِنْ قُوَّةٍ ، وَقَدْ أَخْبَرَنَا اَلثِّقَاتُ اَلَّذِينَ خَالَطُوهُمْ فِي جِهَادِهِمْ ، وَشَارَكُوْهُمْ فِي ذَلِكَ عَنْ حَمَاسِهِمُ اَلْإِسْلَامِيِّ ، وَحِرْصِهِمْ عَلَى تَطْبِيْقِ اَلشَّرِيْعَةِ اَلْإِسْلَامِيَّةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ ، فَالْوَاجِبُ عَلَى اَلدُّوَلِ اَلْإِسْلَامِيَّةِ ، وَعَلَى بَقِيَّةِ اَلْمُسْلِمِيْنَ تَأْيِيْدُهُمْ ، وَدَعْمُهُمْ ؛ لِيَتَخَلَّصُوْا مِنْ عَدُوِّهِمْ ، … وَلِأَنَّهُمْ مَظْلُوْمُوْنَ ، فَالْوَاجِبُ عَلَى إِخْوَانِهِمُ اَلْمُسْلِمِينَ نَصْرُهُمْ عَلَى مَنْ ظَلَمَهُمْ ؛ …

فَنَسْأَلُ اَللَّهَ أَنْ يَنْصُرَ إِخْوَانَنَا اَلْمُجَاهِدِيْنَ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ فِيْ فِلَسْطِيْنَ ، وَفِيْ غَيْرِهَا عَلَى عَدُوِّهِمْ ، وَأَنْ يَجْمَعَ كَلِمَتَهُمْ عَلَى اَلْحَقِّ ، وَأَنْ يُوَفِّقَ اَلْمُسْلِمِينَ جَمِيعًا لِمُسَاعَدَتِهِمْ ، وَالْوُقُوفِ فِي صَفِّهِمْ ضِدَّ عَدُوِّهِمْ ، وَأَنْ يَخْذُلَ أَعْدَاءَ اَلْإِسْلَامِ أَيْنَمَا كَانُوْا ، وَيَنْزِلَ بِهُمْ بَأْسَهُ اَلَّذِي لَا يُرَدُّ عَنْ اَلْقَوْمِ اَلْمُجْرِمِيْنَ ، إِنَّهُ سَمِيْعٌ قَرِيْبٌ”[4]،

هَذَا آخِرُ الْجَوَابِ عَلَى مَا أُوْرِدَ مِنْ شُبُهَاتٍ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيْمِ الْوَهَّابِ .

(2)

وَأَخِيْرًا :

أُهِيْبُ بِإِخْوَانِي طُلَّابِ اَلْعِلْمِ -فِي خَارِجِ فِلَسْطِينَ- أَلَّا يَتَنَازَعُوْا فِي أَمْرٍ لَيْسَ لَهُمْ فِيهِ شَأْنٌ ، وَلَا اِخْتِيَارٌ ، فَمُهِمَّةُ اَلْقِتَالِ -اَلدَّائِرِ اَلْآنَ فِي غَزَّةَ- قَدْ أُوْسِدَتْ إِلَى رِجَالٍ أَشِدَّاءَ ، أَشَاوِسَ ، هُمْ أَدْرَى بِسِيَاسَةِ الْحُرُوْبِ مِنْكُمْ ، فَمَا عَلَيْكُمْ -فِيْ حَالَتِكُمْ هَذِهِ- إِلَّا إِعَانَتُهُمْ ، وَالدُّعَاءُ لَهُمْ ، وَالشَّدُّ مِنْ أَزْرِهِمْ ، وَالْوُقُوفُ فِي صَفِّهِمْ ، وَاحْذَرُوْا كُلَّ اَلْحَذَرِ مِنْ خُذْلَانِهِمْ ، أَوْ اَلتَّخْذِيْلِ عَنْهُمْ ، وَالْوُقُوفِ فِي صَفِّ عَدُوّهُمْ !! وَإِنَّ كَانَ ثَمَّةَ رَأْيٌ تُرِيدُونَ طَرْحَهُ ، وَتَبْيِيْنَهُ ؛ فَلَيْسَ مِنْ اَللَّائِقِ بِكُمْ أَنْ تَطْرَحُوْهُ ، وَتُعْلِنُوْهُ عَلَى الْمَلَأِ اَلْآنَ ، فَوَقْتُهُ اَلْمُنَاسِبُ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ ؛ وَذَلِكَ حَتَّى لَا تُوْقِعُوْا اَلْخِلَافَ فِيْ صُفُوفِ إِخْوَانِنَا اَلْمُجَاهِدِينَ ، وَتَفُتُّوْا فِي عَضُدِهِمْ ، وَحَتَّى -أَيْضًا- لَا تُشْمِتُوْا بِنَا اَلْأَعْدَاءَ ، أَوْ اَلْمُنَافِقِيْنَ اَلْبُغَضَاءَ ، وَإِنْ تَسَنَّى لَكُمْ نُصْحَهُمْ سِرًّا فُهُوَ الْمُتَعَيِّنُ عَلَيْكُمْ ، وَالْأَحْرَى بِكُمْ ، وَإِلَّا فَأَرْجِئُوْهُ حَتَّى تَضَعَ اَلْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ، فَعِنْدَئِذٍ اِجْلِسُوْا مَعَهُمْ ؛ لِتَتَبَاحَثُوْا مَعَ اَلْمَعْنِيِّيْنَ مِنْهُمْ بِمَا ظَهَرَ لَكُمْ ؛ وَذَلِكَ لِتَأْتَلِفَ اَلْقُلُوبُ عَلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ ، وَيُوْصَدَ بَابُ الشَّرِّ عَلَى اَلشَّيْاطِيْنِ -وَأَعْوَانِهِم- مِنْ أَنْ يُحَرِّشُوْا بَيْنَ اَلْإِخْوَةِ ، وَالْأَصْفِيَاءِ ، وَاَللَّهُ اَلْمُوَفِّقُ إِلَى سَوَاءِ اَلصِّرَاطِ ،

وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ،

وَالصَّلَاةُ ، وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّ اللهِ ، وَمُصْطَفَاهُ ، وَعَلَى الْآلِ ، وَالصَّحْبِ ، وَالْأَتْبَاعِ .

 

 



([1]) بعد الفتح الأول ظل بيت المقدس تحت حكم المسلمين خمسة قرون تقريبًا ؛ حتى استولى عليه الصليبيون في أثناء حكم العبيديين ، ومكث في أيديهم قريبًا من تسعين سنةً ، ثُمَّ استردَّه صلاح الدين ، والمسلمون ، وظل في حوزة المسلمين أَكْثَرَ من ثمانية قرون ، إلى أن جاء الاستعمارُ البريطاني الآثم فاستولى عليه ، وسلَّمه لليهود عليهم لعنة الله ، وسيرجع في أيدي المسلمين إن شاء الله ، طال الزمن ، أو قصر ، {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ}[الروم:5] .

([2]) الفتاوى الكبرى (5/538-539) .

([3]) الفتاوى الكبرى (4/608) .

([4]) مجموع الفتاوى (18/417-418) .

%d