عِبَرٌ وَتَأَمُّلَاتٌ … فِيْ الْحَوَادِثِ الْوَاقِعَاتِ ، وَالْفِتَنِ النَّازِلَاتِ الَّتِيْ تُمْتَحَنُ بِهَا أُمَّةُ الْإِسْلَامِ فِيْ كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ .
تَعْلِيْقٌ عَلَى أَحْدَاثٍ مُؤْلِمَةٍ ، وَأُخْرَى مُفْرِحَةٍ ، فِيْهَا وَبِهَا : نُبْشِّرُ ، وَنُحَذِّرُ ، وَنُثَبِّتُ ، وَنُصَبِّرُ …
الحلقة (59)
نسخة رقمية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ ، مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأَمِيْنِ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحَابَتِهِ أَجْمَعِيْنَ … أَمَّا بَعْدُ :
{إِنَّهُمْ كَانُوْا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِيْنَ * وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ}
[الواقعة:45-46] .
“قَدْ أَلْهَتْهُمْ دُنْيَاهُمْ ، وَعَمِلُوْا لَهَا ، وَتَنَعَّمُوْا ، وَتَمَتَّعُوْا بِهَا ، فَأَلْهَاهُمُ الْأَمَلُ عَنْ إِحْسَانِ الْعَمَلِ … ، يَفْعَلُوْنَ الذُّنُوْبَ الْكِبَارَ ، وَلَا يَتُوْبُوْنَ مِنْهَا ، وَلَا يَنْدَمُوْنَ عَلَيْهَا”،
خَرَجُوْا مِنْ بُيُوْتِهِمْ كَالْكِلَابِ الْمَسْعُوْرَةِ يَلْهَثُوْنَ ، وَعَنْ لَذَائِذِ الدُّنْيَا الْمُحَرَّمَةِ يَبْحَثُوْنَ ، وَإِلَى مَكَانِهَا -إِذَا وَجَدُوْهَا- يَتَنَادَوْنَ ، …
فَلَمَّا جَاؤُوْهَا حُشِرُوْا كَالْبَهَائِمِ فِيْ مَحْشَرٍ كَبِيْرٍ ؛ فَهُمْ فِيْهِ يُوْزَعُوْنَ ، وإِلَى مَا تُلْقِيْهِ عَلَيْهِمْ الشَّيَاطِيْنُ يَأْنَسُوْنَ وَيَطْرَبُوْنَ .
ظَنُّوْا أَنَّهُمْ بِفِعْلَتِهِمْ النَّكْرَاءِ -هَذِهِ- قَدْ بَلَغُوْا مَبْلَغًا مِنَ النَّشْوَةِ ، وَالسُّرُوْرِ ، وَالْحُبُوْرِ ، وَمَا دَرَوْا أَنَّهُمْ بِغَضَبِ اللهِ ، وَسُخْطِهِ ، وَعِقَابِهِ مُتَوَعَّدُوْنَ ،
“وَيَا عَجَبًا ،
لَوْ صَحَّتِ الْعُقُولُ لَعَلِمَتْ أَنَّ طَرِيقَ تَحْصِيلِ اللَّذَّةِ ، وَالْفَرْحَةِ ، وَالسُّرُورِ ، وَطِيبِ الْعَيْشِ إِنَّمَا هُوَ فِي رِضَاءِ مَنِ النَّعِيمُ كُلُّهُ فِي رِضَاهُ ، وَالْأَلَمُ وَالْعَذَابُ كُلُّهُ فِي سُخْطِهِ ، وَغَضَبِهِ ، فَفِي رِضَاهُ : قُرَّةُ الْعُيُونِ ، وَسُرُورُ النُّفُوسِ ، وَحَيَاةُ الْقُلُوبِ ، وَلَذَّةُ الْأَرْوَاحِ ، وَطِيبُ الْحَيَاةِ ، وَلَذَّةُ الْعَيْشِ ، وَأَطْيَبُ النَّعِيمِ ، وَمِمَّا لَوْ وُزِنَ مِنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ بِنَعِيمِ الدُّنْيَا لَمْ يَفِ بِهِ …
فَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، مَا أَنْقَصَ عَقْلَ مَنْ بَاعَ الدُّرَّ بِالْبَعْرِ ، وَالْمِسْكَ بِالرَّجِيعِ ، وَمُرَافَقَةَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ ، وَالصِّدِّيقِينَ ، وَالشُّهَدَاءِ ، وَالصَّالِحِينَ بِمُرَافَقَةِ الَّذِينَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ، وَلَعَنَهُمْ ، وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ ، وَسَاءَتْ مَصِيرًا”.
اللَّهُمَّ لَا تُؤَاخِذْنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا ،
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ فِعْلَ الخَيْرَاتِ ، وَتَرْكَ المُنْكَرَاتِ ، وَحُبَّ المَسَاكِينِ ، وَإِذَا أَرَدْتَ بِعِبَادِكَ فِتْنَةً فَاقْبِضْنَا إِلَيْكَ غَيْرَ مَفْتُوْنِيْنَ ،
وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ الْكَرِيْمِ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحَابَتِهِ وَالتَّابِعِيْنَ .