القائمة إغلاق

“بُيُوْتُ الْمُؤْمِنِيْنَ ؛ وَصْفُهَا الْمُبِيْنُ ، وَحِفْظُهَا الْأَمِيْنُ” .

حَلَقَاتٌ عِلْمِيَّةٌ تَرْبَوِيَّةٌ ، أَصِفُ فِيْهَا الْبُيُوْتَ الْمُؤْمِنَةَ ؛ عَقِيْدَتَهَا وَأَخْلَاقَهَا ، ثم أُذَكِّرُ بَعْدَهَا بِالتَّرَاتِيْبِ السَّلَفِيَّةِ الضَّرُوْرِيَّةِ فِيْ طُرُقِ وَأَسَالِيْبِ ِحِفْظِهَا مِنْ عُدْوَانِ الْفِرَقِ الْمُعْتَدِيَةِ .

حَلَقَاتٌ مُهِمَّةٌ ، وَبِخَاصَّةٍ فِيْ أَزِمِنَةِ الْغُرْبَةِ ، مُوَجَّهَةٌ لِجَمِيْعِ أَفْرَادِ الْأُسَرِ الْمُسْلِمَةِ ، صَانَهَا اللهُ مِنْ خُطَطِ وَتَدَابِيْرِ ذَوِيْ الشُّرُوْرِ الْكَائِدَةِ .

الحلقة (العاشرة) :

-(بُيُوْتُ الْمُؤْمِنِيْنَ فِيْ الْإِسْلَامِ)-

“وَصْفُ عَقِيْدَةِ أَهْلِهَا الْمُوَحِّدِيْنَ ، وَأَخْلَاقِهِمْ” .

نسخة رقمية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، وعلى آله وصحابته والتابعين … أما بعد :

(مقدمة)

في هذه الحلقة -وحلقات عدة بعدها- سوف نسرد -إن شاء الله- أبوابًا جليلة فيها ذكر لأنواع كثيرة من العبادات ؛ القولية ، أو الفعلية ، أو القلبية ، المحققة لكلمة التوحيد “لا إله إلا الله” ؛ وفي معيتها سنذكر مقاصد التوحيد المهمة ، والفوائد المستنبطة ، والمسائل التي بها متعلقة ، ثم سنتبع هذه الأبواب أبوابًا أخرى -مستقلة ، أو تابعة- فيها ذكر ما يضاد كلمة التوحيد ؛ أصلها ، أو كمالها ، ثم سيتلو ذلك بإذن الله -على نفس النسق- ما يتعلق بتوحيد الربوبية ، والأسماء والصفات ، فنسأل الله الإعانة ،

والآن سوف نبدأ -مقدمة لهذه الأبواب- ببيان فضيلة التوحيد ، ورذيلة الشرك ؛ فنقول ، وبالله التوفيق :

فَضِيْلَةُ التَّوْحِيْدِ ، وَرَذِيْلَةُ الشِّرْكِ .

التوحيد هو أعظم الفضائل على الإطلاق ، لا أعظم منه ، ولا أجل ، والشرك هو أخبث الرذائل ، لا أخبث منه ، ولا أقبح ، ولأجل ذلك جعل الله رضاه ، ودخول الجنة ؛ التي جعلها لأهل مرضاته ؛ هي لأهل التوحيد ، وجعل سخطه ، وغضبه ، ودخول النار ؛ التي جعلها مثوى لأهل سخطاته ؛ هي لأهل الإشراك والتنديد ،

ومما ورد في فضيلة التوحيد ،  

قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى  : {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُون}[الأنعام:82] ،

وَقَوْلُهُ تَعَالَى  : {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُون}[النور:55] ،

وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “مَنْ وَحَّدَ اللهَ ، وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ حَرُمَ مَالُهُ ، وَدَمُهُ ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ”[1].

وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي ، وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ ، وَلَا أُبَالِي ، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ ، وَلَا أُبَالِي ، يَا ابْنَ آدَمَ ، لَوْ آتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا ، لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً”[2] .

وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “عُرِضَتْ عَلَيَّ اَلْأُمَمُ ، فَرَأَيْتُ اَلنَّبِيَّ وَمَعَهُ اَلرَّهْطُ ، وَالنَّبِيَّ وَمَعَهُ اَلرَّجُلُ ، وَالرَّجُلَانِ ، وَالنَّبِيَّ وَلَيْسَ مَعَهُ  أَحَدٌ ، إِذْ رُفِعَ لِي سَوَادٌ عَظِيمٌ ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ أُمَّتِي ، فَقِيلَ لِي : هَذَا مُوسَى ، وَقَوْمُهُ ، فَنَظَرْتُ ؛ فَإِذَا سَوَادٌ عَظِيمٌ ، فَقِيلَ لِي : هَذِهِ أُمَّتُكَ ، وَمَعَهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا ؛ يَدْخُلُونَ اَلْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ ، وَلَا عَذَابٍ” ، فنَهَضَ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ ، فَخَاضَ النّاسُ فِي أُولَئِكَ ؛ فَقَالَ بَعْضُهُمْ : فَلَعَلَّهُمُ الّذِينَ صَحِبُوا رَسُولَ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وقَالَ بَعْضُهُمْ : فَلَعَلَّهُمُ الّذِينَ وُلِدُوا فِي الإِسْلَامِ فَلَمْ يُشْرِكُوا بِالله ، وَذَكَرُوا أَشْيَاءَ ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرُوهُ ، فَقَالَ : “هُمُ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ ، وَلَا يَكْتَوُون ، وَلَا يَتَطَيَّرُوْنَ ، وَعَلَى رَبّهِمْ يَتَوَكّلُونَ”[3] .

   ومما ورد في رذيلة الشرك ، 

قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : {إِنَّ اللّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا}[النساء:48] ،

وَقَوْلُهُ تَعَالَى -حكاية عن قول الخليل عليه السلام- : {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَام * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيم}[إبراهيم:35-36] ،

وَقَوْلُهُ تَعَالَى -حكاية عن قول لقمان عليه السلام- {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيم}[لقمان:13] ،

وَقَوْلُهُ تَعَالَى : {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَار}[المائدة:73] ،

وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ ، مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي ، تَرَكْتُهُ ، وَشِرْكَهُ”[4]،

وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَدْعُو مِنْ دُونِ اَللَّهِ نِدًّا دَخَلَ اَلنَّارَ”[5]، وفي رواية : “مَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ النَّارَ”[6]،

وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ : اَلشِّرْكُ اَلْأَصْغَرُ” ، فَسُئِلَ عَنْهُ ، فَقَالَ : “اَلرِّيَاءُ”[7] ، وفي رواية : “أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ عِنْدِي مِنَ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ؟” ، قَالَ : قُلْنَا : بَلَى ، فَقَالَ : “الشِّرْكُ الْخَفِيُّ ، أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي ، فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ ، لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ”[8].

ومن أقوال أهل العلم في ذلك :

قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ اِبْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ : “فأصل الصلاح التوحيد ، والإيمان ، وأصل الفساد الشرك ، والكفر ، كما قال عن المنافقين : {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ}[البقرة:11-12]… ، والتوحيد وإن كان أصل الصلاح فهو أعظم العدل ، ولهذا قال تعالى : {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 64] ، ولهذا كان تخصيصه بالذكر في مثل قوله : {قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}[الأعراف: 29] لا يمنع أن يكون داخلا في القسط ، كما أن ذكر العمل الصالح بعد الإيمان لا يمنع أن يكون داخلا في الإيمان ، كما في قوله : {وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} [البقرة: 98] ، {مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ} [الأحزاب: 7]”[9].

وَقَالَ اِبْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى : “اعلم أَن حاجة العبد إِلى أن يعبد الله وحده ، لا يشرك به شيئاً ؛ في محبته ، ولا في خوفه ، ولا في رجائه ، ولا في التوكل عليه ، ولا في العمل له ، ولا في الحلف به ، ولا في النذر له ، ولا في الخضوع له ، ولا في التذلل ، والتعظيم ، والسجود ، والتقرب أَعظم من حاجة الجسد إِلى روحه ، والعين إِلى نورها ، بل ليس لهذه الحاجة نظير تقاس به ؛ فإِن حقيقة العبد روحه ، وقلبه ، ولا صلاح لها إِلا بإلهها ؛ الذي لا إِله إِلا هو ، فلا تطمئن في الدنيا إِلا بذكره ، وهي كادحة إِليه كدحاً فملاقيته ، ولا بد لها من لقائه ، ولا صلاح لها إِلا بمحبتها ، وعبوديتها له ، ورضاه ، وإِكرامه لها ، ولو حصل للعبد من اللذات ، والسرور بغير الله ما حصل لم يدم له ذلك ، بل ينتقل من نوع إِلى نوع ، ومن شخص إِلى شخص ، ويتنعم بهذا في وقت ، ثم يتعذب به ولا بد في وقت آخر … ، والمقصود أَن إِله العبد الذي لا بد له منه في كل حالة ، وكل دقيقة ، وكل طرفة عين ؛ فهو الإِله الحق ؛ الذي كل ما سواه باطل ، والذي أَينما كان فهو معه ، وضرورته إليه ، وحاجته إِليه لا تشبهها ضرورة ، ولا حاجة ، بل هي فوق كل ضرورة ، وأَعظم من كل حاجة ، ولهذا قال إِمام الحنفاء : {لآ أُحِبّ الاَفِلِينَ}[الأنعام:76] ، والله أعلم”[10].

وَقَالَ اِبْنُ رَجَبٍ الْحَنْبَلِيُّ رَحِمَهُ اللهُ : “ فمن جاء مع التوحيد بقراب الأرض -وهو ملؤها ، أو ما يقارب ملأها- خطايا لقيه الله بقرابها مغفرة ، لكن هذا مع مشيئة الله  عز وجل ؛ فإن شاء غفر له ، وإن شاء أخذه بذنوبه ، ثم كان عاقبته : ألا يخلد في النار ، بل يخرج منها ، ثم يدخل الجنة ، قال بعضهم : الموحد لا يلقى في النار كما يلقى الكفار ، ولا يلقى فيها ما يلقى الكفار ، ولا يبقى فيها كما يبقى الكفار ، فإن كمل توحيد العبد ، وإخلاصه لله فيه ، وقام بشروطه كلها ؛ بقلبه ، ولسانه ، وجوارحه ، أو بقلبه ، ولسانه عند الموت أوجب ذلك مغفرة ما سلف من الذنوب كلها، ومنعه من دخول النار بالكلية ، فمن تحقق بكلمة التوحيد قلبه أخرجت منه كل ما سوى الله محبة ؛ وتعظيما ، وإجلالا ، ومهابة ، وخشية ، ورجاء ، وتوكلًا ، وحينئذ تحرق ذنوبه وخطاياه كلها ، ولو كانت مثل زبد البحر ، وربما قلبتها حسنات ، كما سبق ذكره في تبديل السيئات حسنات ، فإن هذا التوحيد هو الإكسير الأعظم ، فلو وضع ذرة منها على جبال الذنوب ، والخطايا لقلبها حسنات ، … “[11].

وَقَالَ سَمَاحَةُ الشَّيْخِ عَبْدُ الْعَزِيْزِ بْنُ بَازٍ رَحِمَهُ اللهُ :  “فالتوحيد هو أصل الدين ، وأساس الملة ، وهو أعظم الأعمال ، وأفضلها ، وهو أساسها ، ولا تصح الأعمال كلها إلا بالتوحيد ؛ كل عمل ليس معه توحيد فهو باطل ، {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }[الأنعام:88] ، [وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان:23] ؛ فشرط جميع الأعمال التي يتقرب بها الناس شرطها التوحيد ، وهو توحيد الله ، والإخلاص له ، والإيمان بأنه مستحق العبادة دون كل من سواه ، وهو معنى : لا إله إلا الله ، فإن معناها لا معبود حق إلا الله ، ولا بدَّ معها من الشهادة الثانية ؛ بأن محمدًا عبد الله ، ورسوله ، هاتان الشهادتان هما أصل الدين وأساس الملة ، وكل من يأتي بعمل ولم يأت بهاتين الشهادتين ، ولم يؤمن بمعناهما فإن أعماله باطله ، فشرط العمل أمران : إخلاص لله ، وموافقة للشريعة ، وكل عمل لا يكون فيه إخلاص لله ، أو لا يكون فيه موافقة للشريعة يكون باطلاً ، وكل عمل لا يكون معه توحيد الله ، والإيمان برسوله يكون باطلاً ، فأساس الدين ، وأساس الملة شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدًا رسول الله ، مع الإيمان بكل ما أخبر الله به ، ورسوله مما كان ، ومما يكون ، هذا هو أصل الدين ، وأساس الملة ، ثم بعد ذلك الأعمال من صلاة وغيرها …”[12]،

نكمل في الحلقات التالية -إن شاء الله- .

 



([1]) رواه مسلم (40) .

([2]) رواه الترمذي (3540) ، وقال : حديث حسن غريب ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه .

([3]) رواه البخاري (5705) ، ومسلم (440) .

([4]) رواه مسلم (7584) .

([5]) رواه البخاري (4497) .

([6]) رواه البخاري (1238) ، ومسلم (181) .

([7]) رواه أحمد (23630) .

([8]) رواه ابن ماجه (4202) .

([9]) مجموع الفتاوى (18/163-164) .

([10]) طريق الهجرتين ، ص : (57-58) .

([11]) تفسير ابن رجب (1/240) .

([12]) شرح كتاب التوحيد (الموقع الرسمي) .

اكتشاف المزيد من مدونة عبدالله بن ناصر الناجم العلمية

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading